الكذابون

الكذب ظاهرة اجتماعية خطيرة جدا ، كونها تقوم على تزييف الحقائق او خلق حكايات واحداث جديدة عكس الواقع ، بنية الخداع وأيهام الآخرين ، لتحقيق هدف معين قد يكون ماديا أو نفسيا أو اجتماعيا.
والكذب هو عكس الصدق تماما ، وهو أمر محرم في الدين الاسلامي ، وبقية الديانات ، وفِي كثير من الأحيان اذا تكرر الكذب عند الشخص ، سيكون مصاب بمرض بما يسمى ( بالكذب المرضي ) … وقد يتجسد ذلك بعدد من الجرائم مثل الغش ، والنصب والاحتيال ، والسرقة …الخ
والكذب يعني ، ان تخبر عن شيء بخلاف ما هو عليه في الوقع ..
الكذب هو من أسوأ الصفات التي يتحلى بها بعض الأشخاص ، كونها تقلل من قيمة صاحبها .. وهؤلاء الأشخاص يكونون منبوذين من قبل المجتمع . والكذب مرتبط بشخصية الانسان ونشأته وبيئته وتكوينه الاجتماعي والاخلاقي.
والكذابون لا يثقون بأنفسهم ، ومستعدون للتخلي عن شرفهم ، لأنهم يمارسون خداع الناس بغير الحقيقة أو يعملوا على تزييف الحقيقة. لذلك هي من أسوأ وأبشع الصفات التي نهانا عنها ديننا الحنيف ، كما قال رسولنا الأعظم (ص) ، ( ان الكذب يهدي الى الفجور وان الفجور يهدي الى النار ) . والكثير من الفلاسفة يعتقدون ان الالتزام بعدم الكذب ضرورة اخلاقية.
واليوم نحن نعيش وسط كذبة كبيرة ، بل وسط اكاذيب لا حصر لها ، بحيث أصبحت البشرية تتقبل هذه الاكاذيب وتصدقها ، ومن اكبر هذه الاكاذيب هي ( الديمقراطية وحقوق الانسان )،
فأين العالم اليوم من حقوق الانسان والديمقراطية ..؟ ما هي إلا عبارة عن اكاذيب تم تمريرها على شعوب العالم من أجل تحقيق أهداف مخفية خلفها.فهذه الديمقراطية في امريكا .. حزبان فقط ( وجهان لعملة واحدة ) يتصارعان على السلطة وكليهما ينفذون ما هو مرسوم لهم من قبل القوى الخفية ، وهكذا في بقية بلدان العالم … وأين حقوق الانسان ..؟ فهم يقتلون ويسرقون ويدمرون البلدان وبالأخص دول العالم الثالث ، ويزرعون الطائفية والعنصرية والتفرقة ، وبنفس الوقت يبيعون لهم السلاح حتى يقتتلوا مع بعضهم ، وهم يتفرجون عليهم ، ويقدمون لهم المساعدات الانسانية تحت كذبة حقوق الانسان والديمقراطية. ولنسأل ، من قتل جيفارا وحاصر كاسترو ، ومن قتل سلفادور اللندي، وماذا فعلوا بالراحل جمال عبد الناصر ، وماذا فعلوا بالشهيد البطل صدام حسين ، وبتجربته في العراق. ففي العراق برروا غزوهم بجملة من الاكاذيب والافتراءات والتلفيقات ، منها أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل ، وإن العراق يشكل خطرا على الأمن القومي العالمي ، وان العراق لديه علاقة مع تنظيم القاعدة واحداث الحادي عشر من سبتمبر … الخ
وكذبوا على العالم أجمع ومرّروا كذبهم على الكثير من شعوب العالم وحكامهم ، وغزو العراق ودمروا كل شيء ، ولم يجدوا أي شيء مما قالوه .. ولم يراعوا حقوق الانسان على الاطلاق وسجن ابو غريب شاهد على ذلك ،
فالديمقراطية وحقوق الانسان أكبر كذبة في التأريخ …
الديمقراطية مسألة نسبية وهي سلاح ذوحدين تستخدم لمصلحتك وتستخدم ضدك .. وهكذا حقوق الانسان … فهم يستخدمون فلسفة غوبلز في الاعلام والتي تقوم على أساس أكذب أكذب حتى يصدقك الناس.
ولا زالوا يكذبون على الشعب العراقي مستخدمين وسائل الاعلام والعملاء والجواسيس ، وفعلوا نفس الشيءمع جميع حركات التحرر الوطني في العالم الثالث ومع قادة هذه الحركات.
ان الصهيونية العالمية كانت ومنذ زمن بعيد قد خططت للهيمنة على العالم، وأنفقت مليارات الدولارات من اجل تحقيق ذلك،واعتمدت بسياساتها الميكافيلية كل ما هو متاح لديها من قدرات مادية وبشرية لتحقيق اهدافها ، ومن اهم هذه الوسائل ، زرع الفتن والكذب والتضليل للوصول الى ما تربو اليه . فهم مفسدي العالم ومدمريه ومحركي الفتن فيه ، فهم يقتلون ويذبحون كما يشاءون ، ويخربون اقتصاديات البلدان ، ويدمرون حضاراتهم ، وينتهكون الأعراض ، ويقتلون الأطفال والنساء والشيوخ ، ويحتلون البلدان باسم الديمقراطية وحقوق الانسان ، وهم بعيدون كل البعد عنها.
مستخدمين تفوقهم العلمي والتقني واستحواذهم على راس المال والإعلام والسلاح ، بكل اشكاله ، ولا يبالون لكلمة الحق ولايسمعون الحقيقة فهم صُم بكم امام الآخرين ، إلا ماهو لمصلحتهم ولخدمة اهدافهم.
إن منهجية التضليل والكذب ، وتأثير هذه المنهجية على قلب المفاهيم والقيم لدى الرأي العام العالمي والمحلي لهذه الدول ، واختراق منظومة المفاهيم القيمية ، وتأثر هذه المنظومة ، بكثير من المفاهيم والقيم الطارئة عليها ، بل فرضت عليها ، بحيث اصبح الكذب والتضليل ، ظاهرة عامة تتبناها هذه المجتمعات، ولأسباب عديدة.
في العراق مثلا ، بعد غزوه ، واحتلاله ، وتنصيب حكومات احتلال ، من الجواسيس والعملاء ، وجاءوا (بأسم الديمقراطية وحقوق الانسان ) تمكنوا من اختراق المنظومة القيمية الاجتماعية والاقتصادية ، من خلال دستورهم المسخ ، وتعميق الطائفية والإثنية ، واشاعة الفساد المالي والاداري ، مما أدى الى انتشار ظاهرة الكذب داخل المجتمع العراقي ، بحيث اصبح الكل يكذب ، والصادق أصبح شاذا داخل المجتمع. وفقدت الثقة بين الجميع ، حتى وصل الامر بالشعب العراقي ان يشككون بقادتهم الوطنيين وبمعتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم ، ووقع الشعب بتناقضات لا حصر لها ، حتى التناقض مع ذاته. حتى وصل الامر في بعض الأحيان ان يكفر بكل شيء من حوله حتى بمعتقداته.
ان عملية اختراق المنظومة القيمية والاجتماعية ، طالت ايضا القوى الوطنية وأحزابها ومنظماتها ، بحيث تسربت بعض هذه المفاهيم الى تصرفات البعض منها ، فالكذب والتضليل والنفاق والمحابات والمجاملات والتملق والطائفية والعشائرية والعنصرية ، كلها ممارسات ، يجب ان تكون بعيدة كل البعد عن تصرفات الوطنيين المجاهدين الذين يسعون الى تحرير العراق وشعبه من الطغمة الفاسدة الجاثمة على صدر الشعب العراقي العظيم.وعلى الجميع التشبث بمنظومة المجتمع القيمية التي كانت سائدة ، والتي تتميز بالصدق والامانة والشجاعة والكرم والدفاع عن العراق والابتعاد عن القيم والمفاهيم التي جلبها المحتلون معهم.
فمن يوهم من ومن يكذب على من ..؟ هذا السؤال الذي حير العالم ، وفتح أبوابا للنقاش والجدل ، وفتح باب الاختلاف والاجتهاد الذي أوصل العالم الى الانشقاق حتى وصل الاصطدام داخل الفصيل الواحد ، والجواب اصبح واضحا ، ان امريكا والصهيونية العالمية ومن يسير في فلكها ، من انتهازيين وحكام متآمرين ، وجبناء متخاذلين ، لا يخدعون الا أنفسهم ، والإمعان في الكذب لا يصدقه الا صاحبه. ويبقى معزولا عن الآخرين ، لان الشعوب لا توهم ، والشعوب الحية بالذات لا يستطيع كائن من كان ان يجعلها تصدق الاكاذيب ، الشعوب صاحبة الحضارات لا تخدع على الاطلاق.
ومهما حاولوا الإمعان في سياساتهم الرعناء ومهما استخدموا من أساليب وقوة لتغطية أكاذيبهم فسوف لن يتمكنوا من حجب نور الشمس ومن وصوله الى كل زاوية من زوايا العالم . هكذا هو منطق التأريخ منذ الازل … فإن حبل الكذب قصير….

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى