كثرت الدعوات في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد مظاهرات تشرين الأول 2019م بأن الحل للمعضلة العراقية يتمثل في انتخابات مبكرة وهناك من يضيف الى الانتخابات المبكرة بتشريع قانون انتخابات عادل. ولكل من يطالب بذلك وجهة نظر محترمة وعلينا أن نحسن الظن بمن يعارض أو يدعي بأنها المَخلص والمنجى للأزمة الراهنة.
وسأعرج هنا من باب اهتمامي واختصاصي في مجال الانتخابات ولا أدخل في عمق السياسة والسياسيين فقد يكون لهم رأي آخر، ولكي تنجز الانتخابات المبكرة وتكون واقعة فعليّة للتغيير والإصلاح. لا بد من قراءة متأنية للنقاط التالية قبل أي طلب للانتخابات المبكرة:-
- الحصول على تقرير مفصل من مفوضية الانتخابات بجهوزيتها بعد استكمال المنظومة القانونية الانتخابية واستلامها المهام الموكلة لها واستكمال هيكليتها الجديدة.
- لا يمكن إجراء انتخابات وسجل ناخبين غير موثوق فيه بحيث تكون لجان تدقيق بعد الانتخابات وهذا مخالف لأبسط المعايير الانتخابية فكيف يشرع مجلس النواب قانون يضع فيه فقرة تحدد تدقيق سجل الناخبين بلجنة تكتمل عملها خلال سنة . وسجل الناخبين هو العمود الفقري لأي انتخابات حرة نزيهة .
- كذلك مسألة تقاطع البصمة بعد الانتخابات بعشرة أيام هذه نقطة أخرى تدل على عدم الوثوق بسجل الناخبين والوثائق المستخدمة.
- كيف تجرى انتخابات ولم يحدد طريقة واحدة لإجراءات العد والفرز فقد حدد القانون طريقتين الأولى الكترونيا بواسطة أجهزة تسريع النتائج وتدقق بطريقة أخرى يدويا بانتقاء محطة من كل مركز فأن وجد فارق فيعاد العد والفرز لكل محطات المركز إذا كان الفرق 5% فما فوق. هذا اعتراف ضمني بأن الأجهزة قد تكون غير دقيقة فكيف يشرع قانون بإجراء عد وفرز بأجهزة مشكوك فيها. وقد يستوجب إعادة الانتخابات بدائرة انتخابية أو اكثر أو كل الدوائر الانتخابية لأن النتائج مبهمة إلا بعد التدقيق.
- إقرار القانون الجديد بإعادة ترسيم الدوائر بطريقة مغايرة للانتخابات السابقة حيث جرت في الدورات الثلاث السابقة بتقسيم العراق على أساس كل محافظة دائرة انتخابية، أما الأن فهناك مقترح من البرلمان بتقسيم كل محافظة الى عدة دوائر وقد يكون مستوى القضاء أو أكثر من قضاء، وهذا الموضوع له تداعيات قد تؤدي الى تأخير ترسيم الدوائر لعدم وجود معلومات دقيقة يمكن الاعتماد عليها كإحصاء سكاني أو بطاقة وطنية أو رضا من كل الأحزاب والمكونات العراقية، فهناك أقضية بالعشرات استحدثت لم تستكمل إجراءاتها القانونية وهناك قوميات أو أقليات موزعين بين عدة أقضية في المحافظة وهذا ما سيحرمهم من حصول على تمثيل يوازي نسبتهم الحقيقة إن لم نقل يلغي تمثيلهم. فلا بد عند تغيير في ترسيم الدوائر توافر كل مستلزمات هذا الترسيم الجديد وتكون كل دائرة جديدة واضحة الحدود والنفوس والمقاعد، متى تستكمل هذا ما لا نعرفه لذا يصعب إجراء انتخابات مبكرة.
- في القانون الجديد لم يحدد الجهة التي تتولى ترسيم الدوائر الانتخابية من جديد مع العلم في الدول الديمقراطية هناك ثلاث جهات (السلطة التشريعية/ مفوضية الانتخابات / جهة محايدة مهنية يخولها القانون) لذا سنجد عقبة في ترسيم الدوائر لعدم وجود جهة مختصة مخولة قانونا وكذلك لم نجد جهة معتمدة يخولها القانون للبت في أي شكوى تنجم عن ترسيم الدوائر.
- الانتخابات المبكرة في الدول الديمقراطية تكون بمدة قصيرة ففي استراليا خلال 36 يوم بسبب استكمال كل النقاط آنفة الذكر وإن المفوضية تنفذ فقط، بينما في العراق نطالب بانتخابات مبكرة دون أي مراعات للنقاط آنفة الذكر.
- هناك غاية مهمة من طلب انتخابات مبكرة فالغاية الرئيسية هي إصلاح سياسي جذري وهذا يستوجب وجود { ثقافة انتخابية كبيرة لدى النخب السياسية وجيدة لدى عموم الناخبين/ وقت كافٍ لتسجيل أحزاب سياسية جديدة تحمل مشروع سياسي وطني إصلاحي وهذا يحتاج لدعاية مركزية وشخصيات جديدة كفوءة مخلصة قادرة على تبني المشروع الجديد وإقناع الجمهور به / استكمال كل النقاط آنفة الذكر في أعلاه فلا يمكن إجراء انتخابات بدون استكمال سجل دقيق للناخبين وترسيم واضح مقبول للدوائر الانتخابية وأجهزة الكترونية موثوق فيها .. الخ) فعند استكمالها سيحدد موعد انتخابات يرتجى منه تغيير وإصلاح وإن لا فلا.
مقترحات لتجاوز العقبات لانجاز الانتخابات المبكرة
كل ما دون في أعلاه هو عقبات يجب أن نعترف بها تحول دون انجاز الانتخابات المبكرة ولكن يجب أن نكون ايجابين لطرح حلول بإنجاز انتخابات سريعة مبكرة نوجزها بالنقاط التالية:-
- يكون العد والفرز يدوي وممكن نجد طريقة مقترحة بإعلان النتائج بين 24 الى 72 ساعة فقط ولكل العراق وهناك خطوة جاهزة لدي لهذا الأمر حتى ننهي موضوع تقاطع البصمة الذي أقرته مسودة قانون الانتخابات الجديد.
- 2) اعتبار كل محافظة دائرة انتخابية كما في الانتخابات الثلاث الماضية، حتى لا نتأخر بترسيم الدوائر من جديد واشكالية الإحصاء السكاني أو البطاقة الوطنية لحين اكمال أي منهم.
- 3) السماح لشباب التحرير وغيرهم بالنزول بقوائم منفردة دون تسجيلهم كأحزاب أو تعديل فقرة بقانون الأحزاب النافذ ونظام تسجيل الأحزاب باستثناء تسجيلهم بضوابط جديدة يقرها قانون الأحزاب أو النظام الذي تصدره مفوضية الانتخابات.
- 4) استعداد الجميع للتوعية الانتخابية لتحقيق هدفين (مشاركة واسعة/ ومراقبة شديدة) وهذه تحتاج خطة ومبادرة ممكن أن تتبناها المنظمات الدولية أو المحلية وبمساندة كل شركاء العملية السياسية.
- 5) إمكانية الاستعانة بالكادر المتقدم في المفوضية إلا من كانت هناك مؤشرات حولهم مع مراقبة شديدة وإمكانية الجميع بالحصول على أية معلومة ومتابعة كل الأعمال والإجراءات والقرارات المتخذة في العملية الانتخابية.
هذا ما وددت ذكره بإيجاز عن الانتخابات المبكرة وإمكانية تنفيذها والعقبات التي تعتريها وطرق تجاوزها وهناك تفاصيل أدق عن كل فقرة لمن يرغب التوسع في تفاصيل دقيقة للفقرات التي تعتبر عقبة في التنفيذ المبكر. والفقرات الخمسة الأخيرة قد تحتاج عودة لمجلس النواب بتعديل الفقرات المعرقلة التي تمنع إجراء الانتخابات بأقرب وقت
تعليق واحد