بقلم : الإعلامي علي كاظم
بالامس جاءني كابوس مزعج في المنام , حيث تم ترشيحي لمنصب رئيسآ للوزراء بدلا
من محمد شياع السوداني حيث لم يحصل على العدد الكافي من الاصوات وقام احد النواب وخطب خطبة عصماء
لماذا لا نبتعد عن المحاصصة ونرشح ابن بغداد السيد علي كاظم
فوافق الجميع بلا اعتراض
فقط ايادي قليلة لم ترفع
تخيلوا التهاني والتبريكات التي جاءتني من جميع فئات الشعب العراقي وبالخصوص من الاصدقاء في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ” الفيسبوك ” الذين لم أشعر بوجودهم مطلقا منذ سنوات حتى على سبيل التهنئة في العيد أو عيد ميلاد احد اولادي ,, وبسرعة البرق تم انشاء عدة صفحات بأسمي مواقع التواصل الاجتماعي واصبح عدد المتابعين لصفحتي بالملايين حتى أن أبو المولدة القريبة من بيت اهلي زاد من عدد امبيرات الكهرباء لهم دون ان يطلبوا منه ذلك وأقسم بأعز مايملك انه لايستلم في المستقبل أي مبلغ وستكون كهرباءهم مجانا
أما سائق الخط الذي يوصل شقيقتي الى الدائرة فبدأ يأتي الى البيت ياخذها بعد ان كان في السابق ينتظرها على الشارع العام وتمشي المسكينة أكثر من ربع ساعة يوميا حتى تصل الى سيارته . كل شي تغير في حياتي والجميع يتودد لي حتى زوج خالتي الدكتور المغرور بنفسه جاء الى بيتي ليبارك لي منصبي الجديد وهو الذي أقسم في السابق انه لا يصل عتبة دارنا بعد خلاف قديم مع والدي رحمه الله
أذن أصبحت رئيسآ للوزراء وأول شي أثار أنتباهي هو هذا الكم الهائل من افراد الحماية الذين يوفرون الامن لي وأنا لم أقدم أي شي للعراق وبلا مبالغة كانت أعدادهم أضعاف حماية رئيس النظام السابق ، أستقبلت جميع النخب السياسية الطائفية والوطنية والمصلحية والثورية والعشائرية والرياضية والفنية وجميعم أثنوا على ترشيحي وأنا الرجل المناسب للعراق وأعجبتني كلمة احد السياسيين المتملقين الذي قال ( أنك هبة الله الينا ) وذكرني بنفس القول لاحد الرفاق فيما مضى قالها لصدام حسين
أثار أستغرابي ودهشتي أن بعض السياسيين الذين أستقبلتهم على أنفراد كانوا يشككون بعمل الأخرين ومثل منكول بالعامية ( ميخليلهم سكة ) ووجدت البعض منهم أيضا من الذين التقيتهم سوى كانوا أفراد أو احزاب يطلبون مني منافع ومناصب شخصية ولم يتكلموا في كيفية بناء العراق وكيف ننهض بشعبه ونوفر له الامن والامان والكهرباء وباقي الخدمات الاخرى ونجد حل للمشاكل الاجتماعية التي تعصف بالمجتمع العراقي وتوفير العيش الرغيد للأرامل والأيتام والفقراء ! الجميع كان هدفهم مصلحتهم الخاصة ومن ثم يطلبون الامتيازات لهم ولعوائلهم .
التقيت بجميع وسائل الاعلام المرئية وغير المرئية وطلبت منهم ان تكون كتاباتهم حيادية وينصرون الحق والابتعاد عن تزييف الحقائق على حساب الباطل فانتم عيون الشعب وهنا قام أحد الاشخاص بالقاء كلمة نيابة عن زملاءه وتخللها كلمات المدح والتمجيد بشخصي وعندما ذكر أسمه قلت له اني أعرفك فسبق لك أنك مدحت رئيس النظام السابق فأنت وغيرك من دمر العراق بأكاذيبهم ونفاقهم وتملقهم للجميع على حساب قول الحقيقة
البعض من الذين التقيتهم كانوا لايحبون العراق بل يسرقونه يوميا كلا حسب أختصاصه وموقعه !! وحدهم الشباب الثائر والفقراء والايتام والبسطاء هم من أشعروني بان العراق بخير وفيه ناس اصلاء يخافون عليه ويحبونه .. لم يطلبوا مني شي بالرغم من أنهم في امس الحاجة لكل شي من مال الى سكن ولكنهم طلبوا مني أن أحكم بالعدل وأن أنصف المظلوم وأسجن الظالم
في اليوم الثاني من عملي كرئيس وزراء طلبت جرد باسماء المستشاريين وعملهم ورواتبهم وأمتيازاتهم ,, طلبت أيضا باسماء الضباط ورتبهم في مكتب القائد العام للقوات المسلحة وماهو عملهم بالضبط !! طلبت أيضا كم هي الميزانية المخصصة للرئيس الوزراء ورئيس البرلمان ورئيس الجمهورية للانفاق العام !! بعدها بدأت التقارير تصلني ولم أصدق ما أقرأ ملايين الدولارات تنفق يوميا بأسم القانون ! أشخاص لاعمل لهم ولاشغل مجرد ” يتناولون الشاي والقهوة ” يتقاضون رواتب عالية ومخصصات وكل تاريخهم أنهم كانوا خارج العراق ويدعون أنهم معارضين للنظام السابق ,
اول مكالمة جاءتني للتهنئة من رئيس جمهورية أيران واكد فيها عمق العلاقات بين البلدين وأن أيران تعمل من اجل مصلحة العراق وتمد يدها لنا في سبيل مكافحة الارهاب وفي نهاية المكالمة قدم لي دعوة رسمية لزيارة طهران ..
بعدها جاءتني مكالمة من رئيس وزراء تركيا يُهنئني على فوزي في الانتخابات وتمنى لي الموفقية والنجاح في العمل وقال نستطيع أن نحل مشاكلنا بأسرع وقت وانه سيرسل وزير خارجيته للتباحث بعدة أمور تهم البلدين . تلقيت برقيات عديدة من الرؤساء العرب والاجانب والجميع يتمنى لي النجاح في قيادة هذا البلد الجريح
,,, أجمل تهنئة قرأتها كانت لرئيس دولة الصومال الذي قال أن بلاده مستعدة لتقديم الخبرة الامنية واللوجستية للعراق وقال أن الصومال مستعدة لفتح دورات عسكرية للبعثات العراقية في مقاديشوا , ووصلتني رسائل تهنئة من ملوك وأمراء دول الخليج ومن رؤوساء مصر والجزائر وتونس وملك المغرب وجميعهم أكدوا في رسائل التهنئة وقوفهم مع العراق متمنين لشعبه الامن والامان .
بعد أسبوع من تولي منصبي شعرت بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي وان هذا الوطن والشعب أمانة في عنقي أمام الله خاصة مع وجود بعض السياسيين يعملون ضد الوطن ويحاولون افشال مهمتي ليبقى العراق ضعيفا ممزقا .
أجتمعت بالوزراء والمسؤولين الكبار ووضعنا خطة عمل لكل وزارة لكي تنهض بمهامها وتقدم ما ينتظره الشعب منهم الذي بدأ يكرهنا خاصة بعد ١٩ عاما من الفشل السياسي والاختلافات والصراعات على المناصب والكراسي وتقديم مصالحنا الخاصة على مصلحة الشعب والوطن
بعد شهر من وجودي كرئيس وزراء اكتشفت من خلال البرقيات السرية واجهزة الامن ان حجم الفساد والسرقات في العراق لا تصدق حتى في الاحلام وطلبت ملف المليارين ونصف المفقودة من مصرف الرافدين من جباية الضرائب ووصلني كتاب من المحكمة العليا بايقاف صرف ٧٥ مليار دينار عراقي لمكتب رئيس الوزراء الكاظمي وبدأت افرك عيني من العجب الذي اطلع عليه في التقارير .
اجتمعت بالمقربين مني وقلت لهم اني سوف استقيل لاني لا استطيع ان اقف بوجه السراق من السياسين والاحزاب فهؤلاء دولة داخل دولة . اعترض البعض وايدني البعض وفي اثناء الاجتماع وصلتني رسالة مجهولة على الواتساب تحذرني من محاربة السراق والفاسدين هذه الرسالة جعلتني ان لا افكر بالاستقالة وقررت ان امضي قدما في خدمة وطني وايقاف عجلة سرقة اموال الدولة
رن جرس البيت فانقطع الحلم ونهضت من النوم وفتحت الباب فاذا امراة فقيرة تحمل بيدها طفل تقول ( الجوع والفقر قتلني من مال الله يرحمك الله ) اعطيتها من مال الله وتذكرت زيارات الحج والعمرة لسياسي العراق وفي جيبوهم اموال الفقراء المسروقة