إيران «موبوءة» بالكامل.. والعالم خائف منها جدّاً!

يعيش الإيرانيون حالة من الإرباك والخوف على خلفية تضارب أرقام الإصابات والوفيات، بعد أن تفشى الفيروس في جميع أقاليم البلاد، كما أعلن الرئيس حسن روحاني. وفي مفارقة كبيرة تعكس حجم الكارثة، قررت الصين الثلاثاء، إرسال طائرة إلى طهران من أجل إجلاء مواطنيها الذين تقطعت بهم السبل هناك، إثر تفشي فيروس «كورونا».

وتنتشر مشاعر القلق في أوساط الكثير من الإيرانيين الذين يخشى بعضهم من أن تكون المؤسسة الحاكمة لا تمسك بزمام الأمور. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا بات مترسّخا في إيران، محذّرة من أن قلة التجهيزات الوقائية لعمال الرعاية الصحية تعقّد جهود احتواء تفشي الفيروس.

ناشدت السلطات الإيرانيين تجنُّب الأماكن العامة ونصحتهم بالبقاء في المنازل، كما أغلقت المدارس والجامعات والمراكز الثقافية والرياضية. وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية أمس، ارتفاع عدد الوفيات بفيروس كورونا إلى 107 وعدد المصابين إلى 3513 شخصا.

وتشكك المعارضة في هذه الأرقام وتقول إنها أقل بكثير من الأرقام الحقيقية. وقال نائب رئيس البرلمان الإيراني، مسعود بزشكيان، إن الإحصاءات الواردة عن المصابين بكورونا في إيران «ليست حقيقية»، منتقدا إدارة الأزمة الحالية قائلًا: «لو كنت في مكان وزارة الصحة، لأخضعت مدينة قُم للحجر الصحي منذ اليوم الأول».

مركز التفشي وأصبحت إيران مركزًا لتفشي الفيروس في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ولا يزال من غير الواضح بعد ما إذا كانت إيران قادرة على اكتشاف وإحصاء عدد المُصابين بالفيروس داخل البلاد بشكل دقيق.

وأشار الدكتور ويليام شافنر، أستاذ الطب الوقائي والأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت الأميركية، إلى أن ذلك الأمر يتطلّب إخضاع المتواجدين في كل القرى والبلدات إلى فحوص واختبارات لاكتشاف الإصابات، وليس مجرد الاعتماد على عدد الأشخاص الذين يتوجّهون إلى المستشفيات بعد أن تظهر عليهم أعراض حادة.

وأوضح شافنر في مقابلة مع شبكة «إن بي سي» الأميركية أن هذا الأمر «يعني طرق كل الأبواب في كل حي في محاولة حثيثة لاكتشاف إصابات». وتابع: «لا أدري ما إذا كانت لديهم القدرة على فِعل ذلك». وتوقع مسؤول إيراني، امس، أن تستفحل أزمة كورونا في البلاد وخاصة في العاصمة طهران.

وقال اختصاصي الأمراض المعدية وعضو اللجنة الوطنية لمكافحة الإنفلونزا، مسعود مرداني، في تصريحات لصحيفة «إيران» الحكومية إنه يتوقع إصابة بين 30-40 في المئة من سكان طهران بفيروس كورونا، خلال الأسبوعين المقبلين. ويظهر هذا التصريح أن الأوضاع مرعبة بشكل كبير في طهران، التي يسكنها أكثر من 8 ملايين نسمة، بشكل يفوق الإعلانات الرسمية. ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا اشارت فيه إلى أن وزارة الصحة الإيرانية اقترحت إرسال 300 ألف عنصر من الميليشيات من بيت إلى آخر في محاولة لتطهير البيوت.

ويفيد التقرير بأن القيادة الإيرانية تنبأت قبل أسبوعين بأن كورونا الذي تفشى في الصين لن يكون مشكلة في إيران، حتى انها تفاخرت بأنها تصدر الأقنعة للصين.

وتستدرك الصحيفة بأنه بدلا من تلقي العون من الحكومة، فإن الأطباء والممرضين يقولون انهم تلقوا تحذيرات من القوات الأمنية بأن يبقوا صامتين، مشيرة إلى أن بعض المسؤولين يقولون إن القيادة في طهران تقلل من الحجم الحقيقي للتفشي، «ربما، برأي الخبراء، لأنه سينظر إلى ذلك على أنه فشل للحكومة سيستغله الأعداء».

ويجد التقرير أنه في الوقت الذي يصارع فيه العالم فيروس كورونا، فإن الوباء في إيران هو درس لما يحصل عندما تقوم دولة سرية لديها موارد محدودة بالتقليل من شأن التفشي، ثم تجد صعوبة كبيرة في احتوائه.

السيطرة على المعلومات ويقول التقرير إن السلطات تبدو قلقة حول السيطرة على المعلومات أكثر من السيطرة على الفيروس، بحسب مقابلات هاتفية ورسائل نصية مع عدد من موظفي الصحة في إيران.

وتورد الصحيفة نقلا عن العديد منهم، قولهم إن أفراد الأمن الموجودين في المستشفيات كلها يمنعون الموظفين من الكشف عن النواقص أو عن المرضى أو عمن يتوفون بسبب كورونا.

