من يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في العراق بعد 16 عاما على غزوه واحتلاله؟
وعلى الرغم من أن المسؤول الذي أوصل العراق إلى هذا الحد من التداعي والانحطاط والفشل والانهيار معروف للجميع، إلا أن منتج هذا الاحتلال أضاف أحمالا جديدة على كاهل العراقيين جراء تسيد طبقة سياسية على العراق حولته إلى بلد مستباح مسلوب الإرادة هدرت أمواله، ناهيك عن إقصاء الآخرين والاستئثار بالسلطة بالارتكاز على نظام المحصصة الطائفية الذي حمى سراق المال العام من المساءلة وجلبهم للقضاء.
تداعيات السنوات العجاف وتراكم الخيبات والنكبات والكوارث على مدى تلك السنوات هي التي عجلت وفجرت الانتفاضة الشعبية التي هزت اركان النظام السياسي وحلفائه، وكشفته على حقيقته منهارا وغير قادر على مواجهة المد الشعبي المتصاعد ومطالبه المشروعة التي صادرها النظام.
إن ما يجري في ميادين وساحات العراق هو بالأحوال كافة ثورة شعبية على الظلم والاستبداد والفشل يستوجب من المسؤول الذي تسبب في الحال الذي وصل إليه العراق أن يرفع يده عن نظام غير مقبول شعبيا، لا سيما وأن الرئيسين السابق باراك أوباما والحالي دونالد ترامب وصفا مغامرة احتلال العراق بأنها خطأ فادح وغير مبرر وغير أخلاقي، وما يعزز هذا الخيار الرفض الشعبي للنظام السياسي، لا سيما من جمهوره الذي أوصل رموزه إلى سدة الحكم.
وإذا رصدنا حال العراق بعد 16عاما على احتلاله نستطيع القول إن المغامرة التي تورطت بها إدارة بوش الابن كانت بالمقاييس كافة فاشلة وكارثية أدخلت العراق والمنطقة والعالم في فوضى عارمة وعدم استقرار ما زالت تداعياتها متواصلة على أكثر من صعيد حتى الآن.
والأخطر من كل ما جرى ويجري هو أن الغزو والاحتلال وفشل المشروع الأميركي في العراق ساعد في ظهور ظاهرة التطرف الأعمى الذي أدخل العالم في أتون صراعات لم تنته حتى الآن.
والسؤال الذي بات يؤرق وينغص حياة المتورطين في المغامرة الأميركية ومن ساعدها في حملة التحريض على العراق: لماذا ذهبنا إلى العراق؟ وما ثمن تلك المغامرة؟ وهل كسبت واشنطن قلوب العراقيين كما ادعى صقورها بغزوها لبلادهم وتخليصهم من (نظام ديكتاتوري) ووضعهم على سكة الحرية والديمقراطية والازدهار الاقتصادي والإعمار والتنمية والسلم الاجتماعي؟
هذه التساؤلات وغيرها أجاب عليها بعض من كان يعمل ضمن إدارة بوش الابن ويحرض على غزو العراق، وأولى هذه الشهادات كانت من وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي عبر عن أسفه واعتذاره للحرب على العراق، ومشاركته بحملة التحريض عليه بمزاعم امتلاكه أسلحة محظورة وخطيرة، كما أن شهادة مدير وكالة المخابرات الأميركية جورج تينت هي الأخرى كشفت حملة التضليل ضد العراق وتصميم بوش الابن وعلى الغزو، حيث أكد تينت نفي وكالته امتلاك العراق أسلحة محظورة.
إذا من هو الخاسر الأكبر في عملية غزو العراق واحتلاله بالتأكيد هو العراق بكل ألوانه وطوائفه؛ لأن الاحتلال أنتج نظاما سياسيا هجينا ليس له علاقة بحاجات وتطلعات العراقيين بوطن تسوده الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وخالٍ من إرهاصات الثأر والانتقام والاحتراب الطائفي.
هذه الأسباب وغيرها هي التي فجرت الانتفاضة الشعبية كرد فعل على فشل المشروع الأميركي ومنتجه النظام السياسي وخيباته وفشله في شتى الميادين كانت إيذانا بانبثاق بمشهد جديد يشهده العراق بعد أن عانى أبناؤه الظلم، واستبداد الطبقة السياسة ونظامها السياسي التي أفقدت الانتفاضة الشعبية شرعيتها في الشارع.