عودة حزينة إلى بغداد

بعد أن منيّتُ نفسي بعطلة صيفية ممتعة مع الوالد والوالدة والشقيقتين والأقارب ودجلة التي عزمتُ قبل أن أبدأ عطلتي في طويبة، أن أقضي فيها شهرين على الأقل، وإذا بي أُفاجأ بأن قراراً حازماً قد اتخذه أبي بأنْ أعودَ إلى بغداد ولمّا يمضي على وجودي مع أبي وأمي أكثر من عشرة أيام أو ربما أسبوعين على الأكثر، قال لي أبي لقد ضحينا بك وتحملنا فراقك وخاصة أمك، من أجل سلامتك والحفاظ على حياتك من غرق مؤكد، ثم تأتينا بعد أكثر من سنة ونصف لتقضي بيننا عدة أسابيع لكنّ أمكَ لا تكاد تراك وتسعد بوجودك معها، بل تقضي نهارك في النهر وليلك نائماً، فهل يجوز هذا يا ابني؟ حاولت استثير عاطفةَ أمي لأكسبها إلى جانبي، ولكن صدّمتي من موقفها المفاجئ كانت المفاجأة كبيرة، إذ بدت أكثر حماسةً من أبي لعودتي إلى بغداد وبأسرع وقت، وقالت وهي تغالبُ دمعةً حزينةً وتحاول الظهور بمظهر قوي أمامي، لقد اردنا أن تأتي إلينا في العطلة الصيفية لنراك ونسعد بوجودك بيننا، ولم نُردْ أن نُحوَل مجيئك إلى مأتم يجدد أحزاننا القديمة بفقدان إخوتك الثلاثة وشقيقتك، فتهيأ للسفر مع أول ذاهب إلى بغداد.
حتى أنتِ يا أمي ما ظننتُ أنك تفرطين بي بهذه السهولة، لمجردِ وقوع حادثٍ عابرٍ أوشكت أن أغرق فيه، وقد تعهدت لكم بأنْ أقلل ذهابي إلى “الشط”، ولكن يبدو أنكم تعودتم على فراقي أو تكيفتْ حياتُكم من دون وجودي بينكم حتى صرتم تنظرون إلي كضيفٍ ثقيل ولستُ ابنُكم، أنا لن أعود إلى طويبة مرة أخرى فلا تطردوني بل سأنسحب من تلقاء نفسي بدلا من أن أصبح عبئا ثقيلا عليكم، ليس اليوم وإنما منذ أن فرطتم بي قبل سنتين عندما أرسلتموني إلى بغداد أول مرة لأنكم كنتم تتشاءمون مني بسبب موت أشقائي وكأني أنا المسؤولُ عن موتهم، قاطعتني أمي فقالت أنت تتحدث بهذه البساطة عن حادثٍ كاد أن يكون كارثة، لقد كان نقطة فاصلة بين الحياة والموت، لقد كنت قريبا من الموت، أنت لا تعرف ماذا جنيتَ بحق نفسك وحقنا؟ اتق الله يا ابني وارحمنا يرحمك الله.
مع ذلك الحوار الحزين استعدت ذكرى أول يوم أربعاء من صفر عندما أخذتني خالتي أم أركان عندما كنت صغيرا وأخرساً وهي لم تكن قد تزوجت بعد، إلى مزرعة الخضار الملحقة ببستان جدي بدر وكنت ساعتها أنظر إليها برعبٍ لا يمتلك القدرة على التعبير عن نفسه، كانت تحمل بيدها صرّة صغيرة فيها أشياء لا أعرف ما هي، نعم كان ذلك في أول أربعاء من شهر صفر عندما كنت بين الخامسة والسادسة من العمر ولم أنطق بعد، فذهبت بي الظنون أنها ستذبحني، لاسيما وأنها قتلت بقرة غريبة اقتحمت مزرعة الخضار على الرغم من التنبيهات المتكررة من أنها إن رأت أي دابة ترعى داخل المزرعة وتأكل الرقي والبطيخ والطماطم والخيار والباميا والباذنجان، فلن تتردد في قتلها ببندقية الصيد ومن أجل تأكيد ذلك التهديد عرضت على الجميع تلك البندقية في حركة بدت وكأنها استعراض قوة وقالت لهم هذه المزرعة تعبي وجهدي أنا فلا يقرب منها أحد، أخذتني وأنا منقاد لإرادتها بلا أدنى ردة فعل، ولكنني كنت ارتجف من شدة الخوف، عندما وصلنا إلى إحدى سواقي المزرعة، تأكدت أن الأمر كبير جدا بل أكبر من كل مخاوفي، فأمسكت بي وربطت يديّ بقوة، فاستذكرت ما كنت أسمعه وأنا أخرس في مجالس الحديث عن الأنبياء عليهم السلام وكأن خالتي تريد تكرار تجربة سيدنا إبراهيم عليه السلام يوم أراد أن يذبح ولده الوحيد إسماعيل عليه السلام، ولكن لماذا لم تقم أمي بهذا العمل أو خالي فرحان؟ ولماذا خالتي أم أركان؟ المهم فتحت صرّتها وإذا بها تخرج منها عددا من البيضات لم أتبين عددهن، ثم بدأت تضرب جبيني “كصتي” بالبيض بقوة الواحدة بعد الأخرى، كان كسر البيض على جبيني “كصتي” مؤلماً من الناحية النفسية أكثر من الألم الجسدي الذي يسببه لي، وكان منظر محتويات البيض وهي تسيل على وجهي عندما يختلط البياض بالصفار مع بعضهما ويرسمان لوحة تراجيدية من الألم، يدفعني للتساؤل ماذا فعلتُ لها أو لأهلي كي أتلقى هذا العقاب؟ كان عدد البيضات سبع فقط ولكنني تصورت أن خالتي جاءت بكل ما باضته الدجاجات في قنّها ذلك اليوم الحزين، ولكن عندما توقف الأمر عند البيض وألمّ في الجبين شعرت بسعادة صامتة وإن كنت ما أزال أبكي بمرارة لم يخفف من حدتها عبارات المواساة التي أطلقتها جدتي فاطمة التي كانت ملاذي في الملمات من قسوة أمي التربوية أو طيش الأقارب معي بسبب خرسي الطويل، ورحت أردد مع نفسي ماذا جنيتُ حتى أعاقب بتلك العقوبة المجنونة؟ وكيف سمحت خالتي التي كانت تزعم أنها تحبني أن تفعل هذا معي وكيف سولت لها نفسها أن تتعامل معي بهذه الوحشية؟ استذكرت هذه الحوادث كلها أمام أمي يوم أبلغتني بقرار ترحيلي إلى بغداد، ولكنها فوجئت بسردي لكل هذه الحوادث القديمة وربما ظنتْ أنني نسيتها، ولهذا عندما تحدثتُ مع أمي بهذه اللغة الحزينة والنفس المنكسرة والذكريات المرة، تفاجأتُ بدموعها تنهمر بغزارة، وكأنها تريد أن تقول لي لا تثر مواجعي يا نزار أنت لا تعرف شيئا، لقد انتزعوك مني انتزاعا وكأنهم سلبوني قطعة من قلبي، واليوم تتكرر معي المأساة نفسها، أنا أريدك أن تعيش لا أن تغرق في النهر لأنك لا تستطيع مقاومة منظر الشط من دون أن ترمي نفسك فيه، لقد أعطيتني تعهدات أكثر من مرة ولكنك لم تقمع نزواتك وحبك للنهر، فكفْ عن هذا العبث بمصيرك وحياتنا، وهنا برز في ذهني سؤال مرير، فقلت لها هل كان تكسيرُ البيض من أجل حمايتي أم من أجل أن يعيشَ لي أخوةٌ آخرون؟ ولما لم تمتلك جوابا عالجتْ حيرتها بمزيد من الدموع، أخذتني نزعة عدوانية في التعامل مع أمي في تلك اللحظات وكأنني أريد الانتقام من فعل ماضٍ تام، أنتقم لأنها وافقت على التخلي عني وتسفيري إلى بغداد، ولا أعرف كيف تلبّست بيْ تلك الروح العدوانية في تللك اللحظات التي كنت أتلذذْ برؤية دموعِ أمي وهي تنهمر بغزارة وكأنني أبحث عن مكانتي في قلبها، نعم كلما مرّت تلك الذكريات في خاطري، أحسست بمقدار ما ألحقته من أذى في نفس أمي عندما حدثتها عن تلك الأيام الخوالي والتي كانت تريد نسيانها بكل ما تمتلك من إرادة وتحمّل وصبر، ولكن صمودها سرعان ما يتداعى مع أول دمعة تنزل من قلبها وليس من عينيها، فكأنها تجسد القول المأثور “أول الغيث قطر ثم ينهمر”.
في أية لحظة وفي كل مكان تمّرُ ذكرياتُ حديثي مع أمي، تخنقني عبرة وحشية خاصة عندما كنت أسيراُ في إيران عندها كنت أشعر بأنني أسيرُ عدوين، الأول يجلد ظهري بسياط الحقد والكراهية فأخرج من حفلة الجلد وأنا أكثر صلابة وإرادة وقوة على مواصلة الطريق، والآخر يجلدني من الداخل بذكريات قاسية يكفي مجرد مرورها في خاطري بسياط من نار تتهاوى أمامه كل قواي فلا أقوى على شيء، فلطالما كدت أجهش بالبكاء لأنني تذكرت كيف نكأت جراحا غائرة في نفس أمي، ولكنني عندما كنت استفيق واسترد وعيي، أتساءل مع نفسي ماذا سيفسر رفاق طريق المحنة في زنازين عدوٍ متجبر في ظلمه وطغيانه، هل سيفكر أحدهم بأنه لو تذكر حوادث مرت به بمثل هذه التفاصيل المحزنة، فهل سيمسك نفسه عن البكاء؟ لا أريد أحدا من رفاقي أن يفكر للحظةٍ واحدة أنني جزعت من الأسر، على الرغم من أنني أتمنى أن تنتهي هذه المحنة الطويلة، اللحظة قبل اللحظة التي تليها، ولكنه امتحان الرجال ولا يليق بمن دخلوا حلبته أن يتخاذلوا عند أول محطة لقطار الأسر الذي لا يعرف أحدٌ أين تقع محطته الأخيرة، كانت الأسئلة تترى بصمت وإجاباتها بصمت، فكلما تقدم الإنسان في العمر كلما كان أكثر ميلاً لاعتدالٍ أكثر وتكون نظرته إلى الحياة أكثر عمقا.
لا أدري لماذا تتجمع ذكريات الأحزان القديمة لتتلاقح مع الجديد منها وتُلقي بأثقالها بلا رحمة فوق رؤوس المقيدةِ حريتُهم؟ أهي مراجعة نقدية للذات ولمسيرة العقود الماضية من العمر؟ أين أخطأتُ وأين أصبتُ ومع من؟ وأين قصّرتُ في واجباتي وهل كان هناك متسعٌ لأفضل مما حصل؟ أسئلة تنهال كمطر تحمله مزنة سوداء يهطل مطرها بلا توقف حتى تمتلئ الوديان بغدران الألم، أه لو أن الزمن يعود من جديد لكنتُ قد أعدتُ النظر بكثير من تصرفاتي وقناعاتي وخياراتي وعلاقاتي وقراراتي مع الناس وخاصة أقربهم أليّ، ولكن هل يعود الزمان القهقرى؟ كان رفاقي يلاحظون مسحةً من الحزن ترتسمُ على وجهي حتى في أكثر الأوقات استرخاءً في معاملة الإيرانيين لنا، أقول لهم هي ذكريات حزينة عدّتْ ومرتْ والحمد لله، ولا يتركونني إلا إذا شاركتهم أحاديثهم، لم أكن أنا الوحيد الذي يمر بمثل هذا الظروف، وربما كنت أستطيع السيطرة على مشاعري كما هو حال الكثيرين، كنا هكذا نتعاضد ونتكاتف على نحوٍ لا يحصل حتى بين الأشقاء في ظروفهم الاعتيادية.
وجاء يوم الرحيل من طويبة إلى بغداد كئيباً حزيناً أكثر مما حصل لي عند مغادرتي طويبة إلى بغداد أول مرة، فقد خَبِرتُ ألمَ الفراق بمعايشةٍ مباشرة قبل سنتين بعدة شهور، ثم إنني أصبحت أكثر وعياً من المرة الأولى بسنتين وتعايشتُ مع معارف جديدة ربما ما كان لي أن أتعرف عليها لو بقيت في طويبة، عانقتني أمي وشقيقتي بعد أن كنت قد ودعتُ أخوالي وخالاتي وجدي وجدتي الليلة الماضية، وركبت السيارة في الطريق إلى بغداد بحماسة مفقودة وعزمت ألا أعودَ إلى طويبة مرةً أخرى، ولكن هل هذا القرار نابعْ عن يقين ثابت أم من حالة انفعال صاخبة عطلت المدارك والوعي؟ وهل سأبيعُ من تصورتُ أنهم باعوني، وإذا قررت عدم العودة إلى طويبة فأين أذهب؟ وهل من ملاذ دائم لي؟ وأين يرى الإنسان بيتاً يُقبلُ به في صيفه وشتائه؟ في خريفه وربيعه؟ ربما لو أن أعظم سلاطين الأرض عثر على مثل هذا البيت لتخلى عن نصف ملكه ليعيش فيه.
كل طريق الرحيل الثاني إلى بغداد كنت أجري مقارنات بين عيشي فيها أو العيش في طويبة، وأحاول أن أجد لنفسي عزاءً مما أعانيه من إحباط وقنوط، أول ما خطر في ذهني أن طويبة تزدحم كأية بيئة قروية بالأفاعي والعقارب، وطالما لدغت صغار السن بل وحتى الكبار فأدت إلى موت محقق لعدم الوصول في الوقت المناسب إلى الطبيب فالعقارب والأفاعي يمكن أن تعيش في المنازل غير المعزولة وكذلك المبنية من الطين ومسقفة بجذوع الأشجار وتختبئ بين السقوف الطينية، أما بغداد فلم أر فيها أفعى أو عقربا طيلة السنوات الأولى التي عشتها فيها، فالمنازل مبنية من الطابوق وسقوفها معقودة بالشيلمان والطابون، هذا قبل أن تنتشر السقوف المصبوبة بالإسمنت.
الكهرباء لا ينقطع تيارها عن المنازل في بغداد على مدار ساعات اليوم إلا في الحالات الاستثنائية والطوارئ التي قد تحصل لأي سبب من الأسباب، أما طويبة فالكهرباء مستمرة على مدار اليوم لمنزل شقيقيْ الحاج جاسم أما بقية المنازل وهي معدودة على أصابع اليد الواحدة فهي لمنزل والدي وجدي بدر والمستوصف ومنزل الطبيب والمدرسة، فيقطع عنها التيار نهارا ما عدا فصل الصيف فيتم تجهيزها لمدة ساعتين في ذروة الحر.
طرق بغداد معبّدة أو مرصوفة بشكل يتيح الحركة فيها حتى إذا سقطت الأمطار بغزارة، وأخيرا فكرت أنني في بغداد أعيش في ظرف إنساني واجتماعي أفضل مما كنت أعيش في طويبة، وطالما أتيحت لي رؤية الملك فيصل الثاني مرة كل أسبوع عندما يغادرُ بيت إحدى عماته الذي يقعُ في الشارع الذي يلي بيتنا في كرادة مريم، فقد كان يأتي أليها كل يوم أحد مساءً ويبيت ليلته عندها ويغادرها إلى البلاط الملكي يوم الاثنين صباحاً فنقف مجموعة من الطلاب ونحيّه، أنا وأصدقائي ضياء حسين علي مبارك وأدهم خميس الضاري ومؤيد غازي البيرماني، وكان يرد لنا التحية بودٍ ومحبة ويحينّا بيمينه فنرى خاتما فضيا في اصبع البنصر الأيمن، عندما كان الملك يأتي ويغادر فيأتي بسيارته البيوك السوداء مع سائق ومرافق فقط، وكذلك كنت أشاهد نوري السعيد عندما يغادر بيته إلى مكتبه في القشلة صباح كل يوم أمر فيه من الساحة القريبة من جسر الملكة عالية الذي تم رصد الأموال لبنائه.
