قراءة في هجوم بلوشستان

تزايدت في الآونة الأخيرة الهجمات على محافظة ” سيستان وبلوشستان ” ، هل نحن الآن أمام ازدياد   وتيرة عدد هذه الهجمات؟  وما هو   التغيير الذي طرأ على نوعية   بنوع وآلية هذه الهجمات؟ .

أسفر الهجوم الذي وقع على منطقة تابعة لقوات التعبئة ” البسيج ” في مدينة “نيكشهر”، في محافظة “سيستان وبلوشستان” لغاية اللحظة عن مقتل شخص على الأقل،  وجرح ما لا يقل عن ستة آخرين، هذا وقد نشر جيش العدل على صفحته على “تويتر”  رسالة يعلن فيها مسؤوليته عن هذا الهجوم. هذا وقد أكّد الحرس الثوري خبر مقتل احد أفراده، كما أعلن أن جراح إثنين من أفراده قد لحقت بهم إصابات بليغة. ووفقا لما قاله “محسن كل محمدي”، المدعي العام في مدينة “نيكشهر”، فإن المتسببين قد أقدموا على إطلاق الرصاص على قوات تابعة لقوات التعبئة في المدينة من خلال عبورهم من جانب الجدار المحاذي لموقع قوات التعبئة في المدينة،  هذا وقد شهدت الأيام الماضية محافظة “سيستان وبلوشستان” إنفجارين تسببا في جرح العديد من قوات التعبئة هناك.

مقالات ذات صلة
بعض افراد جيش العدل البلوشي

لا شك بأن  هناك تغيير قد طرأ  على إستراتيجية هذه العمليات ؛ فمثلا قبل عامين أو ثلاثة أعوام، كان جيش العدل يهاجم قواعد أو مخافر على عمق بضعة مئات من الأمتار داخل الشريط الحدودي؛ لكننا أصبحنا نرى أن هذه الهجمات أصبحت تتم في العمق  داخل محافظتي “سيستان وبلوشستان”، حيث نجد أن التغيير المهم الذي طرأ  أن “جيش العدل”  بدأ يبتعد عن إستراتيجية  الهجمات القريبة من الحدود المشتركة مع باكستان والتي كانت تؤدي في معظم الأحيان إلى توتر في العلاقة بين إيران و”إسلام أباد”، إلى استهداف مواقع  في عمق محافظتي “سيستان” و”بلوشستان”،   وتستهدف مدنا كبيرة مثل “زاهدان” التي شهدت أعمالا من هذا القبيل في الأسابيع الأخيرة، حيث انفجرت قنبلتان  وأدت إلى جرح عدد من القوات الأمنية.

اسرى عناصر حرس الحدود الايراني بأيدي جيش العدل

  كما شهدت مدينة “نيكشهر” الواقعة في العمق الإيراني بعض الهجمات،  بالإضافة إلى  تنويع العمليات ، حيث تعددت  عمليات الاغتيال التي شهدتها مدن عديدة في الداخل مثل “زاهدان” وغيرها من المدن مما يشكل تغييرا  نوعياً على جغرافية هذا النوع من العمليات ، إلى جانب التغيير النوعي في الأهداف  مثل الهجمات على المواقع  والمراكز الأمنية. وعادة تتم الهجمات بواسطة القنابل واستخدام المتفجرات ، و كان يقوم بتنفيذها شخصان أو ثلاثة أشخاص لديهم حرفية عالية في التنفيذ والوصول إلى الهدف ، إلى جانب القيام باختطاف الرهائن خاصة من قوات الجيش والحرس الثوري وأجهزة الأمن  .

بعض مقاتلي جيش العدل البلوشي

لكن  نظراً إلى تزايد هذا النوع من الهجمات؛ فهل ستتبع الحكومة الإيرانية سياسة أمنية جديدة؟.

إن الدولة الإيرانية  لم تعلن  بعد عن اتخاذ سياسة جديدة بناء على هذا الوضع المستجد ،  وفي الوقت نفسه نرى أن الحكومة الإيرانية منشغلة في موضوع استرداد الرهائن الذين اختطفهم عناصر “جيش العدل” إلى داخل الأراضي الباكستانية. وقام الرئيس “روحاني” بالاجتماع مع السفيرة الباكستانية الجديدة ا “رفعت مسعود” ، وأكد في أثناء  لقائه معها على ضرورة استتباب الأمن على الحدود الباكستانية الإيرانية ،وعلى ضرورة إطلاق سراح الرهائن الذين تم اختطافهم من المناطق الحدودية إلى داخل الأراضي الباكستانية.

هجوم انتحاري في جنوب ايران

وفي واقع الأمر بدت الدولة الإيرانية عاجزة عن التعامل مع “جيش العدل ” لأسباب عسكرية وأمنية وجعرافية ، وهذا انعكس على السياسة الأمنية الإيرانية ، حيث لا نلاحظ حدوث تغيير يذكر في السياسة الإيرانية تجاه جيش العدل أو تجاه باكستان، في الوقت الذي  فيه  قرر “جيش العدل”وقف عملياته الحدودية واستبدالها بهجمات في عمق محافظتي “سيستان” و”بلوشستان”، فإن هذا لن يترك مجالأُ لإيران للضغط على باكستان واتهامها بدعم  ” جيش العدل” بذريعة مهاجمته لأهداف داخل الحدود الإيرانية المتاخمة لباكستان  نتيجة توغله داخل المحافظات الإيرانية ،  حيث أن إيران تدعي دوماً  بأن باكستان هي سبب هذه  المشكلة،  لكن عندما تهاجم أهدافاً في العمق الإيراني ، وبات جيش العدل يمتلك من القواعد والأنصار داخل الأراضي الإيرانية ، فلن  تستطيع القول  لباكستان بأن لها علاقة بمثل هذا النوع من  الهجمات التي تحدث في عمق الأراضي الإيرانية ، في الوقت الذي تراهن فيه طهران على  علماء أهل السنة لإصدار فتاوى تحرم هذا النوع  من العمليات.

كما يسمونه -مولانا عبد الحميد– احد رجال الدين السنة في ايران

الملاحظ  أن أكثر علماء الدين في تلك المنطقة،  هم من أهل السنة وخاصة المرجع السني ” مولانا عبد الحميد” ، اللذين أدانوا بدورهم  هذه الهجمات بإعتبارها عمليات إرهابية، كما أنهم أدانوا  عمليات التفجير  الذي حدث في مدينة “زاهدان” قبل عدة أيام  ، وأكدوا على أن هذا النوع من الأعمال مدان ومستنكر ،  وفي المقابل فإن ” جيش العدل”  يعلن دائمًا مخالفته الصريحة لهذه الفتاوى ، ويبدو أن هؤلاء العلماء يعلنون إدانتهم بناءً على طلب من المسؤولين كي يبرهنوا للرأي العام أن هذه الممارسات ليست لها علاقة بأهل السنة خشية من بطش السلطات الإيرانية ، ما

جيش العدل – التنظيم المعارض في ايران

أدى إلى التحول إلى العمل المسلح من جانب  تنظيمي ” جند العدل ” و تنظيم  ” جند الله”  كرد فعل طبيعي على السياسات الدموية للنظام الإيراني ، وما يعانيه سكان هذه المناطق  من تمييز وظلم واضحين؛  ما دفع الكثير من الشباب السني الانضمام إلى هذين التنظيمين. والموضوع الأكثر خطورة بالنسبة للإيرانيين هو نجاح جيش العدل وتنظيم جندالله في نظرية اختراق مؤسسات الجيش الإيراني ، حيث   أن هذه العناصر تسربت  واخترقت صفوف قوات الاحتياط المحلية المرتبطة بالحرس الثوري، حيث أننا لاحظنا أن عملية اختطاف عناصر النقطة الحدودية مع باكستان خلال شهر أكتوبر الماضي قد تمت بواسطة العناصر التي تم زرعها   داخل قوات الاحتياط ، مما بات يشكل معه تهديداً كبيراً  للدولة الإيرانية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى