سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الاميركية، الضوء على هوية المرشد الاعلى الايراني المقبل من خلال الدلائل المستقاة في الازقة الخلفية لمدينة النجف، مؤكدة وجود العديد من الأسماء المرشحة لخلافة المرشد الأعلى علي خامنئي.
وذكر تقرير للصحيفة، نشر مؤخرا، انه “في مدينة النجف العراقية، والتي بها أبرز مقدسات الشيعة، مرقد الإمام علي بن أبي طالب، يقع مكتب علاء الدين الجزري، الرجل الذي تربطه صلات قوية بالقائد الأعلى لإيران، والذي يعد مسؤول اتصال رئيسي بمكتب الزعيم الإيراني علي خامنئي، الذي يقول الجزري إنه التقى به عدة مرات”.
ونقلت الصحيفة عن الجزري قوله، بأن “القائد الأعلى القادم لإيران قد لا يأتي من قائمة المرشحين المحتملين والمنتشرة بين المحللين والمطلعين، حيث اعتمد تقييمه على خبرته وقربه من الدائرة الداخلية لخامنئي بالإضافة إلى درجة من البصيرة”.واضاف الجزري، الذي يرتدي عمامة سوداء تدل على مكانته كأحد الأحفاد المباشرين للنبي محمد، ان “الشخص المختار، الذي سيحل محل خامنئي، لن يتم الكشف عن هويته حتى تنتهي العملية”.
ويذكر الجزري عملية الخلافة العشوائية التي أعقبت وفاة الزعيم الإيراني الأعلى الخميني في العام 1989، وأن خامنئي لم يكن في دائرة الضوء، قبل أن يتم اختياره.
واوضح، انه “في ذلك الوقت، رأى رجال الدين الأكثر نفوذا أن خامنئي ضعيف وقام بتلفيق أوراق اعتماده الدينية المتواضعة لتثبيته كشخصية أكثر مرونة، ولكن منذ ذلك الوقت تفوق خامنئي على نفسه وعلى منافسيه مما عزز هيمنة إيران في المنطقة وجعل الجمهورية الإسلامية سالمة”.
وتابعت الصحيفة، ان “الجزري شخصية دينية بارزة في حركة النكبة، وهي ميليشيا تدعمها إيران في العراق وقد صنفتها الحكومة الأميركية كمنظمة إرهابية في الخامس من اذار الحالي”.
وكانت شائعات قد انتشرت بأن خامنئي البالغ من العمر 79 عاما بدأ يضع أساسا لاختيار خليفة له بعد 3 عقود في السلطة، وبالتالي فإن رجالا مثل الجزري، ممن لهم مكانة عالية في قلب الإسلام الشيعي، سيكون لهم رؤية ثاقبة فيما يخص عملية انتقالية معروفة بسريتها.
وجاء في التقرير، انه “يمكن للانتقال القادم أن يعيد تشكيل إيران، (الديمقراطية الشيعية الوحيدة في العالم)، ويغير الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، حيث تتوقع إيران زيادة نفوذها في أماكن مثل سوريا والعراق”.
واوضحت، ان “الأعمال الداخلية للنظام الإسلامي الإيراني- التي تستند إلى عقيدة شيعية متنازع عليها تعرف باسم ولاية الفقيه أو (الوصاية على الفقيه) – غير معروفة، والجهود المبذولة لتحديد الخطوات التالية أصبحت إلى حد ما لعبة غرف مغلقة في كل من العاصمة الإيرانية طهران وفي النجف”.
وتابعت، ان “رجال الدين في النجف، المركز الرئيسي للمذهب الشيعي في العالم، يعارضون إلى حد كبير فكرة وجود مرجعية دينية وسياسية عليا ويعملون بشكل مستقل عن المؤسسة الدينية في إيران، لكن هذه المدينة القديمة، حيث تجوب متاهة من الأزقة لتصل إلى ضريح الإمام علي ذي القبة الذهبية، هي أيضا معقل للطلاب ورجال الدين الإيرانيين الذين يأتون إلى هنا ليتفقهوا في العقيدة الشيعية وينهلون من علم مشاهيرها، الأمر الذي يربط النجف بشكل كبير بالجار القوي”.
وقال الشيخ خالد البغدادي، وهو رجل دين من النجف يرتدي ثوبا أبيض اللون وعباءة بنية فضفاضة، يجلس في مكتب محاط من جميع الجهات برفوف الكتب المحملة بالنصوص الدينية، ان “خامنئي الآن قائد قوي للغاية”.
والبغدادي هو من بين أولئك الذين يشككون في الشرعية المذهبية لمركز القائد الأعلى، لكنهم يعترفون بأن خامنئي قد استخدم هذا الدور بفعالية.
وأضاف البغدادي المقرب من أبرز رجال الدين في العراق ومنافس خامنئي آية الله علي السيستاني، انه “يتضح من حجم المسيرات التي قام بها وعدد الأشخاص الذين حضروا الصلوات في إيران أن قيادته كانت ناجحة”.
لكن حتى مع تعزيز خامنئي للسلطة عن طريق تعزيز الحلفاء وتمكين فيلق الحرس الثوري الإسلامي، المكلف بحماية النظام الإسلامي، تواجه إيران فترة غير مطمئنة مع تعثر اقتصادها وتوتراتها مع الولايات المتحدة.
ففي الداخل، أعاق الفساد المستشري والتضخم المتصاعد النمو الاقتصادي وأثار غضب الإيرانيين، وفي الخارج، تواجه إيران حملة ضغط أمريكية تسعى لعزل الجمهورية الإسلامية بعد انسحاب إدارة ترامب، العام الماضي، من الصفقة النووية التي تفاوضت عليها إيران مع القوى العالمية. ويقول الخبراء، إن عدم الاستقرار هذا قد يقوض الخلافة السلسة، وهذا يزعج الكثير من الإيرانيين.
ووفقا للدستور الإيراني، إذا توفي خامنئي أو أصيب بعجز آخر، سيتم تشكيل مجلس قيادة ليقود فترة مؤقتة عبارة عن هيئة منفصلة، تعرف باسم مجلس الخبراء وهي المسؤولة عن تسمية خليفة.
ونفى مسؤولون إيرانيون شائعات بأن خامنئي بدأ عملية اختيار خليفة له، بما في ذلك تقرير حديث في وسائل الإعلام الإيرانية قال إنه أمر مجلس الخبراء بترشيح مرشح مناسب لخلافته في غضون ثلاث سنوات.
وتم تغيير سياسة الخلافة الإيرانية، في شهر كانون الأول الماضي، عندما توفي المرشح الأكبر محمود هاشمي شهرودي؛ بسبب المضاعفات الناجمة عن ورم في المخ.
وذكر التقرير، انه “تم مؤخرا طرح مجموعة من الأسماء الأخرى من بينهم إبراهيم رئيسي رئيس القضاء، وصادق لاريجاني رئيس مجلس الشورى، وحتى نجل خامنئي مجتبى حسيني خامنئي”.
وقال رجل الدين الإيراني والسياسي المنشق الذي يدرس الدراسات الإسلامية في جامعة ديوك محسن كاديفار، انه ”ينبغي أن يكون للزعيم المقبل خبرة على الأقل في قيادة الفرع القضائي أو التنفيذي أو التشريعي”.
لكن نظرا لأن المخاطر كبيرة للغاية كما يقول المحللون، فمن المحتمل أن يتم تجاوز العملية الرسمية لصالح إجراء مزيد من المفاوضات السرية، ويقول الخبراء إن الحرس الثوري على وجه الخصوص سوف يسيطر بقوة على العملية.
وأضاف كاديفار، أنه سيتم الإعلان عن الشخص الذي اختاره خامنئي بعد حصول المرشح على موافقة قادة الحرس الثوري، واتفق كاديفار مع الجزري بشأن اسم الخليفة القادم، مؤكدا أنه سيظل سريا لأطول فترة ممكنة.