
- نستبعد وقوع حرب عالمية ثالثة وحرب نووية بسبب الردع النووي
- الاهداف الروسية عدم توسع الناتو شرقا ، وقضم الاراضي الأوكرانية
- الصراع حول أوكرانيا سوف يطول ويشمل جوانب عدة
- لانستبعد وقوع سيناريو تقسيم أوكرانيا الى دويلات متصارعة
- المساعدات الامريكية ودول الناتو محدودة ولا ترتقي الى المشاركة الفاعلة
- دخول الولايات المتحدة وروسيا في أتون الحرب الباردة التي سوف تستمر طويلا
- الاسلوب المفضل للجانب الأوكراني في ظل التفوق الروسي هو اللجوء الى أساليب الحرب غير المتماثلة
- تخطط الولايات المتحدة واوربا لتحويل اوكرانيا الى أفغانستان ثانية
- العقوبات الاقتصادية والمالية على روسيا ستكون لها أثار مدمرة على الاقتصاد الروسي وكذلك العالمي.

تمهيد: اوكرانيا دولة مجاورة لروسيا وكلا الدولتين من دول الاتحاد السوفيتي السابق ، تقع شرق اوروبا تحدها روسيا من الشرق وبيلاروسيا من الشمال ، وبولندا وسلوفاكيا والمجر من الغرب ، ورومانيا ومولدوفا الى الجنوب الغربي والبحر الاسود وبحر ازوف الى الجنوب. مساحتها 603 كم2 وعدد السكان 44.13 مليون نسمة .
أثار طلب القيادة الاوكرانية للانظمام الى حلف الناتو ، القيادة الروسية، وعدته تهديدا للأمن القومي الروسي ، كما أن لروسيا اطماع بالاراضي الأوكرانية ، وتعدها أوكرانيا كيان مصطنع بعد الحرب العالمية الثانية أنشأته القيادة السوفيتية السابقة في حينه لأسباب جيوسياسية.
الأزمة الأوكرانية هي الاكبر في أوربا منذ الحرب العالمية الثانية ، وستكون لها أبعاد سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية ، وقد تستغرق تداعياتها وقتاً طويلاً، وسوف يستمر الصراع العسكري وأحتمالية تحوله الى حرب طويلة الامد ومقاومة شعبية أوكرانية ضد الاحتلال الروسي .
على الرغم من فرض العقوبات الاقتصادية والمالية من قبل الولايات المتحدة ودول الناتو ، الا ان مساعداتها بالجانب العسكري، تكاد ان تكون محدودة وأقتصرت على تقديم بعض الأسلحة التي شملت صواريخ مقاومة الطائرات نوع ستينغر و صواريخ ضد الدبابات من طراز جوفلون وكليهما ذو طبيعة دفاعية .
الموقف السياسي
– يصف الرئيس بوتين الأزمة، بأن ( الروس والاوكرانيين أمة واحدة ، وان انهيار الاتحاد السوفيتي 1991 كان تفكك لروسيا التاريخية، وان اوكرانيا الحديثة تم إنشاؤها من قبل روسيا الشيوعية وهي الان دولة دمية يسيطر عليها الغرب). واعلن قبل بدء العمليات ( أن روسيا لا تستطيع ان تشعر بالأمان والتطور بسبب ماوصفه بالتهديد المستمر من اوكرانيا الحديثة)
– الاهداف الروسية المعلنة والتي تبرر الغزو :
*منع انضمام اوكرانيا الى حلف الناتو والتوسع شرقا بحيث تصبح اسلحة الحلف الهجومية على حدود روسيا . وازالة القوات والبنية التحتية العسكرية من الدول الاعضاء التي انضمت الى الحلف منذ 1997 وهذا يعني اوروبا الوسطى واوربا الشرقية ودول البلطيق . اي يريد الرئيس الروسي ان يعود الناتو الى حدود ماقبل عام 1997
*اعتراف اوكرانيا بسيادة روسيا على جزيرة القرم التي احتلتها روسيا عام 2014
* تقديم ضمانات امنية غربية الى روسيا
*نزع السلاح وازالة (الطابع النازي) عن اوكرانيا
– الهدف الحقيقي: نعتقد ان الهدف من العملية الجارية هو تدمير القوات الاوكرانية وبنيتها التحتية ونزع سلاحها واحتلال المدن الرئيسية والموانئ بخاصة العاصمة كييف وفرض تغيير سياسي وابدال الحكومة الحالية بموالية لروسيا.
- – فرضت الولايات المتحدة ودول اوروبا ،عقوبات اقتصادية ومالية واعلامية ورياضية وشخصية على روسيا وبشكل غير مسبوق . وقالت امريكا إنها ستعزل الحكومة الروسية عن المؤسسات المالية الغربية وتستهدف النخب رفيعة المستوى بما فيها الرئيس الروسي ووزير خارجيته.
- أدانت الجمعية العامة للامم المتحدة الغزو الروسي لاوكرانيا باغلبية 141 دولة وطالبت روسيا بوقف القتال فورا وسحب القوات العسكرية .
- تدفق كبير للاجئين الاوكرانيين الى دول الجوار تجاوز المليون والنصف شخص.
- لا حل سياسي قريب للأزمة والمفاوضات الروسية الاوكرانية تجري تحت تهديد السلاح وتناقش الممرات الانسانية للاجئين.
- توجس من دول البلطيق واوربا الشرقية من الاطماع الروسية وتوسع العمليات.

الموقف العسكري
– الميزان العسكري الروسي الاوكراني يميل لصالح الجيش الروسي عدديا ومادياً حيث تمتلك روسيا 2,900,000 مليون جندي مقابل 1,100,000 مليون جندي اوكراني، وهناك تفوق روسي مادي واضح في حجم الدبابات والمدرعات والمدفعية والطائرات المقاتلة والسمتيات والحرب الالكترونية .
-وافقت اوكرانيا عام 1994 على التخلي عن ترسانتها النووية ووقعت على مذكرة في بودابست بشان الضمانات الامنية بشرط ان تصدر روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا ضمانا ضد اسنخدام القوة الذي يهدد الاستقلال السياسي لاوكرانيا.
- قامت القوات المسلحة الروسية بالسيطرة على شبه جزيرة القرم في اوائل 2014 ، وأجرت استفتاء ضمت شبه الجزيرة الى روسيا الاتحادية ، الامر الذي رفضته اوكرانيا وعدته تعدي على سيادتها.
- بدأ الصراع بتحشيد قوات روسية عديدها يقارب 200 الف جندي روسي في بلاروسيا والقرم بالقرب من الحدود الاوكرانية .
- خلال الحشد العسكري اصدرت روسيا مطالب للولايات المتحدة والناتو حيث تقدمت بمشروعي معاهدتين تضمنتا طلبات لما وصفته بالضمانات الامنية وعدم انضمام اوكرانيا الى منظمة حلف شمال الاطلسي وخفص قوات الناتو المتمركزة في اوربا الشرقية.
- اعتراف روسيا باستقلال المنطقتين الاوكرانيتين ، لوغانسك ودونيتسك، اللتين يسيطر عليهما انفصاليون مدعومين من روسيا ، ووقع الرئيس بوتين على اوامر اصدرها لقواته بتنفيذ مهام حفظ السلام في كلتا المنطقتين . وبذلك كان قد قرر تقسيم أوكرانيا.
– شروع القوات الروسية بالهجوم البري والجوي والبحري فجر يوم 24 شباط الماضي ، وشمل الهجوم البنية التحتية العسكرية الاوكرانية ووحدات حرس الحدود ، ثم اجتياز الدبابات والمدرعات الروسية ، الحدود بالقرب من خاركيف في الشمال ولوغانسك في الشرق وشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في الجنوب وكذلك من بلاروسيا، يتركز القتال والاشتباكات حول الشرق .
- حدثت الاشتباكات في ماريوبول الجنوبية وموانئ اوديسا وخاركيف وحول العاصمة كييف الهدف الاستراتيجي الخطير للقوات الروسية
- تشير الاقمار الصناعية الى وجود ارتال قوات روسية تتحشد حول العاصمة كييف
- بدأت الولايات المتحدة ودول الناتو بتقديم مساعدات عسكرية تتالف من الصواريخ مقاومة الطائرات نوع ستينغر وصواريخ مقاومة الدبابات نوع جافلون ومدافع هاون لايقاع الخسائر بين صفوف القوات الروسية المهاجمة. وهي اسلحة دفاعية.
- وعود من دول اوربا الشرقية ( بلغاريا وبولندا وسلوفاكيا ) بارسال 70 طائرة روسية الصنع من طراز ميغ 29- وسوخوي – 25 ، الا انها تحتاج بنية تحتية ملائمة.
- الرئيس الروسي أصدر أوامره الى وزارة الدفاع ورئيس هيئة الاركان بوضع قوات الردع النووي في حالة تأهب، هذه القوات مجهزة بصواريخ وقاذفات استراتيجية وغواصات وسفن وعلى الصعيد الدفاعي تتضمن درعا مضادة للصواريخ وانظمة مراقبة جوية ودفاعات مضادة للطائرات وللاقمار الصناعية
سير العمليات
بدأت العمليات بالساعة 0500 من فجر يوم 24 شباط / فبراير الماضي (بتوقيت اوكرانيا) بقصف صاروخي وجوي للمطارات ومقرات القيادة والسيطرة والاتصالات ، بما في ذلك مطار بوريسيل الدولي الرئيسي في العاصمة كييف. ثم توغلت القوات الروسية في الشمال الشرقي بالقرب من مدينة خاركيف (العاصمة القديمة) ، التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليون نسمة. وفي الشرق بالقرب من لوهانسك ، كما من بيلاروسيا المجاورة في الشمال.
القوات الروسية تستهدف تدمير البنية التحتية العسكرية من مطارات وقواعد ومنظومات الدفاع الجوي والرادارات باستخدام الصواريخ والقوة الجوية . وقصف بالصواريخ والمدفعية على المدن
ونزلت القوات الروسية في مدينتي اوديسا وماريوبول جنوب اوكرانيا.
أبرز المواقف:
. القوات الروسية تستولي على مدين خاركيف
. القوات الروسية تسيطر على بيرديانسك وميليتوبول
.أستولت القوات الروسية على خيرسون الجنوبية
.استهداف النيران الروسية لمحطة (زاباروجيا) الواقعة وسط اوكرانيا والاكبر في اوروبا ومن ثم السيطرة عليها.
. سيطرة القوات الروسية على خيرسون وهي مدينة ساحلية في جنوب أوكرانيا تقع عند مصب نهر دنيبر في البحر الاسود.
. القوات الروسية تحاصر مدينة ماريوبيل وتقصف المدن المحاصرة
.القوات الروسية توقف النار وتفتح ممرات إنسانية بمدن اوكرانية يوم 7 مارس
القوات الاوكرانية تقاوم تقدم القوات الروسية المهاجمة وتعرقل تقدمها واحتلالها المدن ومازالت القوة الجوية الاوكرانية تنفذ طلعات جوية على القوات المهاجمة، وبعد 12 يوما لم تحقق القوات الروسية اهدافها.
مازالت العمليات العسكرية والاشتباكات مستمرة على كل الجبهات المفتوحة وتتحشد القوات الروسية باتجاه العاصمة كييف

التحلــــــيل
- تشير معطيات الصراع الروسي الاوكراني بأبعاده السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، الى انه سيكون صراع طويل الامد وسوف تطول الحرب في صفحاتها الهجومية والدفاعية و من ثم الانتقال الى صفحة المقاومة .
- وضع سلاح الردع النووي الروسي تحت التأهب ، جاء بعد فقدان الرئيس الروسي اعصابه بسبب تشديد العقوبات الاقتصادية والمالية التي فاجأت القيادة الروسية وأثارها المدمرة على الاقتصاد الروسي ، وكذلك تبواطؤ العمليات العسكرية.
- استهداف القوات الروسية باليوم الاول وبالصواريخ كروز، البنى التحتية للقوة الجوية الاوكرانية من مطارات والرادارات ومنظومات الدفاع الجوي، جاء لتأمين حرية العمل والمناورة للقوات الجوية الروسية وتوفير مظلة جوية لحماية القوات المتقدمة بالعمق الاوكراني، لكنها لم تحقق السيادة الجوية ، ومازالت القوة الجوية الاوكرانية تنفذ طلعات ضد القوات المهاجمة وتعرقل تقدمها.
- هدف القوات الروسية تدمير القوات الاوكرانية وبنيتها التحتية ونزع سلاحها بالكامل ثم احتلال المدن والموانئ وفرض تغيير سياسي وتبديل الحكومة الاوكرانية الحالية.
- نستبعد نشوب حرب نووية بسبب الردع النووي لامتلاك كلا الطرفين المتحاربين الاسلحة النووية ، والحرب ان حدثت ستكون مدمرة لكل الاطراف .
والردع النووي ، ايديولوجية تعود الى زمن الحرب الباردة تستخدم لمنع اي عدوان نووي ، وقرار بوتين يعني اذا استمرت الولايات المتحدة والناتو في فرض عقوبات شديدة على الاقتصاد الروسي او محاولة مساعدة القوات الاوكرانية فان روسيا ستكون مستعدة للرد بالاسلحة النووية.
- سيشهد العالم حربا باردة شديدة بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها ومرحلة جديدة من الصراع الذي ينعكس على الأمن الاوربي والدولي.
- تفاجئت القيادة الروسية بمقاومة الجيش والشعب الاوكراني ، إنما توقعت التقدم السريع وانهيار القوات الاوكرانية خلال ايام قليلة وسرعة الدخول في العاصمة كييف.
- القوات الروسية تتقدم ببطء بسبب مقاومة الجيش الاوكراني والرفض الشعبي للاجنبي وكذلك بروز المعاظل اللوجيستية وطول طرق الأمداد والتموين.
- يتبع الجيش الروسي اسلوب تطويق المدن ومحاصرتها اولا ومن ثم اقتحامها ، وهو اسلوب قديم يتطلب المزيد من الوقت.
- الحرب الواقعة غير محدودة وواسعة وشملت معظم الاراضي الاوكرانية والقوات الروسية تهاجم من عدة جبهات.
- عندما تسيطر القوات الروسية على اي جزء او كل الاراضي الاوكرانية ، تعد قوات احتلال وفق القانون الدولي ويحق للشعب الاوكراني الانخراط بالمقاومة كحق وطني تقره القوانين الدولية.
- تحول القوات الاوكرانية الى مقاومة وطنية ضد القوات الروسية سيضعها في مأزق وموقف استنزاف بشريا وماديا وإعادة سيناريو الجيش السوفيتي في أفغانستان بالثمانينيات من القرن الماضي
- تدفع الولايات المتحدة ومعها دول الناتو لتحويل اوكرانيا الى أفغانستان ثانية لإدخال بوتين في مستنقع ومازق كبير لكسر طموحاته في ان يكون قطب دولي منافس .
- نتوقع قيام بوتين بعمل عسكري أوسياسي كتقسيم اوكرانيا للمساومة على العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه من المجتمع الدولي .
- القوات الاوكرانية تدافع عن المدن ، ولكنها فقدت فعالية قوتها الجوية والدفاع الجوي التي استهدفت منذ اليوم الاول بشكل كبير.
- يمكن للطائرات المسّيرة التركية لدى اوكرانيا من طراز بيرقدار، لعب دور مؤثر ضد ارتال الدبابات والمدرعات وارتال تموين مواد القتال وايقاع خسائر كبيرة بين صفوفها
- من السيناريوهات الخطيرة، تقسيم اوكرانيا الى دويلات متناحرة ، والخطوة الرئيسية لدعم الانفصاليين في اقليم دونباس.
- صمود القيادة الاوكرانية يحافظ على تماسك الشعب ومقاومته
- تعاني القوات الروسية من ضعف منظومات الاسناد الاداري ونقص مواد تموين القتال( الارزاق والوقود والعتاد) ونقص بالغذاء.
- العقوبات الاقتصادية والمالية ستكون لها أثار مدمرة على الاقتصاد الروسي وكذلك العالمي بالمستقبل القريب.
- فشل المغامرة الروسية سيقوض أمال بوتين ويكبح جماحه ويمنعه من معاودة العدوان على دول البلطيق واوربا الشرقية .
الخاتمة
الغزو والاحتلال من أخطر التهديدات التي تتعرض لها الشعوب والدول المستقلة ، فالاحتلال العسكري يستهدف الهوية الوطنية وكيان الدولة وتمزيق لحمة المجتمع ، والحرب في اوكرانيا وتداعياتها السياسية والاقتصادية والعسكرية سوف تستمر طويلا و الاحداث القادمة تنذر بتصاعد الصراع واحتمالية تقسيم البلاد الى دويلات متصارعة .
والحرب في اوكرانيا ، تصلح كصراع غير متماثل وغير متكافئ بسبب تفوق الجانب الروسي عسكريا وماديا ، وعلى الجانب الاوكراني اللجوء الى استخدام استراتيجيات معينة كحرب العصابات وحرب الاستنزاف لموازنة اوجه الضعف الكمية والنوعية الموجودة عنده.
وبالختام نقول أن العقوبات الاقتصادية المدمرة سوف لن تثني بوتين من بلوغ أهدافه العسكرية في أوكرانيا ، وأن فشل المغامرة العسكرية الروسية سيكبح جماح بوتين للتوسع نحو اوربا الشرقية ودول البلطيق وتقويض الأمن الاوربي.