لكل أزمة فترة زمنية و تنتهي مهما كانت عصية على الناس و كبيرة و أليمة في آثارها و كما يقولون كل الأزمات كيفما كانت تنتهي و تبقى بأبعادها مجرد ذكرى في صفحات التاريخ و عند أحاديث الناس عنها .
و هنا مربط الكلام كل الكلام هو سيكون عن الذين ابدووا تعاطفهم و وقفوا مع المتضررين و عن الذين خذلوهم و اداروا ظهورهم عنهم ، ان كانت جهات دولية و حكومات أم جمعيات و أفراد معينين .
من المتعارف عليه دائما في ظل الكوارث الطبيعية و الأحداث المروعة التي تحدث في كل أنحاء الأرض يشهد العالم المزيد من التعاطف و التنديد و الإدانة و للأطراف المعنية مساهماتهم و مشاركتهم في العمل الإغاثي و الإعلامي و كذلك ايضا على الصعيد الانساني .
عند الحدث و بعد نداء الإغاثة تهرع عدة دول و منظمات معنية لتقوم بدورها المنوط اليها و كل دولة تقوم و حسب امكانياتها بتقديم العون للمتضررين جراء الزلازل أو الفيضانات أو ما شابه ذلك و هذا يتم احتراما و تنفيذا للاتفاقيات الدولية و المشاركة في الأعمال الأغاثية و الخيرية .
تعرض قطرنا الأحوازي المحتل للسيول بفعل الفاعل الفارسي و اكثر من نصف مليون شخص حاصرتهم المياه من كل الاتجاهات و المياه الجارفة اتلفت كل المزراع و البساتين و الثروة الحيوانية و هدمت البيوت و شردت الناس الذين هم بالأصل ضعفاء الحال اقتصاديا و لا حيلة لديهم مادام لم يكن لديهم أي جهوزية لمواجهة السيول مسبقا .
اذا اردنا الحديث عن مواقف الدول الاقليمية و منها العربية فهي سلبية بامتياز لا قيمة لها و انها في المجمل كانت ضعيفة مقارنة بهول مستوى الحدث ، صحيح البعض منها تبرع و قد ارسل بعض المساعدات و قد سلمها للجهات التي هي تابعة للمحتل و لم تصل لمنكوبي الفيضانات و هذا يندرج ضمن العلاقات المتبادلة و الإجراءات الروتينية .
شعبنا الأعزل واجه السيول بامكاناته الذاتية المتواضعة اقتصادياً و على الفور تشكلت و في عدة مدن و بلدات لجان إغاثية و المئات من المتبرعين اعلنوا و قدموا مساعداتهم و الآلاف من المتطوعين كان لهم الدور الكبير في مد يد العون و في هذا المجال لم يقصروا بشيء الا و قدموه لأبناء شعبهم المشردين من قراهم و لكن كل تلك الجهود لم تكن بالمستوى المطلوب و هذا يرجع الى عدم امتلاكهم الموارد الكافية و على سبيل المثال الملاجىء او الأماكن المخصصة للسكن المؤقت التي باستطاعتها ان توفر للهاربين من السيول الحد الأدنى من الأمان كي تحميهم من برد الصحاري و الأخطار المحتملة التي تهدد الأطفال و النساء و الشيوخ .
الى جانب كل ما حدث و يحدث الأن و خلال هذه الأزمة تبينت كل الأسباب و النوايا و السياسات التي كانت وراء السيول و تسببت بهذا الكم الهائل من الخسائر البشرية و الاقتصادية و التي استهدفت حياة أبناء شعبنا و ذلك بشكل مباشر و مع سابق الإصرار و الترصد و هذا ما يعلمه شعبنا و خاصة من خلال معرفته بالسياسة العنصرية للسلطة الجديدة للاحتلال خلال الأربعون السنة المنصرمة .
بعد ان حوصر الشعب بكل هذه الكارثة خرج المحتل و من جديد بممارساته المعتادة و هي محاولة كتم الأصوات المنادية الداعمة بنصرة الشعب و لايجاد الثغرة بين عجلة المساعدات الشعبية و بالتالي وقفها ، فقام باعتقال العشرات من ابناء الشعب من النشطاء و الفنانين و الشعراء ليخلق بذلك جوا أمنيا ظنا منه ان يمنع استمرار مسيرة التكاتف الشعبي الرهيب .
مواقف دولية خجولة
أثناء هذه الفترة و ليومنا هذا لم يخرج أي نداء من قبل معظم المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان تطالب به سلطات الاحتلال الإفراج الفوري عن المعتقلين و لم نسمع حتى بإصدار أي بيان يندد و يشجب ذلك و مادام كل هؤلاء الذين تم ايقافهم لم يرتكبوا أي جريمة تذكر و كل ما قاموا به لم يتعدى حدود ايصال المساعدات لمنكوبي السيول .
( ما عدى اكتفاء بعض الدول ارسال بعض المساعدات البسيطة لمنكوبي الفيضانات التي لم تصل اليهم ) .
نحن نعرف ما جرى و يجري داخل أروقة المعادلات الدولية و البروتوكولات الشكلية ذات المضامين الملتوية التي بدورها تخدم مصالح الدول كيفما كانت و بشكلها العام ، لكن لماذا و شعبنا كان و يبقى هو الضحية دوما دون منازع و هذا منذ سنة 1925، هل لأنه يعيش على بحار من الثروات الباطنية كالنفط و الغاز و موارد نوعية ثمينة أم بحكم موقعه الاستراتيجي و احتلاله خدم و يخدم مصالح عدة دول التي و هي للأسف تراهن على استمرار عذابات الشعب و رضوخه تحت سطوة الاحتلال الفارسي .
فبالرغم من عنجهية الاحتلال و ممارسته و معاملته الوحشية مع شعبنا و نظرا لهذا الصمت الدولي القاتل ، أسرانا الأبطال يبقون نبراسا منيرا للشعب في مسيرته التاريخية النضالية و الكفاحية للتحرر من سيطرة المحتل و شهدائنا الأبرار و هم معلقين على منصات الاغتيال و صلبان الموت قناديل الحرية تنير درب المناضلين و تشد من أزرهم للخلاص من الاحتلال .