هزيمة بالتقسيط

يبدو أن الرئيس الأميركي المنصرف دونالد ترامب لم يعلن هزيمته أمام منافسه جو بايدن بشكل واضح وصريح ومباشر، وإنما اختار طريق التقسيط في اعترافه بنتائج الانتخابات التي يؤكد أنها كانت مزورة.
وعلى الرغم من أن هذا الخيار يسبب إحراجا وصداعا لباين وفريقه الانتخابي، إلا أن التعاطي معه أصبح لزاما لتفادي العقبات التي يضعها ترامب أمام بايدن وحتى بلوغ العشرين من الشهر المقبل، وهو تاريخ تنصيب الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأميركية.
وفي جديد مواقف ترامب مع نتائج الانتخابات، اشتراطه التسليم بنتائجها إذا صدق المجمع الانتخابي على فوز بايدن بالانتخابات، في تصريح يعد الأقرب إلى إقراره بالهزيمة.
ومن المقرر أن يجتمع المجمع الانتخابي في الرابع عشر من الشهر الجاري للتصديق على نتائج الانتخابات، وعدد أعضائه 538 عضوا، حيث حصل بايدن على 306 أصوات مقابل 232 لترامب، والرقم السحري للفوز هو 270 صوتا،
ولم يكتفِ ترامب بشروطه المعلنة للتسليم بالنتائج، وإنما كشف عن الكثير من الأشياء التي قد تحدث من الآن وحتى العشرين من الشهر المقبل لم يعلن عن ماهيتها التي توقف عندها الكثير من المراقبين الذين يعتقدون أن اتجاهات الريح ربما تحمل الكثير من المفاجآت في ملفات إيران والعراق ومناطق أخرى.
والسؤال: إلى أي مدى يستطيع ترامب الرهان على محاولات تغيير نتائج الانتخابات وقلبها لصالحه؟
الجواب عند ترامب الذي يقول إنه سيكون من الصعب عليه التنازل بموجب الظروف الحالية، كما رفض الإفصاح عما إذا كان سيحضر حفل تنصيب بايدن أم لا؟
في المقابل يتعاطى الرئيس المنتخب بايدن وفريقه بهدوء مع اتهامات ترامب بحدوث تزوير بخطاب يسعى من خلاله إلى خفض منسوب التصعيد برسائل للداخل والخارج بالتأكيد على أنه رئيس لجميع الأميركيين. ويرفض ترامب حتى الآن الاعتراف الكامل بهزيمته، رغم أنه وافق في الأسبوع الماضي ـ مع تصاعد الضغط من صفوف الجمهوريين ـ على السماح ببدء عملية انتقال السلطة لبايدن رسميا.
وشكل الضوء الأخضر لفريق بايدن حصوله على موافقة وكالة الخدمات العامة للتعاطي معهم في عملية الانتقال الرسمي للسلطة، سبقها تعيين الفريق الرئاسي الذي أعلنه بايدن لقيادة أميركا خلال فترة حكمه.
إذًا الخمسون يوما الباقية في ولاية ترامب طبقا لتطورات الأوضاع في الولايات المتحدة تشير إلى أن ترامب لن يسلم الراية لبايدن بسهولة، وإنما سيعمد إلى تصعيد المعركة مع الرئيس المنتخب، وخيار اللجوء إلى المحكمة العليا هو أحد خياراته، لا سيما وأنه يملك غالبية أصوات أعضائها، فضلا عن التشكيك بشرعية رئيس يعده فاز بالتزوير.
من هنا يكمن القلق من تداعيات معركة الانتخابات على أسس النظام الديمقراطي ومؤسساته واشتراطاته في التداول السلمي للسلطة بعيدا عن محاولات خرقه، والقفز على محدداته التي كانت على الدوام ـ حسب مهتمين بالشأن الأميركي ـ الضمانة الحقيقية لديمومة النظام السياسي ومؤسساته الدستورية

مقالات ذات صلة

احمد صبري

a_ahmed213@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى