خلال الأسابيع القليلة الماضية، خرج المتظاهرون المحبطون إلى شوارع لبنان والعراق للتعبير عن مظالمهم ضد حكوماتهم، ومن المؤكد أن تصور التأثير الإيراني في عقولهم يؤثر على التغيير السياسي في كلا البلدين.
أطاحت هذه الاحتجاجات بحكومتين في ثلاثة أيام فقط فقد أعلن “سعد الحريري” رئيس وزراء لبنان استقالته الأسبوع الماضي، وصرح رئيس العراق بأن رئيس الوزراء “عبدالمهدي” وافق أيضاً على الاستقالة من منصبه بمجرد اتخاذ قرار بشأن خليفة له.
في كل من العراق ولبنان، تنقسم الفصائل السياسية من خلال الأديان والطوائف، وقد تم تصميم هذه الأنظمة الحكومية للحد من الصراع الطائفي من خلال ضمان حصة من السلطة لمختلف الطوائف، لكن ومع ذلك ففي كلا المنطقتين ترتبط الأحزاب الشيعية البارزة بإيران.
وبما أن المحتجين يطالبون بوضع حد لنظام تقاسم السلطة في حكوماتهم، فإن طهران في ورطة.
أعلن المرشد الأعلى الإيراني “خامنئي” عبر موقع تويتر يوم الخميس أن “المحتجين” لديهم مطالب مبررة، لكن يجب أن يعرفوا أن مطالبهم لا يمكن الوفاء بها إلا ضمن الهيكل القانوني والإطار القانوني لبلدهم، وإذا تم تعطيل الهيكل القانوني في أيّ بلد، فلا يمكن القيام بذلك.
إن هذا التصريح، المليء بالتناقض، في الحقيقة يقلل من شأن الثورة التي ولدت الحكومة التي يقودها خامنئي حالياً.
إن “حزب الله” هو بالتأكيد التصدير الأكثر نجاحاً لجمهورية إيران ولأكثر من عقدين من الزمان، لعبت طهران دوراً كبيراً في بيروت، في محاولة لمواجهة تأثير أعدائها: الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وتجلى تأثير حزب الله المهم في المنطقة خلال حرب عام 2006 مع إسرائيل وتدخل الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) في الصراع السوري.
في عام 2017، فرضت وزارة الخارجية الأمريكية عقوبات على أكثر من 250 ناشطاً و150 شركة لها علاقات بحزب الله، كما كشفت تفاصيل مشروع “كاساندرا” عن تطور واتساع مشروع حزب الله “الإجرامي” العام الماضي.
بما أن طهران تستثمر بكثافة في دور حزب الله على الصعيد العالمي، فإن هذه الاحتجاجات لا تبشر بالخير بالنسبة للنظام.
ومن الواضح أن القيادة الإيرانية تفهم حجم هذه المظاهرات، حيث حاول مسؤولوها تصويرها على أنها مجرد “تدخل أجنبي”.
في العراق، عمت المشاعر المعادية لإيران المظاهرات فقد صور المتظاهرون وهم يحرقون العلم الإيراني، كما أنهم ألقوا قنابل البنزين على القنصلية الإيرانية في كربلاء.
أوضح الرئيس السابق للمحفوظات الوطنية العراقية أن “الثورة ليست معادية لأمريكا بل معادية لإيران.
مع استمرار طهران في اعتبار هذه الاحتجاجات على أنها غير حقيقية وأنها تُقاد خارجياً، سيكتسب المتظاهرون المزيد من الحماس ضدها.
وفي الوقت الذي تتصارع فيه إيران مع العواقب الاقتصادية لحملة الضغط القصوى للرئيس الأمريكي “ترامب”، فقد لا تكون قادرة على الصمود في مواجهة هذه الاحتجاجات المزدوجة.