إعادة إنتاج الطالبانية في المنطقة

ثانياً: الجهادية الطالبانية

ثانياً:
الجهادية الطالبانية

ان من الصحيح القول ان جذور الفقه الديوبندي (نسبة الى مدينة هندية جرى تأسيس المذهب فيها عام 1912) تعود الى الفقه الحنفي الاقل تشددا والذي يدعو لتحكيم العقل اكثر من النقل ، كما ان من الصحيح القول ان اكثر الفرق انتشارا في افغانستان تاريخياً هي الفرق الصوفية ،لكن هذا لا يعني ان هذه الفرق ليست(جهادية) كجيش الطريقة النقشبندية في العراق ، كما يجب ان لا يجعلنا نغفل (وهذا الاهم في رأيي) ظروف نشأة وتطور طالبان. عندما بدأت جماعة العلماء الافغانية التبشير في افكارها في بداية التسعينات داخل معسكرات اللجوء للافغان في باكستان كانت مدعومة من طرفين سمحا لها بالنمو والمضي في انشطتها الاغاثية التعبوية:

مقالات ذات صلة
  1. الاستخبارات الباكستانية. لم يكن بامكان جماعة دينية كجماعة علماء افغاستان ان تعمل في معسكرات اللجوء في باكستان دون السماح لها من الاستخبارات الباكستانية التي كانت تريد حليفا عسكرياً قوياً لا يساعدها في تحقيق اهدافها في افغانستان فحسب ،ولا في ضبط الجماعات الجهادية الحليفة لها في باكستان ايضاً ، بل الاهم من ذلك مساعدتها في تحقيق اهدافها لزعزعة الهند من خلال دعم الحركة الاسلامية في كشمير ،وكذلك دعم الجماعة الاسلامية السنية في ايران. وعلى الرغم من ان سياسة دعم طالبان التي لا تزال ليومنا هذا لديها علاقات وثيقة بالاستخبارات الباكستانية ، ادت كما ادت سياسة دعم امريكا للقاعدة ، الى نتائج عكسية على الامن الباكستاني من خلال دعم طالبان فيما بعد للحركة الجهادية الاصولية في بلوشستان باكستان ،الا ان الاستخبارات الباكستانية ظلت محافظة على علاقات وثيقة مع طالبان خدمة للمصالح آنفة الذكر.
  2. الدعم السعودي. ليس خافيا الدعم السعودي الرسمي وغير الرسمي للحركات الجهادية في افغانستان ابان الغزو السوفيتي لها في الثمانينات ثم في التسعينات. لقد ساعد هذا الدعم آنذاك على تخفيف ضغط الاصولية الجهادية في الجزيرة العربية من جهة ،ودعم المؤسسة الدينية السعودية التي كانت تمثل قوة لا يستهان بها في السعودية قبل ان يبدأ الامير محمد بن سلمان حملته لتقويض تاثيراتها الاصولية داخل السعودية. ضخت السعودية ،بخاصة عبر المؤسسات الاغاثية ،اموال كثيرة ساعدت جماعة العلماء الافغان وصنيعتها حركة طالبان على استقطاب اللاجئين الافغان والالاف من المقاتلين من مختلف الجنسيات للانخراط في هذه الحركة الجهادية الناشئة. هذا التحالف السعودي التمويلي كان لا بد ان يلقي بظلاله على متبنيات الحركة الفقهية والجهادية فباتت حركة طالبان تتبنى خطاً جهادياً سلفياً يتوائم ، او على الاقل لا يتقاطع مع الفكر الجهادي السلفي .
    من هنا يمكن فهم طالبان بانها مشروع افغاني باكستاني سعودي مشترك. يضاف الى ذلك ،تأثير عامل ثقافي-اقتصادي مهم في هذه الخلطة التي انتجت طالبان الجهادية ،وهو العامل الريفي الافغاني المحافظ . فمعظم المقاتلين الافغان ينحدرون من خلفية قبلية محافظة جدا. وقد اختلطت المفاهيم الثقافية الريفية الخاصة بالتعليم ، والمرأة ، وايواء الضيف والدفاع عنه ، بنمط الحياة الزراعية الذي تحول لزراعة وتجارة الافيون ،وغيرها من المفاهيم الثقافية التي اثرت كثيرا في الفقه الديني الطالباني. كل هذه العوامل ممزوجةً بالفراغ السياسي والأمني وتدخل دول الجوار حوَّل أفغانستان بعد سيطرت طالبان على كابل في منتصف التسعينات الى جامعة لتأصيل وتخريج الحركات الجهادية الاسلامية في الجزائر ومصر واليمن والسودان والاردن والفلبين واوزبكستان وبنغلادش والصين والهند وروسيا. وبغض النظر عن مشروعية هذه الحركات من عدمها الا ان كثير من الحركات المسلحة (بضمنها مجاهدي خلق) كانت لها علاقات جيدة مع طالبان.(يتبع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى