فوضى المصطلحات السياسية والقانونية المعتمدة عالميا

قبل عدة سنوات كتبت مقالا بيّنت فيه رفضي بل وإدانتي لاستخدام مصطلح (التطهير) إذا انصبّ على المناطق السنية في العراق أو سوريا أو اليمن، في حال وجود برنامج موضع التنفيذ لإزاحة العرب السنّة من مناطقهم وجلب آخرين من أعراق أو مذاهب اخرى، واستندت إلى قواعد أخلاقية ودينية ولغوية.
فالله سبحانه وتعالى أشار إلى كلمة الرجس في أكثر من موضع في القران الكريم، ففي الآية 30 من سورة الحج قال تعالى (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) وفي الآية 33 من سورة الأحزاب وهي موضوع حديثا يقول تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، ففي القران الكريم فإن الرجس يعني القذر والنجس، أما التطهير فيعني إزالة النجاسة، أما في عالم الطب فالمصطلح يعني (تدمير الكائنات الحية العضوية المجهرية المسبّبة للمرض لمنع الالتهاب بالعقاقير المبيدة).
فهل يعقل أن نقبل لأنفسنا أن نخضع لمصطلحات نرددها بغفلة أو أنها باتت مفروضة علينا لأنها تعني في لغات أخرى غير هذا المفهوم السيء؟ وهل بات أهل السنة في مناطق نجاسة حتى تأتي مليشيات محملة بأحقاد إيرانية تاريخية لما تستشعره إيران من ضآلة أمام بأس العراقيين، فألبسته لبوسا طائفية كي تجند مجموعة من القتلة المحترفين فتجعل منهم جندا مجندين يأتمرون بأمرها وينفذون أجندتها في الانتقام من العراقيين وتجعل من نفسها في نهاية المطاف وسيطا يحاول تهدئة المواقف وحل المشكلات التي أثارتها بتصميم وإصرار لتحقيق أهدافها التوسعية؟
مما يؤسف له أن الإعلام العربي الذي ينساق بغباء وراء الأجندة الإيرانية من حيث لا يدري، راح يطبل ويزمر لعملية (تطهير) الطارمية والنباعي، ولمن لا يعرف خارطة العراق تقع المنطقتان على طريق بغداد الموصل، بهدف السيطرة على هذا الطريق بعد إزاحة المكون السني من المناطق الواقعة على جانبيه، واستكمال طريق الحدود الإيرانية من حدودها مع محافظة ديالى التي أُخضعت لأكبر عملية إبادة للسنّة على يد عناصر مليشيا بدر العميلة، وإذا ما استكملت السيطرة على طريق بغداد الموصل فإن خطة المرجعية الشيعية الصامتة بلؤم في النجف ومرجعية قم وخامنئي المجرمة، ستكون جاهزة للوصول إلى الموصل وربط إيران بسوريا عبر أكثر من منفذ حدودي ويتحقق الهلال الشيعي الذي بات من أن يتحول إلى بدر، ليس بقوة إيران أو بشجاعة المليشيات الطائفية وإنما بدعم أمريكي مباشر وصمت دولي معيب، وإنما لخيانة من يطلقون على أنفسهم صفة ممثلي السنة في العملية السياسية الفاسدة بل والنجسة بكل معنى الكلمة.
إن من يراقب أحداث القتل وجرائم الإبادة لسنّة العراق وسوريا بمشاركة مجرمي الحرب الروس والإيرانيين وبدعم صامت من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، وبصمت عربي معيب ومخزي، وعجز تركي غير أخلاقي، لا يمكن أن يعبر إلا عن محنة حقيقية يعيشها السنة في الوطن العربي، ظنا من الذين هم خارج طائلة الاستهداف أنهم بمنجى منه، وكأن لسان حالهم يقول (أللهم حوالينا لا علينا) وما دروا أن القوى التي نحرت العراق بأموالهم ومن قواعدهم الجوية وعبر أرضهم وبحارهم، قادمة إليهم وحينها ساعة مندم.
على العموم أدعو خبراء حقوق الإنسان للبحث عن بديل عن هذا المصطلح القبيح (مصطلح التطهير العرقي أو التطهير الديني).

مقالات ذات صلة

د. نزار السامرائي

عميد الاسرى العراقيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى