انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء الحياة في عمّان الدبلوماسي المخضرم السيد قيس توفيق المختار، بعد إصابته بداء كورونا اللعين ومشاكل صحية أخرى. وكنت محظوظاً حين التقيته في داره العامرة في 25/6/2020، ودار بيننا حديث طويل وممتع عن خدمته الطويلة في الحياة العملية والعامة وخاصة في البرازيل، التي أمضى فيها ثلاثة عشر عاماً كسفير معتمد، وسجلتها لأعتمدها كموضوع في كتابي القادم إن شاء الله.
ولد المرحوم المختار في بغداد عام 1936، وأكمل دراسته الجامعية في كلية الحقوق جامعة بغداد، عام 1958، وبدأ حياته العملية في وزارة العدل، ثمَّ أكمل دراسته العليا في القاهرة وأكملها عام 1969، وفي عام 1971 نُقلت خدماته إلى وزارة الخارجية ليعيّن في السفارة العراقية في لندن بدرجة سكرتير أول، ثمَّ إلى أنقرة بنفس الدرجة ثمَّ عاد إلى بغداد ليشغل منصب في الدائرة الاقتصادية في ديوان وزارة الخارجية.
في عام 1973 نُقل إلى سفارة العراق في هافانا-كوبا حتى عام 1974، ومنها إلى العاصمة الإسبانية مدريد كمستشار لغاية عام 1977، وفي عام 1978، شغلَ منصب قائم بأعمال السفارة العراقية في بوينس أيرس-الأرجنتين. بدرجة وزير مفوض.
عادَ إلى بغداد ليشغل منصب رئيس دائرة المراسم في وزارة الخارجية ومنها نُسّبَ عام 1979، إلى رئاسة الجمهورية رئيسًا لدائرة المراسم فيها وبدرجة سفير.
في عام 1983 عمل رئيسًا للدائرة السياسية الثانية في الوزارة ولبضعة أشهر قبل أن يُنقل إلى لشبونة-البرتغال، رئيسًا للبعثة الدبلوماسية، وأول منصب له كسفير خارج العراق، وبقيَّ في منصبه هذا لغاية عام 1985.
في نفس ذلك العام، عُيّن سفيرًا للجمهورية العراقية في البرازيل وعاصمتها برازيليا، ومنها بدأت رحلته الطويلة في المستعمرة البرتغالية السابقة وأكبر بلد في قارة أمريكا الجنوبية ومن أبعدها مسافةً عن العراق.
في عام 1998، انتهت فترة مهام عمله الرسمية، وفيها ودّعَ السفير قيس، الدولة التي خدم فيها أمدا، وأحبها شغفا، ومنها أيضًا ودّع العمل الدبلوماسي إلى الأبد بعد خدمة طويلة كسفير عراقي في البرازيل امتدّت إلى ثلاثة عشر عامًا بالتمام والكمال، فقد التحق إليها في 27 آب 1985، وانفكَّ منها في نفس اليوم والشهر من عام 1998.
أحيل على التقاعد يوم 19/9/1998، لبلوغه السن القانونية بعد خدمة ممتازة في الدولة العراقية ناهزت الأربعين عامًا. وأصدر كتاباً عن تجربته الطويلة في البرازيل تحت عنوان (البرازيل من أوراق دبلوماسي عراقي).
في عام 2000 صدر قرار خاص بتعينه رئيسًا لدائرة المراسم في ديوان رئاسة الجمهورية واستمرَّ في منصبه هذا لغاية بدأ الغزو الأمريكي على العراق في 21/3/2003.
في سنة 2010، قرّر الانتقال إلى الأردن والإقامة نهائيًا في عمّان إلى ما تبقّى من العمر لينظم مع زملاءه السفراء والدبلوماسيين العراقيين المقيمين فيها أيضًا، يلتقيهم بانتظام ويتجاذب معهم أطراف الأحاديث ومنها سفر رحلته الطويلة في الحياة … والعمل … والدبلوماسية.
وفي عصر يوم 23 كانون الثاني 2021، أنتقل انتقاله الأبدية إلى رحاب الله تاركاً زوجة وثلاثة أولاد وأربعة أحفاد، وخدمة ناصعة في الدولة العراقية، وعلاقات طيبة واجتماعية مع العديد من الشخصيات والأصدقاء والزملاء.
رحم الله السفير قيس المختار وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون
عمت عين المنايا وعين الگبور
لان تاخذ نشامى وعايفه الانذال..
ماتتعجب من الموت لا بالموت فد بدعه
بس متعجب من الموت عرج الثابت يشلعه..
سهل توديع هذا وذاك بس قيس المختار صعب للرايد يودعه..
يبچي عليه الصد والملعب..
لانقول الا حسبي الله ونعم الوكيل. اللهم تغمده برحمتك واسكنه فسيح جناتك.. الفاتحه على روحه الطاهرة
أحسنت وأبدعت أستاذ عبد الأمير
وفعلا سهل توديع هذا وذاك بس قيس المختار صعب للرايد يودعه..
لا اعتراض على قضاء الله .
تعازينا القلبية لاسرة الفقيد .تقبله الله بواسع رحمته والهمهم وذويه الصبر والسلوان.
انا لله وانا اليه راجعون.