كثر في بلدي ،العراق، المراوغون ، والكذابون والدجالون ، والسفسطائيون ، وهؤلاء يشكلون نسبة ليست بالقليلة من مجتمعنا ، لكن جعجعتها كبيرة ، وهذا مما أفرزه الاحتلال وحكوماته المتعاقبة مع ظواهر اجتماعية سلبية سعت الى تدمير التماسك الاجتماعي للعراقيين قبل سنة ٢٠٠٣ ونجحت قوات الاحتلال وحكوماته المتعاقبة في تدمير الكثير من النسيج الاجتماعي للبلد ، مما أضعفه وجعله متهرئا ، بسبب إشاعة الطائفية المقيتة والعشائرية المنبوذة. وفجرت الكثير من الظواهر الاجتماعية المتوارثة ، والتي منها ، سرقة أموال الدولة والجريمة المنظمة ، وزواج المتعة ، وغيرها من الظواهر السلبية. واستشرى الفساد المالي والاداري ، والقتل على الهوية ، والى آخره من الظواهر التي طفت على السطح خلال هذه الحقبة منذ سنة ٢٠٠٣ وحتى يومنا هذا.
والاخطر من ذلك كله هو تغيير ديموغرافية العراق وتهجير أهالي المناطق ، التي وقفت ضد الاحتلال وقاتلت بشجاعة المحتلين. كما حدث في جرف الصخر وصلاح الدين والرمادي والموصل ، تم تدمير مدنهم وتهجير أهلها ومنعوا من العودة الى سكناهم حتى يومنا هذا ، فعلوا ذلك كله بذريعة تحرير هذه المدن من داعش ، بينما الهدف الحقيقي هو تدمير هذه المدن المقاومة للاحتلال وتهجير أهلها ليحل محلهم غرباء على البلد من ايرانيين وأفغان وباكستان وغيرهم.
هذه كانت المراوغة الكبرى ، التي أستخدمها المراوغون والكذابون والدجالون ، الذين يحكمون البلد ومن يتبعهم.
فالمراوغون ، يعرفون الحقيقة ، كما هي ، ولا ينطقون بها ، ويتبنون ما يخالفها. والمراوغ هو كل من يصد عن الحق ويجادل فيه بغير علم ، ولو كان يريد الحق اخضع له وتبناه.
والمراوغ يخاصمك بالباطل ويتجنب قول الحقيقة.
فهؤلاء المراوغون يجيدون فن الكذب والدجل واستخدام الأساطير والخرافات والروايات التأريخية ، ويستخدمون الدين والمذاهب لتحقيق أهدافهم. وهؤلاء لم يتمكنوا من العيش إلا في وسط متخلف بائس يعيش الحرمان والجوع والفقر ، وبالأخص المجتمعات المتمسكة بالدِّين والمذاهب. حتى يحققون ما يصبون اليه. فهم قادرون على التهرب والتخلص من أي موقف يحرجهم ، كونهم لا يملكون القدرة على النقاش العلمي ، ولكنهم ماهرون في مكرهم وخداعهم للبسطاء. وتلاعبهم بالالفاظ ، حتى يحققوا مبتغاهم. والمراوغين يتصفون بمواقفهم الزئبقية والملتوية ، بحيث لا تفهم منهم على موقف ثابت، لأنهم يهربون من مواجهة الواقع ، بالتسويف تارة وبالهروب تارة أخرى. وذلك كله من أجل تحدي الواقع وعدم الاستجابة الواعية لمتطلباته ، والوصول بالمجتمع الى حالة يريدونها هم.
ويتخلص المراوغون من المواقف المتأزمة نتيجة العجز عن تحديد أجراء معين حيال هذا الموقف او ذاك ، وفِي هذه الحالة تكون النتيجة مزيدا من التعقيد. وهنا يمكننا القول إن تحدي الواقع بالمراوغة لن ينتج عنه سوى الكثير من المشكلات والتعقيدات على المستويات جميعها.
فعلى سبيل المثال ، فإن ايران وملاليها لا يستطيعون مواجه الواقع إلا بالمراوغة والكذب والتضليل والدجل وغيرها من أساليب المراوغة والاستفادة من الوقت لكسب المعركة.
وهذا بفعل عملاؤها في العراق فهم يستخدمون أساليب المراوغة والمكر في مواجهة المشكلات المعقدة ، التي يعاني منها المجتمع العراقي،
فهم يراوغون ويمكرون ويكذبون وفِي الوقت نفسه يعرفون حق المعرفة أنهم عملاء لإيران ولا يحبون العراق ، ولكنهم يتهمون المقاومين والمناضلين والثوار وثورتهم الجبارة ، بأنهم عملاء وأرهابيون وغيرها من الاوصاف التي تنطبق عليهم ، وهم يعلمون ذلك تماما ويعلمون أنهم جاءوا على ظهر الدبابة الامريكية ، ولكنهم في الوقت نفسه يزعمون معاداة الأمريكان. وهم يسرقون ويفسدون ويقتلون ، وفِي الوقت نفسه ، يتهمون طرفا ثالثا بذلك.
وهكذا هم المراوغون ، وهذا ينطبق على الكثير من الأفراد والجماعات والأحزاب.
فهم جميعا يعرفون الحقيقة ويَصُدُّون عنها ولا يقولونها ، والساكت عن قول الحق شيطان أخرس.

782