بمناسبة مرور عشرين عاماً على غزو العراق البربري من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، تم كتابة هذه الورقة من قبل الأستاذ الدكتور محمد طاقة.
تمهيد
بمناسبة مرور عشرين عاماً على احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها من دول الغرب الرأسمالي ومساعدة ايران الملالي وبعض الدول العربية مع الأسف الشديد وحفنة من العملاء والجواسيس، قامت هذه القوات بتبرير غزوها، باعتمادها على خطة إعلامية لتشويه سمعة العراق وقيادته الوطنية وجندت من اجل ذلك ماكنتها الإعلامية من اجل اقناع الرأي العام العالمي، من ان العراق يمتلك اسحلة الدمار الشامل، وان العراق اصبح يهدد الامن القومي الأمريكي والعالمي ويشكل خطراً على العالم..
وان للعراق علاقة مباشرة مع منظمات إرهابية ومنها القاعدة الى آخر الأكاذيب والادعاءات الباطلة والمظللة!!
هذا هو ديدن المنظومة الرأسمالية الاستعمارية، والتي لا تمتلك على الاطلاق أي منظومة قيمية، فهي تفتقد لأبسط القيم الإنسانية والأخلاقية، كونها تستخدم الكذب والخداع والمراوغة من اجل الوصول الى مبتغاها.. وبنفس الوقت اخفت على الجميع البواعث الحقيقية لغزوها للعراق الامن وانهاء حكمه الوطني، فكان من اهم البواعث هو السيطرة على منابع النفط في العراق وانهاء قرار التأميم الخالد، حيث كان نفط العراق محرراً من قيود الشركات الأجنبية وذلك في العام 1972 منطلقة في غزوها وسيطرتها على نفط العراق من مبدأ مشهور ان كل من يسيطر على النفط يتمكن من السيطرة على العالم، خاصة إذا علمنا ان العراق يمتلك اعلى احتياطي نفطي في العالم حيث بلغ هذا الاحتياطي 330 مليار برميل وعمره بنحو 100 عام..
ولهذا السبب ولأسباب أخرى معروفة لدى الجميع منها ابعاد خطر العراق عن الكيان الصهيوني، ان هذا الورقة تسلط الضوء على دور القوى الخفية لما يجري في العالم من قتل وتدمير وهيمنة على مقدرات الشعوب وتزوير وتشويه الحقائق واعتماد هذه القوى على سيل من الأكاذيب والافتراءات، من اجل السيطرة على مقدرات العالم وشعوبه.. وان هذه الورقة تهدف الى كشف زيف شعارات هذه المنظومة كشعاري الديمقراطية وحقوق الانسان..
وكيف تم استغلال هذين الشعارين لإيهام شعوب العالم بان المنظومة الرأسمالية إنسانية وتعمل لإسعاد البشرية وتدافع عن حقوق الانسان، فهذه الورقة تكشف زيف هذه الشعارات كون هذه المنظومة تسعى الى استعباد البشرية من خلال استخدام وسائل التطور العلمي والتقني الذي تستحوذ عليه هذه المنظومة وتعمل على انشاء عبودية حديثة وبما ينسجم مع هذا التطور، وان هذه الورقة تخلص الى حقيقة مفادها ان شعوب العالم تعيش وسط كذبه كبيرة جداً وتخضع لسيطرة القوى الخفية!!!
البشرية جمعاء تعيش اليوم مرحلة في غاية الخطورة، ومن الممكن وصفها بانها مرحلة اللاتوازن، المرحلة التي اختلطت فيها الألوان والاشكال والأفكار، وتاهت في طياتها الابعاد الملموسة وغير الملموسة. بحيث يصعب على المرء فهمها ويحدد مساراتها وآفاقها. انها بحق مرحلة اللامعقول واللامنطق، بحيث اصبح فيها المنطق مرفوضاً والمعقول مستبعداً، اذ اصبح المنطق والمعقول هو الاستثناء والعكس هو القاعدة. اذاً هي مرحلة الجنون الإنساني.. كون ان جميع النظريات والقوانين تتعامل مع حركة الأشياء وفق منطق جدلي معروف، وكون العقل البشري يتعامل مع الحياة وفق قوانينها وطبيعتها واشكالها والوانها ومن ثم يعطي تفسيرات منطقية لحركة التاريخ، ولكن كيف سيكون الحال عندما يصبح كل شيء بالمقلوب؟
وعلى هذا الأساس فنحن نعيش اليوم مرحلة العبودية، ولكن بشكل اكثر تطوراً وبطرق مختلفة وفي جميع نواحي الحياة.. فهيمنة (خمس او ست) عائلات على راس المال والاعلام والسلاح ومعامل الادوية ومصادر الطاقة والمياه وتمتلك اكثر من (500) ترليون دولار، بالإضافة على سيطرتها على جميع المؤسسات الدولية، على مجلس الامن وصندوق النقد الدولي والنبك الدولي للاعمار ومنظمة التجارة العالمية (WTO)، وتهيمن على جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
وهذه العوائل تقود العالم (والتي تسمى بالقوى الخفية او الحكومة العالمية العميقة) وتتحكم بمقدراته وهي التي تحدد السياسات العالمية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وهي التي تتحكم بتنصيب من تشاء كحكام لاكثرية بلدان العالم..
وكذلك تتحكم بوسائل الاعلام وتوجه هذه الوسائل بما يخدم مصالحها، كما انها تتحكم بالسياسات المالية والنقدية للعالم!!
وعلى هذا الأساس يمكننا القول ان البشرية تعيش مرحلة دكتاتورية راس المال، واصحبت البشرية بشكل عام كالعبيد لهذه المنظومة، التي لا تفهم ابداً سوى تحقيق أهدافها في الهيمنة على مقدرات العالم وتعظيم أرباحها على حساب الشعوب الأخرى!!
لقد تكمنت القوى الخفية من تجنيد كل إمكاناتها للهيمنة والسيطرة على مقدرات شعوب العالم وبالأخص دول العالم الثالث، وذلك من خلال صياغة شبكة معقده من القوانين والإجراءات الدولية التي سهلت عليها تلك المهمة.
فضلاً عن رفع شعارات مزيفة كي توهم بها شعوب العالم ومن خلالها تبرز توجهاتها الإنسانية وحرصها على البشرية، ومن هذه الشعارات وابرزها هي الديمقراطية وحقوق الانسان والتي لا زالت تتاجر بهذين الشعارين والتي هي نفسها لا تؤمن بها، واستخدمت الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها لتنفيذ هذه المهمة، وجندت إمكانات هذه الدول، العسكرية والعلمية والفكرية والثقافية والإعلامية والاقتصادية لتحقيق أهدافها في الهيمنة على مقدرات العالم كله، فاصبح العالم فعلاً يعيش في مرحلة خطيرة جداً قل نظيرها، مرحلة ضاعت فيها كل القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية، من خلال استخدام أسلوب الكذب والتضليل والخداع والمراوغة والتآمر وتزوير الحقائق والدجل والشعوذة وتشويه سمعة المناضلين والقادة الشرفاء، وجندت أمريكا ومن معها جميع امكانياتها الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي وجميع ما توصل اليه العلم والتكنولوجيا من اجل نشر الجهل والمرض والتخلف وتحطيم اقتصاديات الدول، ووصل الامر بهم الى احتلال البلدان وتغيير أنظمتها الوطنية، وكذلك تعمد على التدخل في الشؤون الداخلية لبلدان العالم وفرض العقوبات الاقتصادية والسياسية على البلدان والدول التي لا تسير بركابها، مستفيدة من التفوق العلمي والتقني والعسكري والاقتصادي الي تمتلكه، والذي يمكنها من فرض سيطرتها على العالم فكيف تكون العبودية اذن؟؟
نحن نعيش جميعاً وسط كذبه كبيرة جداً اسمها الديمقراطية، والتي لا وجود لها في عقول هؤلاء القتلة، فهم لا يمارسونها على الاطلاق ألا في حدود ما يخدم مصالحهم الذاتية، فالديمقراطية سلاح ذو حدين يستخدم مرة لصالحك ومرة أخرى ضدك، والا كيف نفسر ضرب هيروشيما ونكازاكي بالقنابل الذرية، وكيف نفسر ملاحقة القادة الوطنيون في بلدان العالم الثالث وقتل سلفادور الندي، وجيفار وغيرهم.
وكيف نفسر غزو العراق واحتلاله واعتقال قادته واعدامهم وبحجج كاذبه وترويج اعلامي ضد العراق، علماً ان الغزو حصل دون موافقة مجلس الامن الدولي واعتراض شامل من قبل شعوب العالم، اين الديمقراطية اذن؟
هل سياسة الكيل بمكيالين تعني الديمقراطية؟
هل الانتخابات المزيفة تعني الديمقراطية؟ هل وجود حزبين في أمريكا فقط تتنافس على السلطة وهم وجهان لعملة واحدة تعني ديمقراطية؟ هل الحرب في أوكرانيا ومدها بالسلاح والمال من اجل استنزاف كل الأطراف تعني الديمقراطية؟ بدلاً من اخماد نارها، وهنالك الكثير من الممارسات لا مجال لذكرها تتنافى مع مفهوم الديمقراطية والتي تتبناها القوى الخفية..
اليس نحن شعوب العالم نعيش وسط كذبه كبيرة اسمها الديمقراطية، اليس نحن شعوب العالم مخدوعين بهذه السياسات الميكافيلية التي تمارسها الحكومة العميقة وادواتها؟ نحن شعوب العالم كنا ولا زلنا مخدوعين بشعار الديمقراطية الزائفة التي تتشدق بها أمريكا ومن معها، لا وجود للديمقراطية في عالم يفتقد الى الحرية ولا وجود للحرية في عالم يسوده الجهل والتخلف.
أما الكذبة الثانية فهي شعار حقوق الانسان، وتم استخدام هذا الشعار لصالح أهدافهم ومشاريعهم للهيمنة، اين أنتم من حقوق الانسان؟
أنتم الذين دمرتم وقتلتم الملايين من البشر في الحربين العالميتين الأولى والثانية أنتم جوعتم وافقرتم الملاين من البشر في دول العالم الثالث وسرقتم ثروات تلك البلاد.. وأنتم اليوم تعادون البشرية في كل مكان من بقاع الأرض.
انتم تفتقدون لأي عمق حضاري تاريخي، ولأسباب موضوعية وذاتية تمكنتم من تأسيس مجموعة نظم مادية وهذه النظم المادية لم تستند على مجموعة نظم قيمة ولن تتمكنوا طيلة هذه الفترة من خلق نظم قيمية لتدعم الجانب المادي، وذلك بسبب التشكيلة الاثنية للولايات المتحدة الامريكية والتي تنفذ ما تسعى اليه القوى الخفية وعليه عندما ننظر الى بداية اكتشاف أمريكا وتأسيس دولتها اعتمدت على أساليب وحشية في اجتثاث اهل البلد الأصليين (الهنود الحمر) وتدمير بناهم التحية وتحطيم عاداتهم ومعتقداتهم والهيمنة على أراضيهم، وكما تفعلون اليوم مع الامة العربية والعراق بالذات وكذلك فلسطين والاحواز ولبنان واليمن، هكذا اذاً الشعوب التي لا تمتلك مجموعة نظم قيمية تفعل كل ما هو مشين دون حياء، منطلقة من مبدأً الغاية تبرر الوسيلة، المبدأ الميكافيلي المعروف، فانتم بدون مبادئ إنسانية ودون احترام للأخرين، المهم مصالحكم الانانية اللاانسانية الضيقة، وهذا هو مبدأكم، وتعزز ذلك وبشكل واضح وعبر تاريخكم الأسود من خلال ممارستكم اللااخلاقية داخل أمريكا وضطهادكم العنصري للافارقة، ولكل عنصر لم ينتمي الى الانكلوسكسوني، فضلا عن الحروب التي قمتم بها على العديد من بلدان العالم منها، ضرب اليابان بالقنابل الذرية وحرب فيتنام القذرة التي راح ضحيتها الاف من البشر، والحرب على كوريا وحرب الخليج وأفغانستان والعراق وغيرها من الحروب التي راح ضحيتها ملايين من البشر، فأين انتم من حقوق الانسان؟ سوى شعار ترفعونه لايهام شعوب العالم وشعوبكم ايضاً، وبعد أن تقوموا بتدمير البلدان تقومون بتقديم مساعدات إنسانية لهذه البلدان التي دمرتموها ومن ثروات البلدان نفسها، فانتم تكذبون وتخدعون وتظللون بلدان العالم وتكذبون على الإنسانية جمعاء، انتم اكثر بلد في العالم دخلتم حروب ومنها أيضا، الصومال وليبيا ولبنان وايران والكويت والعراق والبوسنة وأفغانستان والسودان وكوسوفو واليمن وباكستان وغيرها الكثير.
فانتم الذين دمرتم بلدان ودول، وقتلتم الملايين وجوعتم وافقرتم ومرضتم الملايين من البشر من خلال حربكم البايولوجية ومختبراتكم البايولوجية في أوكرانيا خير دليل على ذلك، فجميع الامراض التي انتشرت في العالم هي من صناعتكم اللعينة خلال العشر سنوات الأخيرة كفيروس كورونا وانفلونزا الخنازير وانفلونزا الطيور وأكثرها خطورة كان فيروس ايبولا… وغيرها.
انتم تسعون الى قتل البشر، من خلال الحروب ونشر الامراض والاوبئة وتحديد النسل من خلال تشجيع زواج المثليين، معتمدين على نظرية مالثوس للسكان، فانتم المالثوسيون الجدد، كونكم لا تؤمنون بوجد خبز على الأرض يكفي للجميع.
فأين الديمقراطية وحقوق الانسان، وهنالك اكثر من نصف سكان الكرة الأرضية يعيشون على اقل من خمس دولارات للفرد في اليوم الواحد، فهؤلاء يعانون من عدم الوفاء من تحقيق احتياجاتهم الأساسية، فهم يعيشون دون حد الكفاف، فهم يعانون اذاً من مآسي اجتماعية ونفسية وإنسانية، وانتم تعتمدون على إشاعة الجهل وتجهيل المجتمعات وخاصة في دول العالم الثالث وتعملون على زرع الفتن وتعميق الطائفية والاثنية وتعملون وتشجعون هذه المجتمعات على القتال فيما بينهم حتى تتمكنوا من الاستحواذ على مقدراتهم وثرواتهم وتعملون على تقسيمهم حتى يسهل السيطرة عليهم وقيادتهم وفق مصالحكم الانانية.
لقد تمكنت الدولة العميقة ومن خلال ادواتها على الهيمنة على عقول الناس وبالأخص في أوروبا، بحيث أصبحت أوروبا تنفذ ما تريده الحكومة العميقة، حتى لو كان ذلك على حساب مصالحها الذاتية. واعتمدت بذلك على نظرية غويلز في الهيمنة على عقول البشر.. وقد نجحت هذه النظرية في العالم الغربي ايما نجاح!!
وهذا ما نشاهده اليوم من موقف أوروبا من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وما هي التبعات الاقتصادية والعسكرية التي تتحملها الدول الأوروبية جراء تبعيتها للموقف الأمريكي أي موقف الدولة العميقة؟!!
فهذه هي العبودية الحديثة، والمسؤول عن هذه العبودية هم أصحاب رؤوس الأموال والشركات المتعددة الجنسيات ومن يملك كل ذلك فهم اشخاص معدودين، هم الطبقة الرأسمالية التي تتحكم بمصير العالم، فالجميع عبيد عند هؤلاء، دولاً وشعوباً، فاين الديمقراطية وحقوق الانسان من كل ذلك؟ الا نرى اننا نعيش وسط عالم مجنون، عالم يتخلى عن كل القيم الإنسانية عالم مليء بالكذب والدجل والخداع والاستغلال والظلم والاضطهاد، عالم مادي بحت لا وجود فيه للمشاعر الانسانية، عالم يستغل الانسان أخيه الانسان ويقتل أخيه الانسان من اجل مصالح مادية، عالم يرفع فيه شعارات زائفة كالديمقراطية وحقوق الانسان ويمارسون عكس تلك الشعارات تماماً!! عالم زائف ومخادع ينشر فيه الفساد المالي والإداري من أعلى قمته حتى اسفل هرمه، عالم ينشر الرذيلة في كل مكان، زواج المثليين الدعارة بإشكالها المتاجرة بالبشر نشر المخدرات بكل اشكالها الى آخره من اشكال الفساد.
فالكذبة العظمى التي روجت لها وسائل الاعلام العالمية مع الأسف الشديد، حيث وصل العالم وكما ذكرنا الى الدرك الأسفل والانحطاط المخيف، كون العراق يمتلك أسلحة دمار الشامل وهو يهدد الامن العالمي ويشكل خطراً على جميع شعوب العالم، كانت هذه الكذبة مهزلة من مهازل التاريخ، لم يقتنع بها حتى الأطفال ولا حتى المجانين ومع ذلك تم غزو العراق وتم تدميره بالكامل وسرقة ثرواته ولا زال العراق محتلاً ونحن في القرن الواحد والعشرين، وهم يتكلمون بالديمقراطية وحقوق الانسان، اين تلك الشعارات من ما يجري؟ هذه فلسطين مرّ على احتلالها اكثر من سبعين عاماً ولا زالت تحت الاحتلال الصهيوني، حيث تم اغتصاب ارضها وأهلها والجميع يعلم تماماً ان فلسطين عربية وحق أهلها في العودة الى بلدهم وحقهم في فلسطين ومع ذلك ان القوى العميقة ترفض ذلك والجميع عليهم الانصياع لاومراها رغم صدور عشرات بل مئات القرارات من مجلس الامن لصالح الشعب الفلسطيني ولا يوجد من مجيب، والشيء نفسه ينطبق على عربستان وبقية الأراضي العربية المحتلة!! اليس هذه هي الهيمنة والتعسف واضطهاد لحقوق الشعوب لتحقيق مصيرها!!
اذاً كيف تريدون ان تقنعونا بوجود ديمقراطية وحقوق انسان، في ظل هذا النظام الدولي الذي تسيطر عليه الولايات الامريكية التي انفردت بالعالم بعد غياب الاتحاد السوفيتي الذي كان يخلق حالة التوازن الدولي واصبحنا نعيش حالة شريعة الغاب، اما ان تكون معي او اقضي عليك.. ومن هنا جاءت فكرة العولمة، التي كانت بمثابة تكييف فكري لمزيد من الهيمنة على العالم!!
فجاءت العولمة ليس لإسعاد الناس كما يدعون ولا من اجل رفاههم، بل على العكس تماماً، ان العولمة زادت من فقر الفقراء وتعاظمت أرباح الأغنياء، جاءت العولمة من اجل الاستحواذ على مقدرات الاقتصاد العالمي والسعي لأدارته والهيمنة عليه بشكل كامل…
خلال العقود الاخيرة، تمكنت البشرية ان تحقق تطورا هائلا في مجالات علمية وتقنية متعددة، وعلى وجه الخصوص في مجال تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات بحيث تمكن من خلالها خلق عالم جديد حتى يمارس فيه حياته بمختلف تجلياتها فهل تمكن الانسان بفعل هذا التطور ان يتحرر من قيود العبودية!! أم على العكس وقع بأحضانها ..؟
إن ما تشهده البشرية من تطور تكنولوجي هائل ، مما جعلت من الانسان عبدا مطيعا لها ويطبق أوامرها، فالتكنولوجيا وبأشكالها كافة أصبحت تفرض علينا سلطتها، وحددت من حريتنا، وتدخلت في طريقة حياتنا، ونمط استهلاكنا وسلوكنا، وأصبحت البشرية تابعة لها بشكل شبه مطلق وجعلتنا نتخلى عن الكثير من إنسانيتنا ومبادئنا، وهكذا اعتبرنا ان التقنية قد سببت لنا نوع اخر من العبودية، عبودية بلباس جديد، غير الذي عرفناه سابقا ..
لذا اصبح الانسان بفعل التكنولوجيا لم يعد حرا وإنما مسيرا ومقادا نحو عبودية التكنولوجيا ومن يمتلكها ويستغلها لصالحه، بحيث أصبحت التكنولوجيا بالنسبة للبشرية بمثابة الغذاء الروحي لها، فهي تتدخل في شؤوننا وفِي حياتنا وتفاصيلها، وتتدخل وتتحكم في ثقافتنا وتقاليدنا ودياناتنا، لانها كالكائن الحي تخاطبنا ونخاطبها ولن تفارقنا أبدا ..
إذن هكذا تخطط القوى الخفية لاستعباد البشرية، وهم يعملون جاهدين فضلا عن ذلك على اثارة الفتن والنزاعات الطائفية والأثنية بين الشعوب، ويتعمدون إشاعة الجوع والفقر والمرض واستخدام الحروب الجرثومية، ونشر الفايروسات الخطيرة وقتل الملايين من البشر، وتجبرهم على الحجر القسري، والتباعد الاجتماعي، والهدف من ذلك كله هو تقليص عدد سكان العالم. (كما صرح وزير الدفاع الامريكي السابق في عهد ترمب، وقال: علينا ان نمنع ان يكون عديد سكان العالم (١٠) مليار نسمة خلال السنوات القادمة).. كما تعمل القوى الخفية على زرع الرعب والخوف وارهاب الشعوب حتى يسهل استعبادهم. وعلى حد تعبير احد أعمدة القوى الخفية الملياردير (بيل غيتس) صاحب مايكروسوفت وعديد من الشركات الكبرى وبالأخص شركات الأدوية وهو يقول (نحن نحتاج للتخلص من ثلاث مليار شخص على الأقل يجب ان يموتوا وسنقوم بالحد والقضاء على معظم الافارقة لأنهم بائسون وبلا قيمة وليسوا جزءا من هذا النظام الاقتصادي العالمي .. لذا يتم سلب حقوقهم وقمعهم
وإجراء التجارب عليهم(!!
إذن هذه هي شخصية المنظومة الرأسمالية، ذات طبيعة عنصرية، استعلائية، استعمارية، لا يهمها الانسان، ولا حقوقه المشروعة في العيش بحرية، فلا مانع عندهم من التخلص من نصف البشرية امام الحفاض على مكتسباتهم ورؤوس اموالهم واستمرار تراكمها، فهؤلاء يسمونهم أنبياء المال والذين يسعون الى استعباد البشرية، لذلك نحن نعيش عبودية ذات لباس جديد …
إن موضوع السيطرة على العالم، هو طموح تسعى اليه كثير من القوى الى تحقيقه، والهدف هو سيطرة سلطة سياسية واحدة على جميع سكان كوكب الارض، فقد حاولت العديد من القوى تحقيق ذلك عبر التاريخ لكن دون جدوى، ولأسباب عديدة أهمها عدم توفر الظروف الموضوعية والذاتية لتحقيق ذلك ..
أما اليوم بعدما اصبح التقدم التكنولوجي الهائل، يمثل القوة الدافعة والعظيمة التي تعمل على تحقيق فكرة السيادة العالمية، فعن طريق هذا التقدم العلمي التقني، اصبح لدى القوى الخفية إمكانية السيطرة على العالم والى الأبد .. !!هذا التقدم خلق الإرادة التي تساعد على التغلب على العالم واستعماره واستعباده..
إن القوى الخفية (المتمثّلة بالأشخاص والعوائل التي تمتلك راس المال) تعمل على تجنيد كل قواها وتخطط منذ زمن على كيفية الهيمنة على العالم، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وثقافيا.. الخ بحيث تتمكن من السيطرة على كل فرد يعيش على كوكب الارض، وتتحكم به وبسلوكه وبطريقة عيشه، وبكل شيء، والاهم من كل ذلك هو التحكم بدخله (مصدر عيشه) وطرق إنفاقه، من خلال استخدام ما توصلت اليه التكنولوجيا من تطور كبير حلال العقود المنصرمة، وعلى وجه الخصوص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنانو تكنولوجي (والتي تساعد على زرع صفائح معدنية داخل جسم الانسان والتي من خلالها من الممكن السيطرة على جميع تصرفاته)، أو.. استخدام سياسات الثورة الرقمية والعمل تدريجيا على اختفاء التعامل بالنقود في كل أنحاء العالم، واستخدام البطاقة الذكية بدلا عنها، بحيث تتمكن القوى الخفية من التحكم والسيطرة على تصرفات الانسان ، كوّن هذه البطاقة الرقمية مرتبطة مركزيا بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي واللذان يشرفنا على جميع البنوك المركزية والمصارف في العالم حيث بلغ عدد الممثلين في البنكين بنحو (190) عضوا من مجموع (193) دولة والمسجلين ضمن أعضاء الامم المتحدة. فجميع هذه الدول تخضع بشكل او بآخر الى قرارات الصندوق والبنك الدولي من حيث تحديد السياسات المالية والنقدية. وكلاهما تهيمن عليهما القوى الخفية ..
إن الصهيونية العالمية كانت ومنذ زمن بعيد قد خططت وبشكل لا لَبْس فيه للهيمنة على العالم، من خلال الهيمنة على رأس المال والإعلام وانظمة المعلوماتية في العام، وأنفقت مليارات الدولارات من اجل تحقيق ذلك، واعتمدت بسياساتها الميكافيلية ، كل ما هو متاح لديها من قدرات مادية وبشرية لتحقيق اهدافها ، ومن اهم هذه الوسائل زرع الفتن والكذب واستخدام التضليل والتمويه والخداع والمراوغة للوصول الى ما تربو اليه. وما جاء في بروتوكولات حكماء صهيون يؤكد ما ذهبنا اليه حيث يقول الدكتور أوسكار ليفي (نحن اليهود لسنا شيئا، إلا مفسدي العالم ومدمريه ومحركي الفتن فيه وجلاديه). هكذا هم يقولون، وأمريكا تنفذ مطالبهم، إذن هم مفسدو العالم وجلاديه ويزرعون الفتن بين الشعوب والامم ويقتلون ، ويذبحون كما يشاؤون ويدمرون اقتصاديات البلدان ويحتلون البلدان باسم الديمقراطية وحقوق الانسان وهم بعيدون عن ذلك، مستخدمين بذلك تفوقهم التكنولوجي واستحواذهم على رأس المال والاعلام بكل اشكاله لا يبالون لكلمة الحق ولا يسمعون كملة الحقيقة فهم صم بكم امام الاخرين إلا ما هو لمصلحتهم وما هو لخدمة مشروعهم الكوني المتمثل بالعولمة الاقتصادية التي هي تجسيد واضح وصريح لأفكارهم الشريرة فالعولمة ما هي إلا تجسيد لهذه الأيديولوجية والتي وضع اساسها مؤتمر بازل للصهيونية العالمية واستمدت روحها من بروتوكولات حكماء صهيون.. ولو تتبعنا اهم الاحداث التي وقعت خلال المائة عام المنصرمة، والتي كان العالم يعيش في بداياتها المرحلة الرومانسية وبداية الثورة الصناعية الأولى والتي هي بداية التراكمات الرأسمالية حيث كان اليهود الصهاينة يستحوذون على نسبة على من رؤوس الأموال، ويهيمنون على وسائل الاعلام البسيطة آنذاك، وقعت في هذه الفترة حربين عالميتين كانت بواعثها اقتصادية ومن اجل تعزيز مكانتهم القيادية للعالم ولم تكن الحربين نزهة او وقعت بسبب نزوات شخصية او لأسباب ثانوية انما كانت حربا مدفوعة الثمن ولها أسبابها الموضوعية والذاتية واهدافاً محددة المعالم على الرغم مما روج لها وكتب عنها من تضليل واكاذيب وطمس الحقائق، حيث ان التاريخ يكتبه المنتصرون ويفرضون على كتابهم ما يشاؤون من طمس الحقائق ودفن البواعث الحقيقية لقيامها من اجل ايهام الرأي العام العالمي بتلك البواعث والتي يعرفون هم انفسهم انها مرفوضة تماماً من قبل العالم. وكما هو معروف لدى الجميع ان تلك الحربين راح ضحيتها اكثر من 90 مليون إنسان واكثر من 130 مليون جريح ومعوق واكثر من 360 مليون عاطل عن العمل هم وعوائلهم، انها كارثة إنسانية حلت بالبشرية، هذا إذا ما اخذنا آثارها النفسية والاقتصادية والاجتماعية والتي نعاني منها لحد الآن، من اجل مجموعة قليلة من اليهود المتصهينين والرأسماليين العالميين ان ينعموا بنتائجها، وتدفع البشرية ثمن ذلك دما وتدميراً لإنسانيتهم ومستقبل اجيالهم.
وهكذا تمكنت القوى الخفية وادواتها، من التأثير على راي العالم العالمي، باستخدامها أساليب متنوعة من التضليل والكذب والخداع، ومن خلال ذلك تمكنت هذه القوى الغاشمة من خلط الأوراق على الجميع وشوهت الحقائق وخلطت الأوراق والألوان، بحيث اصبح من الصعب فرز ما هو حق وما هو باطل، وما هو مزيف وما هو حقيقي، حتى وصل الامر بنا اصبح من الصعب التمييز بين اللون الأبيض واللون الأسود، هذا اذا علمنا ان مستوى الوعي الجمعي في الكون متفاوت بحكم عوامل عديدة سياسية واجتماعية واقتصادية، مما وفر الأرضية الخصبة لتمرير أكاذيب أمريكا ومن لف لها على العالم.
وهذا ما نلاحظه اليوم بعد تتبعنا لما يجري من حولنا في هذا العالم من خلط للأوراق، والتناقض بالمواقف والسياسات، بحيث اصبح المواطن حيث ما يكون في هذا العالم لن يتمكن على الاطلاق من معرفة ما يجري من حوله، حتى لا يتمكن من اتخاذ موقف محدد اتجاه ما يجري وحتى تبقى الصورة ضبابية ولا يستطيع معرفة الحقيقة. لذا نرى امامنا مواقف سياسية عديدة متناقضة ومتداخلة مع بعضها البعض على مستوى الدول العظمى أمريكا ومحورها والصين ومحورها، قادة الصراع من أجل تشكيل نظام دولي جديد، على سبيل المثال المواقف حول منطقة الشرق الأوسط موقف أمريكا من السعودية علاقة الصين بالسعودية الموقف من ايران، روسيا وامريكا وتركيا وسوريا، احتلال العراق.
الموقف من القضية الفلسطينية وحل الدولتين، الموقف من المفاعل النووي الإيراني والضربة المرتقبة التي تنتظرها شعوب العالم منذ اكثر من عشرون عاماً.. الى آخره من الاخبار المتناقضة والمتضاربة والغير منطقية..
والتي تروج لها وسائل الاعلام في العالم، وكل ذلك أمر مدبر ومدروس بعناية لإيهام العالم عن ما يجري من مخططات جهنمية للهيمنة على الكرة الأرضية، اين شعوب العالم من كل ما يجري، هل شعوب مخدرة وساكته عن كل ما يجري من حولها، ام شعوب مغلوبة على امرها وفي كلا الحالتين هو انتصار لما تسعى اليه قوى الشر من الهيمنة على العالم.. وبمرور الزمن ومع الأسف الشديد إذا استمرت الأمور تجري وفق المخطط الجهنمي الذي رسمته الدولة العميقة وادواتها، معنى ذلك سنفقد شخصيتنا وقيمنا انسانيتنا وسيعم الفساد وتعم الرذيلة في كل زاوية من زواية العالم.. الا نرى من اننا نعيش وسط كذبه كبيرة جداً ووسط عالم مجنون جداً جداً.