في ذكرى وفاة أبو الجيش العراقي

علي كاظم

دعوني أقول لسيدي الفريق الأول الركن عبد الجبار شنيشل، في ذكرى وفاته السابعة وهو في علّيّين والتي تمر اليوم ٢٠٢١/٩/٢٠: أنا لا أستطيع أن أنصفك بهذه الكلمات القليلة، فهل أستطيع أن أصف قمّة الجبل وأنا تحت سفحه، لكنها مجرّد لوعة في القلب هيّجت مواجعي بعد سنوات من رحيلك فقلت لأكتب ما عندي في جعبتي.
فإذا كنّا نحتفل في كل عام بعيد الجيش فيجب أن نحتفل بك سيدي أولاً لأنك أبو الجيش، وإذا قلنا عيد الجيش فلابد  أن يبادر الى أذهننا ذلك الضابط العتيد عبد الجبار شنشل. فأنت العسكري الوحيد الذي عاصر كل الأنظمة السياسية في العراق بدءًا من العهد الملكي مروراً بحكم الزعيم عبد الكريم قاسم، و الاخويين الرئيسين عبد السلام وعبد الرحمن عارف، وانتهاءً بالرئيسين البكر وصدام. فجميعهم كانوا يحبونك لأنك لم تحسب على جهة ولم تنتمي لحزب معين أو طرف سياسي. أنت ابن الجيش بل أنت الجيش كله.
ستون عاما قضيتها في خدمة الجيش العراقي الباسل فكان فخراً له ولمنتسبيه. لم تغيّر المناصب والرتب معدنك وبقيت أبو مثنى أبن الموصل الحدباء الذي اعتزَّ بشرفه العسكري وعراقيته النقية.
وإذا ما عُدنا لمسيرتك العسكرية فأنك شاركت بكل الحروب بدءًا من حرب فلسطين عام ١٩٤٨، إلى حرب تشرين عام ١٩٧٣، مروراً بحرب إيران عام ١٩٨٠، وبعدها حرب الخليج الأولى والثانية.
مُنحت رتبة ملازم ثانٍ يوم تخرجت في الكلية العسكرية الملكية عام ١٩٣٩، ودخلت كلية الاركان عام ١٩٤٩، وكان لك شرف المساهمة بتأسيس كلية الأركان الملكية الاردنية عام ١٩٥٨، وبها قلّدك الملك حسين وسام الاستقلال الأردني. وفي عام ١٩٧٠، أصبحت رئيساً لأركان الجيش ثمَّ وزيراً للدولة للشؤون العسكرية عام ١٩٨٤، فوزيراً للدفاع عام ١٩٨٨.
كنت نموذجاً للضابط العراقي الملتزم بشرفه العسكرية ومثالاً يحتذى به في هذه المؤسسة العريقة، فالكثير من اصدقائي الضباط كانوا يهابوك ويجلّوك ويتفاخرون بك. ولم تسجّل عليك شائبة أو مثلبة طوال حياتك العسكرية.
ستون عاماً ولم نسمع في يومٍ ما إنك أرتشيت ديناراً أو حصلت على مكسب غير شرعي، ولم نسمع باستغلال منصبك العسكري لمصلحتك الشخصية أو لصالح أفراد عائلتك. فأي ضابط أنت ياسيدي وأي أخلاق وسمو ورفعة تتحلى بها.
تمنيت لو أطلقت الحكومة العراقية أسمك على ساحة أو شارع في بلادي أو رفع الجيش اسمك على أحدى القاعات أو المباني في وزارة الدفاع.
تمنيت لو سُميت دورة عسكرية بأسمك، تمنيت وتمنيت وتمنيت…
عذراً سيدي فالأمنيات كثيرة ولكنها تبقى أمنيات فقط…
رحمك الله واسكنك فسيح الجنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى