تعد الضرائب والرسوم في العديد من دول العالم المصدر الأساس للإيرادات العامة للدولة.
يأخذ الإنفاق أشكالا عديدة وتشمل نفقات الدولةعلى الرواتب وأجور العاملين في القطاع الحكومي ومؤسسات القطاع العام وما تنفقه الدولة على المشاريع الانمائية بما فيها مشاريع البنى الارتكازية كالطرق والموانئ والماء والكهرباء والمرافق العامة الأخرى،
فإذا زادت الإيرادات العامة للدولة عن إجمالي النفقات العامة فسيتحقق جراء ذلك ما يسمى بالفائض. أما إذا زادت النفقات العامة على إجمالي الإيرادات العامة فسيتحقق ما يسمى بالعجز.
إن الميزانية العامة للدولة العراقية ستعاني من عجز خطير جداً ولأسباب مختلفة أهمها انخفاض أسعار النفط إلى النصف مما سيزيد من العجز في الميزانية العامة وكذلك بسبب الفساد المالي والإداري المتفشي في كل زاوية من زوايا الدولة العراقية، فضلاً عن ان العراق ومنذ العام ٢٠٠٣ قد أهمل، بنحو متعمد ومدروس، قضايا التنمية في العراق ليكون الاقتصاد العراقي مرهوناً وتابعاً لإيران.
وعلى أساس ما تقدم يمكننا تحديد مفهوم السياسة المالية بأنها استخدام الإيرادات العامة والنفقات العامة والدين العام لتحقيق التوازن بين جانبي الميزانية العامة للدولة، من أجل تحقيق مستويات عالية من الإنتاج الكلي والحيلولة دون حدوث تضخم اقتصادي.
وهذا ما تفتقره السياسة المالية في العراق، ان وجدت سياسة مالية.
إن من الأدوات المهمة في زيادة واردات الميزانية العامة للدولة الضرائب بأنواعها كافة، مثل الضرائب المباشرة كالضرائب على الدخل والشركات والرسوم الجمركية
والضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات. والسياسة الضريبية للحكومة تتحدد بما يتفق واهداف السياسة الاقتصادية العامة، التي تعكس استراتيجية الحكومة أو فلسفتها الاقتصادية والاجتماعية، التي تفتقر إليها حكومات الاحتلال، منذ العام ٢٠٠٣ ولحد الآن.
فالضرائب، إذن، تحتل أهمية خاصة في اقتصاديات الدول المختلفة وبخاصة المتقدمة منها لما لها من أهمية في تمويل خزينة الدولة.
اما في العراق فإن العائدات الضريبية تميزت بقلتها بسبب عدم كفاءة الجهاز الضريبي وعدم استخدامه الحوكمة في جبي الضرائب وعدم وجود تشريع ضريبي فعال ووجود الفساد المالي والإداري، فضلا عن اعتمادالعراق وميزانيته العامة على واردات النفط، كما ان جبي الضرائب، أيضا، يعتمد على مستوى الوعي لدى الشعوب وبالأخص، التي تقع عليها ثقل الضريبة، اي وعاء الضريبة، ومدى ادراكها لأهمية دفع الضرائب على التنمية الاقتصادية. فضلاً عن كونها وسيلة لإعادة توزيع الدخل في المجتمع.
لكن المجتمعات المتخلفة، وبالأخص المستشري فيها الفساد المالي والاداري كالعراق، الذي سيواجه عقبات كثيرة منها التهرب الضريبي وتهرب المواطنين من دفع الضرائب أو تحايل أصحاب المحال على النظام الضريبي وسيطرة المتنفذين على دوائر التحصيل الضريبي على هذه الأموال وتسجيلها في حساباتهم الشخصية بدلاً من خزينة الدولة.
ما تزال الضريبة في العراق تعد مصدرا ثانوياً للإيرادات العامة واعتماد الميزانية على عائدات النفط الخام، إلى جانب شيوع التهرب الضريبي والفساد المالي
وكثرة الاعفاءات الضريبية واعتماد الدولة على الضرائب غير المباشرة لسهولة جبايتها.
