صراع من اجل التغيير

كل شيء في العالم يتغير ، هذه هي طبيعة الحياة ، ولكن طرأ شيء جديد في العقود الاخيرة ، ألا وهو التطور العلمي التقني الذي سرع من عملية التغيير ، بحيث اصبح من الصعب على المرء والمجتمع مجاراتها . .
سواء كان التغيير اقتصاديا ام اجتماعيا ام سياسيا ام علميا ام فكريا وثقافيا .. واصبح على الجميع اللحاق بركب التطور ، وإلا سنصبح خارج التاريخ ..
وهكذا عرفنا البعث ، قوته تكمن في فكره المتجدد ، الفكر الديناميكي ، الذي يتفاعل
مع الواقع الموضوعي للامة ، ويتفاعل مع هذا الواقع بنحو علمي وواقعي ..
لذلك كانت رسالته خالدة ، كونها رسالة تؤمن بالتغيير والتطور والتجدد ، ولهذا
أن فكر البعث ليس فكرا جامدا ، فهو لا يعتمد القوالب الجامدة ، وانما هو يمتلك
فكرا تفاعليا منسجما مع كل مرحلة من
مراحل التطور التي تمر بها الامة العربية
فهو فكر يؤمن بالتجديد ويتطلع الى المستقبل ، لذلك شهدنا تطورا فكريا في نواحي الحياة كافة ، وقد تجسد ذلك في كل
بعثي حقيقي بصفته النموذج المصغر للامة

والبعث يتفاعل مع التطورات التي تحدث في العالم يأخذ منها ويعطيها ، وهو يناقش التحولات العربية والعالمية عبر مؤتمراته القومية والقطرية ، كون هذه المؤتمرات
بمثابة محطات فكرية وتنظيمية ، اساسية ومهمة لمناقشة المرحلة السابقة ( سلبياتها وايجابياتها ) وكذلك الواقع المعاش واستشراف المستقبل ، ومن خلال هذه المؤتمرات يحدد البعث مسار عمله وافكاره
ضمن منظور مستقبلي ..
ومن بديهيات القول ، لا توجد في الحياة
افكار ثابتة ومقدسات تنظيمية وفكرية مطلقة ( عدا الكتب السماوية ) وما عدا
ذلك فكل شيء في الحياة ، يتحرك ويتجدد
ويتطور ، ويخضع للنقاش والنقد ، وهذا ما يميز فكر البعث منذ تأسيسه وحتى يومنا هذا ، على عكس ما وقعت به الاحزاب الشيوعيه العالمية والتي افرطت بالمركزية
على حساب الديمقراطية والهت الفكر وجمدته واعتمدت الشرعية المطلقة !!
فالجمود العقائدي كان من احد اسباب انهيار المنظومة الشيوعية بكاملها ..
فعلى حزب البعث العربي الاشتراكي ، ان يعيد النظر بجميع فعالياته التنظيمية والفكرية ،فعلى سبيل المثال لا الحصر ،
أن النظام الداخلي للحزب مضى عليه اكثر من سبعين عاما لم يطرأ عليه تغيرات جوهرية ، والذي تم اعداده ، في مرحلة تاريخية معينة ، ما عادت ظروفها تتناسب مع الظروف التي تلتها ، وبعد استلام الحزب السلطة في القطر العراقي اختلفت الظروف تماما والذي كان من المفروض اعادة النظر
به ، وبعد ذلك جاءت ظروف الاحتلال والتي تغيرت فيها جميع الظروف الموضوعية والذاتية ، ولازال البعث متمسك بنظام داخلي لا يواكب على الاطلاق الاحداث التي نمر بها في القطر العراقي ولاسباب معروفة لدى الجميع ..
كما ان افكار البعث ( ما عدا ثوابته ) فهي افكار مفتوحة النهايات كونها تستمد تطورها
من خلال تفاعلها مع الواقع المعاش ..
إذن لا يوجد شيء مطلق في الحياة كل شيء نسبي عدا التطور ، والتطور في الزمان والمكان المحددين يكون نسبيا ..
فلا وجود للشرعية المطلقة ، والبعث في فكره
لا يؤمن بالشرعية المطلقة ولا يؤمن بالقيادة المقدسة والمطلقة !!
والمعروف لدى الجميع ان البعث يحاسب قياداته داخل مؤتمراته الحزبية .. فما بالك
ان آخر مؤتمر لقيادة البعث كان قبل اكثر من ثلاثين سنة ، فمتى يتمكن البعثيون محاسبة قياداتهم ؟؟؟
إن الصراع الذي يعيشه البعث خلال هذه الفترة هو صراعا من اجل التغيير ، صراع بين رفاق يبحثون عن التغيير وبين رفاق لا يؤمنون بالتغيير ، إن ما يعيشه البعث اليوم
ليس انشقاقا ولا تآمرا ولا تكتلا ، كما يدعي البعض ، وهذا ما اقرأه من خلال ما يكتبه
بعض الرفاق ..
ولذلك يمكننا ان نفهم لماذا لا تخلو مرحلة
من مراحل حياة البعث من هجوم العقليات
التقليدية عليه !! مستفيدين من ان كل شيء جديد يجابه بمعارضة قوية وعدم مقبولية
من الانماط التقليدية في التفكير ، حتى تثبت الفكرة الجديدة صحتها ويتبعها الناس .. فعليه ان التناقضات الثانوية التي تحدث داخل الحزب هي حالة صحية تمارسها الاحزاب الثورية ، ولابد من العمل لايقاف هذا التناقض حتى لا يؤدي الى مالا يحمد عقباه ، وذلك من خلال الايقاف الفوري لجميع المهاترات والاتهامات بين رفاق الدرب الواحد .. والعمل باسرع وقت ممكن
الى عقد مؤتمر قطري للحزب في العراق
ويتم دعوة جميع الرفاق دون استثناء وانتخاب قيادة قطرية مؤهلة وقادرة على قيادة المسيرة ، وبعدها يتم عقد مؤتمر قومي وانتخاب قيادة قومية قادرة على تحمل المسؤولية التاريخية والقومية ، وعلينا ان نضع امام اعيننا ، ان الامة العربية ووجودها في خطر شديد وان العراق محتل
من قبل ايران وامريكا والكيان الصهيوني
ومهددة عروبته ، وان وضع الحزب في القطر العراقي في خطر شديد ، وعلى الجميع ان ينتقلوا من التفكير الذاتي الى التفكير الموضوعي والعلمي والعقلاني ، وان يتحرروا
من القيود التي تجرنا الى الوراء وان يعملوا على اطلاق الطاقات جميعها الفكرية والسياسية والتنظيمية كي تفعل فعلها
من اجل تحرير العراق وانقاذ الامة العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى