الانقلاب او الانقلابية …. هو تحول الشيء من حالة الى اخرى ، اي تحول الشيء عن شكله ، وهو تغيير مفاجيء لأية حالة كانت ، اجتماعية أم سياسية أم اقتصادية ، ويكون هذا التغيير بفعل فاعل ، أما الانسان او الطبيعة. وعندما نقول حدث انقلاب مفاجيء في المناخ اي حدث تغيير في المناخ من حالة الى أخرى .
إختلفت التفسيرات والتعليلات على مفهوم كلمة الانقلاب والانقلابية ، شأنها شأن الكثير من المصطلحات الحديثة ، وعلى الرغم من ذلك فإن الجميع عندما يتحدثون عن مفهوم الانقلابية ، يذهبون الى التفسير السياسي للمفهوم ، وهو إسقاط الحكومة أو رأس الحكومة بواسطة مجموعة من الأفراد ( غالبًا ما يكونون من العسكريين ) ، واستبدالها بسلطة اخرى مدنية أم عسكرية.
ويتضح لنا أن جميع الباحثين ذهبوا الى الانقلابات العسكرية …
ولم يتطرقوا الى مفهوم الانقلابية ، فكريا وإنسانيا واجتماعيا ، أي حضاريا ، كما ذهب حزب البعث العربي الاشتراكي ، وتفسيره لمفهوم الانقلاب والانقلابية …
فألانقلابية هي احد اهم سمات حزب البعث ، وهي معنى من معاني حركة البعث ، فالبعث يتلخص في كلمة الانقلاب ، والانقلاب تعني التغيير ، وبعث الروح الى الجسد العربي الذي إنتابه ، الانحراف والتأخر والتخلف والفتور والقنوط ، بسبب كثير من العوامل الداخلية والخارجية ، ونحن نشعر ان مجتمعنا العربي وبالأخص بهذه المرحلة التاريخية بحاجة أن يناضل وان يقاتل وان يبذل جهدا أستثنائيا وعملا دؤوبا وشاقا حتى يسترد عافيته ويسترد ذاته
الحقيقية ، ذاته الأصيلة النقية الصافية ، ذات القيم العليا حتى تصل الى أصالته ، لقد مر زمن طويل والامة تعيش حالة سبات وتخلف وتقهقر ، فلا بد من ثمن غالي جدا حتى تتخلص من الزيف
الذي أصابها ، فلا بد من مضاعفة النضال وتقديم التضحيات الجسام من أجل التحرر من ما أصابها.
فالانقلاب تعبيره العملي هو النضال ، وكما هو معروف أن النضال عند البعث هو ليس اُسلوب عمل فحسب وإنما هو غاية في حد ذاته. وكما يقول القائد المؤسس ( إن النضال هو التعبير العملي عن فكرة الانقلاب ).
عندما يتبنى العرب طريق النضال الجدي ، الطريق الصعب والشاق من أجل تغيير الواقع ، (عندها تتوضح الفوارق بين المناضلين الصلبين والمؤمنين بقظيتهم وعروبتهم وحرروا أنفسهم من مصالحهم ونزواتهم وشهواتهم الشخصية ، وبين الذين أصبحوا عبيدا لمصالحهم وشهواتهم ونزواتهم الشخصية ).
فطريق المناضلين رغم صعوبته ، لكنه بنفس الوقت يكون سهلا عندما يشعر المناضل أنه يحارب ومعه الأكثرية من الشعب العربي
المؤمنين بعملية التغيير ، حتى تنتقل الامة من حالة السكون والغفوة الى حالة اليقظة والعمل الجاد.
ويؤكد القائد المؤسس( أن الانقلاب يجب أن يتناول الروح مباشرة وأن لا ينحصر أو يتوقف عند حدود الأشكال والمظاهر )
وعلى هذا الأساس إن عملية التغيير يجب أن تلامس الروح والفكر ، وأن تهز الأخلاق وتقويها
وتفجر الطاقات وتعزز الإيمان في النفوس ، وهذا كله سيهيأ الأدوات الحية من البشر ، التي تمتلك تلك المواصفات العربية الأصيلة والقيم والمثل العليا وكما كانت في الماضي.
إن الانقلابيةعند البعث ، ليس كما يشوهه البعض من المغرضين ، إنما هو أبتداء الانقلاب على الذات ، وأن ينتقل الانسان من الذاتي الى الموضوعي ، أي أن يتخلى عن كل شيء ذاتي من انتمائه الطائفي والاثني وغيرها من السلبيات ، وأن ينظر الى المجتمع و مشاكله بمنظور علمي ومنطقي وموضوعي بعيدا عن السلبيات التي في داخله.
وعندئذ عندما يستطيع الانسان العربي أن يتخلى عن ذاته ، سوف يتمكن من تحقيق الانقلاب على الواقع الفاسد والمتخلف ، والقضاء على الكسل والسبات القاتل الذي انتاب أمة العرب.
فالانقلابية عند البعث ، هو الانقلاب على الذات ، ومن ثم على الواقع المعاش ، والانقلابية هي الثورة على الواقع الفاسد وعلى الاستعمار وعلى التخلف وعلى التجزئة ، وهي التغيير الجذري الشامل لهذا الواقع ، إذن هي أمتحان صعب للمناضلين المثاليين ، الذين يتخلون عن مصالحهم الشخصية ، وينظرون الى الحياة نظرة مستقبلية أبعد من الذات.
فالانقلابيون هم الناس الذين نذروا أنفسهم وبتجرد مطلق من أجل مصلحة الامة وتحقيق اهدافها في التطور والتغيير ، وأعادة الدور المنشود لها لخدمة البشرية جمعاء.
896