الحداثة والتجديد والموروث الاجتماعي

د. عامر الدليمي

لكل مجتمع او اية امة عادات وتقاليد ومناسبات نشأت لظروف معينة مرت بها تعبر عن حالة اجتماعية ترسبت فيها ومعتقدة بها وتحترمها معبرة عنها بطقوس ورموز و فعاليات تتناسب وهذه الحالات بأشكال مضهرية وحركات و رسوم تعبيرية… هذه العادات والتقاليد تكررها في كل سنة المجتمعات محاولة المحافظه عليها دون اندثارها… و بمرور الزمن يتكرر استذكارها واحيائها في اوقاتها الزمانية حبا بها مع تطور المجتمعات ثقافة وعلما دلالة على الاعتزاز بها لانها تمثل شخصية المجتمع و هويته وحتى في المجتمعات او الشعوب التي ضعف وجودها نتيجة لكوارث انسانية كالحروب او كوارث طبيعية إلا انها تحاول اعادة تقاليدها وعاداتها الأجتماعية حرصا منها على عدم ضياع ارثها وتأريخها الأجتماعي كأمتداد بين الماضي والحاضر لأثبات وجودها بين مجتمعات العالم، و كما يقول المثل الشعوب التي ليس لها تأريخ ليس لها حاضر…. ومع تقدم العلم والتكنولوجيا نرى ان المجتمعات والشعوب ما زالت تحتفظ ببعض عاداتها وتقاليدها ومناسباتها وبصورة تجديدية تحديثية في الشكل والاسلوب والمظهر والاخراج والديكور معتبرة ذلك قيمة عليا تعبر عن تراثها ولايعني هذا الغاء هذه العادات والتقاليد وانما اضفاء طابع الحداثة والتجديد في الاخراج والاداء مع الابقاء على المضمون في معناه وغايته… فالتجديد هو مواكبة العصر في تقدمه والتحديث في اساليبه و ليس انكارا للماضي او الانقطاع عنه فالمجتمعات و الأمم اغلبها تفتخر وتعتز بماضيها وعاداتها وتقاليدها الاجتماعية التي تعطي للحاضر صورة معبرة عن شخصيتها المجتمعية في تأريخها الماضي والتي في اغلبها تعابير انسانية تدلل على الطموح والأمل لأستمرار الحياة نحو مجتمع اكثر تقدما وتفاؤلا.
و من الخطأ النظر للتجديد والحداثة انه الغاء الماضي وموروثه الأجتماعي الناتج عن فكر و ثقافة و معاناة في حياة الشعوب، وهي تعبيرات و محاولات لمعالجة المشاكل ان وجدت فيها او للتطلع نحو مجتمع افضل تتكامل وتتعاون فيه الجهود لأسعاده واستقراره لأحتوائه على عبر و دروس نشأت من معاناة وتطلع تلك المجتمعات.
كما ان تطور الأفكار وتحديثها بأسلوب اكثر حداثة توافقا مع تطور المجتمعات ومتطلباتها الحياتية لايعني الغاء الافكار القديمة التي تولدت نتيجة ظروف اجتماعية معينة قاستها الشعوب، وأن استخدام الفن الفلكلوري بأسلوب حديث لأحياء التقاليد الشعبية القديمة لايعني الغائها ايضا او محاولة لأندثارها بل اعتزازا بها وبقيمتها التأريخية بأسلوب اكثر حداثة وتجديد، ونرى اليوم ان عددا من الامم المتقدمة تعمل على احياء بعض عاداتها وتقاليدها القديمة وبأسلوب حضاري رائع وفن تعبيري يجسد تلك العاداتو القديمة او استذكار مفكريها وفلاسفتها وافكارهم بطرق اكثر حداثة في صياغتها التعبيرية لتكون اقرب للمتلقي، والامثلة كثيرة جدا لانريد استعراضها او الحديث عنها.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى