سلطت دراسة أعدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الضوء على أهداف وغايات الحراك الدبلوماسي المكثف للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تمثلت بزيارات وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون لمعظم دول المنطقة مطلع العام الجاري.
وبحسب الدراسة التي نشرت منتصف الاسبوع الجاري، فان رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس، أكد ان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعيش حالة فوضى، وليست لديها رؤية منسجمة ومتماسكة لما تريده في الشرق الأوسط، فمن ناحية، يتبع الرئيس غرائزه وحساباته الانتخابية، ومن ناحية أخرى، فإن المؤسسات المشرفة على حقول السياسة الخارجية والدفاع والأمن القومي تحاول كبح جماح تلك الغرائز والحسابات.
وأضاف أن “هذا لا يعني انعدام وجود نقاش أمريكي داخلي حول السياسة الخارجية الأمريكية في المجمل، وفي الشرق الأوسط تحديدا، لناحية الدور والتكلفة والمردود”، مبينا ان “قرارات ترامب لا تنطلق من أرضية فكرية واضحة ومتماسكة، بقدر ما تعبر عن حالة تخبط بالدرجة الأولى”.
واوضح أن حلفاء الولايات المتحدة وخصومها في العالم، وتحديدا في الشرق الأوسط، يجدون أنفسهم أمام معضلة فهم السياسة الخارجية لإدارة ترامب وتحديد الناطق باسم الولايات المتحدة رسميا اليوم، كما يغدو القلق بين الحلفاء الأمريكيين في المنطقة مشروعا من جراء ارتباك مواقف إدارة ترامب نفسها.
وأشارت الدراسة إلى ان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي، جون بولتون، قاموا مطلع العام 2019، بجولتين منفصلتين في منطقة الشرق الأوسط، شملتا تسع دول حليفة وذلك، في سياق مساعي كبار مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب لطمأنة الحلفاء الأمريكيين في الشرق الأوسط، بأن الولايات المتحدة الأميركية ليست في وارد الانسحاب من المنطقة وخلق فراغ فيها تملؤه إيران وتنظيمات متطرفة، كتنظيم داعش.
وبينت أن ” بومبيو وبولتون شددا خلال زياراتهم على التزام الولايات المتحدة بأمن حلفائها في المنطقة ومصالحهم، وأن إستراتيجية إدارة ترامب نحو الشرق الأوسط منسجمة ولا تعاني فوضى وتناقضات بين أقطابها، كما تؤكد مؤشرات كثيرة”.
وخلصت إلى ان أهداف الجولتين التي قام بهما كل من بومبيو وبولتون تتلخص في توضيح قرار الانسحاب من سوريا وتهيئة الظروف له، حيث أن الانسحاب بحسب بومبيو، هو عبارة عن “تغيير تكتيكي” في مهمة هذه القوات، ولا يحد من قدرة الولايات المتحدة على التصدي لإيران وداعش، إضافة إلى تعهد تركي بعدم الإضرار بالمقاتلين الكرد أو استهدافهم بعد الانسحاب الأمريكي.
والهدف الثاني هو طمأنة الحلفاء إلى صدقية الولايات المتحدة، فضلا عن العمل على تأسيس “التحالف الإستراتيجي للشرق الأوسط”، وهذا التحالف سيضم دول الخليج الست، إضافة إلى مصر والأردن وإسرائيل، ومرة أخرى، لم يخف بومبيو أن هدف هذا التحالف يتمثل في احتواء سياسات إيران ونشاطاتها ووكلائها في المنطقة، فضلا عن محاربة التيارات الجهادية المتطرفة.
وكان مراقبون أكدوا في وقت ساابق، ان ثقة حلفاء واشنطن في المنطقة بإدارة ترامب قد اهتزت، بعد أن أعلن، في 19 كانون الأول 2018، نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وأمر ببدء تنفيذ انسحاب كامل من هناك، إضافة إلى فوضى الموقف الأمريكي والضغوط على ترامب من كبار مسؤولي إدارته ومن الكونغرس والمؤسسة العسكرية.