الشخصية البغدادية الأصيلة، ضابط الشرطة في الثمانينيات ولاعب كرة القدم مع جيل الكبار. والصحفي الحر حالياً.
قبل أن أتعمق واصفاً ما يحمله علي كاظم من سمات بغدادية انسانية، بحثت له عن أسم يليق بما يقوم به، فوجدت أن نطلق عليه عنواناً يستحقه وهو (ساعة بغداد النابضة).
لماذا هذا الاسم بالذات؟
لأنه ذاكرة حية لمدينة عريقة، ذاكرة حاضرة رغم غياب شخوصها وعيونها، ترفض ساعتها التوقف عن الدق في ازقتها العتيقة والجديدة، ساعة تتحرك أميالها يومياً في شوارع بغداد ودرابينها وساحاتها ومطاعمها ومقاهيها وفي سيارات أجرتها، تخالط المواطن العادي وتسجل معاناته وأبتساماته وتعبه.
تدق كل ساعة في الصدرية وفي السيدية والمنصور واليرموك وفي سوق هرج ومن داخل سيارات الأجرة وفي والكرخ والرصافة، يسمع دقاتها كل عراقيو المهجر والداخل، المحبين لنمط وطريقة علي كاظم في الرصد والتعرف على الناس.
مع وفاة الكابتن أحمد راضي، أحسست بألمه على فراق رفيق دربه، فأرسلت له طلب صداقة على حسابه في الفيس بوك، وبسبب إكمال العدد تم قبول المتابعة، بدأت أتابع ما يكتب علي في تلك الفترة عن رفيق دربه أحمد راضي، ظننت في وقتها ما هيَّ إلا ايام وينسى أحمد، لكن ذلك لم يحدث، وظلت كلماته بحروفها ونقاطها تبكي احمد، أخذَ على نفسه عهداً مع متابعيه بأن لا ينسى أحمد، وأنه سيستذكره يومياً بصورة يمتلكها هو من ارشيفه الكبير أو بذكرى تختزنها ذاكرته، وأوفى بوعده وعهده، ومازال يجتهد لبقاء صورة احمد معه في كلماته. وعليه لم يرثي أحد أحمد راضي كما فعل علي كاظم، حتى أصبح يضرب به المثل بوفاء الصداقة.
يقيم في السويد هو وعائلته، لكننا نجده في أغلب الأحيان في بغداد وعمان، يذهب لزيارة عائلته في السويد، وأقول في نفسي ربما لن يعود إلا بعد إنقضاء فترة طويلة، لأنه قضى أشهر في بغداد، وما هي إلا اسابيع وأجده في عمان مع أصدقائه العراقيين ومرافقاً الفتى فيصل أحمد أبن رفيق دربه في ملاعب الكرة الاردنية ، ثم يخطف نفسه على عجل نحو محبوبته بغداد، لكي تدوس قدميه اسفلتها ويشم رائحة عتقها، يحاور الجميع، وينسج من تلقائيته الرائعة أجمل المواقف، ويحكي يومياً ما يصادفه من مواقف جميلة مع سائق التاكسي وسائق الكية وصاحب المطعم وصاحب البسيطة.
تختلف مواقفه اليومية التي تكاد تكون متشابهة من حيث الشكل، تختلف في طعمها ومذاقها، في كل مرة نجد فيها نكهة جديدة مصدرها كنوز ذاكرته الثرية بتفاصيل أهل بغداد وحياتهم اليومية، فهو كنز من الذاكرة الحاضرة ، لا ينضب، وساعة تتجول في ذاكرة بغداد وحاضرها، وتتحول من الكلمة الى الصورة الى الفيديو الحي، لكي لا يمل نفسه ولا يمله متابعيه.
يتكلم مع العامة ويلتقط الصور معهم، ولم نشعر به يوماً ما انحاز لطائفة ما، فهو شيعي سني مسيحي يزيدي صابئي، فهو العراق في عيون محبيه، فهو ساعة بغداد النابضة ووقتها الثمين وزمنها الجميل.
أقول لعلي أبو عبدالله، لا تصغي ولا تلتفت لمن ينتقد جولاتك ونشاطاتك، فإن ساعتك تدق في قلوب العراقيين، سيبقى محبيك يوقتون ساعاتهم ويضبطونها على دقات أميال ساعتك البغدادية النابضة.