طغت زيارة البابا فرانسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكية في العالم على مجمل الاحداث في العراق و المنطقة هناك من يحاول ان يسخرها لتبييض وجه النظام و اذرعه في العراق و لكن الكثرة من العراقيين تعايشوا معها كنقطة ضوء في ظل السواد الكالح الذي يطغى على المشهد العراقي و بالذات الاقليات العرقية الذين اصابهم العنف و التغييب بسبب تظافر اذرع السلطة و اطباق الدواعش على مناطقهم.
بعد هذه المقدمة: اعود الى التسعينات و رغبة البابا بولس السادس (1998-2008) بزيارة العراق و الصلاة في اور و ما طرحه الدكتور عبد الرزاق السعدي حول توصيات اللجنة الى الرئيس الراحل صدام حسين و التي اعتمدت على ما طرحه الدكتور بهنام ابو الصوف عالم الاثار المشهور عندما ربط هذه الزيارة بحق اليهود في ارض اور مستسلما لنظرية المؤامرة السائدة بين الكثير من العراقيين و العرب.
واجد ان توصيات اللجنة تقفز فوق معاناة العراقيين من الحصار الظالم الذي انهك الشعب و الحكومة و يتلهفون لأي مبادرة او ايماءة للخروج من محنتهم.
ان من الموضوعية قياس القرارات و الاحداث حسب الزمان و المكان و القيم السائدة حينذاك فان البابا بولس ذو الاصول البولونية و الذي ساهم بالتعاون مع رئيس نقابة الموانئ فاليسا في تقويض النظام الشيوعي في بولونيا و تبوأ فاليسا رئاسة الدولة في مرحلة الثمانينات ثم انتقل من المطرانية البولونية الى البابوية و له بصمات في تقويض المعسكر الاشتراكي (1990-1991) مع اسباب اخرى لا مجال لذكرها).
و كان ذلك في فترة ادارة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون الذي حاول النأي بنفسه عن القبول بتوصيات المحافظين الجدد باستخدام القوة لتغيير النظام في العراق و تأييده لدور بليكس رئيس لجنة البحث عن اسلحة الدمار الشامل و تعهده بالتوصية بتعليق العقوبات (على الرغم من الاثارالسلبية التي تركتها تركتها و ما قدمه حسين كامل من معلومات و خفايا للجنة السابقة و للمخابرات الامريكية عند خروجه من العراق 1995).
و اذا كنت من المقتنعين و من خلال متابعة متواضعة افضي بها دائما امام اصدقائي و اجهزة الاعلام (بأن لكل رئيس امريكي سياسته و مستشاريه سواء كان جمهوريا او ديموقراطيا و لنا في سلوك الرئيس اوباما من تراث و اسلوب و قرارات تختلف عن سلفه بوش الابن من تباين و كذلك منهج الرئيس الديموقراطي الحالي جو بايدن في الغاء الجزء الاكبر من قرارات سلفه دونالد ترامب…. الخ).
لذا اعتقد انه لو تمت زيارة البابا السابق بولس و استثمرت ابعادها و اُحسن ايصال الرسائل الحقيقية عن معاناة العراق و خلوه من اسلحة الدمار الشامل مع رسائل اخرى مطلوبة قبل ان يقفز المحافظين الجدد (الغربان السود) الى المفاصل الحيوية في الادارة الاميركية و يبعثون روح الانتقام عند الرئيس جورج بوش الابن بأن والده بوش الاب لم يكمل مهمة احتلال و تغيير النظام و ان العراق معبأ بأسلحة الدمار الشامل.
و هنا لا اريد تبسيط مسار الاحداث بل استهدف رفع الغبار عن بعض الامور و دور المستشارين و المحيطين باصحاب القرار بأنهم يتحملون وزر استشارتهم و ان يكون لهم بعد نظر بدلا من التظاهر بالولاء و الاستكانة.