جولة بايدن والتحالف لمواجهة إيران

تناولت الصحف الايرانية الصادرة اليوم وأمس بشكل موسع الزيارة التي يجريها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة ، حيث حاولت بالرصد والتحليل تناول هذه الزيارة على ضوء احتمالية انعكاسها على إيران في ظل الحديث عن تشكيل ناتو اقليمي لمواجهة إيران ومشروعها التدميري في المنطقة . 

الصحف المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني اتهمت الرئيس بايدن بأنه “تدونالد ترامب بحلة جديدة ” حيث لايوجد تغيير في الخطط والسياسات الاميركية تجاه إيران ، معتبرة أن هذه الزيارة للمنطقة تشكل بداية لمرحلة خطيرة وتصعيدية ضد الأمن القومي الإيراني برمته ،وأنها ستشكل بداية لاصطفاف أميركي إسرائيلي مع دول المنطقة مستهدفة إيران ، إضافة إلى أن واشنطن تريد دعما عربيا لموقف أميركا من الحرب الاوكرانية مقابل دعم التحالف العسكري والاستخباري ضد إيران والعودة إلى الاستراتيجية التي كانت قائمة في عهد ترامب .

مقالات ذات صلة

عمليا يعتبر  الاعلام الايراني أن استئناف المفاوضات النووية والاقتراب من احياء الاتفاق النووي هو أفضل الحلول لاخماد  نيران المؤامرة الملتهبة تحت رماد زيارة بايدن للمنطقة .

المرجح أن الرئيس الأميركي”بايدن ” يبحث عن تحالف عربي بات يعرف ضمناً “الناتو العربي “لمواجهة إيران ومشروعها التخريبي في المنطقة، ووفقًا لما يتم تداوله ، فإن التحالف سيضم ست دول خليجية، وكذلك الأردن ومصر، والهدف من انشاء هذا التحالف هو التعاون بين هذه الدول في مجال التدريب العسكري والصاروخي، والتعاون لمكافحة الارهاب  ، ومواجهة المشروع الإيراني في المنطقة .

بدأ الحديث عن ائتلاف “الناتو” العربي ، في العام الماضي في قمة زعماء الدول لدول الاسلامية في الرياض في ابريل 2107 حيث كان الرئيس الامريكي “ترامب” مشاركا ، ثم تم طرح الفكرة ، ويتردد أن المملكة العربية السعودية هي صاحبة المبادرة ، حيث قدمت فكرة التحالف الأمني ​​الإقليمي أثناء الاجتماع مع “دونالد ترامب. 

لكن في ذلك الوقت كانت الخطة أكبر بكثير، حيث حضر 43 من قادة الدول الإسلامية ذلك الاجتماع ، وكان تشكيل مثل هذا التحالف بشكل أوسع، وكانت إحدى أبرز مهامه كانت مواجهة التدخل الإيراني في المنطقة، لكن هدفه الرئيسي كان محاربة الإرهاب، المتمثل بداعش والقاعدة وأخواتها الناشطة من خلال الأزمات الإقليمية ، لا سيما في سوريا ، طبعاً دون التطرق للمليشيات الارهابية التي جهدت طهران في انشائها ،و السهر على دعمها بالمال والسلاح والرجال ، الآن نرى أن هذه الخطة أصبحت أصغر، وهي الآن تشمل دول الخليج والأردن ومصر ، ولكن يبدو أنه إذا تم تشكيل مثل هذا التحالف ، فإنه سيواجه مجموعة من العقبات ، فالأردن مشغول بمشاكله الاقتصادية الكبيرة، التي باتت تهدد إستقرار الدولة الأردنية برمتها ، دون خطة وطنية أو إقليمية أو دولية لانقاذه ، ومصر لديها مشاكلها هي الأخرى ، أما بالنسبة لدول الخليج، فمجلس التعاون الخليجي لم يعد له قيمة ، فالأزمة في العلاقات البينية الخليجية فيما يتعلق بتقييم الخطر الايراني ، وتبعات الانضمام إلى مثل هكذا تحالف ما زالت تراوح مكانها ، و هناك محور ضمني بين سلطنة عمان والكويت وقطر لا يشاطرون السعودية والإمارات العربية المتحدة ، رؤيتها في ذلك ، وهو ما تتحدث عنه إيران نفسها ، وتسعى لاحباط الفكرة قبل ولادتها بالصورة التي ترسمها واشنطن ، هذا عدا عن دور تركيا وباكستان ، ودور منظومة الدول المغاربية  التي تغط في سباتها الصيفي .  

وإجمالا ستحاول واشنطن وتل أبيب إيجاد صيغة تقارب من أجل ترجمة فكرة “الناتو العربي” الى حيز الوجود ، لكن السؤال المحوري هل أن إنشاء حلف الناتو العربي يمكن ان له أن يواجه المشروع الإيراني ؟ للاجابة عن هذا السؤال علينا الانتباه إلى جملة من القضايا ، أولاً دعونا نرى كيف سيتشكل هذا التحالف ، ومن هي الدول المنخرطة فيه ، وهل هناك أجندة واضحة ، والية واقعية لمواجهة إيران ، المنخرطة في الحريق الإقليمي على امتداد جغرافية الإقليم ، وتتجهز لاطلاق يد مخالبها ووكلائها للرد على تضيق واشنطن للخناق حول عنقها . الأمر الثاني : ما هو دور إسرائيل الساعية لتوحيد القدس ، وانتزاع اعتراف بأن الجولان أرض إسرائيلية ، والمندفعة في الاستيطان ، واصدار القوانين العنصرية كبهودية وقومية الدولة ، والساعية لدفن السلطة الفلسطينية ، التي باتت أشبه بالرجل ” المقعد ” الذي لم يعد يجد من يناصر قضيته ، في ظل حالة الفوضى والسيولة الإقليمية ، وإنشغال العالم بتبعات الازمة الأوكرانية وكورونا ، ومواجهة الانفلات الأميركي للسيطرة على التجارة ، وموارد الطاقة ، …. من يبرز التساؤل المهم حول مدى تقارب الدول العربية من اسرائيل لمواجهة المشروعالايراني ، وكلفة ذلك عليها . 

وهل سيكون هذا التقارب مع إسرائيل مؤقتاً أم دائماً ؟ خاصة أنه إذا تم تشكيل مثل هذا الناتو، فمن الممكن أن تؤيده اليوم إسرائيل ، وتتغاضى عنه في حال تحقيق أهدافه ، حتماً  سيبقى لدى إسرائيل الكثير من المخاوف ، ويجب أن نرى أي نوع من الضمانات يمكن أن تعطى لإسرائيل بأن مثل هذا التحالف لن يعرض إسرائيل للخطر في المستقبل. 

من المؤكد ادارة بايدن ستحاول اغراء دول المنطقة بهذه الفكرة ولا نعرف لاي درجة ستنجح في ذلك، ويبدو ان تسريب خبر إنشاء هذا التحالف والترويج له إسرائلياً في مثل هذه الظروف كان متعمدا ومتفقا عليه ولكن كما اشرت حتماً يوجد هناك ضمانات واضحة لإسرائيل التي كانت حليفة ايران قبل الثورة ،  وربما ستحاول مستقبلا  إعادة نسج هذه العلاقات ، وما توجيه رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق نتنياهو برسالة إلى الإيرانيين بأننا قادرون على حل مشاكلكم ، والقضاء على مشكلة الجفاف وشح المياه إلا أكبر دليل عن الدور المهم الذي تعول   تل أبيب فيه  على طهران ، واحتمالية التوافق الآن ومستقبلاً ، خاصة على وقع الضغط  لانشاء الناتو الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى