صدر للأديبة والكاتبة العراقية ميسون عوني، كتابها الجديد المعنون (جبران يلتقي طيفاً ومع مي يتجدد اللقاء) هو الإصدار الثالث لها بعد كتابها الأول: أبو العلاء يلتقي طيفاً، والآخر: محمود درويش يلتقي طيفاً.
لغة الكتاب هو نهج جديد ابتكرته السيدة عوني، كما في كتابيها السابقين في محاكاتها الخيالية لشخصيات أدبية مرموقة في عالمنا العربي من خلال طيفها الإبداعي بسردية سلسة ومشوّقة، معتمدة على أحداث واقعية على الرغم من بُعد المسافات وفارق الزمن بينها وبين أبطال مؤلفاتها.
قدّم الكتاب الدكتورة بسمة أحمد صدقي الدجاني، أستاذة اللغة العربية في الجامعة الأردنية، فعبّرت عن إعجابها قائلة: (ويأتي الكتاب الثالث ليرتقي بالقرّاء إلى مدارٍ عالٍ في فترةٍ صعبةٍ مِن حَياةِ البشريّة مع ما فرضته علينا جائحة وباء كورونا المُتجدّد، فنُقَدِّرُ أكثر وأكثر حجمَ مُعاناةِ جُبران في هِجرتِه المُبكّرة وفقدانه لأمّه وما مرّ به في حياته ومرضه وعدم تمكّنه مِن الوصول لمصر للقاء المحبوبة. ونعمل بِوَصيّة ميّ زيادة فنُنصفها ونستخرج مِن كتاباتها ما فيها مِن روحِ الإخلاص والصدق والإقبال على كلّ شيءٍ حسن وصالح وجميل، بعد ما ابتليت به مِن تجارب قاسيةٍ وعايشته مِن ظروفٍ مؤلمة بعد فقدانها أحبّتها مِن الأهل والأصدقاء).
أما المؤلفة فتساءلت مع نفسها في تمهيده الكتاب: هل سيقدر الطّيف على الغوص في ألمعيّة هذا الثنائي المُدهش، وخطف الجواهر الكامنة في بُحور هاتين الشخصيّتين وتوضيحها، وترجمة عذاباتها وأحزانها، ليجلو أصالة كلًّ منهما وعمقه، وليُحلّق الطّيف مع الأجنحة الزرقاء ليستقرّا في عشّ الحُبّ والإبداع؟
واستطردت أيضاً في مقدمتها قائلة: إنّ ميّ وجبران هما خير الوصف لهذا الفتح الإنسانيّ النبيل، الذي لا يُحدّده الزمان والمكان. والهجرة عن الوطن لها أوصاف وأركان، فإمّا تُضعف العزم والإرادة وتُشتّت النفس وتشتعل روحها هادئة صابرة، أو تُقيّم حياة جديدة تحفّها قوّة التصميم، وتشدّ مِن أزرها المَواهب الفطريّة المُبدعة لتبني كَيانًا جدّيدًا بوثاق القلب ولَهفة الروح.
وتوضح السيدة ميسون كذلك، محاولات الطّيف بيان حياة كلٍّ منهما ولقاءهما على ورق الوردّ، الذي أصبحَ عنوانًا لقصّة فريدة، سُطِرت لكي تبقى ذكرى لحبٍّ عزَّ فيه اللقاء الجسدي وسما فيه اللقاء الروحي بأجمل معانيه، بِحُروفٍ مُبْهرة تكشف لنا سرّ الحكمة الإلهيّة بسعادة الإنسان أو شقائه بلقاء أو فراق.
وفي نهاية هذه الرحلة الخلّابة مع مي وجبران؛ لم يبقَ للطّيف إلا أن يَطْوِي أوراقه، مودعًا أيامًا تذوّق رَشْفةً من حلاوتها، وتجرّع فيها مرارة أشدُ من طعم العلقم، أخذت منه ومن صموده، وشعرَ أحيانًا بأنه في مهب ريحٍ عاتية لا يقدر على صدها أو حتى احتمالها، رحلة تَكَشَّفَ له فيها بأن ظلم البشر أشدُ عَتَمَةً من الظلم نفسه، وأعتى من جبروت الطغاة وأطماعهم، لا يحول وازع دون تحقيقها، حتى وإن كانَ الثمن باهضًا.
الكتاب يحتوي على 284 صفحة من القطع الكبير، أصدرته في بغداد وأشرفت على طباعته الأنيقة (دار الذاكرة للنشر والتوزيع) مع مجموعات أخرى من إصداراتها الحديثة.