وبسبب هذه الأوضاع، التي يمر بها العراق منذ العام ٢٠٠٣ ولحد اليوم، فإن أعلى نسبة ضريبية حققها العراق في العام ٢٠١٠ هي سبعة بالمئة في حين كانت هذه النسبة في العام ٢٠٠٠ أربعة وثلاثون بالمئة على الرغم من الحصار، الذي كان مفروضا على العراق.
إن الاعتماد الكلي على ايرادات النفط الخام في تمويل الميزانية العامة مسألة خطيرة وذلك بسبب التذبذب الحاصل بأسعار النفط وهبوط أسعاره في الأسواق العالمية.
لذلك فإن الضرايب والرسوم، التي تتميز بالعدالة مصدر مهم لخزينة الدولة. على أن تفرض ضرائب تصاعدية تزيد بزيادة الدخل وتقل بنقصانه. والعمل بقانون التعريفة الكمركية. علما ان وارداتنا من الكمارك والمنافذ الحدودية والمطارات بلغت لعام واحد بين ٩٠٠ إلى مليار دولار سنويا كحد أدنى في حين لم تصل إلى خزينة الدولة سوى ربع هذا المبلغ والباقي يسرق.
ويقول مسؤول في الحكومة العراقية إن الضرائب دخلت كمورد رئيس في موازنة العام ٢٠١٩ وبواقع خمسة بالمئة من إجمالي الموازنة البالغة ٩٦ مليار دولار، أي بحدود خمسة مليار دولار.
علماً ان أبسط التقديرات للواردات المُحتملة من جبي الضرائب بحدود ٢٠-٢٥ مليار دولار وهو مبلغ مهم جداً لو تمكنا من تحصيله ويقول المصدر الحكومي نفسه إن إيرادات الضرائب بلغت هذا العام بحدود ١٠ ترليون دينار عراقي.
ويلاحظ ان مجموع الإيرادات الضريبية في العراق منخفض جداً فلم تتجاوز نسبة مجموع الضرائب إلى اجمالي الناتج المحلي في العراق الواحد بالمئة على مدار التأريخ وهي نسبة منخفضة مقارنة بمتوسط النسبة ذاتها في منطقة الشرق الأوسط حيث تزيد هذه النسبة على أكثر من عشرة بالمئة.
كما لا توجد آلية محددة لمكافحة التهرب الضريبي والفساد وان أكثر من نصف الشركات العراقية والأجنبية وبالأخص الإيرانية العاملة بالبلاد لم تدفع الضرائب، منذ سنوات بسبب علاقتها مع الأحزاب السياسية ومع مسوؤلين فاسدين، على سبيل المثال، شركة استيراد بلغت ضرائبها أكثر من مئة مليون دولار وتبين انها لم تدفع، منذ سنوات طويلة، برغم استغلالها نحو ثلاثمائة هكتار من أراضي الدولة ولم تدفع ثمنها.
من هنا يتبين حجم الضياع والهدر للموارد المالية المتأتية من الرسوم والضرائب وللأسباب، التي ذكرناها سابقاً.
وسيبقى العجز في الميزانية العامة للدولة مستمرا، مشكلاً تهديدا خطيرا على الوضع الماليللحكومة وستعجز الحكومة إذا استمر الحال على ما هو عليه حتى من دفع الرواتب والأجور وسينهار الاقتصاد العراقي أكثر فأكثر. وستحدث مشكلات اجتماعية واقتصادية خطيرة لا يحمد عقباها.
إن هذا الوضع لا يمكن إصلاحه على الإطلاق بسبب فقدان الرؤية الاجتماعية والاقتصادية لدى حكومات الاحتلال، وإن همهم الوحيد هو تدمير البلد اقتصادياً وأمنياً واجتماعيًا، كونهم ينفذون أجندات خارجية غير وطنية.
654