دائما ما تكون الأخبار المتعلقة بالجامعات مورد اهتمام وطني لاعتبارات سياسة وثقافية وعلمية واجتماعية، ولهذا تحظى بمنزلة عالية في الأوساط الوطنية، وفي حين تعرضها لانتهاكات تمس بصورتها تكون ردة الفعل كبيرة ولها العديد من التداعيات والأبعاد في المجتمع.
ظروف غير متوقعة ومؤسفة، في أعقاب اضطرابات واحتجاجات طلاب “جامعة شريف” بسبب اعتقال عدد من زملائهم بتهم واهية تتعلق بالاحتجاجات الشعبية، حيث دخلت القوات الأمنية الحرم الجامعي للسيطرة على الوضع، مستخدمة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وتم اعتقال عدد من الطلاب.
بادئ ذي بدء، يجب أن نشير إلى أن القانون الإيراني يضمن بمواده الحفاظ على شرف الحرم الجامعي في أي حالة، حتى في الحالة التي يواصل فيها الطلاب احتجاجاتهم المتسلسلة داخل الجامعة.
لذا اكتسبت الأحداث التي وقعت في هذه الجامعة أبعادا واسعة في الساعات الأولى وتسببت في رد فعل قوي ومثير من قبل المواطنين، لدرجة أن بعض أهالي الطلاب تجمعوا أمام الباب الجنوبي للجامعة لمساعدة أبنائهم المحاصرين داخل الجامعة من قبل القوات الأمنية، حيث بدأ الحادث عندما تجمع الطلاب أمام كلية الحاسب الآلي ثم تحرك الحشد نحو مدخل الجامعة.
وعندما لم تف السلطات الأمنية بالوعود الخاصة بالإفراج عن بعض الطلاب المعتقلين، هتف الطلاب بصوت أعلى من التجمعات السابقة، وعند مغادرتهم وقعت اشتباكات عند مدخل الجامعة وفي ساحة مواقف السيارات، وعندما أراد الطلاب مغادرة الموقف، ازدادت الاشتباكات مع القوات الأمنية، واستمرت هذه الأحداث حتى دخل “محمد علي زلفي كل” وزير العلوم إلى الجامعة.
وفق القانون الذي تم إقراره عام 1999 بعد حوادث “جامعة طهران” بخصوص منع القوات العسكرية من دخول الجامعات، يمكن لوزير العلوم أو رئيس الجامعة إصدار أمر بدخول الجامعة في حالة الطوارئ فقط؛ لكن ما يمكن استنتاجه من التقارير التي نشرتها وكالات الأنباء الرسمية في البلاد، لم تكن هناك حالة طوارئ خاصة، وهو ما يشكل اختراقا قانونيا يمس كرامة الجامعات وطلابها في إيران من قبل الأجهزة الأمنية.
ويمكن قراءة ذلك من خلال ردود أفعال عدد من القانونيين والنشطاء السياسيين والاجتماعين، ومنهم: “محمود صادقي” الناشط السياسي والمحامي والممثل السابق في مجلس الشورى الإسلامي، الذي قال ردا على حادثة اقتحام الشرطة لجامعة شريف: “أعتقد أنه أمر خطير وحادث مؤسف ومقلق لم يتوقعه أحد في مثل هذه الظروف”
واستنادا إلى التقارير التي تم نشرها، لا بد من القول إن حرمة الجامعة والطلاب قد انتهكت من قبل السلطات الأمنية، وأن زمن ما بعد هذه الحادثة سيكون مختلفا عما قبله.
هذا العمل مخالف للدستور، حيث أصدر المجلس الإسلامي قانونا واضحا في هذه الحالة بالذات، يحظر بموجبه دخول أي قوة أمنية إلى أي جامعة، وفقًا لهذا القانون، يجب أن نقول إن الرئيس بصفته منفذا للدستور وبالطبع وزير العلوم الذي كان حاضرا في مكان الحادث، يجب أن يجيب على مسألة ماهية الظروف الطارئة التي نشأت والتي أصدرت الأمر بالقوات الأمنية لدخول الجامعة.
وفي ذات السياق، تقول المحامية والناشطة القانونية “نعمت أحمدي”، في تحليلها للقانون الذي يمنع دخول القوات العسكرية إلى الحرم الجامعي: “بعد الأحداث التي وقعت في جامعة طهران عام 1999، أقر نواب البرلمان المادة القانونية التي أقرت بأنه لا يجوز لأي قوة عسكرية أو أمنية دخول الجامعة، تمت الموافقة على هذه المادة لمنع زيادة التوترات القائمة التي تنشأ بسبب الإثارة الطبيعية للطلاب حتى لا يتم معاملتهم بقسوة، ونصت هذه المادة القانونية على أنه “يحظر دخول القوات المسلحة بما في ذلك الجيش والشرطة والاستخبارات للقيام بمهام أمنية أو اعتقال الأشخاص في محيط الجامعات ومراكز التعليم العالي بالدولة إلا في حالة طوائ يقر بها عدد من المسؤولين من بينهم رئيس الجمهورية. “
وفي المحصلة، فإن هذا الانتهاك سيكون له عواقب وخيمة على المجتمعات العلمية في إيران، وسيكون له تأثير سلبي على صورة إيران ومرتبة جامعاتها ودرجة اعتمادها من قبل المجتمع الدولي.
626