من أكبر وأخطر آفات المجتمع التي تهدد مستقبله وتطوره، هو التصحر الثقافي، إذ يجعله في غيبوبة فكرية، وفقدانه للوعي، وأمية مطبقة، دون شعوره أو إحساسه لما يجري حوله من متغيرات سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية، في الحياة.
أما الثقافة فهي عامل مهم ودلالة واضحة على مدى تقدم المجتمع وتفهمه للحياة ومتطلباتها، ومؤشر عملي لتأثيرها الواسع في التوعية المجتمعية، والسعي لمواكبة التطورات بالعقل والفكر، وعاملاً أساسياً وحيوياً للبناء والتنمية، كمظهر إجتماعي وعملية لا غنىٰ عنها لإستمرار الحياة.
والثقافة رسالة لأية أمة ورمز هويتها وقوتها وعدتها وعتادها حاضرها وماضيها، وهي أحد المعايير المهمة التي تؤشر لنجاح وحيوية السلطة، لتتساوق مع ثقافات و مجتمعات دول متقدمة ومتحضرة، وتعمل علىٰ صياغة مجتمع ناضج معرفياً وحيوي سلوكياً، يركن للعقل والبحث والتغيير والتقدم، بوسائل أكثر نضوجاً لأن الثقافة هي التقدم الحقيقي والمسار الصحيح لتحقيق تنمية مستدامة كونها من أُسس التقدم لإزاحة الظلام وأُطره المتخلفة ، وضد سيطرة الفساد الذي تسعىٰ إليه السلطة الفاشلة، لأن الثقافة والسلطة الفاشلة التي لاتقيم وزناً للوعي الأجتماعي عاملان يهدد آحدهما الآخر. كما في العراق بعد الاحتلال الامريكي والفارسي، إذ دائما ما تحاول السلطة من إضطهاد المفكرين والمثقفين والباحثين الحقيقين، وأبعادهم من تقديم مشاريع وأفكار وبرامج وخطط أكثر نجاحاً لتعميم مفاهيم الجهل والأمية ، وتعمية وعي الشعب، وأبعاده عن الثقافة، ومحاولة نشر مفاهيمها الهابطة، كدولة فاشلة للتغطية على فشلها.
إن مشكلة السلطة الفاشلة الجاهلة مع الثقافة والمثقفين هي لإستئثارها بالسلطة دون مشاركة أو معارضة حقيقية لها، لإبعاد كل المثقفين وأفكارهم التي تقف إلى جانب تنمية الوعي الأجتماعي الإنساني، وضد سيطرة الظلام والإستبداد، وهذا ما نراه اليوم في عراقنا الحبيب ، الذي كان مهد الحضارات والثقافة والإنسانية، بأن السلطة وقراراتها تصل إلىٰ درجة التوحش الثقافي بوسائل وممارسات هابطة تشجع الأمية والجهل ، وكبح كل الوسائل الثقافية التنموية، لأنها تشكل خطراً واسعاً علىٰ إستمرارها في الحكم
571