الأمين العام لحزب الله اللبناني “حسن نصر الله” يُطل مُجدداً ليلقي ليوجه تحذيرا لإسرائيل ويقول إن محور المقاومة لديه القدرة على الرد على الهجمات التي تشنها إسرائيل على سوريا. من لبنان ومن الضاحية الجنوبية تحديداً قال الأمين العام لحزب الله اللبناني “حسن نصر الله”، وعبر قناته قناة الميادين أن محور المقاومة لديه القدرة للرّد على الهجمات التي تشنها إسرائيل على قوات حزب الله في سوريا، حيث حذّر “حسن نصر الله”، إسرائيل من الغرق فيما تقوم به في سوريا كون أن هذا سيؤدي إلى إدخال المنطقة بأسرها في حرب شاملة ومفتوحة .
بموازاة ذلك أعلن الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي أنه بدأ عمليات عسكرية ضد المواقع العسكرية التابعة لقوات فيلق القدس الإيراني التابع للحرس الثوري الإيراني، في غضون ذلك أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية أن التواجد العسكري الإيراني في سوريا من الأهداف الدائمة ، ولكن هل من المحتمل أن يحدث هناك اشتباك عسكري بين حزب الله اللبناني وإسرائيل في المنطقة؟ المؤكد أن حزب الله يحاول أن يثبت أن لديه القدرة على مواجهة إسرائيل لجهة الحفاظ على موقعه في المنطقة.
جميع المؤشرات في هذه المرحلة تؤكد أن إيران وحزب الله لا يسعيان الآن للدخول في اشتباك عسكري مع إسرائيل لأنهما يدركان عواقب ذلك ، حيث أنهما لا يهدفان الآن لخوض هذه المرحلة من أي اشتباك عسكري مع إسرائيل إنما يهدفان لتثبيت مواقعهما على الأرض ، وتحقيق أكبر قدر من المكاسب عقب الانسحاب الأميركي المتدرج من سوريا ، إلى جانب الحفاظ على الكنز الاستراتيجي لهما ، وهو نظام “بشار الأسد”، في سوريا، حيث يمكنهما في الواقع الحفاظ على مكانهما في سوريا وبالتالي التوسع في هذه المكانة، والبناء عليها ، لذلك فإن احتمالية تغيير قواعد الاشتباك بين قوات حزب الله والقوات الإيرانية من قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري لشن هجوم صاروخي وجوي فإن هذه الاحتمالية ضئيلة جدا. إلى جانب ذلك أضاف الأمين العام في هذا الحوار التلفزيوني أن الحكومة السورية بمساعدة من قوات المقاومة يمكنها أن تقرر الرد على هذه الهجمات الإسرائيلية على سوريا وذلك من خلال اتباع نهج مختلف ، لكن ماذا يعني هذا الكلام؟
في الماضي كنا نرى أن حزب الله اللبناني كان يركز على اهداف تابعة لإسرائيل ومصالحها خارج حدود الدولة اللبنانية وفي مناطق مختلفة من العالم، وكان بعض هذه الأهداف أحيانا في الداخل الإسرائيلي من خلال توظيف المجموعات والفصائل الفلسطينية في الداخل لهذه المهمة ، كما أن هذه الأهداف كانت في بعض الأحيان في أوروبا وامريكا الجنوبية، لذلك فإن احتمالية توجيه هجمات ضد أهداف إسرائيلية في كافة أنحاء العالم موجودة، إلا أنه يبدو أن الأمين العام لحزب الله اللبناني قد أشار إلى تلك القدرة التي كان يمتلكها حزب الله في الماضي حيث كان الحزب آنذاك قادر على القيام بهذه الهجمات، لكن هناك تغيير في استراتيجية إيران وحزب الله من خلال سعي الحزب لتوجيه هجمات على أهداف إسرائيلية دون أن يتحمل لا حزب الله ولا الايرانيين أي مسؤولية مباشرة تنتج عن هذه الهجمات. وهو في الواقع يقصد إستهداف إسرائيل وأميركا الطامحة لتحجيم النفوذ الإيراني ومحاصرته .
فعلى سبيل المثال بدأت بعض التيارات والتنظيمات العراقية التي تدين بالولاء لإيران مثل الحشد الشعبي ، و بالذات عصائب أهل الحق وهو واحد من المجموعات العسكرية العراقية المقربة من إيران حيث قال هذا التيار قبل أسبوع إن لم يقدم البرلمان العراقي على إلغاء الاتفاق الأمني المبرم مع أمريكا فإنه سيشن هجمات على القوات الأمريكية، وقد أشادت وسائل الإعلام الإيراني على صدر صفحاتها بهذه التصريحات ، ولكن هل يمكن أن تكون هذه أحد أوراق الضغط لإيران وحزب الله لتغيير قواعد الاشتباك والتي لمح إليها حسن نصرالله ؟ | المؤكد أن إيران لديها نفوذ واسع النطاق على بعض المليشيات الشيعية في العراق، ناهيك عن أن الكثير من قادة هذه المليشيات قد قدموا من إيران، كما أن لديهم علاقة وطيدة مع إيران، أما الآن وقد أعلنت أمريكا أنها ستسحب قواتها من سوريا وتنقلها إلى العراق .
لذلك فالعراق في الإستراتيجية الأمريكية بات يتمتع بأهمية فائقة ، كأحد المرتكزات لمواجهة إيران ، ودفن فكرة ” الكردور الإيراني ” ، لذلك إذا ما أرادت إيران ان ترد، أو أراد فيلق القدس التابع للحرس الثوري أن يرد في الداخل العراقي فإن هذا ممكن من خلال هذه المليشيات المقربة من إيران حيث سيشكل ذلك أحد الأوراق التي توظفها إيران وحزب الله .
دعونا نربط هذه التطورات بما قاله جنرالات الجيش الإيراني ، فالجنرال “محمد باقري”، رئيس هيئة اركان الجيش الإيراني من أن القوات المسلحة الإيرانية ستعمل على اتخاذ آلية دفاعية جديدة ومبتكرة إذا ما اقتضت الحاجة للدفاع عن المصالح الإيرانية وأضاف “باقري” قائلا إن التغييرات التي طرأت في آلية المناورات العسكرية التي نفذها الجيش الإيراني في الخليج العربي وبحر عمان ومضيق هرمز قد تمت وفقا لهذه التغييرات، كما أكّد على أنّ هذه المناورات تهدف إلى الارتقاء بمستوى الجهوزية لدى القوات المسلحة الإيرانية ، ومن الممكن للقوات المسلحة الإيرانية أن تلجأ إلى تغييرات تكنيكية إن دعت الحاجة. في غضون ذلك قال قائد قوات المشاة في الجيش الإيراني أن آلية الدفاع المحورية قد تصدرت جدول اعمال القوات المسلحة الإيرانية ، حيث أشار أن لدى إيران إستراتيجيات ضخمة على مستوى الدولة، وهذه الإستراتيجيات تعنى بالحفاظ على استقلالية البلاد وكافة الأراضي الإيرانية والمصالح الإيرانية والشعب الإيراني، إلا أن هذه الاستراتيجيات على مستوى العمليات والمستوى التكنيكي لا تعني بالضرورة أنها إستراتيجيات دفاعية، فنحن لا نطمع لاحتلال أراضي دول أخرى بقدر استثمارها للدفاع عن إيران ، إلا أنه من الممكن أن تكون هناك آليات دفاعية للحفاظ على المصالح الوطنية، وهنا يقصد بالتحديد كيفية توظيف طهران للجغرافيا العراقية والسورية واللبنانية وحتى الافغانية لتصفية الحسابات مع الخصوم والمنافسين ، حيث كان الحديث يجري في السابق عن الدفاع لمواجهة العدو، أما الآن فقد تحول هذا الحديث إلى هجوم، وخارج الحدود الإيرانية ، فهل يعني ذلك حدوث تغييرات في الإستراتيجية الإيرانية العسكرية الاعلامية من خلال الحديث صراحة عن ذلك بشكل علني ؟.
المؤكد أن حديث جنرالات إيران يعني أن هناك تغييرات كيفية طرأت في الإستراتيجية العسكرية سواء كان هذا التغيير على صعيد المنطقة أو العالم، وهذا يعني أن هذه التغييرات تنم أكثر عن حالة عدائية هجومية باتت تعيشها طهران مع زيادة وتيرة استهداف قواتها ومصالحها في سوريا من جانب إسرائيل ، لكن ومن المفترض علينا التريث لنرى في ما إذا كانت إيران تمتلك هذه القدرة على المواجهة والتصعيد الآن ؟ وما مدى اعتماد إيران على دفع حلفائها ووكلائها لاستثمار استخدام السلاح الصاروخي على غرار السيناريو الحوثي بعد أن تحملت طهران خلال العقود الماضية مبالغ مالية باهظة لتطوير قدرتها وبرنامجها الصاروخي، على حساب التنمية والبناء؟ ، وعلاقاتها مع العالم الرافض فعلياً للسياسات الإيرانية العدوانية على الرغم من امتلاكها تقنية قديمة مقارنة مع التكنولوجيا المتطورة في الصناعات الصاروخية .
لكن ما معنى هذا السلوك الهجومي الذي تتحدث عنه إيران أو على الأقل قادة القوات المسلحة الإيرانية على وجه الدقة؟ فعلى ماذا يبنون حساباتهم؟ وعلى أي جزء من ترساناتهم الحربية يعلقون آمالهم؟سؤال بمنتهى الأهمية وهو سؤال مفتاحي ولكن يبقى هذا السؤال بدون إجابة في واقع الأمر؛ لأننا إن ألقينا نظرة فاحصة على مفردات القدرات العسكرية الإيرانية على شموليتها نجد أن هذه القدرات القتالية مقارنة مع دول الجوار مثل السعودية ودولة الإمارات العربية وإسرائيل من جهة أخرى إضافة إلى التواجد الأمريكي في المنطقة، تبدو ضئيلة جدا؛ لأن إيران من ناحية تكنولوجية تخضع للعقوبات الاقتصادية وحصار اقتصادي منذ عشرات السنين. وبالرغم من كل الادعاءات التي تطرح على الساحة حول المعدات الحربية التي تصنع في الداخل الإيراني بقدرات تكنولوجية متطورة حسب ادعاء ايران لا يعدو الأمر عن كونه بروبغندا ودعاية إعلامية تثير السخرية .
وعلاوة على تأكيد إيران على قدراتها الصاروخية فإنها تؤكد باستمرار بأن لديها قدرات قتالية غير متعارف عليها ، بهذا المعنى أنها تستطيع خوض حرب عصابات شرسة ضد الأعداء ومن خلال استثمار مداخل الأزمات الإقليمية ، المثير هو ما تروج له إيران في إعلامها ، والتي تؤشر فيها على وجود قدرات عسكرية هائلة لا تمتلكها أي دولة أخرى في العالم. وهذا الأمر بحد ذاته يطرح سؤال على غاية الأهمية وهو ما هي هذا القدرات العسكرية التي يتحدث عنها قادة إيران ؟ وهل تمتلك طهران القدرة على المواجهة ؟ المؤكد أن تبدو القدرات العسكرية الإيرانية اضعف من قدرات دول المنطقة إلى حد كبير. و باختصار فإن إيران نمر من ورق .