قانون نوبيك (NOPEC) والخبث الأمريكي

دراسة علمية للأستاذ الدكتور محمد طاقة

المحتويات:
1- المقدمة
2- الأهمية الاستراتيجية لمنظمة أوبك (OPEC) و أوبك بلس (0PEC plus)
3- مشروع قانون نوبيك (NOPEC) والخبث الأمريكي
4- اهم الاستنتاجات والتوصيات

اولاً: المقدمة
بعد انهيار المنظومة الشيوعية بأسرها، انفردت الولايات المتحدة الامريكية كدولة عظمى بالعالم وهي تمتلك كل الوسائل العلمية والتقنية والعسكرية والاقتصادية الهائلة التي تمكنها من نشر نفوذها والهيمنة على الكرة الأرضية دون ان يقف احداً امامها، قوة غاشمة ذات اهداف عدوانية شريرة، زعيمة النظام الرأسمالي المستغل الذي يهدف الى نهب ثروات الأمم وسلبها حتى يحقق الرفاه لشعوب عالمه فقط.
وحتى تتمكن أمريكا من تحقيق أهدافها هذه.. كان عليها إيقاف ظهور قوى اقتصادية وسياسية وعسكرية تنافسها على الغنيمة المنتظرة، ومن هذه القوى أوروبا موحدة، الصين، اليابان ودوول شرق اسيا، العرب اذا توحدوا وغيرهم..
ومن المعروف ان جميع هذه القوى تعتمد على النفط بشكل أساسي في تنمية اقتصادياتها، فالنفط بالنسبة لها يمثل عصب الحياة بل كل الحياة وهي تستورد من الطاقة بنحو (95%) من منطقة الخليج العربي والعراق، وعلى هذا الأساس يصح القول ان من يسيطر على النفط ومنابعه يسيطر على العالم.. وان أمريكا تعرف ذلك تماماً، ومن اجل تحقيق عولمتها تتبين الأهمية الاستراتيجية للنفط بالنسبة لأمريكا وهي تسعى وبكل الوسائل للحفاظ على مبدأ استمرار تدفق النفط اليها وبأقل الأسعار والذي يحقق أهدافها المرسومة من اجل الهيمنة على اقتصاديات دول العالم.
ومن هنا تكمن أهمية النفط كمادة استراتيجية وليس كبقية المواد، ولكونه سلعة نادرة ومحدودة العمر فضلاً عن كونه مادة أساسية لتوليد الطاقة التي تدخل في صلب العملية الإنتاجية، فهي ضرورية لاستمرار الحياة، فعلى هذا الأساس تعاملت أمريكا مع النفط وربطته بأمنها القومي ومستوى رفاه الشعب الأمريكي.. وبدأت العمل على السيطرة على منابع النفط ووضعت الاليات الكفيلة لتحقيق هذا الهدف.
ولكن ليس بالسهولة بمكان من تحقيق أهدافها فهنالك الكثير من المتغيرات السياسية والاقتصادية والعلمية قد تحيل تحقيق هذه الأهداف، منها ظهور الصين كقوة اقتصادية هائلة تنافس أمريكا وحلفائها، ووجود منظمة أوبك (واوبك بلس) بحيث اصبح عدد أعضاء اوبك بنحو (23) عضواً أهمها روسيا، وبدأت روسيا تنسق مع المملكة العربية السعودية في منظمة أوبك، وكذلك الاثار الاقتصادية التي تركتها كورونا على العالم وعلى الإنتاج العالمي واثر ذلك على الطلب العالمي للنفط، فضلاً عن الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات التي طالت على نفط وغاز روسيا وآثار ذلك على اقتصاديات العالم وأوروبا على وجه الخصوص فضلاً عن التطور العلمي – التقني الذي حدث واثر ذلك على زيادة الطلب على النفط، كل ذلك سيجعل اهتمام أمريكا والعالم الرأسمالي من البحث بدقة على مصادر جديدة الى الطاقة والاهتمام المتزايد على منطقة الشرق الأوسط مما تمتلكه من احتياطيات ضخمة، حتى لو تطلب الامر احتلال منابع النفط كما فعلت في العراق.
ففي هذه الدراسة سنتطرق الى الأهمية الاستراتيجية لمنظمة أوبك ودورها في اقتصاديات العالم، وبعدها سنتطرق كيف ستعمل أمريكا على مواجهة منظمة اوبك (وخاصة بعد التغييرات السياسية التي حدثت مؤخراً وبالخص دور السعودية السلبي اتجاه أمريكا ودخول روسيا كلاعب مهم في منظمة أوبك بلس).. وذلك من خلال تسليط الضوء على المشروع الأمريكي (نوبيك) والمطروح للنقاش داخل اروقة مجلس الشيوخ الأمريكي والبرلمان.

ثانياً: الأهمية الاستراتيجية لمنظمة أوبك (واوبك بلس)

ان منظمة الدول المصدرة للبترول، تأسست يوم (14 / سبتمبر، أيلول / 1960) بمبادرة من الدول الخمس الأساسية المنتخبة للنفط وهي كل من السعودية والعراق وايران والكويت وفنزويلا.. واجتمعت هذه الدول في العاصمة العراقية بغداد، وتعتبر هذه المنظمة اول منظمة أنشأت لمواجهة شركات النفط الكبرى، ومن اجل رعاية مصالحها من خلال وضع السياسات المناسبة للسيطرة على الأسعار وكميات الإنتاج.
وبعد ذلك انضم الى الدول الخمسة المؤسسين ليصبح عدد أعضاء منظمة أوبك ثلاثة عشر عضواً وهم كل من: العراق والكويت والسعودية وايران وفنزويلا والجزائر وانغولا والكونغو وغينيا الغابون وليبيا ونيجيريا والامارات.
واعتبر هذا التكتل الاقتصادي مهم جداً كونه يهدف لتنسيق السياسات النفطية وتوحيدها بين الدول الأعضاء من اجل تأمين أسعار عادلة ومستقرة لمنتجي النفط بالإضافة الى توفير امدادات نفطية فعالة واقتصادية ومنتظمة للدول المستهلكة. وكذلك سيكون بمثابة المصد لتلاعب الشركات النفطية العملاقة والوقوف امام احتكارها والهيمنة على سوق النفط من اجل مصالحها فقط!!
كما ان ما تمتلكه دول الأوبك من احتياطات هائلة أعطاها قوة تنافسية كبيرة في مواجهة تحديات الشركات النفطية العملاقة والتي كانت تلعب دوراً مهماً في السيطرة على أسواق النفط العالمية مما أضر بمصالح بلدان أوبك.
هذا إذا علمنا ان دول أوبك تشكل ما يقارب 80% من اجمالي احتياطيات العالم من النفط أي ما يقارب 1,226 ترليون برميل في عام 2020 بحسب تقديرات أوبك وهي تمثل الاحتياطات المؤكدة لدى الـ (13) دولة عضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط، وأصبحت هذه الاحتياطات في العام (2021) وفق التقديرات الأولية من مجلة أويل أند كاز بنحو 1,236 ترليون برميل.
والجدول الاتي يبين حجم الاحتياطات النفطية المؤكدة لدول الأوبك (مليار برميل)

التسلسل البلد الاحتياطي المؤكد مليار برميل
1 العراق 145,3
2 الكويت 101,5
3 السعودية 297,6
4 ايران 157,8
5 فنزويلا 303,8
6 الجزائر 12,3
7 انغولا 8,2
8 الكونغو 1,2
9 غينيا الاستوائية 1,100
10 الغابون 2,0
11 ليبيا 48,4
12 نيجيريا 37,14
13 الامارات 97,8

هذا اذا علمنا ان احتياطي النفط لدى الولايات المتحدة الامريكية بلغ عام (2020) بنحو (68,8) مليار برميل وبلغ الاحتياطي الكندي لنفس العام (169,1) مليار برميل وروسيا بلغ نحو (107,8) مليار برميل، لذا وعلى هذا الأساس فأن اكبر احتياطات العالم من النفط تتربع على العرش كل من (فنزويلا والسعودية وكندا وايران والعراق) فهم يملكون نصف احتياطات العالم من هذا الوقود.
بينما تشغل روسيا الترتيب السادس من حيث البلدان الأكثر امتلاكاً للاحتياطات.
ويتبين لنا ان المملكة العربية السعودية تعتبر اكبر منتج للنفط داخل منظمة أوبك حيث انتجت اكثر من 10 مليون برميل عام (2022).

والجدول الاتي يوضح كمية الإنتاج لدول الأوبك
التسلسل البلد الاحتياطي المؤكد مليار برميل
1 الجزائر 1.1
2 انغولا 1.7
3 غينيا 0.200
4 الغابون 0.200
5 ايران 3.6
6 العراق 4.3
7 الكويت 2.8
8 ليببا 0.304
9 نيجيريا 1.5
10 الكونغو 0.350
11 السعودية 10.4
12 الامارات 2.9
13 فنزويلا 2.1

كما ان انتاج الدول الأعضاء الـ (13) في أوبك عام (2020) كان 25.649 مليون برميل يومياً وكان في العام (2019) بنحو 29.336 مليون برميل يومياً أي ان دول الأوبك يتراوح انتاجها اليومي بنحو (25-30) مليون برميل..
وتلعب الدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك دوراً مهماً في أسواق النفط العالمية، وذلك كون مجموع الإنتاج العالمي للنفط بنحو (89) مليون برميل يومياً، وتنتج دول المنظمة حول ثلث هذا الإنتاج أي من (29-30) مليون برميل يومياً فيما تنتج الدول الغير الأعضاء نحو ثلثي الإنتاج العالمي، وتغيرت هذه المعادلة بعد اتفاقية (أوبك بلس) حيث انضمت عشر دول مهمة الى منظمة أوبك واصبح عدد الدول في المنظمة ثلاثة وعشرون دولة والدول التي انضمت هي: روسيا، البحرين، كازخستان، المكسيك، أذربيجان، بروناي، ماليزيا، عمان، جنوب السودان، السودان فأصبحت أوبك تضم (23) دولة مصدرة للنفط منها (13) دولة عضو مؤسس في منظمة البلدان المصدرة للنفط واهم بلد انضم الى اوبك وزادها قوة هي روسيا والتي تنتج يومياً بنحو (11) مليون برميل، وبذلك سيكون مجموع انتاج (أوبك بلس) يمثل 51% من الإنتاج العالمي ولهذا السبب ستزداد الأهمية الاستراتيجية لمنظمة أوبك والدور الذي ستلعبه في مواجهة الكارتلات النفطية وكذلك استرداد امكانيتها بالتحكم اكثر فاكثر بكميات الإنتاج وتحديد الأسعار المناسبة والتي تخدم مصالحها الوطنية، ولهذا ستتحكم في الكثير من القرارات السياسية وعلى المستوى العالمي.
ومن هنا يمكننا القول ان ما يجري في السوق النفطية من حيث تحديد الأسعار وسقوف الإنتاج لم يخضع للعوامل الاقتصادية فحسب وانما أصبحت العوامل السياسية والعسكرية تعلب دوراً اساسياً ومهماً في تحديد أسعار هذه المادة الحيوية، بحيث اصبح قانون العرض الطلب تأثيره نسبي على ذلك، بمعنى ان قانون العرض والطلب لم يفعل فعله تلقائياً وانما يتحرك بعوامل سياسية ضاغطة..
وعلى هذا الأساس وبناء على ما تقدم فأن الولايات المتحدة الامريكية قلقة جداً من تعاظم دور منظمة ( ابوك بلس)، وخاصة بعد الاتفاق بين قطبي الإنتاج أي منظمة أوبك بقيادة السعودية وروسيا والذي كان اتفاقاً سياسياً اعطى مظلة للدول المنتجة الأخرى ان تسير نحو تخفيض وتجميد الإنتاج وتم الاتفاق على تخفيض الإنتاج الى (2) مليون برميل.
هذا إذا علمنا ان جميع لدول المنتجة للنفط عانت من خسائر فادحة نتيجة هبوط أسعار النفط وبالتالي فان أي اتفاق يساعد على تثبيت الأسعار سوف ترحب به الدول سواء كانت ضمن أوبك أم خارجها، كون هذه الدول تعتمد في الأساس على تصدير النفط الخام، واي هبوط في الأسعار سوف يؤشر على الناتج القومي لهذه الدول، ومن ثم على الإيرادات وعلى التنمية فيها..
ونتيجة للتطورات التي حدثت في العالم بدءً من جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات على روسيا وبالذات على النفط والغاز وكذلك العقوبات على نفط ايران وفنزويلا، كل ذلك كان السبب الأساسي لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة العربية السعودية وعقده لقمة ضمت دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق في (16/يوليو/2022).. هو ارتفاع أسعار النفط بسبب انخفاض الإنتاج، من بعض دول الأوبك مثل ( انغولا، ونيجيريا، وليبيا) بالإضافة الى نفط ايران وروسيا وعدم توفر طاقه إنتاجية كل ذلك مما دفع بأسعار البانزين في أمريكا لتسجل لأول مره اكثر من (5) دولار للغالون الواحد ومع تدهور شعبية بايدن والحزب الديمقراطي فالرئيس الأمريكي حريص على احداث خفض ملموس في سعر البانزين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر المقبل..
واذا بقرار منظمة (أوبك+) بخفض الإنتاج بمقدار (2) مليون برميل يومياً وهو اكبر تحفيض منذ تفشي كوفيد 19 عام (2020).
يثير غضب الولايات المتحدة الامريكية التي اتهمت المجموعة بالانحياز الى روسيا، وقال البيت الأبيض في بيان، أن القرار الذي اتخذته هذه المجموعة خلال اجتماعها في فينا اليوم الأربعاء، سبب خيبة امل للرئيس بايدن.
والجدول الاتي يبين مستويات الإنتاج لمنظمة (أوبك+) وحصة كل دولة من الخفض ألف برميل يومياً:

التسلسل الدولة حجم انتاج أغسطس 2022 حجم انتاج نوفبمر 2022 مقدار الخفض الف برميل
1 السعودية 11004 10478 (526)
2 الجزائر 1055 1007 (48)
3 أنجولا 1525 1455 (70)
4 الكونغو 325 310 (15)
5 غينيا الاستوائية 127 121 (6)
6 الجابون 186 177 (9)
7 العراق 4651 4431 (220)
8 الكويت 2811 2676 (135)
9 نيجيريا 1826 1742 (84)
10 الامارات 3179 3019 (160)
11 أذربيجان 717 984 (33)
12 البحرين 205 196 (9)
13 بروناي 102 97 (5)
14 كازخستان 1706 1628 (78)
15 ماليزيا 594 567 (27)
16 المكسيك 1753 1753 –
17 عمان 881 841 (40)
18 روسيا 11004 10478 (526)
19 السودان 75 72 (3)
20 جنوب السودان 130 124 (16)
21 دول أوبك 26689 25416 (1273)
22 الدول خارج اوبك 17167 16440 (727)
23 (أوبك +بلس) 43856 41856 (2000)

ومن الجدول أعلاه يبين لنا ان كل من السعودية وروسيا يتصدران بأحجام الخفض وبواقع (526) الف برميل يومياً. وان هذا التخفيف سيستمر حتى نهاية عام 2023 حسب تصريحات وزير الطاقة السعودي.
ومما تقدم يتضح لنا الأهمية الاستراتيجية لمنظمة أوبك (أوبك بلس) والدور الذي تلعبه وأصبحت هذه المنظمة كتكتل اقتصادي وسياسي يواجه الشركات البترولية العملاقة والولايات المتحدة الامريكية، وبناء عليه ستقوم أمريكا ومن معها باتخاذ التدابير اللازمة لاضعاف دور هذه المنظمة وايقافها عن حدها، وعليه فان الرئيس الأمريكي بايدن امامه عدد من الخيارات وأخطرها هو احياء مشروع نوبك، فما هو مشروع نوبك..

ثالثاً: مشروع قانون نوبيك (NOPEC) والخبث الأمريكي

كما ذكرنا سابقا من ان زيارة بايدن الى السعودية هو مطالبة برفع الإنتاج النفطي الى جانب أهمية المنطقة وعلى أمريكا ان تعمل على عدم ترك الفراغ لتملاه كل من الصين وروسيا بالتحالف مع دول الخليج العربي، كل هذا يعني باختصار عودة الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط النسبة لامريكا لما تمتلكه هذه المنطقة من احتياطات نفطية وغازية هائلة.. وقانون نوبك اذا ما طبق سيكون بالإمكان تحقيق هذا الهدف.
فان كلمة نوبك هي الاختصار الإنجليزي لعبارة (NOPEC)
( No oil producing and Emporting cartel)
فمشروع قانون نوبك يعني حرفياً، لا تكتلات لإنتاج وتصدير النفط، ويهدف هذا القانون الى اجراء تعديلات على قانون مكافحة الاحتكار الأمريكي المعروف باسم قانون شيرمان لعام (1890)، وبهذا التعديل يصبح بالإمكان رفع دعاوي قضائية ضد أعضاء منظمة (أوبك بلس) بتهم الاحتكار والتحكم بالأسعار، ويصبح بالإمكان المدعي العام الأمريكي مقاضاه الدول الأعضاء في (أوبك+) امام محكمة فدرالية وذلك يحتاج الى تصويت غرفتي الكونغرس الأمريكي لصالح المشروع وتصديق الرئيس الأمريكي عليه..
ومنذ عام 2001 وهو تاريخ تعديل النسخة الاصلية لمشروع القانون ظهرت نسخ كلما ارتفعت اسعار النفط كانت تختفي بسبب معارضة البيت الأبيض بالخصوص ففي العام (2007) وافق الكونغرس على المشروع ولكن هذا التحرك لم يمض بعيداً بسبب تهديد جورج بوش الابن باستخدام الفيتو ضده، والان اعيد طرح المشروع مجدداً بسبب تخفيض (أوبك بلس) حجم الإنتاج بمقدار (2) مليون برميل يومياً، بالرغم من وجود معارضة شديدة عليه من قبل غرفة التجارة الامريكية ومعهد البترول الأمريكي وهما يتخوفان من نتائجه!!
علما ان هذا المشروع قد اثار جدلاً واسعاً بين أعضاء الكونغرس ولم يتم التوصل الى موقف ثابت حوله… والهدف من هذا القانون هو إزالة حصانة الدول المصدرة للنفط أوبك بالإضافة الى باقي شركات النفط الوطنية..
وان هذا المشروع وافقت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي عليه أي مشروع (نوبك) لحضر انتاج وتصدير النفط الذي يسمح لواشنطن بمقاضاة بلدان الأوبك على ممارستها الاحتكار بعدم زيادة الإنتاج حيث صوتت على المشروع غالبية اعضاء اللجنة، والذي يسمح في حالة اقراره للسلطات الامريكية بمقاضاة الدول الأعضاء في منظمة أوبك المنتجة للنفط على أساس الانتهاكات المزعومة لقوانين الاحكتار، وان القانون سيقر بعدم قانونية أي إجراءات التي تهدف للحد من الإنتاج وتحديداً أسعار النفط.
ومع ذلك وقبل إحالة مسودة المشروع الى الرئيس الأمريكي جو بايدن للتوقيع عليها سيتعين عليه الحصول على موافقة الكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكي، وقد لوح زعم الأغلبية بمجلس النواب الأمريكي انه رداً على السعودية وقرار (أوبك بلس) بتقليص انتاجها اليومي من النفط، يتم الان البحث في جميع الأدوات التشريعية بما في ذلك مشروع قانون نوبك، وبموجب هذا المشروع سيسمح لوزارة العدل بمحاسبة أوبك وشركائها على انشطتهم المانعة للمنافسة.
وهنا نلاحظ الخبث الأمريكي وازدواجية تعامله في الكثير من الأمور آخذين بالاعتبار مصالحهم الانانية ويقدمونها على كل شيء، اليوم يتهمون منظمة اوبك التي تسعى لضمان مصالح بلدانها وكذلك البلدان المستهلكة للنفط بالتكتل الاحتكاري ناسين ان شركات النفط الامريكية الاحتكارية لا زالت تمارس دور المحتكر وهذا يشمل جميع شركاتهم الغير نفطية.. فان هذا المشروع المثير للجدل حتى داخل أروقة الكونغرس الأمريكي سوف لن يكتب له النجاح بل تستخدمه أمريكا للضغط على المنظمة وكذلك دعاية سياسية لامتصاص نقمة الجماهير بسبب ارتفاع الأسعار في أمريكا حيث وصل التضخم الى مستويات عالية أي بنحو (9-10%).
ومن اهم المعوقات التي تواجه هذه القانون هي:
1- ان هذا الموضوع سيكون محل تساؤلات قانونية بشأن مساءلة الدول للمنظمات الدولية (منظمة أوبك) علماً ان النظام الأساسي لمنظمة أوبك تحديداً المادة السادسة منه، وضع حماية قانونية لكل أعضائها من حيث إعطاء الحصانة لممتلكاتهم واصولهم.. ايمنا كان موقعها او أيا كان من يمتلكها من كل شكل من اشكال الإجراءات القانونية والملاحقة القانونية.
فمن الناحية القانونية ليس بمقدور أمريكا مقاضاة أوبك، ولكن تستطيع التقاضي امام محكمة العدل الدولية، وان الدعوى لا يمكن نظرها امام القضاء الوطني الأمريكي بسبب حصانة منظمة أوبك الدولية.
2- وجود معارضة شديدة عليه من قبل غرفة التجارة الامريكية ومعهد البترول الأمريكي وهما يتخوفان من نتائجه السلبية.
3- معارضة البيت الأبيض نفسه وتهديده باستخدام الفيتو في حالة تمرير القانون من مجلس الشيوخ والكونغرس، كما فعل بوش الابن.
4- من المتوقع ان تكون ردة فعل منظمة (أوبك+) قوية وبإمكانها اغراق السوق النفطية مما سيؤثر بشكل كبير جداً على المنتجين الأمريكيين وسيتكبدون خسائر لا يتحملونها وكذلك اتخاذ إجراءات أخرى تؤثر على الاقتصاد العالمي برمته.
وعلى هذا الأساس فان الولايات المتحدة الامريكية ستفكر كثيراً قبل تبني هذا القانون والذي في حال تطبيقه سيكون له آثار سلبية كبيرة، فضلاً عن التهديد الذي تمارسه الإدارة الامريكية والضغط على السعودية بالذات لان أمريكا اعتبرت قرار أوبك بخفض الإنتاج جاء لمساعدة بتوتين في حربه ضد أوكرانيا.. كما جاء بتغريدة (تشاك شومر) زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي، إضافة الى ذلك استخدام ذلك لأغراض انتخابية.

رابعاً: اهم الاستنتاجات والتوصيات
فيما يلي الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة:
أولاً: ان الولايات المتحدة الامريكية شعرت بأهمية منطقة الشرق الأوسط وبالأخص منطقة الخليج العربي والعراق لما تمتلكه من احتياطات غزيرة من النفط والغاز ولأجل ذلك ستعيد تواجدها في المنطقة وعدم ترك الفراغ لروسيا والصين.
ثانيا: اعتبرت أمريكا ان منظمة أوبك (وابك+) قد تنافس دورها على الساحة النفطية واعتبرتها بمثابة قوة اقتصادية وسياسية تنافسها وخاصة بعد التنسيق بين السعودية وروسيا والصين وعلى هذا الأساس ستسعى أمريكا الى تحجيم دور المنظمة او تفكيكها كون أمريكا اعتبرت المنظمة كعدو لها بعد تخفيض الإنتاج الأخير. وستطرق جميع الوسائل للحد من تأثير المنظمة على الاقتصاد العالمي.
ثالثا: تعاظم دور منظمة أوبك بعد انتماء عشر أعضاء جدد الى عضويتها وأصبحت تمثل (23) دولة بحيث تمتلك نحو 80% من اجمالي احتياطات العالم من النفط أي ما يقارب 1,2 تريلون برميل وان مجموع انتاج منظمة (أوبك بلس) بنحو 51% من الإنتاج العالمي وعلى هذا الأساس ستلعب المنظمة دوراً مهما في تحديد مسارات الاقتصاد العالمي وكذلك في مسارات السياسة العالمية.
رابعا: ان تخفيض (2) مليون برميل الذي أقدمت عليه المنظمة سيكون له تأثير على ارتفاع الأسعار وبنفس الوقت سيكون له تأثير على الانتخابات النصفية لصالح الحزب الجمهوري وضد الحزب الديمقراطي وضد الرئيس بايدن.
خامساً: ان التهديدات الامريكية والسياسات الاستفزازية التي تمارس أمريكا ضد السعودية وروسيا ودول (أوبك بلس)، ستؤدي بالنتيجة الى سعي هذه الدول للذهاب اكثر فاكثر باتجاه المحور الصيني الروسي، وهذا مما يجعل الصراع اكثر شده بين المحورين الصيني والامريكي ويزيد من حدة التوتر الدولي، وستكون منظمة (أوبك +) هي الحاسمة في هذا الصراع كون هذا الصراع لحد الان اقتصادياً وبدأت بوادر الصراع العسكري في أوكرانيا وفي منطقة الشرق الأوسط.. وهذا مما يجعلنا نميل في تفكيرنا الى حدوث حرب عالمية لا يحمد عقباها وسيكون للدول المنتجة والمصدرة للنفط الدور الأساسي فيها في حسم هذا الصراع.
سادسا: ان دخول روسيا ومعها تسعة دول الي منظمة أوبك والتنسيق او التحالف بين روسيا والسعودية سيكون له اثر كبير جداً على التطورات الاقتصادية والسياسية العالمية حيث ينتج هذين البلدين اكثر من (22) مليون برميل يومياً ويملكان اعلى احتياطي نفطي حيث بلغ بنحو (377,6) مليار برميل، فهما يتمكنان ان يلعبا دور المنتج الموازن، أي المنتج الذي يتحكم بالأسعار ويوازنها صعوداً ونزولاً لتحقيق اهداف سياسية واقتصادية، وهما بذلك يصبحا قائداً للأسعار (preicleader) وسيتمكنان باستخدام هذه الخاصية لمصلحة بلدانهم والعالم.
سابعاً: وبناء على الفقرة سادساً واثر (أوبك بلس) على الاوضاع السياسية والاقتصادية، دعونا نواكب ما يحدث في أوروبا، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية وانخفاض سقوف الإنتاج لدول منظمة (أوبك+).. فان قيام روسيا بإيقاف شحنات الغاز عبر خط انابيب نورد ستريم والذي قالوا انه لأسباب فنية، ولم يكن ذلك لاسباب فنية وصرحوا بعد ذلك اننا لن نستأنف الصادرات الى الاتحاد الأوروبي، ما لم او حتى يتم رفع العقوبات المفروضة على روسيا، وبهذه الحالة تم استخدام النفط والغاز كسلاح فعال في مواجهة العقوبات.
وادى ذلك الى مشاكل اقتصادية خطيرة على الاقتصاد الأوروبي بشكل عام، فقد تم اغلاق ثاني اكبر منتج للصلب في العالم وهو مصنع رئيسي في أوروبا بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، كما تعرض اكبر منتج لورق التواليت في المانيا للإفلاس، وتم خفض اكبر مصهر للألمنيوم في أوروبا الإنتاج بنسبة 22% بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، كما تشير التقديرات الى ان ما يقارب من 10% من جميع الصناعات التحويلية الألمانية ستغلق خلال الأشهر القادمة فان الذي يجري في المانيا وعموم أوروبا امر كارثي، وان الشركات الصغيرة تغلق أبوابها (كالمخابز والمطاعم) بسبب تعاظم التكاليف، حيث ارتفعت من (4000) يورو شهرياً الى (10.000) يورو في الشهر.. وهذا سيجبر العديد من هذه الشركات من الاغلاق.. وان كل ذلك سيؤدي الى موجة انفجار شعوب المنطقة والعالم الى الثورة على هذا الواقع، فمن هنا تكن أيضا الأهمية الاستراتيجية لنفط منظمة (أوبك+) والدور الذي تلعبه في الاقتصاد العالمي.
وفيما يلي: اهم التوصيات التي توصلت اليها الدراسة:
أولا: على منظمة (أوبك+) ان تتخذ مواقف موحدة وتلتزم بما يتم الاتفاق عليه في اجتماعات المنظمة من حيث سقف الإنتاج وسقف الأسعار بما يحقق مصالح بلدانهم مع الاخذ بنظر الاعتبار مصالح الدول المستهلكة للبترول، كون الاقتصاد العالمي وحده متكاملة لا يمكن تجزأته.
ثانيا: ومن اجل ضمان حقوق دول المنظمة وممتلاكاتها واصولها، العمل على سحب الأموال والأصول الموجودة في الولايات المتحدة الامريكية حتى لا تضع أمريكا اليد عليها كما فعلت مع الكثير من الدول والمنظمات، لكون أمريكا تلعب دور الشرطي الدولي ولديها القدرة على ذلك.
ثالثا: بعد الغاء اتفاقية (بريتون وودز) وبشكل نهائي بحيث لم يعد الدولار مدعوماً بالذهب على المستوى الدولي، وكان الحل المناسب لتلك المشكلة هو طلب الرئيس نكسنون من الملك فيصل بقبول الدولار ان يكون العملة الوحيدة لشراء النفط مقابل الحماية العسكرية لاي خطر يهدد ابار النفط السعودية.
وفي العام 1975 وافق جميع أعضاء الدول المنتجة للنفط أوبك على بيع النفط بالدولار الأمريكي فقط وبذلك نجحت أمريكا في عقد هذه الصفقة التي ربطت سعر النفط بالدولار بدل الذهب.
فبإمكان دول (الأوبك بلس) عدم الالتزام بهذا التعهد والخروج عنه من خلال بيع النفط بالعملات العالمية والدولية الأخرى كاليورو والين الصيني والروبل الروسي وغيرها من العملات والتحرر من والانعتاق من هذه العلاقة المجحفة، في حالة قيام أمريكا بالضغط على دول (أوبك بلس) من خلال استخدام قانو نوبك او أي تشريع من خلال آخر يستهدف دول المنظمة على ان تلتزم جميع دول (أوبك+) بذلك كما فعلت الان روسيا.
رابعا: على منظمة (أوبك بلس) التحرك على جميع المستويات الدولية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة ومجلس الامن لتوضيح عدم مشروعية قانون نوبك وفضح الدور الأمريكي للاستحواذ على النفط والغاز من اجل تحقيق عولمتها والهيمنة على إدارة الاقتصاد العالمي من خلال استهدافها لمنظمة (أوبك بلس) التي تمتلك النفط والغاز بكميات كبيرة جداً.
مما تقدم يتبين لنا الدور الخبيث للولايات المتحدة الامريكية واستخدام أسلوب اللف والدوران من اجل تحقيق مصالحها ضد الاحتكارات النفطية للشركات العالمية، وان قانون نوبك صيغ لتحقيق هذه الأهداف وهو قانون غير شرعي وغير قانوني ولن يكتب له النجاح..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى