الولايات المتحدة ومفاوضاتها مع إيران في تعثر مستمر، حتى اصبحت التهديدات باستخدام القوة من قبل المسؤولين في واشنطن ضدها يومية. التهديدات اصبحت اكثر جديةً عندما وجد الاسبوع الماضي مواد انشطارية غير معلن عليها من قبل ايران في موقع ايراني والذي اثبت ان ايران تعمل بالخفاء وبسرعة في انتاج القنبلة الذرية التي منعها العالم حتى من التفكير بها، وحسب ما نقلته الواشنطن بوست.
الاحداث مع ايران “الحليف العدو” لامريكا في تتطور مستمر نحو الاصطدام رغم ادعاء الاثنان انها ليس من خياراتهم (الحروب كلها لم تكن من خيار احد ولكنها ضرورة لتصحيح الامور). المصلحة الامريكية تقع مع العرب اكثر من ايران اذا ما ارادت ان توقف الزحف الصيني والروسي للشرق الاوسط وشمال افريقيا وشرقها القريب جداً للمحيط العربي. امريكا بحزبيها يهمها المصلحة الامريكية اولاً واخيراً، وأسرائيل اكثر مقبولية الان من جيرانها العرب وممكن تحسنها اكثر في حالة وضع جهود امريكا واللوبي الاسرائيلي في واشنطن على عدم اضعاف العرب بالتعاون مع اعدائهم، الاحسن عليهم حل القضية الفلسطينة على اساس الدولتين والذي وافقت عليها الجامعة العربية مع ضمانات عربية ودولية على ان لا تكون دولة فلسطين عدائية لاسرائيل بل ترضى بالواقع الجديد وتبني علاقة المصالح المتبادلة مع اسرائيل. اسرائيل في ٢٠٢١ ليس كما كانت في يوم تأسيسها المعتمد على اسس دينية وتاريخية لا يمكن مطلقًا الاتفاق عليها من كل الاطراف، بل اصبح التعايش معها على اساس المصلحة المتبادلة والمفتوحة وعدم الاعتداء على الاخر، كما هو حاصل في اوربا المتحضرة او امريكا الشمالية مثلاً.
اسرائيل وبعد ٧٠ سنة وفي جيلها الثالث يختلف عن اباءه واجداده وينظر نظرة مختلفة على جيرانه العرب ويعمل على فتح الجسور معهم ومع شعوبهم. امريكا عليها ان تفهم ان عدائها للعرب هو خطأ فادح سيسبب لها اوجاع كبرى في حالة توجهها الى اعدائها مثل ايران بدل بقائها مع العرب الذين كانوا اوفياء لها خلال المئة سنة الماضية. حان وقت اليقظة لامريكا وحان وقت استراتيجية بناء الثقة مع اصدقائها في يوم اصبح المارد الصيني القوي على ابوابها.
عودة الكاظمي لاربع سنوات او سنتين قد حسمت وان امريكا والمنطقة بضمنها تركيا اتفقت على ذلك وايران لم تعارض ولكنها لم تقل نعم. الفائزين بالانتخابات الاخيرة ليس لهم اي مشكلة بأعادة الكاظمي مرة اخرى( سنتين أو اربعة)، الاصوات في البرلمان كافية لتحقيق ذلك. مثقفي ومحللي وصحفي العراق الوطنيين اليوم يثقفون معظمهم ثقافة التخاذل واليأس وينشرونها بين الشعب وقيادته الوطنية، عمداً أو من غير عمد لهو حقاً جريمة مدمرة للشعب. كثير من تحليلات اليوم التي تنشر على ادوات التواصل الاجتماعي والتي تظهر فيها قوة العتاكة باسلحتهم الكثيرة وفرقهم الامنية وحشودهم العميلة ومالهم الكثير وعملائهم المنتشرين في كل مكان، هو الا حقاً اراد به باطل وخطأً جسيماً من هؤلاء الكتاب “الوطنيين”.
الحقيقة الدامغة التي يعلمها الجميع والتي يجب ان يثقف بها الشعب؛ ان الحشد اللاشعبي اضعف من ان يقف امام شعبه لان سبب انشائه قد انتهى واستمراره لحد هذا اليوم هو ليس الا خدمة لإيران الملالي وليس العراق، مع التأكيد على ان الكثيرين منهم مجبرين على الاستمرار بالانظمام له وغير مخيرين لحاجة العيش فقط، ونفس هذا الامر مع الجيش( استثناء لجهاز مكافحة الارهاب المخترق قليلاً من الجواسيس من فرق الجيش الاخرى) والشرطة ولكن اكثرهم ينقلبون عند ظهور القائد الوطني القوي والحركة الوطنية الموحدة معه.
الامن العامة والداخلية هم فقط المخترقين بقوة من قبل ازلام إيران وهم جزء من منظومة الحرس الثوري الايراني ومعظمهم من منظمة غدر . اما المخابرات فهو جهاز معظمه وطنيين مخلصين يحبون وطنهم ويعتزون بانتمائهم له. علينا جميعاً ان نثقف ان العراق لا زال به الخير ولا زال معطاءً ولا زال احراره احياءً وان يوم التحرير والخلاص قريب.
ان الحركة الوطنية اليوم اقوى من اي وقت مضى منذ ٢٠٠٣، وان المخلصين من الوطنيين بدأوا ينجحون بالوصول لمناصب مهمة باستخدام ادوات النظام الحالية( الانتخابات الاكثر نزاهة الاخيرة مثلاً وغيرها ) الذي يستطيعوا بها المساعدة على التغير. اليوم جميعاً واجبنا ان نستغل فرصة الانتخابات الاخيرة ونثقف بإتجاه حكومة الاغلبية التي يقودها الكاظمي في فترة مرحلية الى حين اعادة انتخابات اكثر نزاهة ومشاركة من قبل الشعب. أربع سنوات فرصة كافية للكاظمي والفائزين بتحقيق مطالب الشعب وهي السيادة والعدل بين الناس وتصفية الجواسيس والعملاء في الدولة العراقية.
القوى الوطنية المعارضة اليوم اكثر تنظيماً وخاصة حزب البعث تحت قيادته الشابة الاكثر قوة واتحاد وتفاعل مع الشعب واذكى عراقياً ودولياً. القوى الوطنية المستقلة بدأت بالتكتل مع بعضها البعض وتشكل قيادتها لتصبح رقماً فاعلاً قويا يؤثر ويغير بوتائر اكثر سرعة وقوة. ثورة الغربية واعتصاماتهم في ٢٠١٣ وتظاهرات تشرين في ٢٠١٩ أجبرت العتاكة ان يتعاملوا مع واقع اكثر وطنية وأقل التزاماً بالعمائم القادمة من خارج الحدود. الحركة الوطنية بخير ونحن الاقوى في نظر العالم الحر بالمقارنة بعتاكة بغداد، حكامها الزائلين بلا رجعة.
اننا وطني العراق نسير في مسيرة التحرير والخلاص لشعبنا ووطننا وان وحدتنا اصبحت ضرورة في عالم يختلف جداً عن عالم ابائنا او الذي ولدنا وترعرعنا به، واذا لم نتعامل معه بعقلية الانفتاح المعتمدة على المصلحة المتبادلة مع وضع القوانين القوية والصارمة لتنظيم المجتمع وبنائه على اساس العمل المخلص والوطنية شيء واحد لا ينفصلان والوطن للجميع. العراق دولة فتية كما هي دول المنطقة كلها التي لا يتجاوز عمرها المئة عام. دولاً ممكن ان تبقى وممكن ان تزول، ووطني العراق عليهم ان يعوا دورهم التاريخي في بقاء دولة اسمها العراق قوية ومتحدة وناهضة، ونحن لها والله دائماً معنا.