بالحوار نخترق حائط الصد الأول

ربما لا يختلف اثنان على أن حال الأمة وجوارها بعد 18 عاما على حرب العراق لم تسعد وتستقر، وما يجري في اليمن ولبنان والعراق والسودان وسوريا وتونس الدليل، ما يستوجب من قوى الاعتدال العربي البحث عن الحلول الواقعية لتجنب المزيد من الفوضى وحال الانقسام التي تشهدها بلدانهم من فرط اختلاف الرؤى والمشتركات لحل أزماتها وتغليب لغة العقل والحكمة على سواها.

وأدى حال الانقسام والتشظي إلى بروز التطرف كلاعب جديد في مسار الأحداث بالمنطقة عجزت القوى الكبرى عن درء أخطاره في دولها، ناهيك عن انفتاح شهية قوى خارجية بالتدخل بمصائر دول المنطقة. هذا الواقع الجديد أدى إلى استقطاب طائفي مخيف أعاد تشكيل المشهد السياسي من جديد طبقا لنزعة وإملاءات الخارج، واستخدام اللاعبين المحليين كأدوات في تنفيذ أهدافه التي أثبتت التجربة أنه يتقاطع مع تطلعات الشعوب في رؤية أوطانهم آمنة ومستقرة وموحدة وغير متورطة في حال الاستقطاب الطائفي، وهذا الواقع هو مناسبة وفرصة لأصحاب الحكمة والعقل للبحث عن مخارج توافقية لاختراق الانسداد السياسي الذي بات يقلق الجميع؛ لأن ما يجري في بلدانهم وجوارها والأخطار التي تهددهم كفيلة بمساعدتهم وتشجيعهم على تغليب لغة العقل على سواها من الخيارات الأخرى من خلال البحث عن حلول بديلة عن الحلول الخشبية التي لم تؤدِّ إلى نتائج ملموسة وواقعية.

مقالات ذات صلة

وتمخض الحراك الشعبي العربي عن سقوط أنظمة وجدران سياسية مستحكمة، فشل اللاعبون الكبار في المهمة الذين حولوا المنطقة إلى ساحة للصراع والنفوذ بتدخلاتهم التي حملت دول المنطقة أثقالا لا تستطيع تحملها.

لقد آن الأوان للقوى المؤثرة في مسار الأحداث المحلية والإقليمية أن تدرك أن مصالحها ومستقبل تعايشها السلمي يستدعي الانفتاح على بعضها البعض، والبحث عن مشتركات ومخارج سياسية تزيل هاجس الخوف، وتعزز أجواء الثقة بين مكوِّناتها وتحترم خياراتها المستقلة، وتفتح باب الحوار البنَّاء لحل مشاكل المنطقة ووقف اندفاعها إلى المجهول. فالحوار البنَّاء يهدئ النفوس ويطفئ لهيب النار المستعرة، ويفتح الباب أمام تفاهمات عادلة وواقعية بعيدا عن إملاءات ومصالح الدول التي ساهمت في حال الانقسام السياسي والاحتراب الطائفي الذي يعاني منه الجميع.

إذًا الحلول المرجوة من حوار أطراف ودول الاعتدال العربي من شأنها أن تحافظ على استقرار المنطقة إذا توافرت الإرادة السياسية المستندة إلى المصالح المشتركة والحاجة لحلول توافقية. فمن دون التوافق والحلول الوسط والحوار البنَّاء فإن المنطقة ستبقى أسيرة الإملاءات الخارجية، ومرهونة بخيارات أدت إلى وضع جميع الأطراف المؤثرة بمصير المنطقة عموما أمام خيارات وتحديات خطيرة لن تكون الغلبة فيها لأحد إلا لقوى التعصب والتطرف الأعمى.

ونخلص إلى القول إن ما يجري في اليمن وسوريا والعراق ولبنان تونس والسودان يحتاج إلى رافعة قومية تخترق حائط الصد الأول برؤية تساعد الساعين للحوار، وتعيد الثقة بين بلدانها لمواجهة الأسوأ، وتشغيل محركات العمل العربي باتجاه بلورة موقف عربي موحد لحل أزمات المنطقة، وإبعاد خطر اتساع نيرانها باتجاه دول أخرى.

احمد صبري

a_ahmed213@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى