ايران والصدر واسقاط البرلمان

استمر انصار مقتدى الصدر – الذين طالبوا بالتراجع عن ترشيح محمد شياع السوداني لتولي منصب رئيس وزراء العراق المدعوم من “الإطار التنسيقي” ، بعد أن اجتاحوا المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، وانتقلوا الى الاعتصام الى خارج ساحة البرلمان ، ولازالوا يهتفوا بشعارات مناهضة للإطار التنسيقي وإيران.
ترى طهران أن هناك فرقاً كبيراً بين اقتحام البرلمان ومهاجة ايران وانتقادها اللاذع بهذا الشكل ، وعدم تدخل الجهات الأمنية التي يفهم من خلالها انها تشجع على ذلك .
وفي مثل هذه الحالة، وحسب الرؤية الايرانية ، فإن ّ مواجهة الصدريين والإطار التنسيقي ستنتقل من مرحلة الاحتجاج على ترشيح السوداني إلى مرحلة ليس فقط تعطيل البرلمان ،بل ستطال عملية تشكيل الحكومة ، بغرض شل الحياة السياسية في العراق ، حيث تكمن أهمية هذه النقطة في أنه من المقرر أن يختار البرلمان العراقي في الجلسة المقبلة رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، باتفاق الكرد والسنة والشيعة ، وهذا ما لا تتوقع طهران حدوثه .
بالنظر إلى هذه التطورات ،فأن ايران باتت تتحسب من ان يكون هناك إمكانية لازدياد الصراعات السياسية والفوضى في الشوارع خلال الايام والاسابيع القليلة القادمة ، والأهم من ذلك تعميم وتوسيع الاحتجاجات ، مرجحة وصولها إلى إقليم كردستان عاجلاً أم آجلاً.
وحاولت بعض وسائل الإعلام المحافظة الربط بين إيران ووجود قائد فيلق القدس إسماعيل قآني بتحركات وأعمال شغب للتيار الصدري، لكنها قوبلت برد فعل يدين ذلك من بعض الشخصيات السياسية العراقية، لكنها ليست على المستوى المطلوب .
تربط بعض وسائل الاعلام الايرانية مسألة مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء قد تم بالتوافق مع إيران ، مثلما يوجد في العراق قوى تفتخر بعلاقاتها مع دول أخرى مثل تركيا ودول الخليج ، لاسيما السعودية والامارات وقطر وغيرها، لكن “بعض هذه العلاقات يصب في مصلحة العراق، وبعضها يتعدى المصالح الوطنية ، بل يضر بمصلحة الدولة والامن هناك . لذلك ترى طهران ضرورة تقييم العلاقات بين بغداد وهذه الدول من جانب الحكومة العراقية القادمة ، وايلاء ذلك اهمية كبيرة .
ولكن السؤال المهم والمحوري الذي باتت تركز عليه طهران وهو ، هل كان للاحتجاجات العراقية الأخيرة علاقة بزيارة إسماعيل قاآني للعراق، وهل هناك من يفتعلها ويدفع باتجاهها
رجح الاعلام الايراني انه قد يكون هناك علاقة لهذه الزيارة ، ووجود اطراف خارجية تسعى لتوتير الاجواء والدفع باتجاه اثارة هذه الاحتجاجات ، على الرغم من إنّ اسماعيل قآني يجعل أحياناً رحلاته علنية وأحياناً سرية لأسباب أمنية؛ الا ان هناك من يسرب من الاجهزة الامنية العراقية معلومات حول قدوم قائد فياق القدس لبعض القوى السياسية التي تتعمد تأجيج التظاهرات تزامنا مع هذه الزيارة بهدف افشالها .
تعتقد طهران انه وعلى الرغم من كل ما تقوم به من جهود للتهدئه ورأب الصدع ، يبدو أن التيار الصدري مصرّ على الإجراءات لتصعيدية التي اتخذها ، وكذلك الاستمرار في توظيف طقس صلاة الجمعة للتعبئة ضد ايران والاطار التنسيقي، و محاولة توظيف بعض القنوات الخليجية المغرضة إثارة الجدل السياسي –و الإعلامي عن التسريب الصوتي المنسوب لرئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، ويبدو أنّ الصدر يسعى إلى خلق أزمة سياسية واجتماعية واسعة النطاق على مستوى العراق، والتي يمكن أن تخلق مستقبلاً مريبا وقاتما لهذا البلد، وهو ما لن يكون لصالح العراق وشعبه .
تجزم ايران بأنّ زعيم التيار الصدري سيواصل أعماله التخريبية حتى يحقق اهدافه في حل البرلمان ، لكن لايمكن في النهاية ضمان حدوث ذلك وتحقيقه .
المرجح ان تدفع طهران اقلها خلاياها الشبحية ربما للقيام بعمليات تخريب قد تطال تفجير داخل مواكب المحتجين خصوصا اثناء صلاة الجمعة ،لاثناء الصدر وتياره الاستمرار في التظاهر ، خاصة بعد توقع اجهزة الامن والاستخبارات الايرانية دخول داعش والقاعدة على خط الازمة العراقية ، وهذا اقل ما يمكن ان تتوسل به ايران قريبا .

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى