قراءة سريعة لتقرير الاتحاد الأوربي لمراقبة الانتخابات البرلمانية العراقية في 10/10/2021م

*بعد اطلاعي على التقرير النهائي والمهم لبعثة الاتحاد الأوربي لمراقبة الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في 10 تشرين الأول 2021م، تبين أنه تقرير مهني مختلف عن غيره وفيه تفاصيل دقيقة نأمل من جميع المعنين بالعملية السياسية من مؤسسات رسمية وشبه رسمية وكل الأحزاب السياسية أن تقرأ بعمق وتقف للتفكير بإسهاب حول كل ما تضمنه هذا التقرير فملاحظاتهم مهمة وكذلك دراسة التوصيات وإيجاد تعاون بين الجهات المعنية لتنفيذها.*

*وقد أُسأل لماذا هذا الاهتمام بهذا التقرير فأستطيع أن أُوجز جوابي بالآتي: -*

1- *تقرير فيه تفاصل شاملة لبعض النصوص القانونية وإجراءات المفوضية والدعاية الانتخابية للأحزاب والمرشحين وتعمق في موضوع مهم وهو استخدام الأجهزة والمعدات الإلكترونية وإشكالاتها.*

2- *تطرق للمعاهدات والمواثيق الدولية ومدى مطابقتها للقانون والإجراءات المتبعة في الانتخابات العراقية.*

3- *لم يعطي ملاحظات أو نقد فقط بل أُوجز بتوصيات ونقاط مهمة وأسهب في أخرى حسب الأهمية فأعطى حلول ممكن أن تعالج قبل أي انتخابات قادمة وفي رأيي لا يمكن إهمالها.*

4- *ممكن اعتبار بعثة الاتحاد الأوربي أكثر مقبولية من المنظمات الأخرى العاملة في العراق منذ أكثر من 15 عام ولم تدون مثل هكذا ملاحظات ولا توصيات حيث وجهت أطراف سياسية وغير سياسية شكوك لتلك المنظمات ولكن لم توجه مثلها لبعثة الاتحاد الأوربي* .

5- *معظم الأحزاب والائتلافات في العراق تفتقر إلى إعداد تقارير مماثلة ومراقبة بهذه الدقة لذا، لا بدّ من الإطلاع على كل التقرير من قبل هذه الأحزاب لإعداد خطة للمراقبة المستمرة وليس في يوم أو أيام الاقتراع والطعون فقط.*

6- *إغفال مثل هذه التقارير وغيرها يزيد من الشكوك ويعقّد الحلول فمن غير التعاون لتلافي الإشكالات ومعالجتها قبل أي انتخابات قادمة فحتماً ستكون أكثر عرضة للنقد ومضاعفة الإشكالات خصوصاً عندما نريد انتخابات تفضي إلى استقرار سياسي وثقة بين القائمين عليها وتعيد اهتمام وثقة الجمهور بها.*

*وأدون أدناه بشكل موجز أهم الملاحظات والتوصيات التي تناولها التقرير وانشرها بشكل مبسط وهذا لا يغني عن الاطلاع بشكلٍ كامل على التقرير كونه يحتوي على 90 صفحة بضمنها جداول وبيانات مهمة جداً: -*

*أهم الملاحظات: -*

1) *التصويت سلمي ومنظم إلى حد كبير.*

2) *هناك قيود تشريعية غير مبررة على الحقوق الانتخابية.*

3) *لم يتم حماية حرية وسائل الإعلام والتعبير بشكل صحيح أثناء الحملة الانتخابية.*

4) *افتقار الشفافية في جدولة وإعلان النتائج* .

5) *الدستور يكفل الحقوق والحريات الأساسية لإجراء انتخابات نزيهة ولكن التشريع الانتخابي فرض قيود لا داع لها والتي تتعارض مع التزامات العراق الدولية.*

6) *أهم ما يتعارض مع التزامات العراق الدولية {الأهلية القانونية للحق في التصويت/ متطلبات السن والتعليم/ اجتثاث البعث عند الترشيح/ الثغرات الكثيرة في القانون الانتخابي دون تنظيم وغياب بيانات سكانية موثوقة/ استحالة التأكد من المساواة في التصويت من خلال ترسيم الدوائر الانتخابية.. الخ}.*

7) *تم استبعاد العديد من المرشحين على أساس انتهاك القانون الجنائي دون أي قرار من المحكمة الجنائية مقابل ذلك.*

8) *استخدم العديد من شاغلي المناصب الحكومية العامة الأموال العامة للقيام بحملات انتخابية وهذا يتعارض مع تكافؤ الفرص والقوانين والتعليمات النافذة.*

9) *تنفيذ الخطط التشغيلية في الوقت المناسب من قبل المفوضية جدير بالثناء، وقامت شركة تدقيق مستقلة بتقييم سلامة نظام العد الإلكتروني وإدارة النتائج لتكنولوجيا المعلومات ومع ذلك لم يتم نشر نتائج التدقيق وظلّت ثقة أصحاب المصلحة في نظام تكنولوجيا المعلومات بأكمله منخفضة.*

10) *اختلف تصوّر أصحاب المصلحة حول استقلالية المفوضية بشكل ملحوظ والعديد من أصحاب المصلحة ينظرون إلى أعضاء مجلس المفوضين على أنهم معينون سياسياً. ظلت الشفافية في عمل المفوضية محدودة، على الرغم من بعض التحسينات الأخيرة.*

11) *تبين أن التوعية العامة وخاصة المشاركة مع أصحاب المصلحة غير كافية وأشار جميع أصحاب المصلحة تقريبًا إلى غياب برنامج قوي لتوعية الناخبين.*

12) *احتوى السجل النهائي للناخبين على 25.2 مليون ناخب مؤهل منهم 17.2 مليون عراقي مسجلين بايومترياً، بالإضافة إلى ذلك يمكن لحوالي 5 ملايين ناخب التصويت باستخدام بطاقات الناخب الإلكترونية القديمة غير البايومترية نظراً لعدم توزيع جميع بطاقات الناخبين البايومترية قبل يوم الانتخابات، استحوذ حوالي 20 مليون ناخب فقط على بطاقة ناخب صالحة مطلوبة للتصويت بشكل عام لم تكن عملية تسجيل الناخبين البايومترية شاملة بما فيه الكفاية وفي ظل غياب بيانات تعداد السكان ذات الصلة لم يكن من الممكن تقييم دقة بيانات تسجيل الناخبين.*

13) *سمح المشهد الإعلامي شديد الاستقطاب بتغطية حيوية ولكن متحيزة في الغالب للحملات الانتخابية وحتى فترة ما بعد الانتخابات على معظم القنوات التلفزيونية الخاصة والرسمية. نظمت قناة العراقية الإخبارية العامة نقاشات تعددية لكنها فشلت في تغطية أنشطة الحملات الانتخابية في البرامج الإخبارية في أوقات الذروة وفي تخصيص وقت بث مجاني كافٍ لجميع المرشحين.*

14) *تم تقييد حرية التعبير على الإنترنت بسبب العديد من بنود قانون العقوبات والأحكام الجنائية المبهمة، حيث أعاقت التهديدات والشتائم والهجمات المتكررة على الانترنيت شمولية النقاش السياسي وتم استهداف المرشحات في حملات التشهير عبر الانترنيت.*

15) *تم تفسير الأحكام ذات الصلة لتطبيق كوتا المرأة كحد أقصى وليس كحد أدنى ووفقًا للنتائج الأولية الكاملة تم انتخاب 97 امرأة (29.5%) منهن 57 على أساس عدد الأصوات التي تم الحصول عليها، بينما 40 بفضل أحكام نظام الكوتا.*

16) *لا يتطرق التشريع الانتخابي إلى طرق ضمان ممارسة الحقوق السياسية من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة، وبالتالي لا يفي بالالتزامات الدولية ولم تنجح المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في اعتماد نهج استباقي من خلال متابعة المقترحات التي من شأنها تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الإدلاء بأصواتهم بطريقة تحترم سرية تصويتهم.*

17 *) يضمن قانون الانتخابات تسعة مقاعد محجوزة لبعض الأقليات القومية، لكن تنفيذه فشل مرة أخرى في تحقيق تمثيلها السياسي الهادف* .

18) *انخفضت أعداد النازحين داخليًا بشكل كبير لكن مشاركتهم ظلت تمثل تحديًا حيث أن أقلية منهم فقط تعيش في مخيمات رسمية وبالتالي يمكن تسجيلها رسميًا على أنها نازحة والاستفادة من أحكام التصويت الخاص .*

*19) لا تحتوي التشريعات على أي أحكام بشأن المواعيد النهائية لتقديم الشكاوى والفصل فيها على المستوى الإداري وقليل من الأحكام المتعلقة بالوضع القانوني. إن ترك الجوانب الحاسمة لآلية تسوية النازعات الانتخابية للسلطة التنظيمية للمفوضية بدلاً من تدوينها في القانون لا يضمن اليقين القانوني أو الحق في الإنصاف القانوني الفعال. ولا تتماشى لائحة الشكاوى في إجراءات اليوم الانتخابي مع الأحكام القانونية لإعلان النتائج.*

20) *كانت عملية الاقتراع في اليوم الانتخابي سلمية ومنظمة إلى حد كبير. كان الناخبون عموماً قادرين على التعبير بحرية عن إرادتهم وكان وكلاء الأحزاب حاضرين في الغالبية العظمى من مراكز الاقتراع. لم يتم ضمان سرية التصويت دائما.*

21) *لم يتم تنفيذ إجراءات التحقق من بصمات الأصابع بشكل متسق مما أدى إلى حرمان بعض الناخبين من حق التصويت.*

22 *) افتقرت عملية جدولة النتائج إلى الشفافية ولم تحترم حق المواطنين في الحصول على المعلومات. نتيجة لذلك لم تتمكن بعثة الاتحاد الأوربي من إجراء تقييم مستنير لهذه المرحلة من العملية.*

23) *أدّت إجراءات المفوضية المطولة وغياب الاتصال الواضح إلى انتقادات القوى الخاسرة والتي رفضت قبول النتائج ودعمت خيم الاحتجاج في مواقع مختلفة من البلاد.*

24) *يفتقر نشر النتائج إلى الشفافية. تم نشر النتائج على مستوى الدوائر الانتخابية مع عدد الأصوات لكل مرشح، ولكن بدون ذكر الانتماء للحزب أو الائتلاف أو مستقل على موقع المفوضية العليا للانتخابات. لم تتح النتائج بالتفصيل على مستوى محطات الاقتراع والإحصاءات المفصلة لعدد أوراق الاقتراع الصحيحة والباطلة على مستوى الدائرة الانتخابية.*

25) *تم تقييد وصول القنوات التلفزيونية إلى مراكز الاقتراع ومكان التحقق وإعادة الفرز من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مما قلل من الشفافية.*

26 *) تم تقييد حرية التعبير على الإنترنت بسبب العديد من بنود قانون العقوبات والأحكام الجنائية المبهمة، أفاد العديد من المحاورين بتفشي المعلومات المضللة والتدخلات التلاعبية عبر الإنترنت والتي عطلت سلامة الفضاء على الإنترنت* .

*أهم التوصيات بإيجاز: -*
*قدمت بعثة الاتحاد الأوربي لمراقبة الانتخابات 23 توصية لتحسين الانتخابات في العراق وهي تشمل التوصيات السبع التالية ذات الأولوية: -*

1. *إلغاء شرط تمتع الناخبين بالأهلية القانونية الكاملة من أجل جعل هذا الحكم يتماشى مع الالتزامات الدولية لحقوق الانسان.*

2 . *إزالة القيود غير المعقولة على الحق في الترشح، في جملة أمور، المستوى التعليمي وجميع متطلبات الانتماء السياسي وخفض سن الترشح.*

3. *وضع قيود على التبرعات، بما في ذلك العينية وعلى الإنفاق الانتخابي لتعزيز الشفافية والمساءلة في التمويل السياسي بما في ذلك الإعلان السياسي عبر الإنترنت يجب تزويد الرقابة بالموارد المناسبة وتحديدها مع إنفاذ إداري قوي وسلطات عقابية قادرة على ضمان نشر جميع تقارير تمويل الأحزاب السياسية في الوقت المناسب.*

4 . *تعريف مفاهيم وإجراءات القدح والذم والتشهير وإلغاء تجريمها بما يتماشى مع الالتزامات الدولية.*

5. *اعتماد قانون شامل لحماية البيانات وآلية إشراف لضمان حق المواطنين في خصوصية بياناتهم الشخصية والحماية من التتبع الشامل للأفراد وأنشطتهم عبر الإنترنت، وكذلك ضد المعلومات غير المرغوب فيها، بما في ذلك الدعاية السياسية.*

6. *تحديد مواعيد نهائية واختصاصات واضحة في القانون حول كل مرحلة متميزة من تسوية النزاعات الانتخابية يجب أن تسمح المواعيد النهائية لشكاوى اليوم الانتخابي التي قد تؤثر على نتائج الانتخابات بالحل قبل إعلان النتائج.*

7. *زيادة الشفافية وثقة الجمهور في العملية الانتخابية من خلال نشر النتائج التدريجية أثناء عملية الفرز ونشر النتائج الأولية والنهائية موزعة حسب محطات الاقتراع.*

*هذا ملخص لما وددت طرحه بشكل موجز وأكرر دعوتي لقراءة التقرير بكل تفاصيله ومن كل الأحزاب والائتلافات وجميع شركاء العملية السياسية لتتوضح لهم الأمور بشكل جليّ لإنهاء العقبات ومعالجتها قبل أي انتخابات قادمة لمجلس النواب او المجالس المحلية، التي تحول دون الثقة في الانتخابات ونزاهتها وقبولها محليا ودولياً.*

سعد الراوي
نائب رئيس مجلس مفوضية الانتخابات في العراق/ الأسبق

*المرفقات: -*
*نص تقرير بعثة الاتحاد الأوربي لمراقبة الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في 10/10/2021م*

سعد الراوي

نائب رئيس مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق/ الأسبق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى