أي عمل مهما كان نوعه أو شكله لا يكتب له النجاح والتطور ، إذا لم يعتمد على عناصر محترفة .. ولها إمكانية وقدرة على القيادة ، سواء قيادة مؤسسة أو حزب او أي تنظيم سياسي أو اجتماعي.
والاحتراف ….يعني العمل المتقن والمتواصل والمتكامل والمتطور ، وهو يتطلب أحترافا والتزاما كليا وشاملا ، وليس جزئيا محددا. والقيادة لا تتحقق بدون أحتراف ثقافي وتطبيقي و علمي متكامل من جميع النواحي ، ويعني الالتزام المستدام وباحترام.
وعلى هذا الأساس فالاحتراف عملية تكاملية بين استحقاق الشخص لمكانة ما ، بحيث تتوافق مع امكانياته وقدراته .. فكل منظمة أو مؤسسة في المجتمع تريد النجاح والتطور عليها أن تبحث عن عناصر الاحتراف التي يساعدها في صناعة النجاح المطلوب.
والاحتراف هو مفتاح النجاح ، وهذا الكلام ينطبق في شتى مجالات الحياة.
فكل شخص محترف يمثل معيارًا للنجاح والتطور والتقدم ، فهناك فرق بين المتعلم والمحترف .. وبين الهواية والاحتراف ، إن من يمارس الهواية ، فيمارسها الى جانب عمله الأصلي وبأوقات فراغه وبصورة متقطعة ، في حين الاحتراف يعني تحول موضوع العمل الى حرفة ، وهذا يتطلب تمتع الأفراد بالمهارات والمعارف الخاصة واللازمة لأداء تلك المهمه .
فألاحترافية هي الأساس في تكوين بيئة عمل منتجة وتخلق روح التعاون بين من تُمارس العمل معهم. فالأداء الاحترافي يميزك ويرفع من شأنك وقيمتك في مجال عملك ، ويميزك عن أقرانك كونك تمتلك مواصفات قيادية لا يمتلكها غيرك.
والعمل المحترف هو العمل الذي يقوم به شخص يمتلك مستويات عالية من الخبرة والكفاءة ، ويعرف كيف ومتى يتصرف ، ومتى يتولى القيادة وأن يكون لاعبا أساسيا في فريق عمله.
وكل ذلك ينطبق على العمل السياسي والحزبي ، فالاحتراف الثوري في مجال العمل الحزبي والسياسي ، أصبح ضرورة موضوعية وحاجة ملحة ، مما للأحتراف أهمية قصوى في هذه المرحلة بالذات ، والتي تمر بها أمتنا العربية ، من تشتت وضياع ، وما تعانيه من وهن وضعف ، حتى تكالبت عليها قوى الشر جميعها ، وهي تنهش بجسدها… ومع الأسف الواقع الحالي يؤكد لنا أن قلة منهم دخل الى مجال السياسة والعمل الحزبي ، إحترف السياسة والعمل الحزبي ، بمفهوم الاحتراف الحقيقي ، وقليل منهم يؤدي دوره بإحترافية ، وربما هذا يمثل احد أسباب ضعف العمل في هذا المجال.
ومن أجل إنقاذ هذا الوضع الشاذ فلا بد من وجود فعل حقيقي وفعال من قبل بعض العناصر الحزبية وأن تتحرك هذه العناصر من أجل أحداث نقلة نوعية في داخل التنظيم الحزبي ، وإلا سنبقى نراوح في مكاننا … ولن نتحرك خطوة واحدة الى الامام.
إن الاحتراف الثوري في حزب البعث العربي الاشتراكي ، مطلوب في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة ، ونعني بالإحتراف الثوري ، الالتزام الطوعي والمطلق ، والالتحام بالمبادىء ، ونكران الذات ، وأهمال كل ما هو سلبي وذاتي .. فالمحترف الثوري يتمكن من تقديم عمله بجودة عالية ويشارك في الاعمال الإبداعية والمليئة بالتحديات الفكرية ويعمل على احترام قواعد العمل الحزبي ويعمل بتفاني ، ويناضل من أجل تحقيق أهداف الامة .. ويعمل لمصلحة المجتمع بدلا من المصلحة الشخصية.
فمن المستحيل إنجاز عمل نضالي تأريخي محترف من دون قائد محترف ، قادر على التحليل والاستقراء والاستنباط ، ولديه رؤية علمية ثاقبة وقادر على التمييز بين الفعل الجيد والفعل السيء … وهنا يصح القول ، إن الكفاءة المهنية هي الأساس ، ويتم تعزيزها بالكفاءة العلمية والنضالية ، وتصقلها التجارب الميدانية وتعطيها رونقا الثقافة الشخصية
هذه القواعد الأربعة مهمة جدا في عملية الاختيار لاي عمل ولأي فعل ، وعندها سنجد المحترف الثوري الحقيقي القائد والمنتج والمبدع الذي نبحث عنه …
وهذا ما ينطبق على جميع البعثيون الحقيقيون المناضلون …
الذين نذروا أنفسهم وأقسموا على النضال طالما هم على قيد الحياة.
كونهم مؤمنون وحملة رسالة تاريخية ، فهم محترفون ثوريون .. لذا يتوجب علينا أن نميز بين البعثيون الحقيقيون والحزبيين ، فالحزبيون كلمة عامة تطلق على كل من انتمى الى الحزب ولأسباب مختلفة ، بينما البعثيين فهم يتميزون عن غيرهم كونهم مؤمنون بفكر البعث كعقيدة ، ويمارسونها في سلوكهم اليومي ، ذلك السلوك البعثي الأصيل القويم المنضبط والمنظم والمشرف .. بالضبط كما نفرق بين المسلمين والمؤمنين ، فالاسلام يدل على جميع الأفراد ، كونه اسم عام أما الإيمان فيدل على جزء محدد من المسلمين ، وهم الذين تميزوا بإسلامهم ، فأستحقوا وصفهم بالمؤمنين …