واقع البطالة والفقر في العراق

تمثل قضية البطالة في الوقت الراهن احدى المشكلات التي تواجه دول العالم على اختلاف مستويات تقدمها وانظمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فلم تعد مشكلة البطالة مشكلة العالم الثالث فحسب بل أصبحت واحدة من أخطر مشاكل الدول المتقدمة.

البطالة ظاهرة عالمية تعمل جميع الدول المتقدمة منها والنامية على مواجهتها، كما تعد البطالة مؤشراً مهما للأداء الاقتصادي، فالاقتصاد الذي يعاني من بطالة عالية ودائمة يفقد تدريجياً موارده المنتجة. وتحصل البطالة في الدولة النامية نتيجة القصور في النمو الاقتصادي وسبب العجز في المدخرات المحلية عن تمويل الاستثمارات اللازمة لخلق فرص عمل جديدة، وعجزها عن ملاحقة النمو السكاني، كون القاعدة الإنتاجية والصناعية لا تزال متأخرة ولن تتمكن من محاكاة الاعداد المتزايدة من قوة العمل، لان المجتمعات في الدول النامية مجتمعات فتيه ونسبة الشباب فيها عالية جداً مما أدى الى وجود خللاً بين المشاريع الإنتاجية المحدودة وبين الاعداد الكبيرة من الشباب الذين لم تتمكن هذه المشاريع من استيعابهم، مما جعلهم لم يحصلوا على عمل.

لذا أن البطالة تنشأ عادة من عدم التوازن بين عرض العمل والطلب عليه، أي ان سوء التعادل بين عرض العمل والطلب عليه وعدم تكافؤهما بسرعة يقضي الى نشوء البطالة، على هذا الأساس يمكننا تعريف البطالة بانها (( الفرق بين كمية العمل المعروضة وكمية العمل المطلوبة أو المأجورة)) وتعرف البطالة أيضا بانها تعطل الأشخاص الراغبين في العمل والقادرين عليه.

وثمة خلاف حول تحديد مفهوم البطالة او العامل المتعطل عن العمل، فمن يحدد البطالة أنها تشمل فقط أولئك الذين لا يستطيعون الحصول على عمل في أي مهنة وبأي اجر وفي أي مكان، ومن وجهة نظرنا ان البطالة تعني (( ان كل شخص في سن العمل ولديه رغبة في العمل ويبحث عن عمل ولم يجده)) فهذا الشخص هو في حالة بطالة.

ان هذا التعريف ينطبق على جميع العاطلين عن العمل وفي جميع انحاء العالم، وبنفس الوقت هناك اشكال عديدة للبطالة فهي تتخذ اشكال شتى وكما يأتي:

1- البطالة الاختيارية والبطالة غير الاختيارية

تنشأ البطالة الاختيارية، حيث يختار العامل بمحض ارادته الفراغ ويرفض بإرادته ايضا جميع السبل التي لو اتبعها لاستطاع ان يحصل على العمل. اما البطالة غير الاختيارية فتنشأ حينما يكون العامل قادرا وراغبا في العمل بموجب معدلات الاجور السائدة او حتى بأجور اقل ولكنه لا يجد هذا العمل.

2- البطالة المقنّعة

وتسمى بالبطالة المخفية، وهي مصطلح يعبر عن مجموعة من العمال يحصلون على اجور او رواتب دون مقابل من العمل او الجهد المبذول الذي تطلبه الوظيفة، وفي حالة الاستغناء عنها، لا يترتب على ذلك اي نقص في اجمالي الانتاج، فهذا النوع من البطالة يمثل هدرا كبيرا لطاقات وموارد المجتمع وتكون انتاجية هؤلاء تقارب الصفر وهي تعتبر نوعا من انواع الفساد الاداري والمالي وهي ايضا يصعب احتسابها، لذا فان معدلات البطالة الرسمية في كثير من البلدان تنقصها الدقة فنرى مثلا المعدل الرسمي والمعلن للبطالة 3 او 4٪ بينما المعدل الحقيقي قد يتجاوز ال 20٪، ان التغلب عن البطالة المقنعة من قبل الدولة يعني ان الدولة قادرة على توجيه مواردها المادية والبشرية باتجاه تحقيق التنمية.

3- البطالة الاحتكاكية

تنشأ هذه البطالة، بالأعمال والصناعات التي تتميز بطبيعتها بعدم الانتظام، او تكون نتيجة تغيرات في العمليات الصناعية، او بسبب ما يحتاجه العمل من وقت للتحول من عمل الى عمل آخر باختيارهم. او نتيجة جهل العمال بالمكان الذي يوجد فيه العمل او نتيجة لعدم تمكنهم من الحصول على العمل. وان من اسباب هذه البطالة لا تمت بصلة الى حجم الطلب على العمل بوجه عام لذلك هي لا تنشأ بسبب نقص الطلب العام على العمل.

4- البطالة الفصلية او الموسمية

تحدث هذه البطالة نتيجة لتعاقب فصول السنة، او نتيجة لمجيء بعض الاحداث الاجتماعية في مواسم معينة من السنة، والبطالة الموسمية مصطلح يشير الى تغير الطلب على نوع معين من الوظائف والموظفين مع تغير المواسم، ويكون هذا النوع من البطالة واضحا في القطاعات التي تشارك في اعمال انتاج موسمية كالزراعة التي تحتاج الى ايدي عاملة في موسم الحصاد، وكذلك قطاع السياحة فهو الاخر يحتاج الى ايدي عاملة خلال الموسم الصيفي والشتوي كذلك..

ان هذا النوع من البطالة تكون القوة العاملة فيها عاطلة عن العمل اثناء فترات محددة من السنة.

5- البطالة الفنية

تنشأ هذه البطالة بسبب التحسينات الفنية التي تطرأ على الصناعة، فتدهور الصناعات القديمة واضمحلالها ونشوء محلها صناعات جديدة تؤدي الى انتشار البطالة ما بين عمال الصناعة وهذه المشكلة تزداد خطورة كلما كانت التغيرات التي تطرأ على الصناعة عديدة وسريعة، لأنها تقضي الى تبدلات واسعة بالعمل بسبب الحاجة الى عمال ماهرين يستوعبون التطور التقني الذي حدث.

6-البطالة الدورية

تنشأ هذه البطالة من الدورات الاقتصادية، وهي مرتبطة بفترات الانكماش والانتعاش الاقتصادي في الدولة، حيث يظهر تباين في عدد العمال العاطلين عن العمل خلال هذه الفترة، فترتفع معدلات البطالة خلال فترة الركود، وتنخفض خلال فترة النمو الاقتصادي ويطلق على البطالة الدورية اسم بطالة نقص الطلب، او البطالة العامة.

يتبين مما تقدم في موضوع انواع البطالة، ان اسبابها متعددة منها التحسينات الفنية التي تطرأ على وسائل الانتاج (في الصناعة والزراعة) وكذلك سبب التقلبات الفصلية والموسمية وكذلك الدورات الاقتصادية وطبيعة العمل وتحول العمال من عمل الى آخر ومنها ايضا فيما يتعلق بالإنسان نفسه كانعدام الخبرة الفنية والجهل والعاهات الجسمية او العقلية الجزئية وعدم الانضباط والتخلف والامية.

من الواضح انه اذا كان جزء من المجتمع عاطلا عن العمل، فان الطلب الفعال يقل، نظرا لتناقص حجم القدرة الشرائية بسبب البطالة المتفشية وهذا ما يحمل المنتجين على تقليص حجم الانتاج ومن ثم الاستغناء عن عدد من العمال ، فتنتشر البطالة اكثر من ذي قبل وهكذا كلما ازدادت البطالة كلما انكمش حجم الطلب لدرجة خطيرة وتقلص حجم الانتاج بدرجة كبيرة، وهذا يؤدي الى قيام المنتجين الى تسريح العمال بأعداد غفيرة وبها ينتقل الوضع الاقتصادي في  البلاد من سيء الى الأسوأ، وكل ذلك سيؤدي الى هبوط الدخل القومي ويحدث الانكماش الاقتصادي .

فضلا عن ان البطالة تعتبر من الامراض الاجتماعية الخطيرة وهي تدل على تدهور النظام المهني والصناعي في البلاد، كما ان انقطاع الدخل بسبب البطالة سيجعل الفرد العاطل عن العمل متذمرا وفي حالة يأس وخوف شديد وقد يندفع للقيام بأعمال غير مألوفة، كمنع اولاده من الذهاب الى المدرسة سعيا وراء الاجر او يضطر الى الانخراط في صفوف المجرمين او في زمرة الشحاذين والسراق، وبالتالي ينحرف اجتماعيا وخلقيا.

ومن الآثار الناجمة عن البطالة، فقدان الامن الاقتصادي للفرد والمجتمع حيث يفقد العامل دخله الاساسي مما يعرضه واسرته للفقر والحرمان.

كما تؤدي البطالة الى اهدار قيمة العمل البشرية وخسارة في قيمة الناتج المحلي الاجمالي لأنها هدر في الموارد البشرية، وتؤدي كذلك الى عجز في ميزان المدفوعات والموازنة العامة، وتؤدي الى خفض مستويات الاجور نتيجة قبول العاطلين عن العمل لأجر ادنى من الاجر السائد مقابل الحصول على عمل مما يؤدي الى عدم التوازن في الاجور والاسعار وتكاليف المعيشة.

وتؤدي البطالة الى معاناة اجتماعية وعائلية ونفسية، هذه المعاناة قد تدفع بالفرد الى تعاطي المخدرات وممارسة انواع العنف والجريمة او الهجرة.

وعلى هذا الأساس ارتفعت معدلات البطالة في بلدان كثيرة من العالم، وسط تشديد السياسات النقدية لمكافحة التضخم الجامح وما خلفته جائحة كورونا بحدوث موجة واسعة من تسريح الموظفين والكثير من قوة العمل، فضلاً عن الصعوبات التي تواجه البلدان في الحصول على التمويل الدولي وجذب الاستثمارات التي تخلق المزيد من فرص العمل.

ووفقاً لمصدر (عالم الإحصاء world of statistic) حول اكثر عشر دول في العالم نسبة البطالة فيها عالية حيث احتل العراق المركز الثالث عالمياً رغم تحفظنا على النسبة الواردة في هذه الإحصائية عن العراق وكما يلي:

 

التسلسل البلد النسبة
1 نيجيريا 33.3%
2 جنوب افريقيا 32.9%
3 العراق 15.55%
4 اسبانيا 13.26%
5 تركيا 10%
6 ايران 9.6%
7 صربيا 9.2%
8 تشيلي 8.7%
9 البرازيل 8.5%
10 فنلندا 7.9%

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نجد مما تقدم ان كل ذلك ينطبق على الواقع الذي نعيشه في العراق، واقع البطالة والفقر، والجوع والحرمان والمرض والعوز، بحيث اصبح هذا الواقع المأساوي والذي يعاني منه أكثرية الشعب العراقي، عالة على المجتمع وعلى النشاط الاقتصادي.

أن مشكلة البطالة في العراق من المشاكل المعقدة والتي تراكمت منذ زمن وخاصة بعد عام (2003) وأصبحت تشكل ظاهرة خطيرا جداً تهدد العراق ووجوده حيث يعتبر العراق اليوم في مقدمة الدول في الشرق الاوسط من ارتفاع نسبة البطالة من حجم قوة العمل فضلا عن كون العراق من البلدان الغنية وتمتلك موارد مادية وبشرية تؤهله إن استغلها بشكل عقلاني ومثالي ان يكون من البلدان التي تتمكن من النهوض وتحقيق تنمية مستدامة تجعله في مصاف الدول المتقدمة، ولكن مع الاسف لقد تم تدمير التجربة الوطنية التي حققها النظام الوطني منذ عام 1968 وحتى عام 2003 والتي حققت تطورا كبيرا في المجال الصناعي والزراعي والعلمي والتربوي، وبالإمكان الاطلاع على تقرير التنمية البشرية الذي انجز عام 1994 وبإشراف الامم المتحدة والذي يؤكد على التطور الذي حصل على الاقتصاد العراقي بالنسبة لدليل التعليم ودليل متوسط العمر ودليل الدخل. وكانت البطالة في تلك الحقبة الزمنية متدنية ولم تصل اكثر من 6٪ من حجم قوة العمل.

ومن المعلوم ان هنالك علاقة طردية واضحة ومؤكدة بين زيادة البطالة وزيادة مستويات الفقر، فالبطالة تؤدي الى الفقر، بسبب فقدان الانسان الي عمله او لم يستطيع الحصول على عمل، اي فقدان دخله الذي يعتمد عليه في معيشته وسد حاجاته الاساسية.

قدرت بعض الدراسات بأن أكثر من (50%) من قوة العمل في العراق تعطلت، وحتى يومنا هذا، وهذه النسبة تعتبر كارثة على الاقتصاد العراقي.

فالإحصاءات الرسمية المتاحة وحسب التعداد السنوي للسكان وللأعوام (1977، 1987، 1997) حددت نسبة البطالة كما يأتي:

 

السنة معدل البطالة
1977 3.2%
1987 4.5%
1997 17.0%

 

 

 

 

 

وان (17%) هي نسبة عالية بالمقارنة مع السنوات السابقة اما في العام (2003) بلغ معدل البطالة في العراق أكثر من (30%) وهو معدل مرتفع جداً بالمقارنة مع النسب المذكورة وذلك بسبب الغزو الأمريكي للعراق. واحتلاله وما رافقه من تدمير شامل للاقتصاد العراقي.
ان الفئة التي تعاني من البطالة هي فئة الشباب التي تعد الفئة الاكثر عددا في العراق، حيث ان عدد الذين تراوحت اعمارهم بني (صفر – 29) سنة وصل الى (26) مليون من اصل (40) مليون، وان هذه الارقام تدل وفق الخبراء الى الحاجة الى استراتيجيات تؤهل سوق العمل لاستقبال الاعداد الكبيرة من طالبي العمل سنويا .

وحسب ارقام اعلنها الجهاز المركزي للإحصاء ان نسبة البطالة بين الشباب للفئة العمرية (15-29) سنة تبلغ (30.5٪) بينما الارقام التي اعلنها صندوق النقد الدولي ان معدل البطالة لدى الشباب في العراق تبلغ اكثر من (40٪) وكذلك حسب احصاءات صندوق النقد الدولي في (مايو 2018) ان معدل البطالة عند الشباب بلغ اكثر من 40٪ من اصل تعداد السكان البالغ (37) مليون نسمة وفي جميع المحافظات وهنالك بحدود (5) مليون من خريجي الكليات والمعاهد عاطلين عن العمل، ووفقا لإحصاءات اممية فان اكثر من (45) الف شخص يتخرجون سنويا من الجامعات والمعاهد العراقية وفي سنة (2019) وحدها تخرج نحو 50 الف طالب، تم تعيين نحو (2000) خريج فقط من هذا العدد، وهذا يمثل عدد ضخم جدا مما يزيد ويضاعف من نسبة البطالة ومن ثم نسبة الفقر وبالأخص بين الشباب كما ان البطالة المقنعة هي الاخرى ارتفعت الى اضعاف ما هو معلن، علما ان عدد موظفي الدولة العراقية يقدر ب  (4.5) مليون موظف ذلك حسب تصريح وزير المالية (علي علاوي) منهم ربع مليون موظف فضائي، اي اولئك الذين يتقاضون اكثر من راتب او مسجلون كموظفين من دون عمل.

أفادت وزارة التخطيط بأن نسبة البطالة بين الشباب بحسب الفئات العمرية (18-30) سنة اكثر من (21%) بالوقت الذي تشير التقديرات الرسمية ان عدد سكان العراق وبحلول نهاية عام (2023) سيتجاوز (43) مليون نسمة كما ان الشركة الألمانية ستاتيستا المتخصصة في الإحصاءات الدولية أعلنت ان نسبة البطالة في العراق للعام (2021) بقى معدل البطالة للشباب في العراق دون أي تغيير بنحو (27.2%). ونلاحظ ان أكثرية الإحصاءات متضاربة ومتناقضة بسبب عدم وجود إحصاءات دقيقة حول عدد السكان وحجم قوة العمل حتى تتمكن من الحصول على إحصاءات تمكننا من تحديد ما موجود على ارض الواقع.

ان السياسات الخاطئة للحكومات العميلة المتعاقبة على السلطة ما بعد (2003) ساهمت في ارتفاع نسبة البطالة وزيادة نسبة الفقر كما ان الطبقة السياسية، لا تعتمد على سياسة واضحة للتشغيل وليس لديها اي تصور عن ذلك، وانما تعاملت مع فرص التشغيل والتوظيف كمكاسب حزبية ضيقة لتوسيع قاعدتها الجماهيرية من اجل استغلالها للانتخابات، وان الشباب العاطلين عن العمل يدفعون ثمن متاجرة وفساد القوى السياسية بالموارد العامة للعراق.

ان آخر تقرير لبرنامج الاغذية العالمي بلغت نسبة انتشار الفقر بين العراقيين الى أكثر من (31٪) والبطالة تجاوزت ال (40٪) بينما كانت نسبة البطالة في السنوات السابقة لا تتجاوز ال (20٪) وبنحو (3) مليون شخص لا يجدون ما يكفيهم من الطعام. ان زيادة نسبة البطالة هي التي ادت الى زيادة نسبة الفقر، رغم ان العراق يعتبر من البلدان الغنية بموارده كافة.

ان العراق يعاني من ازمات كثيرة جدا واهمها الانخفاض الذي حدث على اسعار النفط وان الضرر الذي لحق بالاقتصاد العراقي وزيادة نسبة البطالة والفقر هو بمستوى الضرر الذي لحق بالعراق جراء جائحة كورونا بل أكثر من ذلك!! ويعاني كذلك من الاوضاع الامنية السيئة والسياسية والفساد المالي والاداري.

لان العراق يعتمد على عائدات النفط لتمويل ما يصل الى (85٪) من نفقات الحكومة، لذلك ان معدلات البطالة والفقر تضاعفت حتى وصلت الى (40٪) من عدد السكان مقارنة ب (20٪) كانت مسجلة في السنوات الاخيرة، حيث انخفضت عائدات النفط الشهرية للعراق من (6) مليار دولار الى (1.4) مليار دولار.

ان نسبة البطالة والفقر في العراق تتابين بين المحافظات حيث تتجاوز النسب الـ (50%)  في بعض المحافظات، حيث يعيش شخص واحد من بين كل خمسة اشخاص تحت خط الفقر في بلد يعاني من استشراء الفساد وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.

 

 

 

 

 

 

 

أن اهم المحافظات التي تشهد اكبر نسبة بطالة في العراق هي:

 

الرقم المحافظة النسبة
1 محافظة الكوت 56%
2 ذي قار 54%
3 الانبار 41.2%
4 نينوي 34%
5 ميسان 34%
6 اربيل 27.2%
7 البصرة 24.8%
8  القادسية 23.8%

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أن الأرقام الواردة أعلاه تم الاعتماد على ما أشارت اليه وزارة التخطيط، ان نسبة البطالة في العراق بنحو (40%) بعد ان كانت في العراق عام (2019) الى (20%) وعزت ذلك الى الظروف التي رافقت انتشار جائحة كورونا وما رافق ذلك من إجراءات احترازية كالغلق الشامل.

وكما قال المستشار المالي لرئيس الوزراء في العام (2019)، ان الرقم الرسمي يؤشر الى وجد (20%) من البطالة الفعلية لقوة العمل، وهناك انخفاض مستمر لمساهمة القطاعات الحقيقية بالنشاط الإنتاجي، إذ ما زالت مساهمة الصناعة التحويلية لا تشكل سوى (1%) من هذا النشاط، مع موت شبه كامل للصناعات الحرفية واليدوية وغيرها من الصناعات الخفيفة والمنزلية بسبب سياسة الانفتاح التجاري الاستيرادي غير المنضبط، مبيناً ان هذا الواقع لا يساعد ابداً على توفير فرص عمل كبيرة. واذا استمر النشاط الاقتصادي على ما هو عليه مع الزيادة المضطردة للسكان فأن العراق سيواجه اعداداً كبيرة جداً من العاطلين عن العمل مما يشكل ذلك خطورة كبيرة على الاقتصاد العراقي، كما ان الكثير من الاحصائيات تشير ان نسبة العاطلين عن العمل (من اصل قوة العمل البالغ عددها (16) مليون نسمة كون قوة العمل تمثل (36%) من عدد السكان البالغ (43) مليون نسمة) هي (40%) بل اكثر فيسكون عدد العاطلين عن العمل ((أي قوة العمل التي في سن العمل وتبحث عن عمل ولديها رغبة في العمل ولن تجده)) ستكون بنحو (6.5) مليون عاطل، هذا اذا علمنا ان نسبة النساء العاطلات عن العمل تقدر بأكثر من (80%) وان إيرادات المتأنية من النفط لا تؤمن اكثر من (1%) من فرص للعمالة العراقية.

كما ان البطالة والفقر في زمن جائحة كورونا ازدادت بشكل كبير جدا، في تموز الماضي اعلنت وزارة التخطيط ان نسبة الفقر في العراق بلغت (31.7٪) بارتفاع يقدر (12٪) عن العام 2019 وهو معدل قياسي يسجل لأول مرة منذ العام 2003، وان هذه الزيادة نتيجة جائحة كورونا التي ادت الى فقدان الكثير من الناس لوظائفهم واعمالهم مما ادت الى فقدان دخلهم ومصدر عيشهم، ومن المتوقع زيادة نسبة البطالة والفقر عام 2021، بسبب غياب الخطط الحكومية واستمرار جائحة كورونا، علما ان المبالغ الكبيرة التي تصرف على الدرجات الخاصة ورواتب الموظفين (اكثر من 4.5 مليون موظف) مع وجود فساد مالي واداري في كافة مفاصل الدولة، اديا الى هدر كبير في المال العام واعاقة عملية التنمية وخلق فرص عمل جديدة تستوعب البطالة وتقلل من نسبة الفقر في العراق ، لذلك اصبح الفقر في العراق كارثة تلحق الاذى للذين يبحثون عن فرصة عمل من اجل الحصول على لقمة العيش.

ان انعدام فرص العمل في القطاع الخاص والعام، وتعقيدات الاوضاع الاقتصادية في البلاد الغاطسة بالديون والازمات المستعصية رغم تنوع ثرواتها، مما ادى الى زيادة عدد العاطلين عن العمل وأصبح هناك جيوش كبيرة تعيش تحت وطأة العوز دون ان يجدوا فرصة عمل تحفظهم من الجوع والعوز والفقر وتحميهم من الانزلاق نحو الانحراف. مما اضطر الكثير من الشباب الى خيار الانتماء الحزبي بهدف الحصول على فرصة عمل او الانخراط في الميليشيات المسلحة والغير شرعية والتابعة الى ايران للخلاص من البطالة والفقر القسري المفروض عليهم.

ومن الجدير بالذكر ان حكومات الاحتلال عملت ومنذ الاحتلال على حجب الكثير من المعلومات الاحصائية وبالأخص ما يخص موضوع البطالة والفقر في العراق حتى تخفي الكثير من الحقائق وبالأخص الفساد المالي والاداري، لذا ان جميع الارقام الواردة في هذه الدراسة هي تقريبية وغير دقيقة.

أن معدلات البطالة المرتفعة جداً في العراق، عكست نفسها على معدلات الفقر، حيث ان ربع العراقيين فقراء، بسبب الحروب والفساد المالي الإداري الأوضاع السياسية المزرية، كلها القت بظلالها على أحد اغنى البلدان في العالم لما يمتلكه من ثروات هائلة وبالأخص النفط والغاز.

ان نسبة الفقر في العراق تسجل مستويات عالية قياساً بالدول المحيطة، فيوجد في العراق اليوم أكثر من (11) مليون فقير، ووصل الفقر الى ننحو (25%) من السكان البالغ (42) مليون نسمة. وتفيد البيانات الرسمية بان قرابة (3) ملايين عراقي يتلقون منحاً مالية شهرية من الحكومة وهم من أصل (9) ملايين ستحقون المساعدة ايضاً ولا تستطيع الحكومة تقديمها لهم.

واستناداً الى آخر بيانات وزارة التخطيط العراقية أن نسبة الفقر تتراوح بين (22-25%)، وان نسبة الفقر في المحافظات كما يأتي:

 

الرقم المحافظة نسبة الفقر
1 المثنى 52%
2 الديوانية 49%
3 ذي قار 49%
4 نينوي 41%
5 محافظات الوسط 17%
6 العاصمة بغداد 12%
7 محافظات إقليم كردستان 12% فاكثر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أن من اهم أسباب ارتفاع نسبة الفقر تتعلق بتردي القطاعات الخدمية المختلفة مثل التعليم والصحة والسكن، وزيادة البطالة في العراق. ومن الجدول أعلاه يتبين أن محافظة المثنى تعد المحافظة الأولى بأعلى نسب فقر وتليها الديوانية وذي قار ونينوي.

أن الفقر في العراق تحول من ظاهرة اقتصادية الى مأزق اجتماعي وسياسي. ومن المفارقات التي لا تصدق ان تنتشر ظاهرة الفقر في العراق وتتحول الى إشكالية في بلد غني جداً بثرواته البشرية الهائلة وامكانياته الطبيعية المتنوعة من اتساع الأراضي الخصبة وتوفير المياه العذبة وكذلك ثرواته المعدنية المتعددة وبالذات النفط الخام والغاز والفوسفات والزئبق وغيرها من الموارد.

ان مشكلة البطالة متراكمة ومنذ حرب الخليج الاولى والثانية واستفحلت بشكل كبير ومخيف بعد الغزو الامريكي على العراق وفي ظل الحكومات العميلة المتعاقبة بعد سنة (2003) حيث قامت القوات الامريكية بتدمير اكثر من (85٪) من البنى التحتية (التقنية والاجتماعية) تدميرا كاملا، واستهدف كذلك مصادر الطاقة الكهربائية التي يعتمد عليها المجتمع في الصناعة والزراعة علما ان عدد المصانع العراقية التي كانت تعمل بكل طاقتها الانتاجية قبل عام (2003) نحو (178) الف مصنع حكومي ومختلط وخاص (صغير ومتوسط وكبير) ، تم استهدافها جميعا، واصبحت خارج العملية الانتاجية، وتم ايقاف العمل كذلك في المصانع الصغيرة والصناعات التقليدية بسبب انقطاع  التيار الكهربائي وكذلك سبب الاوضاع الامنية، كل ذلك مما  ادى الى انقطاع اكثر من مليون ونصف المليون عامل وموظف عن العمل .

