تعيش إيران تطورات دراماتيكية داخلية وخارجية غير مسبوقة ؛فالاحتجاجات الداخلية على وقع الأزمات المعقدة التي تعيشها الدولة اقتصادية وإجتماعية وسياسية … تكاد تكون هي العنوان الأساسي للمشهد اليومي في إيران ، إلى جانب انطلاق روائح كريهة غير مسبوقة في العاصمة طهران لا يعرف مبعثها ولا مسبباتها ، وارتباك واضح في تفسير هذه الظاهرة البيئية غير المسبوقة هناك ، أما على الصعيد الخارجي فقد بات النظام ا”لإيراني أكثر عزلة وانكماشاً ، مع مضي دولة الملالي وإصرارها على زيادة دعم مخصصات وزارة المخابرات الإيرانية بنسبة 13% ، هذا عدا عن تصميم المرشد على احتفاظ الحرس الثوري بموزانته المالية دون التراجع عن تخفيض مستوى مصاريفها ، الأمر الذي يعكس مضي طهران في مشروعها التخريبي التوسعي الذي سيجلب الدمار والانهيار لإيران .
وسط هذه المشكلات المعقدة التي باتت تعيشها إيران صعد نجم الملا صادق لاريجاني (57 عاماً ” الذي عيّنه خامنئي لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام مع الاحتفاظ بموقعه الحالي لرئاسة السلطة القضائية الذي تقلد هذا المنصب منذ 15 أغسطس 2009.
يُذكر أن لاريجاني يعتبر أحد كبار جلادي إيران العتاة الذي يمتلك سجلاً حافلاً في إصدار أوامر الموت والإعدامات ، والذي تصدر بجدارة قائمة الموضوعين على لائحة العقوبات الدولية بفعل انتهاكاته لسجل حقوق الانسان ، جاء تنصيبه بعد وفاة “محمود شهرودي ” الذي كان يجري تهيئته لاستلام منصب الارشاد ، وبهذا التغيير شهدنا نهاية حقبة والانتقال إلى حقبة جديدة عنوانها هيمنة عائلة لاريجاني على أحد أهم ثلاثة مؤسسات في عصب النظام الإيراني : مجلس الشورى ، السلطة القضائية ، ورئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام .
إن تعيين أية الله صادق لاريجاني في رئاسة مجلس تشخيص مصلحة النظام ربما يشير إلى توجه اقتراب تنصيبه مستقبلاً في موقع الارشاد ، وهذا
معناه إلى أن إيران تتجه نحو مزيد من
الهندسة الخوازمية السياسية القائمة
على ممارسة المزيد من التشدد على الصعيدين الداخلي والخارجي .
وبالمناسبة تعرض لاريجاني إلى انتقادات كبيرة من رموز النظام السابق ؛ وفي مقدمتهم الرئيس السابق أحمدي نجاد الذي اتهمه بالفساد المالي ، والسطو على أموال الشعب الإيراني ، هذا عدا سجله الحافل للفضائح التي طالت السجون الإيرانية من قتل وتعذيب واغتصاب للمعتقلين ، هذا عدا عن الاعدامات الواسعة خارج إطار المحاكمات العادلة ، تحت عنوان الانتحار ،وبات صادق لاريجاني من أهم الشخصيات المكروهة من جانب الشعب الإيراني ، ومحط انتقاد النخب الإصلاحية والمحافظة على حد سواء .
التسريبات الإعلامية تتحدث عن قرب تعيين المحافظ المتشدد “إبراهيم رئيسي” رئيساً للسلطة القضائية مع قرب نهاية فترة رئاسة صادق لاريجاني الذي انتقل إلى موقعه الجديد كرئيس لمجمع تشخيص مصلحة النظام .
الملفت أن التعينات تسير في إيران بخطى متسارعة بهدف إحكام سيطرة الجناح المحافظ المتشدد على مقاليد الأمور تحسباً لأي فراغ مفاجئ نتيجة موت المرشد ” خامنئي ” ، وتحسباً من التدخل الخارجي الذي يحاول الإعلام المحافظ الترويج لفكرة وجود مؤامرة تسعى لتنصيب الرئيس ” روحاني ” في موقع المرشد ، ما حدا برموز الجناح المحافظ يتوعدونه بمصير “رفسنجاني “في حال التفكير بالتخطيط مع أميركا لذلك ، وهذا ما جعل وزير الخارجية محمد جواد ظريف يدق جرس الانذار من عواقب أي انقلاب في إيران على الرئيس روحاني ، وأعلن بشكل واضح أن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على الدولة الإيرانية برمتها .