من السهل جدا أن يُتهم أي إنسان بالطائفية. لكن في الوقت نفسه من الصعب جدا إثبات ذلك. كونه مرتبط بعوامل عديدة متشابكة.
ومن هذه العوامل بيئة الانسان ونشأته ومذهبه. سياسة الدولة التي يعيش فيها ومنهجها الذي تعتمده هل هو منهج طائفي ام عكس ذلك. ان هذا كله ينعكس على مجمل العملية التربوية في المجتمع.
فضلا عن ذلك الانسان نفسه هل هو مثقف متعلم يقرأ ويكتب أمي
وما هو اتجاهه السياسي ماهي المدارس التي ترعرع فيها ما هي اتجاهاته الفكرية ما هي قراءاته ما هو سلوكه اليومي وكيفية تعامله مع نفسه وبيته وبيئته ومن ثم مع المجتمع ومع كل ذلك يبقى القول أن فلان طائفي مسألة مشكوك فيها وقد تكون من الأمور المعقدة التي لا نستطيع ألَّبت فيها بشكل قطعي.
من المعروف ان جميع شعوب العالم تنتمي الى قوميات وديانات وأقليات متنوعة ومختلفة وهذا اجمل ما في الحياة لان التنوع يعطي للانسانية قوة وجمال ولكن الخطير في الموضوع هو التعصب
فالإنسان الذي يتعصب الى قوميته هو شوفيني والذي يتعصب الى مذهبه فهو طائفي والذين يتعصبون هم الناس الغير مثقفين كوّن الانسان المثقف يتعصب للانسانية ويعمل من اجل سعادة الانسانية جمعاء وتحقيق رفاهها. وهذا هو مادعت اليه الأديان السماوية وبالأخص الاسلام. فالاسلام جاء للانسانية جمعاء وليس لفئة معينة او لطائفة اولقومية فقد جاء الاسلام للبشرية دون تفريق.
أذا الطائفي بعيد كل البعد عن الدين الاسلامي وعن القيم الانسانية التي جاء بها منذ بدايته وحتى يومنا هذا.فالطائفية مسألة طبيعية موجودة في كل الامم والشعوب في العالم.
لكنها تتفاوت بين مجتمع وآخر حسب درجة تطوره الحضاري والثقافي والعلمي. فنجدها بارزة في الدول المتخلفة اي دول العالم الثالث وبالأخص الدول الفقيرة حيث تشكل مناخا خصبا لانتشار الطائفية كالهند وباكستان وافغانستان وبعض الدول العربية.
والطائفية مرض خطير ووبال قاتل خاصة اذا استخدمت من اجل تفرقة المجتمع وإضعافه لكي يتمكن المحتل من السيطرة على البلدان بأقل خسائر. وترك أبناء المجتمع الواحد يتقاتلون فيما بينهم ويقدمون القرابين والمستفيد الوحيد من ذلك هو المحتل الأجنبي.
ان هذا المناخ الخصب اذا ما توافرت له العوامل الموضوعية والذاتية سيتفجر ويدمر كل شيء في البلاد وهذا بالضبط ما فعله الأمريكان عند غزوهم العراق واحتلاله.
وهنا يأتي دور المجتمع في مواجهة هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة وبكل الوسائل من القضاء عليها وإعادة بناء المجتمع حتى يتمكن من مواجهة الاحتلال والمسألة الطائفية.
وهذا يتطلب حشد الطاقات العلمية والثقافية والدينية من علماء دين واساتذة. جامعيين وعلماء ومفكرين وشعراء وأدباء
وبالأخص المثقفين منهم كونهم يمثلون طليعة المجتمع ومتجاوزين للطائفية بشكل مطلق.فالمثقف هو ليس المتعلم والأستاذ الجامعي الذي يتباها بشهادته بل هو أوسع من ذلك بكثير المثقف هو الانسان الذي تمكن من تجاوز الذاتي وانتقل الى الموضوعي. هو الذي ترفع عن الذات في سلوكه وتصرفاته ومنهجه في الحياة. المثقف من المستحيل ان يكون طائفيا على الاطلاق فهو يتعامل مع الحياة بمنظور انساني وحضاري منفتح على الانسانية يأخذ ويعطي مع الشعوب والامم. فهو انساني بكل معنى الكلمة ولا يعيش حالة الازدواجية في سلوكه وتعامله مع الآخرين على الاطلاق.
فهذا النوع من البشر لا يعرفون الكذب والدجل والخداع والمراوغة ولا يمارسون التقية في علاقاتهم مع الآخرين ولا يهمهم الجانب المادي في كل تصرفاتهم وسلوكهم ولا يبيعون بحفنة من الدولارات اوطانهم. فهؤلاء هم المثقفون الحقيقيون.
أما أنصاف المثقفين والذين يدعون العلم والتقدم فهم لا يستطيعون على الاطلاق تجاوز ذاتهم فهم حبيسي عقدهم الاجتماعية والنفسية التي لا حل لها لأنهم اكتسبوها وراثيا ابا عن جد.
فكل شخص يُتهم الآخرين بالطائفية هو طائفي حتما. لانه بدء بالتفكير الطائفي وهو بذلك لا يمكن ان يكون مثقفا حقيقيا على الاطلاق.
فالمثقف لا يتعامل بردود الأفعال كونه موضوعي بتصرفه وسلوكه العام.
فالطائفي هو الذي ينحاز بداخله الى طائفته التي ينتمي اليها وتر بي بكنفها وبذلك سيكون حبييسا لها مدى الحياة مهما تعلم ودرس وحصل على شهادات العالم كلها فسيبقى أسيرا لهذا الفهم المنحرف حتى لو حاول إظهار عكس ما يخفي. ومهما حاول الطائفي كبت طائفيته فهنالك لحظة حاسمة في حياته ولأسباب استفزازية او نفسية او سياسية او غير ذلك سينفجر فيها ليعبر عن طائفيته بشكل علني ويتهم الآخرين بالطائفية ويسقط ما في داخله على الآخرين.