مما زاد من نسبة البطالة في العراق والشيء نفسه حدث مع القطاع الزراعي، حيث التراجع الذي اصاب القطاع الزراعي هدد اكثر من (12) مليون عراقي يعيشون على الزراعة بمعنى (1/3) ثلث الايدي العاملة يعملون في القطاع الزراعي، وحدث ذلك ايضا مع بقية القطاعات الاخرى ، وقامت قوات الاحتلال بحل الجيش العراقي والاجهزة الامنية وبعض مؤسسات الدولة فتم تسريح اكثر من (2) مليون منتسب من هذه الاجهزة والجيش، ذلك ادى الى زيادة نسبة البطالة والفقر في العراق وبشكل غير مسبوق بل مخيف ، بالإضافة الى ذلك ان من اهم الاسباب الهيكلية للبطالة في العراق تكمن في نمط النمو الاقتصادي والمتمحور حول استغلال النفط واغفال دور بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى والضرورية لتوفير فرص عمل جديدة ، حيث يوفر النفط اكثر من (90٪) من الايرادات العامة واكثر من (70٪) من الناتج المحلي الاجمالي الا انه لا يشغل سوى (1٪) من قوة العمل.

بالإضافة الى ذلك، ان خصائص قوة العمل انها تفتقر الى التدريب والتأهيل اللازم لتلبية احتياجات سوق العمل الذي يعاني من الاعتماد الشبه التام على القطاع العام في خلق فرص عمل جديدة وان دور القطاع الخاص يكاد يكون هامشيا.

كما ان آثار الحروب وفقدان الامن وتوقف عمل القطاعات الاقتصادية وتدهور النشاط الخاص، والتدمير الهائل الذي اصاب البنى التحتية مما ادى الى زيادة البطالة وتفاقمها، فضلا عن ذلك ان نسبة البطالة والفقر في العراق ارتفعت بفعل انتشار فيروس كورونا، وانخفاض اسعار النفط وتوقف اغلب المشاريع في جميع القطاعات الاقتصادية بسبب الاجراءات الصحية أدت الى خسارة شريحة واسعة من العاملين بالأجر اليومي مصادر دخلها ، كونها اصبحت خارج اطار النشاط الاقتصادي وارتفعت نسبة البطالة في العراق بشكل غير مسبوق ، كما ان قرار الحكومة في خفض قيمة الدينار العراقي امام الدولار الامريكي زادت الامور سوءاً بالنسبة لهذه الشريحة، خصوصا مع ارتفاع الاسعار لمختلف المواد المستوردة وتوقف التجارة والاعمال، ويعتبر ايضا النمو السكاني في العراق مشكلة كبيرة لم يتم مراعاتها والتعامل معها بشكل صحيح، وطبعا لتقديرات البنك الدوي فان نفوس العراق تطورت من (7.3) مليون نسمة عام (1960) الي (39.3) مليون نسمة عام (2019) اي زاد اكثر من خمس مرات وان حجم قوة العمل المتوفرة نمت من (3،97) مليون الى (10.47) اي اقل من ثلاث مرات خلال نفس الفترة ، وهذا يعني ان معدل الاعالة ارتفع بشكل كبير، اي اصبح كل شخص واحد يعيل ستة اشخاص، وعلى الرغم من كل الحروب التي فرضت على العراق ولأكثر من (40) سنة ورغم الحصار الاقتصادي  الذي راح ضحيته الكثير من الاطفال والنساء والشيوخ، فان الضغط السكاني بقي يتنافس بشدة ومن المتوقع ان يصل حجم السكان الى (63) مليون نسمة بحلول (2050)، كل ذلك ادى الى النمو المتزايد والمستمر للسكان، وسبب ذلك مشاكل اقتصادية وضغوط اقتصادية مضاعفة، مما ادى الى خلق ضغط كبير على سوق العمل، مما جعل نسبة البطالة ترتفع لتصل الى اكثر من (40٪) ورافق ذلك زيادة كبيرة في معدل الفقر واصبح اكثر من (31٪)، وهذا سيؤدي الى خلق وظائف جديدة في العراق وبشكل كبير جدا ومن المتوقع وطبقا للبنك الدولي فان العراق بحاجة الى خلق (5-7) مليون فرصة عمل بحلول عام (2030)، وكذلك من اسباب ارتفاع البطالة في العراق تعود الى جوانب عديدة تقع ما بين جوانب سياسية وتخلف المؤسسات الادارية في ادارة شؤون الموارد البشرية وغياب سياسة التشغيل وغياب الفكر الاقتصادي وغياب التنمية البشرية، مما جعل ما يجري في العراق بالجانب الاقتصادي، فوضى عارمة وتدمير ممنهج للاقتصاد العراقي، ومن الاسباب المهمة التي لا بد من ذكرها الا وهو تفشي الفساد المالي والاداري وفي جميع مرافق الدولة، والفساد المالي هو عدو التنمية، وبما ان دور الصناعة والزراعة قد تراجع بشكل كبير جدا، فان حكومات الاحتلال عاجزة تماما عن توفير فرص عمل لهاذ الجيش من العاطلين لذا فان الطلب الكلي على قوة العمل لا يحاكي العرض الكلي لقوة العمل فتزداد البطالة، ونسبة الفقر، بالإضافة الى ذلك ارتفاع اعداد العمالة الاجنبية في البلاد، يسهم هو الاخر وبشكل كبير في هدر الموارد البشرية العراقية وخصوصا الشرائح  المهمة من أصحاب الشهادات والمهن، حيث تصل اعداد العاملين الأجانب في العراق كما صرح وزير العمل الشؤون الاجتماعية ما بين (800 – مليون) عامل اجنبي في العراق، لم يسجل منهم في دائرة الضمان الاجتماعي سوى ما بين (160 – 170) الفاً فقط.

ويوجد بنحو (300) الف عام سوري يعملون من دون رخصة ودخلوا العراق عبر وسائل التهريب ويعمل اكثر من (250) الف عامل اجنبي في قطاع النفط بينهم (5%) فقط من يمتلك خبرة وشهادة في هذا المجال. ويوجد ما يقارب (350) الف عامل اجنبي برواتب مجزية تصل الى الاف الدولارات على حساب آلاف الشباب المهندسين والعاطلين عن العمل في المحافظات النفطية، ويتضح من ذلك مدى الفوضى الكبيرة التي يعاني منها ملف العمالة الأجنبية بسبب عدم وجود قانون خاص ينظم العمالة الوافدة الى البلد.. فضلاً عن وجود اعداد هائلة من الإيرانيين يدخلون الى العراق بحجة الزيارة واكثريتهم يمكثون في العراق وبشكل غير شرعي، وهؤلاء جميعاً يحلون محل العمالة العراقية وبهذه الحالة ترتفع نسبة البطالة والفقر في العراق، أن استمرار ارتفاع نسبة البطالة تتحدد في جانبي العرض والطلب ففي جانب العرض فان النمو السكاني المتزايد في العراق والذي تحدثنا عنه وصل الى (3%) وهذا يمثل المصدر الرئيسي في زيادة عرض العمل، وكذلك دخول اعداد هائلة من العمالة الأجنبية دون محددات، سيزيد هو الاخر من عدد العاطلين من العراقيين وبالتالي ستؤدي الى زيادة في عرض العمل أيضا، ونرى ان من جانب الطلب على قوة العمل تراجع قدرة الاقتصاد العرقي على استيعاب قدر اكبر ممكن من هذه القوى، نتيجة عدم قدرته على مواكبة الزيادة الحاصلة من قوة العمل التي تدخل الى سوق العمل سنويا عن طريق إيجاد فرص عمل لها، وان عدم قدرة الاقتصاد العراقي وضعفه على استيعاب كمية العرض الكبيرة وهذا يعزى الى ان برامج الدولة على التحول الى اقتصاد السوق مما رافق ذلك تغيرات هيكلية للاقتصاد العراقي مما جعل من الصعب خلق فرص عمل جديدة، وان توقف اغلب شركات القطاع العام وانخفاض قدرتها الإنتاجية وضعف إمكانيات القطاع الخاص وضعف دوره في الاقتصاد العراقي وكذلك عدم وجود استقرار سياسي وامني أدى الى هروب الاستثمار الأجنبي وعزوف المستثمرين العراقيين والعرب عن الاستثمار في العراق وما لعبه الفساد المالي والإداري والمستشري في مؤسسات الدولة والانفتاح الغير مبرر على البضائع المستوردة وبالأخص البضائع الإيرانية كل ذلك مما اضعف من قدرة الاقتصاد العراقي من استيعاب كمية العمل المعروضة.

كثر الحديث عن مشكلة البطالة وآليات معالجتها، وان مشكلة البطالة اصبحت تشكل كابوسا حقيقيا على عموم الشعب العراقي وللأسباب التي ذكرناها في هذه الدراسة، وان الكثير من القرارات الخاصة بالمعالجات والحلول لهذه الازمة المعقدة والتي اثقلت كاهل الاقتصاد العراقي والشعب العراقي، كونها معالجات وقرارات غير مدروسة بل تكاد تكون مستحيلة لأنها ابتعدت عن الحلول الواقعية والتي تستند الى القوانين النافذة والمؤسسات الرسمية الموجودة، بشرط الالتزام لتنفيذ هذه المعالجات وبعكسه فان المشكلة ستبقى قائمة بل تتفاقم مع مرور الزمن، فلا بد من العمل على توفير بيانات احصائية حقيقية عن حجم البطالة وحسب الفئات العمرية ومعالجة البطالة حسب الاولويات ، وحسب الاحصاءات المتوفرة نجد ان الفئة الاكثر ضررا من عدم توفر فرص العمل هم الشباب حيث بلغت نسبة البطالة للفئة (15 – 24 سنة ) (67 ٪) .

ومما تقدم فان جميع الأسباب التي ذكرناها والتي تقف وراء بروز ظاهرة البطالة في الاقتصاد العراقي، يصبح من الضروري معالجتها من خلال اتخاذ الخطوات الكفيلة لمعالجة هذه المشكلة ووفق النظرة العلمية والشمولية لواقع الاقتصاد العراقي والذي يتطلب حلا متكاملا وليس مجزأ، وهذه المقترحات لا بد ان تحاكي واقع الاقتصاد العراقي ومن اهم هذه المعالجات:

أولاً: العمل وبكل الوسائل على اعادة التوازن بين العرض الكلي للعمل والطلب عليه، بحيث يتمكن الطلب الكلي ان يحاكي العرض الكلي في المجتمع ومن اجل تحقيق ذلك لا بد من اتخاذ عدد كبير من الاجراءات الكفيلة بتحقيق هذا الهدف ومن هذه الاجراءات:

1- ان يتم تبني استراتيجية تتسم بالشمولية والموضوعية والواقعية من اجل تنويع مصادر الدخل القومي وتحقيق الاستفادة القصوى مما يملكه العراق من ثروة النفط من اجل تحقيق رفع معدلات النمو الاقتصادي.

2- وبناء عليه يجب العمل على معالجة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، وبالأخص تحقيق النمو المتوازن بين قطاعات الاقتصاد القومي كالصناعة والزراعة وقطاع الخدمات، واعادة النظر في مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الاجمالي دون الاعتماد على واردات النفط فقط وتشجيع الاستثمار الوطني والعربي والاجنبي في هذه القطاعات حتى تتمكن من خلق فرص عمل جديدة لاستيعاب قوة العمل الهائلة والتي تبحث عن فرص عمل.

3- تشجيع الاستثمارات الاجنبية واجتذابها للاستثمار في العراق ووفق ضوابط تضمن المصلحة الوطنية ومن هذه الضوابط استيعاب أكبر قدر ممكن من العراقيين العاطلين عن العمل وهذا يتطلب توفير المناخ الاستثماري الضروري لتشجيع الاستثمارات المحلية الاجنبية.

4-لا بد ان يسهم القطاع العام والخاص في القضاء على هذه المشكلة المعقدة.

5- العمل على تدريب وتأهيل الايدي العاملة غير الماهرة كونها ضرورية جدا لمواكبة اي نشاط اقتصادي حديث ويعتمد على التكنولوجيا.

6- التأكيد على ان يكون الانفاق الاستثماري يتجه نحو تطوير البنى الارتكازية مما لها من اثر كبير على توفير فرص للعمل.

علما ان البطالة المزمنة التي يعاني منها العراق من الصعب جدا حلها دون تدخل الدولة وبشكل مباشر وفعال وان توضع خططها وبرامجها وسياسات تشغيل فعالة من اجل تحقيق ذلك وتعمل على تشجيع الانتاج الوطني الصناعي والزراعي ووضع حد لسياسة اغراق السوق بالمنتجات المستوردة وتعمل على تقنين ادخال العمالة الاجنبية والسيطرة على المنافذ الحدودية واتخاذ اجراءات صارمة من اجل تحقيق ذلك، حيث صرح وزير العمل العراقي الى ان اغلب العمالة الاجنبية يدخلون العراق بطرق غير شرعية، والعمل على تفعيل القطاعات الاقتصادية من صناعة وزراعة ونقل وسياحة وتعدين وغيرها من اجل امتصاص الايدي العاملة العاطلة عن العمل، مع ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص ودعم القطاع الخاص للقضاء على البطالة  والحد منها والتي ارتفعت نسبتها، فمن المستحيل على القطاع العام وحدة استيعاب العدد الكبير من العاطلين، وعلى ان تكون مسألة مكافحة البطالة هدفا مركزيا للسياسة الاقتصادية واعطاء الاولوية للبرامج الاستثمارية والعمل على خلق تنمية بشرية ورفع كفاءة العاملين عبر الارتقاء بالنظام التعليمي ووضع برامج لإعادة التأهيل والتدريب واشاعة استخدام التقنيات الحديثة وتشجيع البحث العلمي والابتكار وتخصيص الموارد المالية اللازمة لذلك مع ضرورة توظيف العوائد النفطية لأغراض الاستثمار والتنمية الاقتصادية .

والمتتبع للواقع السياسي ومنذ احتلال وغزو العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية والى يومنا هذا، يصبح من المستحيل تنفيذ ما ورد من معالجات علمية وواقعية للبطالة في العراق في ظل حكومات الاحتلال المتعاقبة على حكم العراق والذي تهيمن عليها كل من ايران وامريكا والكيان الصهيوني والتي تأتمر وتنفذ ما تريده هذه القوى المحتلة وبشكل خاص ايران التي تتحكم بشكل كامل بالاقتصاد العراقي وذلك من خلال عملائه بالسلطة والبرلمان العراقي العميل الى ايران ومن خلال هيمنة الميليشيات المسلحة الولائية على جميع مرافق الدولة . بحيث تمكنت ايران من التغلغل في داخل الاقتصاد العراقي واغرقت السوق ببضائعها ومنتجاتها الفاسدة وغير جيدة النوعية، بحيث وصل الميزان التجاري بين العراق وايران الى 20 مليار دولار سنويا ولصالح ايران، واصبحت ايران المستفيد الاول من الاوضاع السيئة في العراق لذلك تسعى ايران الى عرقلة التنمية بشكل كامل ولن تسمح ببناء صناعة او تطوير القطاع الزراعي والخدمي. ويصبح من المستحيل ايضا القضاء على البطالة والفقر في العراق بوجود فساد مالي واداري قل نظيره مستشري في جميع مرافق الدولة بحيث تم تبديد وسرقة أكثر من 780 مليار دولار، والتي كانت كافية للقضاء على البطالة والفقر لو كان لدى الحكومات نية لخلق تنمية وتنشيط الاقتصاد العراقي، كما أكد ذلك (عادل الركابي) وزير العمل والشؤون الاجتماعية في العراق حيث قال: (الى الآن لا توجد معالجات حقيقية لمسألة البطالة).

والجميع يعلم ان حكومات الاحتلال جاءت لتدمير الاقتصاد العراقي وتدمير المنظومة الاجتماعية للبلد من خلال اشاعة الفوضى وسرقة اموال العراق ورهن اقتصاده لدول الاحتلال لعشرات السنين واشاعة البطالة والفقر والتخلف ولهذه الاسباب قاموا بتدمير التعليم والمؤسسات الصحية، وعليه ومن اجل تطبيق الاصلاحات والمعالجات الاقتصادية للقضاء على البطالة والفقر في العراق او على الاقل الحد منه، لا يوجد خيار امام الشعب العرقي الا من خلال تنظيف البلد من الفاسدين والمجرمين والميليشيات وطرد المحتلين من البلد وبالأخص المحتلين الايرانيين وتغيير النظام السياسي برمته وخلعه من جذوره والمجيء بسلطة وطنية تهتم في بناء العراق اقتصاديا واجتماعيا وامنيا وسياسيا وبعد ذلك يصبح بالإمكان تنفيذ مقترحاتنا حول معالجة البطالة والفقر في العراق.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى