
وصل سعر برميل النفط الى ٩٢ دولار امريكي مع التوقعات لوصوله ال ١٠٠ دولار في الايام او الاسابيع القادمة والفضل كله يعود للسياسة السعودية التي اقنعت الغرب ان الوقت قد حان لدفع القيمة المثلى لسعر برميل النفط. السعودية ذكرت مرات عديدة في مؤتمرات دولية ان السعر المطلوب هو ١٠٠ دولار على الاقل، واستطاعت وبمساعدة اعضاء اوبك الاخرين ان تصل لرقم مقارب جداً للرقم المنشود.
العراق وبهذا السعر اصبح اغنى من الضعف تقريباً من ثلاثة اشهر مضت وبهذا السعر يستطيع ان يعيد بناء مدارس العراق ومستشفياتها وجامعاتها والبنى التحتية لها من كهرباء وماء ومجاري وشوارع وبضوابط هندسية دولية عالية ومعروفة مع توظيف القطاع الخاص الوطني المنتج باعطائه كل هذه المشاريع العملاقة، والذي بدوره سيوظف معظم العاطلين عن العمل وتحول الاموال النفطية من اموال ميته محددة برواتب حكومية لتغطية نفقات الاسرة الضرورية جداً بدون ادخار لها الى اموال متحركة ومنتجة.
عندما تتحول اموال النفط الى القطاع الخاص الوطني المراقب يقوانيين صارمة من قبل موظفي حكومة غير مرتشين تبنى البنى التحتية بناءً راقياً متيناً مع توفر الربح لهذه الشركات الذي بدوره يشجعها على استثماره بمشاريع انتاجية تعوض مواد الاستيراد الخارجي المستخدم في بناء البلد. هذا ما يجعل اقتصاد البلد في حراك وليس جمود وثابت معتمداً على نفط الارض الذي اما سينتهي يوماً ما او تنتفي الحاجة له. البلد يحتاج الى خطة اقتصادية صارمة وبعيدة عن ذيول السلطة وحرامية ما بعد ٢٠٠٥ وكلاب ايران خامنئي والطائفية المستوردة والانحطاط الاخلاقي. خطة وطنية شاملة لاعادة الاقتصاد المتحرك النامي للعراق وايقاف الهدم والسرقة للمصانع العراقية المنتجة.
ما كتب اعلاه هو ما يعمل به اي حاكم على وجه الارض حتى لو كان جاسوساً لدولة اخرى او فاسداً الا من يعتقد أن دينه او معتقده يعتبر المال العام مباح، وهذه هي الكارثة بعينها والتي تجعل من هؤلاء الحكام شركة نقل لاموال العراق لبلد اخر ولمرجع اجنبي خارج البلد. هذا البلاء الذي ابتلى به العراق بعد ٢٠٠٣ والذي جلبته لنا امريكا بمخطط خبيث قاده المحافظون الجدد، واستغلته الجارة الحبيبة على قلب السيستاني الاجنبي أيضاً لاستباحة المال العام كله وبدون ان يقف ضدها. هنا وقع العراق في مأزق كبير بين امريكا التي تريد جزء من الخير لها وبين ايران التي تريده كله لها. السفيرة الامريكية وبطريقتها السلسة الهادئة حجزت اموال العراق كلها في البنك المركزي الامريكي وبدء حصارها لدولار النفط العراقي من خلال السيطرة الفعلية على البنك المركزي العراقي وايقاف التعامل مع كثير من المصارف العراقية” التابعة للذيول” والتي كان كرد على غسيل الاموال للشرذمة الحاكمة ولتشديد الحصار الاقتصادي على ايران. عندما زارت نائبة وزير المالية الامريكي اليزابيث روزنبرغ الاسبوع الماضي والتقت بمسؤولي البنك المركزي خرج الناطق باسم وزرتها يقول وحسب وكالة رويتر ” إن البنك المركزي العراقي يجب أن يعالج المخاطر المستمرة الناجمة عن سوء استخدام الدولارات في البنوك التجارية العراقية لتجنب الإجراءات العقابية الجديدة التي تستهدف القطاع المالي في البلاد، مستشهداً بالاحتيال وغسل الأموال والتهرب من العقوبات المفروضة على إيران”. معنى ذلك ان اجراءات عقابية جديدة قادمة ومعناه ايضا ان اغبياء الخضراء لا يتعلمون وهذا ما نقوله لواشنطن دائماً ان حكام العراق جهلة وجياع للنخاع ويحتاجون الف عام هم واولادهم واحفادهم وووو … لتعلم الشفافية في الحكم والوطنية المهنية.
الاوضاع الاقتصادية مرشحة للذهاب للاسوء في العراق رغم الزيادات المستمرة في اسعار النفط في وسط الانقسام السياسي والاقتصادي والاجتماعى في الداخل العراقي ونتيجة أطماع بعض المسؤولين او جهلهم في إتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب. السعودية والهند قد وقّعا مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي بين موانئ الهند والشرق الأوسط وأوروبا عبر الأراضي السعودية والاردن وفلسطين والذي سيشمل ربط للموانئ وسكك حديدية عملاقة وخطوط نقل برية وزيادة في مرور السلع وخطوط أنابيب لاستيراد وتصدير الكهرباء والهيدروجين وكابلات نقل البيانات، والعراق في غفلة وكأن هذه الاحداث التي تدور حوله لا تعنيه وميناء الفاو ليس عراقياً. أيران استباحة كل شيء في العراق ودمرت اقتصاده في سرقة المال العام وتدخلها في قرارته الوطنية المصيرية من اقتصاد وامن وعلاقات دولية، والكويت مستغلة ضعفه وفساد مسؤوليه واخذت تستحوذ على الموانئ والابار النفطية الحدودية، والامارات اصبحت اكبر مركز مالي في العالم بعد ان تجاوزت الاموال المتعامل بها الترليونين دولار، وتركيا الاوربية الاسيوية القادرة والقوية والنامية بسرعة على حساب العراق وتبني سدودها العملاقة ومصانعها الكبيرة واقتصادها المتطور، كل هؤلاء حولنا وفي محيطنا ونحن لم نتحرك ولن نستحي من واقعنا المر الذي نحن نعيش فيه ولا من ينهض فينا الوطنية والعمل والمهنية.
نشر معهد “واشنطن” للدراسات الإستراتيجية الاسبوع الماضي، تحليلاً عن والأوضاع التي يشهدها العراق وما يمرّ به من أزمات على الصعيد الداخلي والخارجي والإخفاق الحاصل للحكومات الاتحادية المتعاقبة على الحكم مؤخرا وبشكل مؤقت، إذ وصف العراق بأنه بات “أشبه ما يكون بدولة خاضعة للوصاية الدولية”، لم يستبعد في الوقت ذاته عودة البلاد تحت طائلة البند السابع. وذكر التحليل إلى أن الواقع السياسي والقانوني المتراجع في العراق اليوم يُشير إلى أن البلاد لا تزال تواجه مأزقًا استراتيجيًا عميقًا نتيجة الالتزامات والقيود الدولية المفروضة عليها. ووصف مشكلة تعثر العراق في الاندماج مع المجتمع الدولي إلى الأزمات الداخلية المستمرة، فمنذ عام 2003 أقحمت الحكومات المتوالية البلاد في أزمات داخلية معقدة من صراعات وإرهاب وفساد وفوضى واستقطاب سياسي.” وكل واحدة منها تصدر الأزمات للحكومة التي تليها. واعتبر التحليل أن “نجاح العراق في السيطرة على وضع تلك الميليشيات ومكافحة تلك الجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب من شأنه أن يساعده على كسب ثقة المجتمع الدولي وسينأى به عن الانتهاكات المحتملة للفصل السابع وقد يفضى ذلك أيضا إلى إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)”.
المهم هنا ان يتعلم سياسي العراق ان يقرأوا هذه التحليلات وان يتصرفوا طبقاً لها ولا يأخذوا هذه التحليلات والبيانات مأخذ الاستخفاف لان النهاية ستكون كارثية عليهم وعلى العراق اضعاف اضعاف ما حل بعراق صدام حسين في ٢٠٠٣. نحن في الحراك نمد يدنا لمساعدة الشعب في محنته لتوصيل ما يعانيه لاصحاب القرار في المجتمع الدولي وتذكروا الاية الكريمة ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسول والمؤمنون” والله دائماً معنا.