لم يكن نفوق الآف الأسماك في انهر وبحيرات جنوب العراق معزولا عن حال العراق ونفوق دولته كما لم تكن ظاهرة عابرة المت بالثروة السمكية وانما عكست أزمات العراق التي تولد أزمات باشكال وصيغ جديدة المتضرر الأكبر فيه المواطن وتطلعاته وحاجاته الحياتية
وعلى الرغم من تقليل أهمية نفوق الأسماك ومخاطرها على أرواح المشتغلين بهذه التجارة الا ان اللافت بالموضع هو صدود الحكومة والبرلمان عن معالجة هذه الظاهرة وحماية الثروة السمكية التي يعتاش عليه ملايين العراقيين حيث انصب الاهتمام بالبحث عن اسم مقبول ليس عراقيا وانما إقليميا لشغل وزارتي الداخلية والدفاع في حكومة جديدة لاتختلف عن الحكومات التي أعقبت غزو العراق واحتلاله
ان نفوق الأسماك جراء تسمم مياه الانهر والبحيرات ومخاطرها على حياة السكان ليس في وارد اهتمام القائمين على الحكم وانما انصب اهتمامهم على البحث عن حصصهم في الحكومة والعملية السياسية من دون حتى البحث عن أسباب تلك الازمة التي باتت ظاهرة خطيرة تهدد حياة الملايين
لقد تحول العراق بفعل الازمات المكتوي بنيرانها منذ خمسة عشر عاما الى بلد منكوب وغير قادر على النهوض ولاحتى مواجهتها وإيجاد الحلول لها لاسيما ازمة الكهرباء التي اهدر العراق اكثر من ثلاثين مليار دولار من دون ان يرى العراقيون النور في بيوتهم بشكل مستمر وطبيعي
وعندما نتحدث عن ازمة الكهرباء فان أزمات أخرى عطلت مسيرة العراق ونهوضه وحرمته من التمتع بثرواته المتأتية من تصدير النفط ناهيك عن غض النظر عن حيتان الفساد التي أتت على أموال العراقيين من دون إجراءات رادعة لحمايتها وملاحقة اللصوص الذين استسهلوا العبث وسرقة المال العام معتمدين من نظام الحماية وهو المحاصصة الطائفية التي حالت دون ملاحقة اللصوص واسترداد الأموال المنهوبة وجلب مرتكبيها الى القضاء
وطبقا لاحصائيات فان الأموال المهدورة سواء اكانت بالسرقة أم بالمشاريع الوهمية خلال السنوات الماضية تجاوزت 800 مليار دولار معظمها كانت في ولايتي نوري المالكي من 2006-2014
ولم يقتصر الامر على هذه الأموال المهدورة والمنهوبة وانما بالقروض التي حصل عليها العراق من دول وبنوك دولية وعربية لتغطية حاجاته بفعل خواء الخزينة المركزية التي اضافت هي الأخرى أعباء الى الموازنة العامة التي اعترف رئيس الحكومة الجديد عادل عبد المهدي ان حكومته غير قادرة على تسديد ديونها وخدماتها الخارجية ناهيك عن انعكاس العجز المالي على حاجات العراقيين الحياتية
ان مايجري في العراق بعد عقد ونصف هو كارثة بسبب الانقسام السياسي والطائفي وفشل الطبقة السياسية في تامين حاجات العراقيين في الامن والاستقرار ومتطلباتهم الحياتية المشروعة ناهيك عن القوانين الاجتثاثية التي طاولة ملايين العراقيين الامر الذي يشير الى ان القائمين على الحكم مازالوا تحت وطأة الماضي وجراحاته لم يغادروه للبحث عن مخرجات تنقذ البلد من اخفاقاتهم
ان النفوق السياسي الذي يعاني منه العراق بسبب الازمات التي يعاني منها حولته الى بلد منكوب ويقف في ذيل قائمة الدول التي تعاني من الفساد والبطالة والفقر وعدم الاستقرار الى حد اعتبار بغداد اسوء عاصمة للعيش في العالم
ونختم بالقول- هل ان مايجرى في العراق هو نفوق أم سقوط؟