عام 2020 ليس ككل الأعوام التي مرَّت على العراق والعالم بفعل ما أحدثه من متغيرات التي طاولت الإنسان وعاداته واهتماماته وأولوياته، وأنظمة الحكم التي وقفت عاجزة ومرتبكة أمام اجتياح فيروس للعالم، وكشفت عن هشاشتها على مواجهة هذا الوباء الذي كان عنوان العام الذي نودعه بعد أيام.
فعام 2020 شهد زحف الوباء على قارات العالم، تسبب في أزمات مالية ضربت اقتصادات العالم، ووضعتها على حافة الإفلاس والانهيار، فضلا عن الخسائر البشرية. وإزاء هذا المأزق الذي يعيشه العالم المفتوح على جميع الاحتمالات فإن العراق لم يشهد أزمة مثلما يعيشها الآن في ظل تدني عوائد النفط، ما دعا حكومة الكاظمي إلى إجراءات تقشفية لم يشهدها العراق طاولت رواتب العاملين بالقطاع العام والمتقاعدين، فضلا عن فرض رسوم كبيرة على السلع والخدمات في محاولة لسد النقص الحاصل في الموازنة العامة، وهي إجراءات وصلت إلى حد تخفيض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار.
وتزامنت الإجراءات الاقتصادية التقشفية مع ارتفاع معدلات الفقر في العراق إلى 40 بالمئة، وهو معدل خطير لم يشهده العراق من قبل، إضافة إلى ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل تزامن مع حركة احتجاجات شعبية.
وعلى الرغم من نجاح شركات الأدوية العالمية في تصنيع دواء مضاد لفيروس كورونا، والبدء باستخدامه وتوزيعه على نطاق واسع لوقف شرور هذا الوباء، إلا أن الموجة الثانية لسلالة كورونا باتت تقلق العالم من تكاثره بشكل مخيف، وهو الأمر وضع العالم أمام تحدٍّ جديد للبحث عن أصول ومنبع هذا الوباء القاتل.
وما يقلق الدول الفقيرة في مواجهة الوباء عدم قدرتها على تأمين شرائه لمواطنيها، الأمر الذي يتطلب من الدول الغنية مد يد العون والمساعدة لهذه الدول لتقليل آثاره على حياة الإنسان، مقرونا بحملة عالمية تشارك فيها منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة كورونا. ومن النادر أن يؤثر حدث واحد على عام واحد بشكل كامل مثلما شكلت جائحة فيروس كورونا عام 2020.
ومن كان يتصور في الأول من كانون الثاني/يناير الماضي ما تخفيه سنة 2020؟ سنة غيَّرت العالم، كما لم يحصل منذ الحرب العالمية الثانية. ففي غضون 12 شهرا شل فيروس كورونا المستجد الاقتصاد، واجتاح المجتمعات، وحجر نحو أربعة مليارات إنسان في منازلهم. وحصد الوباء أرواح أكثر من مليوني نسمة، وأصيب ما لا يقل عن 75 مليونا بفيروس كورونا المستجد.
يشار إلى أن العلماء يحذرون منذ عقود من احتمال حصول جائحة عالمية، إلا أن مخاوفهم هذه لم تلقَ أذانا مصغية، ومع هذا الوباء باتت أكثر الدول ثراء عاجزة أمام هذا العدو الخفي… وتسبب الوباء في ازدياد العنف والمشاكل النفسية وعلاقتها بالركود الاقتصادي، وأعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه من حصول ركود أسوأ من ذلك الذي تلا الأزمة المالية في 2008. إلا أن كثيرين يعتبرون أن الجائحة تحمل كارثة أكثر دمارا وتأثيرا.
مع اقتراب نهاية العام، بدأ أول اللقاحات يطرح في الأسواق مع أنه أتى متأخرا، وأعلنت مختبرات فايزر الأميركية العملاقة مع شريكتها بيونتيك الألمانية تطوير لقاح فعَّال بنسبة “90%”. وسارعت الحكومات لضمان مخزون من هذه اللقاحات.
والمفارقة في أن الخبراء يرون أن التوصل إلى مناعة جماعية يحتاج إلى سنوات، فيما يراهن آخرون على عودة الوضع إلى طبيعته في منتصف 2021.

775