يضاف إلى ذلك أن وسائل الترفيه متاحة، أذكر في ليالي الصيف أننا كنا نسمع عن بعد الأغاني التي تصدح بها المطربة نهاوند التي كانت تغني في ملهى ليالي الصفا الصيفي، وتُنقل عبر مكبرات الصوت كانت تصل أسماعنا عندما نستعد للنوم في سطوح المنازل، وكانت اغنيتها المشهورة “يبا يبا شلون عيون عندك يابا؟ هي الأكثر تردداً في الملهى أو في إذاعة بغداد،.
وكانت بعض الصحف اليومية تصل إلى منزلنا في كرادة مريم بالاشتراك السنوي مع إداراتها، وكنت أبذل جهودا في قراءتها بصورة سليمة كي أقنع عمي بأنني أصبحت قادرا على قراءة موضوعات خارج المنهاج المدرسي المقرر.
والأمر الأهم من كل هذا كنت أشعر بارتياح لأجواء مدرسة دار السلام كونها مدرسة مختلطة تأتي الفتيات إليها وكأنهن فراشات تتطاير من زهرة إلى أخرى، ويفتح وجودهن باب التنافس على مصراعيه في الدروس والألعاب الرياضية فضلا عن ان الاختلاط بين الجنسين في المدارس الابتدائية يشيع جواً من الانشراح والانضباط في وقت واحد.
لكن هذه المزايا وغيرها وكل هذه التبدلات في مفردات الحياة في بغداد والتي دخلت على حياتي فيها، لا يمكن أن تعوض لحظة واحدة من حب وحنان من أب وأم، فهل يتصور أحد أن الأب والأم يمكن مقايضتهما بكنوز الأرض ورفاهيتها؟.
استقبلتني جدتي بترحاب ولكنها همست في أذني أن عمك عبد الرحمن علم بذهابك إلى الشط وأنك أوشكت أن تغرق لولا رحمة الله، فقد يحاسبك فتحمّل تعنيفه لك، سألت نفسي أهذا هو وقت التعنيف أو وقت الاستقبال والترحيب؟ عندما عاد عمي عبد الرحمن من عمله في البنك العربي فرع العراق، قالت له جدتي لقد عاد نزار، فناداني ولكنه لم يبدي غضبه مني ويبدو أن جدتي هي التي أقنعته بأن يكون رقيقا، ولهذا قال لي “ها اجيت بالله لو غرقت ماذا يكسب أبوك وأمك؟ المهم لقد سجلناك في الدورة الصيفية في مدرستك فاستعد للذهاب ولك يومين استراحة على الأكثر”، كان هو وعمي شامل يتبادلان نهجين متضادين، فعمي شامل يتعامل معي بكل رقة ولين، أما عمي عبد الرحمن فيتعامل معي بقسوة وأحيانا بشدة مفرطة، ويبدو أنهما متفقان على هذه الثنائية.
كانت جدتي تأخذني معها في زياراتها لصديقاتها أيام سامراء، مثل الحاجة منيرة وأم سويدان وغيرهما، كانت الاثنتان تلاطفاني جهد طاقتهما لأنهما تعرفان أنني تركت أهلي وجئت إلى بيت عمي، كنت أضحك على بعض القصص التي يرويانها، وكانت من قصص بعض الأشخاص الذين تركوا أهلهم وذهبوا طلبا للعلم أو الثروة، وبعضها لا يخلو من مفارقات مضحكة، ربما في سردهما اضافات تناسب وضعي، إلا أنني كنت أضحك للنتائج التي تنتهي فيها قصص الأبطال، عندما أضحك كانت جدتي تقول “نزار يضحك ودرده ببطنه”.

مقالات ذات صلة

د. نزار السامرائي

عميد الاسرى العراقيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى