الرسالة الخالدة

رفع البعث شعاره المدوي ، أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ، الجزء الاول من الشعار ، واضح ومفهوم ولا يقبل التأويل والنقاش ، إن أمة العرب ، أمة واحدة تجمعها اللغة والتاريخ المشترك والدين والجغرافية ، أما الجزء الثاني من الشعار ( الرسالة الخالدة ) ، لم يتفق الكثير على مضمونه ، ومعانيه ، ودلالاته ، وماذا يقصد البعث بالرسالة الخالدة ..؟
فالرسالة الخالدة ، هي ترمز الى ان الامة العربية حققت عبر تأريخها الطويل ، إنجازات تفخر بها الانسانية جمعاء وحتى يومنا هذا ، وخدمت البشرية ونقلت لهم انجازاتها ، فهي أمة مستمرة في الحاضر وكما كانت في السابق ، وهي قادرة على التطور والنهوض والمساهمة في رفد البشرية بكل القيم العليا التي تمتلكها ، هذه الامة التي تمكنت من توحيد نفسها وتحقيق اعظم الإنجازات وعلى الاصعدة كافة. فهي لا تزال تحمل معها وفِي طياتها ذلك الخزين الكامن في أعماقها ولديها القدرة على تحقيق وحدتها.
فخلود رسالة البعث تنبع من خلودقيم البعث ومبادئه ، وديمومة تلك القيم التي تتجاوز كل القيم البالية ، كالطائفية والإثنية والعشائرية ، فهي ثورة على التخلف بكل اشكاله.
وهي تتجاوز بفعلها كل القوى التي تقف بالضد منها ، قوى الظلام والاستكبار ، وجميع القوى المعادية للأمة العربية. من متخلفين وظيقي الأفق ، ومن الذين يقفون أمام تطورها ونهوضها الحضاري.
الرسالة الخالدة ، هي مساهمة العرب الفاعلة في الحضارة الانسانية ، بحيث لا تجعل من الامة عالة على تقدم البشرية ، بل تعود كما كانت عليه سابقا لتلعب دورا محوريا مع الامم والشعوب من اجل خدمة الانسانية جمعاء ، أمة تعمل وتتفاعل مع الجميع في قيادة التقدم والرقي.
وكلمة الخلود لا تعني الثبات وعدم التغيير ، كونه لاينسجم مع التطور الحضاري المتجدد ، بل على العكس الخلود يعني الاستمرار والتجدد والتطور ، كوّن الرسالة ترمي الى تجديد القيم الانسانية وتعمل على حفز التقدم البشري وتعمل على تنمية الانسجام والتعاون بين الامم، فالرسالة الخالدة تهدف بالدرجة الأساس الى تلبية حاجات الحاضر وضروراته وتتفاعل مع الواقع الملموس وتعمل جاهدة على تطويره ، كما تعمل بنفس الوقت على تجاوز التجزئة المصطنعة والمفروضة على العرب ، وتعني الوحدة التي يسعى العرب الى تحقيقها ، ليس الوحدة الجغرافية فقط وإنما وحدة حضارية ثقافية روحية ايضا.
في كتاب في سبيل البعث مجلد رقم ( ٣ ) صفحة ( ١٥ ) ورد ما نصه ( ان الرسالة الخالدة ليست إلا الانقلاب ، وثمراته )
الرسالة الخالدة هي حصيلة وخلاصة للإسلام والمشكلات العصر ، ولذلك فهي تتميز بالقيم
التي يتميز بها الاسلام ، لذلك فان نهضتنا العربية الحديثة هي من ذلك النبع الأصيل الصافي .. من ينبوع الرسالة الاولى ، وعلى هذا الأساس تتبين علاقة الرسالة الخالدة بالإسلام ، كما أكد ذلك الرفيق المؤسس في كتاباته واعطى الرسالة الخالدة الدرجة العالية في نضال امتنا ، واعتبر ان الثورة هي من اجل القضاء على الاستعمار ، بكل اشكاله ، ومن اجل الناس ، وكل ذلك يأتي بالدرجة الثانية بعد الرسالة الخالدة ، لان الرسالة هي التي توصلنا الى تحقيق كل ذلك.
ان البعث يرمي الى خلق جيل عربي جديد مؤمن بوحدة أمته وخلود رسالتها ، ويناضل من اجل تحقيقها ، متبنيا التفكير العلمي والمنطقي ومدركا للواقع الموضوعي ، متحررا قيود الأساطير والخرافات والتقاليد البالية والرجعية ، مسترشدابالعادات والتقاليد والقيم الأصيلة والمفيدة ، من اجل تحقيق لانقلاب العربي الشامل وتقدم الانسانية
ولم تكن الرسالة الخالدة على الاطلاق شيئا جامدا منفصلا عن حياة أبناء الامة وتجاربها ومعاناتها ، فهي الان في طور التحقق ، فزيادة وعي الامة وفهمها الواضح لمعاناتها وتشخيصها الدقيق لكل شيء سلبي من حولها ، وتعمل على معالجة مشاكلها بجرأة وجدية ، واكتشاف عيوبها ، من آفات وفساد وضياع القيم التي تنتابها ، وان تقف الامة بكل شجاعة ورجولة ان تنقذ نفسها بقواها الذاتية دون الاعتماد على قوى اجنبية … هذا يمثل الحاضر الذي تعيشه الامة العربية وهو يمثل بداية الرسالة الخالدة. ..
بداية العمل الجسور والصبور والمتفاني ، والانقلاب على الذات اولا ثم الانقلاب على الواقع الفاسد والعمل بكل قوة على تغييره
الرسالة الخالدة تعني الصحوة من السبات القاتل والاوضاع المزرية القاتمة … التي طال أمدها .. وتعني الخلق والابداع والتطور وصولا الى الحداثة.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى