تحاول وسائل الإعلام الايرانية المحسوبة على استخبارات الحرس الثوري زعمها رصد زيادة وتيرة نشاط مخابراتي اماراتي غير مسبوق في لبنان، وذلك في ظل وجود توجيهات امريكية واسرائيلية لدعم الامارات ،اما عبر اطار تعزيز نشاطها المباشر في لبنان ، او من خلال عرض تقدمت به الامارات لمحاولة التنسيق عبر بوابة اجهزة الامن السوري ، حيث ترمي من وراء كل ذلك الى محاولة احياءه مجددا في لبنان ، وهو ما تم التحفظ عليه من قبل الرئيس السوري بشار الاسد بعد ان تم عرضه عليه من جانب الشيخ محمد بن زايد . الخطوات الاماراتية المحمومة جاءت بهدف مواجهة النفوذ الإيراني ، ومحاولة سحب البساط من تحت طهران وحزب الله.
تؤكدّ وسائل الاعلام تلك على أن المخابرات الاماراتية تواصلت مع العديد من القيادات السياسية والامنية اللبنانية بشكل سري ، مشيرةً إلى أنّ هناك توجهات امنية اماراتية بزيادة نفوذها بشكل اوسع عما كان عليه سابقا ، والسعي في الوقت نفسه لإعادة تفعيل الدور السوري في لبنان بدعم إماراتي واضح لاسباب واهداف استخبارية واسعة .
كل هذه التطورات جاءت بالتزامن مع الزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات الاسبوع الماضي، حيث تشير وسائل الاعلام الايرانية إلى أن ابوظبي تسعى الى بناء تحالف مع الاجهزة الامنية السورية ، حيث قدمت عروض من ضمنها مساعدات مالية واقتصادية اثناء تلك الزيارة، والترغيب بإعادة شرعية سوريا في الجامعة العربية، ووالسعي لمحاولة تقريبها من الحاضنة العربية، واحياء دورها في المنطقة، خاصة في لبنان، في محاولة اماراتية لملء الفراغ السياسي الذي تركته الرياض بعد الاطاحة بسعد الحريري .
وفق ما طرحته وسائل الاعلام الايرانية في تحليلاتها تسعى الامارات الى توغُّل مخابراتها في شمال لبنان، وطرابلس وعكار، وذلك بسبب التلاصق الجغرافي لتلك المناطق، ووفق هذا المخطط تم الاستعانة بضباط مخابرات لبنانيين وحتى سوريين حاليين وسابقين، خاصة اللذين يعرفون جيداً هذه المناطق ، ومحاولة احداث اختراقات لتجنيد شخصيات سياسية واقتصادية وحتى فنية
واضافت أنّ المخابرات الاماراتية تقوم بالتواصل مع جهات ورموز مختلفة ، وتتحرك في اتجاهين: الأول يتمثل في أوساط العلويين في طرابلس والنافذين فيها، والثاني هم الطائفة السنية هناك، حيث تم ترتيب لقاءات مع الجهات الامنية الاماراتية في فرنسا وقبرص واليونان ومصر .
واضافت تسريبات وسائل الاعلام الايرانية أنّ الإمارات فتحت أبواب الدعم السياسي والمالي لمثل هذه النخب السياسية ، واستقطبت اعلاميين ومحللين سياسين ، حيث باتوا يتقاضون رواتب شهرية وامتيازات مغرية اخرى ، وكثيراً ما بات يظهر الكثير منهم على القنوات الإعلامية التابعة للإمارات وغيرها للترويج لسياساتها والدفاع عن مصالحها .
وفق التصور الايراني فان الدور الاستخباراتي الاماراتي ، بات يرصد ايضا عن كثب المرشحين اللبنانيين الموالين لايران ، ويرصد ويطلب من عملائه بعمل تقارير دورية حول المعارك الدائرة لاختيارهم، ويراقب باهتمام بالغ بصفة خاصة الدوائر الانتخابية في المناطق السنية الساخنة مثل طرابلس وبعلبك والهرمل.
وفي هذا السياق ترى التسريبات الايرانية بأنّ هناك مساعي اماراتية لمحاولة تغيير الأمر الواقع الذي فرضه حزب الله في لبنان، عبر
تقوية الدور الاماراتي اولا والخليجي ثانيا والسوري مستقبلا في لبنان الذي سيعمل بدوره على التقليل من الأدوار التي يقوم بها حزب الله ومحاولة السيطرة على الأحزاب السياسية في لبنان، مشيراً إلى أنّ الإمارات لها اليد الطولى في هذا الأمر.
الامارات وفق الرؤية الايرانية باتت تحاول بشتى الطرق وعبر ابتداع اليات واستراتيجيات مختلفة سد النقص السياسي الذي ستتركه السعودية في لبنان، للتخفيف من السطوة الإيرانية على لبنان ،وسحب البساط من تحت إيران وحزب الله، في الوقت الذي لم تدرك فيه ابوظبي ان سوريا هي الحليف استراتيجي الاول لايران .
ما تخشاه طهران فعليا هو ان الإمارات ما كان لها أن تلعب مثل هذا الدور وتستقبل الرئيس السوري بشار الأسد في زيارته إلى الإمارات لولا وجود ضوء أخضر غربي، وخاصة من الولايات المتحدة،واسرائيل ، مما يعكس محاولة ابوظبي إحداث تقارب سوري-لبناني مستغلة حاجة النظام السوري حالياً إلى الدعم السياسي والاقتصادي.
إضافة إلى أنّ الدول العربية وبالذات الخليجية ومصر والاردن لا تمانع من أن تلعب الإمارات دوراً اقتصادياً وسياسياً في سوريا ولبنان باعتبار أنّ هذا يعد تخفيفاً للأعباء المترتبة عليها في سوريا ولبنان، ومن شأن ذلك الحد من نفوذ ايران و “حزب الله” في لبنان.
الثابت ان طهران تتحسب من الزيارة التي قام بها بشار الأسد إلى الإمارات سيكون لها أبعاداً سياسية-اقتصادية-
امنية ، و أنّ الإمارات تسعى إلى أن تلعب أدواراً سياسية أكبر باعتبارها أكثر براغماتية وذكاءا من الطرف السعودي، كما أنّ التحركات السياسية الإماراتية تسير بشكل متسارع الخطى وقد سبقت بخطوات التحركات السعودية، خاصة في ظل تطبيع سياسي وعسكري واستخباري مع اسرائيل سيؤثر سلبا على طهران ،وبالتالي فإنّ أبوظبي تسعى إلى أن تستغل الوضع في سوريا ولبنان لكسب وتمرير بعض السياسات الخطيرة ، خاصة ان الإمارات تسعى إلى الخروج من اليمن، حيث يمكن أن يشكل التقارب مع سوريا أحد الاستراتيجيات البديلة المهمة ، بعد أن لوحت بورقة المساهمة في إعادة إعمار سوريا ، والسعي إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في لبنان، بحيث تشكل بديلا عن السعودية ،ويكون لها دور أكبر، لكن في المقابل هل ستكون قادرة على أن تقوم بهذا الدور ، وهو ما سوف تسعى طهران لاحباطه مع حلفائها نظرا لخطورة هذا المشروع على المصالح الإيرانية وعلى حلفائها ومشروعها الاقليمي .