الأزمة الاقتصادية الإيرانية إجراءات عاجلة للحد من الانهيار

 تسارع  إيران  الخطى  للتغلب على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها من خلال سلسلة من الخطوات  في نظامها المالي، ستعتمد على حذف أرقام من عملتها لتقويتها وزيادة القدرة الشرائية للناس للحد من الانهيار الاقتصادي جراء العقوبات.

وتقوم هذه السياسية على أساس “النموذج المالي التركي ” ،  والخشية من الحالة الفنزولية في فقدان العملة الوطنية ” التومان ” قيمتها ، ولتلافي ذلك  تتجه الأمور إلى تبني  سياسة عملية حذف أربعة أصفار من العملة المحلية ، والتي لن تكون سهلة في هذا التوقيت بالذات ، حيث ستستغرق عامين كاملين حتى يتمكن البنك المركزي الإيراني  توزيع العملة الورقية الجديدة بدلا من العملات القديمة.

مقالات ذات صلة

الكارثة الحقيقية في إيران تبرز من خلال ارتفاع نسبة  التضخم إلى مستويات غير مسبوقة ، ما  أفقد النظام المالي أكثر من 60% من  قيمة العملة المحلية، التي انهارت إلى مستويات غير مسبوقة  ما حدا  برئيس البنك المركزي الإيراني إلى القول إلى أن  ثمن المواد الخاصة بطباعة  النقود أكثر من قيمتها المالية حيث أن تكلفة طباعة العملة الورقية فئة 500 تومان  قد تصل إلى 400 تومان.

النتيجة أن هناك كثير من الخبراء الإيرانيين في المجال الاقتصادي قد نبّهوا من أن قرار طباعة أوراق مالية جديدة ونشرها في السوق لن يؤدي إلا لزيادة المشاكل الاقتصادية، بسبب نشر هذه الأموال دون أي بوادر دعم حقيقية معلنة حتى الآن.

وفي حال وافقت الحكومة على حذف الأصفار من عملتها فإن النصف مليون ريال إيراني سوف يساوي 5000 ريال.

وكانت العملة الإيرانية قد انهارت  أمام الدولار، خلال العام الماضي ، حيث تزايدت بعد  فرض  العقوبات الأميركية ، ما أدى إلى  تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة في إيران ، حيث  بلغ سعر صرف الدولار 11 الف تومان  إيراني .

أما الخطوة الثانية التي شرعت إيران بها فهو عملية  دمج البنوك العسكرية ، إثر دمج بنوك (انصار وبنك قوامين وبنك حكمت ايرانيان ومهر اقتصاد ومؤسسه اعتباري كوثر) تحت بنك “سبه” التابع للقوات المسلحة، ما سيؤدي إلى  نشوء مشاكل اقتصادية في النظام البنكي الإيراني  بسبب الديون المترتبة على بعض هذه البنوك؛  فعملية الدمج ستزيد من نسبة الديون  المترتبة عليها بسبب سوء الإدارة، النتيجة أن  الخاسر الوحيد هو العملاء الذين يبلغ عددهم أكثر من 27 مليون إيراني . في المقابل، ردّ رئيس البنك المركزي على هذه الشكوك، حيث أكد أنه بعد 4 أشهر من انتهاء عملية الدمج، سيكون هناك بنك “سبه” جديد ذو قدرة عالية، وسيتمكن من معالجة هذا الخلل، وتقديم خدمات أفضل لعملائه عن طريق تحسين نظام عمل هذه البنوك وتطويرها، خصوصًا أن %18 من موارد النظام المصرفي ستكون في تصرّف بنك سبه ، وهذا أمر مشكوك فيه .

الخطوة الثالثة محليًا، قرار  إلغاء المساعدات المالية لأصحاب الدخل العالي، ومنحها لمتوسطي الدخل والفقراء، ابتداءً من العام المقبل بعد فشلها في محاربة الفساد، وفي إيجاد حلول لمعالجة المشاكل الاقتصادية وموجة غلاء الأسعار التي يعاني منها أغلبية الإيرانيين، ما أدى إلى ازدياد معدل الفقر في إيران إلى مستويات غير مسبوقة ما أدى إلى انتشار ظواهر غريبة مثل بيع الأطفال ، وتجارة الأعضاء ، وتجارة المخدرات ، وازدهار ظاهرة التهريب ، والسطو على المقابر ونبشها وبيع المحتويات الموجودة فيها …

الخطوة الرابعة ؛ إقرار البرلمان الايرانى لعودة العمل بنظام “الكوبونات” الإلكترونية  لتأمين السلع الأساسية للإيرانيين، لمساعدة الإيرانيين في مواجهة موجة الغلاء التى ضربت الأسواق الإيرانية  والإرتفاع الحاد فى أسعار السلع الأساسية .

التحليلات الاقتصادية الإيرانية خلصت إلى أنّ علاج الأزمة  الاقتصادية والاجتماعية في إيران بات حلمًا يصعب تحقيقه، مع انخفاض القدرة الشرائية للناس ، وتضاعف أسعار السلع الأساسية، ومواجهة أكثر من 50 مليون إيران مشاكل اقتصادية هائلة  مع نهاية الطبقة الوسطى نهائياً .

وسط هذه الأزمة  الاقتصادية  التي تكاد تعصف بالنظام في إيران، والتي يصفها الرئيس حسن روحاني بالـ “حرب الاقتصادية”، مع زيادة وتيرة  المخاوف من اندلاع احتجاجات مماثلة لاحتجاجات ديسمبر 2017، وسط كل هذا يحاول روحاني وحكومته الهروب من تحمل مسئولية ما يجري من خلال  ما  كشف  عنه روحاني عن اقتراح قدمه للمرشد الأعلى آية الله على خامنئى  بادارة “الحرب الاقتصادية” التي تمر بها البلاد، وهو والمسئولين من خلفه، و إشراك الولي الفقيه في إدارة الملف الاقتصادي لتحصين  روحاني نفسه وحكومته  من توجيه الانتقاد اللاذع له على الأزمات الاقتصادية التى حلت بإيران  منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مايو 2018 ، إلا أن خامنئي رفض الخوض في المقترح جملة وتفصيلا .

المشهد في إيران بات يشي أن هناك حالة ارباك  وتخبط غير مسبوقة تعيشها الدولة الإيرانية ، والمؤشرات  تتحدث عن أن إيران الدولة والثورة باتت على صفيح ساخن ، وأن حرب الدولار باتت تؤتي ثمارها بشكل غير مسبوق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى