في شبابنا ، عندما كنّا نتطلع الى مستقبل أفضل لبلادنا ، وكنا حينها نقرأ الأدب الثوري ، والكثير من الأفكار التقدمية ، كنّا نتعارض مع آبائنا في كثير من المفاهيم الاجتماعية والإنسانية التي كانت سائدة آنذاك ، ونقول لهم أنتم ( رجعيون ) ، وأفكاركم لم تعد تصلح في زمننا هذا ، وكانوا يركزون على الكثير من العادات والتقاليد والقيم الراسخة لديهم ، ونحن كنّا نتمرد عليهم … ومنها تقييم البشر ، وكانوا يقولون لنا ( عاشروا أولاد ألاوادم ) ، ويقصدون الناس الذين لديهم أخلاق وأصول وشرف. ولا تعاشروا الذين لا أصل ولا أخلاق ولا قيم لديهم.
هذه الأفكار التي كنّا نقف بالضد منها ونعتبرها أفكار رجعية مقارنة بالافكار الثورية التي كانت سائدة آنذاك. ولكننا اكتشفنا بعد مرور هذه السنوات ، وما اكتسبناه من خبرة ودراية في الحياة ، أن تلك القيم كانت صحيحة ، وكنا نحن على خطأ.
فالشرفاء ( أبناء ألاوادم ) ، هم الذين نبحث عنهم ونعاشرهم ، وليس الذين يكذبون ويثرثرون وينافقون ، ولا عمل لهم سوى أتهام الخيرين بسيئاتهم التي يمتلكونها … فالسارق يتصور كل الناس سراق ، والمنحرف يتصور كل الناس منحرفين، والبخيل والجبان والمهزوز الشخصية والكذاب ، يتصور ان الآخرين مثله.
أن الذي لا أصل له يسعى لان يساوي نفسه مع الشرفاء والاصلاء
اليوم هنالك ثلة من هؤلاء السراق والكذابون والذين لا أصل لهم ، هم الذين يحكمون العراق بدعم من أسيادهم ، وقاموا بتدمير العراق ونهب ثرواته وتدمير قيمه الأصيلة.ولكن مع الأسف ان الكثير من أنصاف المثقفين والذين يدعون الثقافة والمعرفة ، يمارسون مثل هذه التصرفات المنبوذة ، وهؤلاء الذين لا يميزون بين ما هو صحيح وما هو خطأ ، وليس لديهم القدرة على التحليل والاستنباط حتى في حياتهم اليومية ، وهؤلاء ، أي أنصاف المثقفين ، فاشلون في حياتهم ، ولكن خطورتهم اكبر بكثير من الناس المتخلفين والأميين على العراق ومستقبله ، ( فأولاد ألاوادم ) يتعرضون اليوم ، من قبل هؤلاء الى تشويه سمعتهم بشتى الاتهامات والاكاذيب والأقاويل ، حتى يتساوى اللون الأبيض مع اللون الأسود ، ويتساوى الخير مع الشر.
مع الأسف هذا الذي نعيشه اليوم في العراق ، أولاد الحرام يقودون أولاد الشرفاء والنبلاء والثوار.
وأننا على ثقة تامة أن الاصالة والرجولة والكرم والشجاعة التي يتميز بها العراقيون ، ستبقى ولن تثلم ، وإن الذي يجري زائل وحبله قصير … وسيبقى الشرفاء شرفاء ، والاصلاء أصلاء … والمزيفين الذين ينتحلون العناوين الرنانة لإخفاء أسمائهم وأصولهم ، مزيفون وكذابون وعديمي الشرف

821