ويلفت التقرير إلى ممرضة أرسلت رسالة إلى عائلتها -وقامت عائلتها بمشاركتها مع «نيويورك تايمز» لاحقا- تصف فيها رسالة رسمية من الأمن تحذر بأن أي مشاركة لأي معلومات عن المرضى المصابين يشكل «تهديدا للأمن القومي».

وينقل التقرير عن الأطباء والخبراء، قولهم إن السرية والبارانويا يعكسان ما يسمونه التركيز السلبي على صورة إيران العامة ومكانتها، التي يبدو أنها تتلف ثقة الجمهور وتعرقل الخطوات الأكثر عملية للاحتواء.

وتورد الصحيفة نقلا عن اختصاصي علم أمراض بارز في طهران قوله إن موظفي المختبرات الذين يقومون بفحوص فيروس كورونا قالوا إنه تم تهديدهم بالتحقيق معهم والاعتقال إن قدموا أي معلومات لوسائل الإعلام الإخبارية.

وقال اختصاصي علم الأمراض في مقابلة هاتفية معه: «إنه لأمر شائن.. فمن خلال تحويل هذا الموضوع إلى قضية أمن قومي، فإنهم يضعون المزيد من الضغط على الأطباء والفرق الطبية ويخلقون أجواء من الفوضى والخوف». Volume 0%   إنهم يترنَّحون ويلفت التقرير إلى أن فيروس كورونا، الذي ظهر في الصين أواخر عام 2019، وصل في لحظة ضعف للقيادة، فكان الاقتصاد الإيراني متعثرا بسبب العقوبات الأميركية، وكانت القوات الأمنية تكافح لقمع موجة من التظاهرات الشعبية، فيما يعاني جيشها من اغتيال قاسم سليماني، بالإضافة إلى أن السلطات عانت من أزمة مصداقية محليا بعد أن اضطرت للاعتراف بإسقاط الطائرة الأوكرانية، خطأ، بعد أن راوغت لعدة أيام.

وتورد الصحيفة نقلا عن الباحثة في الشأن الإيراني في معهد «تشاتام هاوس»، سنام وكيل، قولها: «إنهم يترنحون من أزمة إلى أخرى.. وقللوا من قابلية تأثير فيروس كورونا».

وتفيد الصحيفة بأن مسؤولي الصحة الإيرانيين تفاخروا ابتداء حول براعتهم الفائقة في مجال الصحة العامة، وسخروا من نموذج الحجر الصحي؛ باعتباره «بدائيا»، وصوروا إيران بأنها نموذج عالمي يحتذى به، وأشار الرئيس روحاني قبل أسبوع إلى أنه مع حلول السبت (الماضي)، فإن الحياة ستكون عادت إلى مجراها.

وتبين الصحيفة أنه بسبب ذلك النقص، فإن الواقع هو أنه لا أحد يستطيع أن يخمن مدى انتشار فيروس كورونا في إيران، مشيرة إلى أن دراسة كندية قالت قبل أسبوع ان العدد الحقيقي للإصابات بالفيروس قد يصل إلى أكثر من 18000 حالة، فيما قال إسحاق بوغوتش، وهو طبيب في تورنتو إن «أسبوعا يعد دهرا عندما تتحدث عن وباء».

وتقول الصحيفة إن «شوارع طهران، العاصمة، مهجورة؛ لأن السكان الخائفين يلزمون بيوتهم خشية العدوى، لكن في مدينة قم المقدسة، التي وقع فيها أول انتشار للمرض في إيران، لا تزال المزارات مفتوحة وتستقبل الحجاج بالرغم من نصيحة وزارة الصحة».

وينقل التقرير عن أمير أفخمي، وهو طبيب ومؤرخ في جامعة جورج واشنطن، درس ردة فعل الإيرانيين لأوبئة سابقة، قوله: «بصراحة، فإن عدم استعداد الجمهورية الإيرانية للحد من الزيارات الكبيرة لهذه المزارات في حالة هذا المرض يعد إجراميا.. فالحكومة تضع المكانة الدينية والصورة العامة بمرتبة أعلى من السلامة العامة».

شهادات كاذبة يورد تقرير نيويورك تايمز نقلا عن الدكتور محسن بصيري، وهو طبيب إيراني في هيوستن الآن، قوله من خلال اتصال هاتفي، بأن زملاءه في إيران يقولون إن عناصر الأمن يكرهون الأطباء على إصدار شهادات وفاة كاذبة للوفيات التي يبدو أن سببها فيروس كورونا، وكتابة سبب الوفاة على أنه فشل رئوي أو قلبي لئلا يتم الاعتراف بوفيات مرتبطة بالفيروس.

وتفيد الصحيفة بأن عضوي برلمان إيرانيين على الأقل أثارا ادعاءات شبيهة من أن السلطات تسعى لإخفاء عدد ضحايا فيروس كورونا بإدراج أسباب وفاة أخرى على شهادات الوفاة.

وينقل التقرير عن غلام علي جعفر زادة إيمان أباد، وهو نائب عن إقليم غيلان بالقرب من بحر قزوين، قوله لوكالة الإنباء الإيرانية، الاثنين، بأن أكثر من 20 شخصا ماتوا في دائرته الانتخابية، وبأن المستشفيات وصلت إلى طاقتها الاستيعابية الكاملة، وأن المركز المعين لمعالجة الفيروس بدأ يرفض استقبال المرضى، وأضاف أنه في بعض الحالات قامت السلطات المحلية بتسجيل سبب آخر لوفاة الضحايا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى