أنا في مطعمي القديم… وبجانبي يجلس بعض العراقيين وبعض العراقيات وقد أرخيت أذني لهم …أسمعهم يتحدثون: شنو؟ ..اذا ماكو زحمة، شلون؟ …شكو ماكو …وواحدة منهم تقول: اتدلل عيوني …
عدت لزمن العراق، للتسعينيات من القرن الماضي، حين كنا نعبر طريبيل باتجاه بغداد …وبغداد كانت حنونة علينا مثل أمهاتنا، كانت تدللنا …والنهر كان يلمنا على شواطئه …حتى وجع شواطيء دجلة كان عذبا، والنخل كان مثل العراق …كلما حاصرته أكثر كلما ارتفع أكثر …وأتذكر الأعظمية …والعيون في الأعظمية لم تكن عيونا، كانت أقمارا وكانت سلاطينا عباسية… وكانت إذا استبد بنا الحب …تحكم اللواحظ في أوردتنا… بغداد وحدها …وحدها وليس غيرها …كانت عبقرية الحب والخلود في هذا العالم المجنون.
العالم العربي غريب وعجيب لم يأبه لضياع أكبر شيء عرفه الكون وهو العراق … بالمقابل كل دوله ترتجف من أصغر شيء في الكون وهو الفايروس.
أنا بعد العراق لم اعد انظر للخسارات …وماذا تعني الخسارات بجانب العراق …
اكملوا حديثكم أيها الأشقاء … فاللهجة العراقية لها طعم مثل التمر في فمي … في أذني … لا أدري؟ ولكن كلما ذكر العراق أمامي اختلط شمّي بسمعي .
486