كيف يتخذ القرار

إن حياتنا جميعا تبنى على عملية القرارات وصياغتها بالشكل الصحيح الذي تخدمنا وتحدد نجاحاتنا في هذه الحياة .. وهي التي تحدد الطريق الانسب لنا ، وهذه القرارات تكون مصيرية بالنسبة للأفراد ، وبمثابة نقطة تغيير لحياتهم، فالزواج مثلا هو قرار مصيري بالنسبة للفرد ، والتخصص في الدراسة .. وغيرها من القرارات ، وعليه يتوجب علينا كافراد ، ان نكون حذرين عند اتخاذ قراراتنا ، كونها ستبقى معنا مدى الحياة ، وهذا ما ينطبق تماما على المؤسسات والمنظمات والأحزاب السياسية ايضا .. فالقرارات الصائبة تحتاج الى عدة أمور كي تكون قرارات ناجحة ، ومن أهم هذه الأمور ، هو اعتماد معيار المباديء ، فالإنسان أو المؤسسة أو الأحزاب السياسية ، بدون مباديء وقيم ستكون لاتمتلك منهجية حياة ، لذلك القرار الذي لا يعتمد على القيم والمباديء سيكون حتما قرارا فاشلا ومظرا ..
والمعيار الثاني ، الذي يعتمد عند اتخاذ القرارات هو التفكير والتأمل ، وهو من أهم المعايير الخاصة بأتخاذ أي قرار ، إن التفكير والتأني يعطي لصاحب القرار مساحة واسعة لتحديد معالم القرار ، وفسحة كافية للتأمل ، حتى يكون القرار صائبا ، وبهذا نكون قد توخينا العجالة ، فبالتأني السلامة. فعلينا أن لا نستعجل عند اتخاذ القرارات المصيرية.
والمعيار الآخر هو دراسة الموضوع من كل جوانبه ، دراسة موضوعية ، كوّن الانسان مهما امتلك من إمكانيات ، ففيها احتمالية الخطأ والصواب ، فمن الأفضل دراسة الموضوع ومناقشته والاستفسار عنه ، حتى يؤدي الى اتخاذ القرار الصائب..
والتأكد من المعلومات التي أعتمد عليها في اتخاذ القرار ، فالمعلومات الخاطئة تعطي قرارات خاطئة ..كما أن القرارات الصائبة ، هي القرارات التي تتخذ على أساس حساب السلبيات والإيجابيات والموازنة بينهما ، وعلى اساسها نبني قراراتنا ، فإن القرارات التي لم تأخذ بنظر الاعتبار السلبيات التي تترتب على هكذا قرارات ، ولن يكون لصاحب القرار معلومات دقيقة وقريبة جدا الى الصحة ، سنوقع في أخطاء ومطبات لا يحمد عقباها .. وان يكون لصاحب القرار نظرة مستقبلية ، لما سيترتب عليه الحال ، بعد اتخاذ القرار الذي سلبياته أكثر من إيجابياته…
هنالك انواع كثيرة من القرارات ، منها القرارات الفردية ، والقرارات الجماعية ، فالقرارات الجماعية هي الأكثر رصانة وموضوعية من القرارات الفردية اي التي يتخذها الأفراد ، وهنالك القرارات العادية ، والقرارات المصيرية ، والمصيرية منها ، هي التي تخص المجتمع ، وتحدد معالم مستقبله ، كقرارات السلم والحرب ، وقرارات أختيار قادة الدول والأحزاب والمؤسسات والمنظمات .. فهي جميعها تعتبر من القرارات المصيرية ، وهي التي تحددمصير المجتمع ، أي مصير الامم والشعوب وتحدد مستقبلها.
وعلى هذا الأساس ستقع على عاتق القيادات المسؤولة ، عن اتخاذ القرارات المصيرية مسؤولية اتخاذ أي قرار ، تكون نتيجته سلبية على المجتمع أو التنظيم أو الحزب ، وخاصة الأحزاب الثورية التي يرتبط بها مصير الامم والشعوب ..
وعلى هذه القيادات أن تتبع الخطوات المهمة عند اتخاذ أي قرار .. حتى تكون قراراتها صائبة وتصب في خدمة المجتمع ..
فأولا على القيادة أن تحددطبيعة المشكلة ، وأن تحيط بها من كل جوانبها ، والبحث عن اسبابها ، ودوافعها ، وان تستقي المعلومات الصحيحة والدقيقة ومن مصادرها الموثوقة ، والتحري عن مدى دقتها ، والعمل على تحليلها ، ودراسة ما يحيط بها من مخاطر ، فالفهم الخاطيء ينتج عنه قرارا خاطئا .. وبعد ذلك كله ، تطرح الحلول الممكنة لمعالجة المشكلة
ودراسة هذه الحلول والخيارات ، والوقوف عند أفضل الخيارات المناسبة لحل المشكلة المصيرية
بعد دراسة سلبيات وإيجابيات كل خيار من هذه الخيارات ، ويتم اختيار حل واحدمناسب من بين هذه الحلول على ان تكون إيجابياته اكثر من سلبياته ، وبعد كل ذلك يتم تقييم اثر القرار المتخذ وإجراء التعديلات اللازمة عليه …هكذا تتخذ القرارات المصيرية ، والتي يتحدد من خلالها مصير الامم والشعوب ، وان تكون القيادة المعنية حكيمة ، ولا تتأثر بالضغوطات ، ومن أية جهة كانت ، وان تبتعد عن التعصب والتشنج والشخصنة ، في اتخاذ القرارات ، وعدم الاستعجال والتأني ، وان تسمع الرأي والرأي الاخر ، وأن تستخدم الحوار البناء ، في معالجة مثل هذه المشاكل المرتبطة بمصير الامم والشعوب ، والترفع عن الذات وأن تتخذ قراراتها بموضوعية مجردة ومطلقة ..
كلنا بشر ونتأثر بعوامل جمة تؤثر على قراراتنا ، كالعواطف والأحاسيس الانسانية ، والكثير من العادات والتقاليد البالية ، كالتعصب والاخذ بالثأر والتكتل من اجل الوصول الى أهداف ذاتية وأنانية .
وعلى القيادة التي تتخذ مثل هذه القرارات المصيرية أن تترفع عن كل هذه السلبيات ، وان تضع امام أعينها ، مصلحة المجتمع والامة ، وإن أي قيادة عندما تجدأن قرارها لم يكن صائبا ، فلا عيب ولا ضرر، عندما تصحح قراراتها من اجل المصلحة العامة ، وهكذا هي القيادات الحكيمة والشجاعة …

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى