ايران وفرضية استهداف المالكي

تسريبات نوري المالكي التي تم نشرها، بدأت الكثير من التساؤلاتٍ واللغط ، لكنها أيضاً تقدم الكثير من الإجابات، خاصة عند حديث المالكي عن الاستعداد للحرب وتصفية الحسابات ، مشفوعا برؤية حول عدم رضى المالكي التام عن خيارات إيران في العراق، كقوله إن إيران “دعمت مقتدى الصدر من أجل جعله نسخة ثانية من حسن نصر الله”، أو نعته الحشد الشعبي بأنه “أمة الجبناء”، مع أنه يسبق هذا الوصف باعتراف المالكي بأنه أراد جعل الحشد الشعبي “مشابهاً لنسخة الحرس الثوري الإيراني ” الفرع العراقي “. وبالمقابل تعليق إيران بالتحليل على ليس فقط ما يمسّها على الأقل في التسريبات، خاصة مع غياب قاسم سليماني الذي كان يضبط إيقاع باتقان لعبة اخضاع “البيت الشيعي” .
لا شك بان التطورات في العراق يجب ان تاتي في نهاية المطاف بنتيجة لمصلحة طهران. خاصة ان تبنّي إعلان الحرب على مقتدى الصدر وأتباعه سيكون انتحاراً لمشروع إيران في العراق والكرادور الذي تسعى لاستمراره ، وضمان عدم تقطيع اوصاله في المنطقة.
أما موضوع الحفاظ على نوري المالكي ودوره وحياته ، فهو بالنسبة إلى ايران مصلحة حيوية مهمة ، في ظل تسابق قيادات الاطار التنسيقي عمّن ينافس على لقب الرجل الإيراني الأول في العراق ، والتي مازالت ترزح تحت سطوة حكم نظام الملالي . أما والحال كذلك، فلربما كان الحل الأمثل بالنسبة للاعلام الايراني ، قد تراوح بين رأيين ، الاول : نفى صحة هذه التسريبات، تماماً كما فعل نوري المالكي وزبانيته .
التوجه الثاني في الاعلام الايراني تحسب من تداعيات التسريبات الصوتية لرئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي، التي يهاجم فيها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وخشيته من انفجار الشارع، في ظل الانقسام السياسي والفراغ الدستوري الحاد ، خاصة مع تأخر تسمية رئيس وزراء جديد يتم التوافق عليه على الرغم من اقتراح محمد السوداني رئيسا للوزراء .وفي هذا السياق، طالب الاعلام الايراني بضرورة تحرك ايران دبلوماسيا للتهدئة اما عبر سفيرها في بغداد محمد كاظم آل صادق،الذي يرتبط بعلاقات جيدة مع شخصيات محسوبة على كل اطياف اللون السياسي ، لاحتواء أزمة اثر التسريبات وتداعياتها المحتملة حتى وان تطلب الامر اقتراح على نوري المالكي الانتقال، مؤقتاً، للاقامة في طهران، لتهدئة أنصار التيار الصدري الغاضبين من التسريبات التي تضمنت «تهديداً بتصفية الصدر في مواجهة مسلحة
سيقودها المالكي بنفسه بعد تعهده بتسليح العشائر العراقية »، وحتى يتحقق ذلك اكدت بعض وسائل الاعلام الايرانية على ضرورة تعزيز المالكي لعناصر حمايته، خشية من احتمال تعرضه للاغتيال على يد أطراف مندسة مدعومة من اجهزة استخبارات خارجية مغرضة قد تستغل التوتر الحاد بين التيار الصدري واحزاب الاطار التنسيقي المحسوبة على ايران .
بموزاة ذلك تضمنت الرؤية الايرانية ضرورة بذل طهران جهودا لرأب الصدع عبر ترتيب لقاء يجمع الصدر بالمالكي بالعاصمة طهران او في مدينة قم .المرجح استمرار طهران بمساعيها نحو التهدئة، وربما دخول الحرس الثوري واجهزة الاستخبارات بثقلها بتوجيه مباشر من المرشد خامنئي بهدف نزع فتيل اية مواجهة قد تضر بالمصالح الحيوية والاستراتيجية للدولة الايرانية على اثر احتمالية اندلاع ازمة سياسية وامنية على خلفية قضية تسريب التسجيلات الخاصة بنوري المالكي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى