الاستاذ الدكتور محمد طاقة
عمان في 13/10/2020
المحتويات
1- المقدمة
2- أثر جائحة كورونا على القطاع السياحي.
3- الأهمية النسبية لقطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الاجمالي.
4- أثر جائحة كورونا على البطالة في القطاع السياحي.
5- تطور عدد السياح في العالم ومجمل انفاقهم حتى سنة 2020 .
6- نتائج الدراسة.
أولاً : المقدمة
وجدنا من الضروري جدا، تسليط الضوء على الآثار الجدية التي تتركها جائحة كورونا، على قطاع في غاية الاهمية في حياة الانسانية، وهو قطاع حيوي ومهم بالنسبة لاقتصاديات العالم، وأصبح بالنسبة لبعض الدول يمثل القوة الدافعة لحركة الاقتصاد وبالاخص الدول التي تعتمد عى السياحة والسفر ، كوارد مهم من واردات الدولة .. بحيث اصبح نسبة مساهمته بالناتج المحلي الاجمالي لها، نسبة يعتمد عليها بشكل اساس. ان قطاع السياحة والسفر هو ذلك القطاع المهم الذي يدر على الدول المهتمة بالسياحة واردات جدية تعزز من المكانة الاقتصادية لتلك البلدان، وبالاخص واردات من العملات الصعبة.
ان هذه الدراسة تفترض ان وباء كورونا أثر بشكل مباشر وغير مباشر على قطاع السياحة والسفر ، وكذلك على اقتصاديات تلك البلدان بشكل عام، تم في هذه الدراسة تسليط الضوء على أثر الجائحة على القطاع السياحي والاهمية النسبية لهذا القطاع في الناتج المحلي الاجمالي، واثر جائحة كورونا على البطالة في نفس القطاع وتطور عدد السياح في العالم ومجمل انفاقهم حتى سنة 2020 .
والتطرق كذلك الى أهم النتائج التي توصلت اليها الدراسة.
ثانيا : أهمية قطاع السياحة والسفر
ان قطاع السياحة والسفر ، اصبح ضرورة انسانية ، تضيف للانسان طاقة جسدية ونفسية، فضلا عن ان السفر يضيف للانسان ثقافة جديدة على ثقافته ويوسع من آفاق نظرته للحياة من خلال الاطلاع على ثقافات الشعوب المتنوعة ، وعاداتهم وطرق عيشهم وملبسهم ومأكلهم، وتقاليدهم . والتعرف على لغاتهم، وعلومهم، وحضاراتهم.
ذلك سيضيف للانسانية اشياء كثيرة وفي جميع مجالات الحياة وعلى وجه الخصوص المثقفين والعلماء والشعراء والادباء والاساتذة والطلبة، كونهم الاكثر سفرا من غيرهم. فالسفر وقطاع السياحة يقدم لنا اعظم الخدمات ويسهل علينا التعرف على العالم بتفاصيله كلها. خاصة بعد التطور العلمي والتقني الذي حدث مؤخرا ، وتطور وسائط النقل والسفر وتوفير مستلزمات السفر وتسهيلها كلها، من خلال استخدام اجهزة الكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي، مما سهل على البشرية السفر، واصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة بالامكان الوصول الى أية نقطة من الارض وبزمن قليل لا يذكر.
إذا السفر اصبح اهم وسيلة للتواصل الاجتماعي والثقافي والعلمي والحضاري بين البشرية جمعاء.
ان قطاع السياحة والسفر هو من اهم القطاعات التي ساهمت بتوفير كل ذلك، وخدمت الانسانية ايما خدمة.
تعتبر السياحة العمود الفقري للعديد من دول العالم، وشريان الحياة للملايين من الاشخاص حول العالم، ولهذه الاهمية ارتفعت قيمة هذا القطاع خلال العشر سنوات بنحو ثلاث مرات ، من 490 مليار دولار الى 1.6 ترليون دولار، وفقا لمنظمة السياحة والسفر العالمية.
لكن ظهور جائحة كورونا ، اثرت بشكل كبير على اهمية السياحة، ممن اضطر الكثير من دول العالم الى اتخاذ الكثير من التدابير ، منها منع السفر وغلق المنافذ الحدودية لها، واتخاذ حزمة من الاجراءات التي تحد من السفر وحركة الاشخاص ، والاغلاق الشامل ، والحجر الصحي، وغيرها.
مما جعل خسائر السياحة والسفر قد تصل الى 3.3 ترليون دولار، وهي خسائر كبيرة جدا لا يمكن تحملها. وانعكس كل ذلك على النشاط الاقتصادي برمته .
وتعتبر السياحة من اهم مصادر الدخل لدى الدول المختلفة ، لذلك تسعى الدول الى تنمية هذا القطاع وتطويره، من اجل جذب المزيد من السياح، وتتنوع اهمية هذا القطاع وتعم فوائده على الدول وعلى اهل البلاد وتذكر من اهم ميزاته هو جلب العملة الصعبة الى البلاد ، التي تساعد على تنمية الاقتصاد الوطني ودعم ميزان المدفوعات، ومن فوائده زيادة فرص العمل لدى الشباب، وتوفير فرص العمل المختلفة ، فضلا عن كونه ، وسيلة للتبادل الثقافي بين الشعوب والتعرف على ثقافات الشعوب المختلفة، والسياحة تعتبر وسيلة مهمة للترفيه والاستمتاع، وتعمل السياحة على دعم البنية التحتية للبلاد، عن طريق بناء الجسور وتشييد طرق جديدة لتسهيل عمليات الانتقال وبناء المطارات وغيرها من الخدمات الضرورية، التي تعزز السياحة الوطنية ودورها في التنمية الاقتصادية، ويلعب القطاع الخاص دورا مهما في تنمية هذا القطاع الى جانب القطاع العام.
ثالثا : أثر كورونا على القطاع السياحي
يعتبر قطاع السياحة والسفر من اكثر القطاعات تضررا، حاله كحال القطاعات الاخرى، بل هو اكثرها تضررا من تفشي جائحة كورونا، وظهرت آثار ذلك على كل من العرض والطلب على السفر، وبحسب منظمة السياحة العالمية فان من المتوقع تراجع السياحة العالمية بنسبة تصل الى 40٪ مسببة خسائر تصل الى 500 مليار دولار، معرضة 52 مليون وظيفة الى الخطر.
وكان لتفشي وباء كورونا تأثيرا كبيرا على قطاع السياحة حول العالم بسبب القيود المفروضة على السفر، وانخفاض حركة الطلب الكلي على السفر بين المسافرين، حيث انخفض السفر المخطط له حول العالم بنسبة 80 – 90٪ بعد اغلاق العديد من مناطق الجذب السياحي، وايقاف العمل في جميع انحاء العالم بسبب الجائحة، ونتيجة للجائحة فرضت العديد من بلدان العالم مناطق الحجر الصحي المنزلي وغير المنزلي، وحظر التجول، والكثير من القيود المعقدة والتي تقيد حرية الانسان ، من الفحص الطبي، والتأمين الصحي، والحجر لمدة اسبوعين وغيرها ، مما حدى الكثير من الناس، من عدم السفر والتخلي عنه كل ذلك فرض على المسافرين القادمين من المناطق الاكثر تأثرا ، وفرض قيود كبيرة عليهم، بالاضافة الى القيود العالمية، بحيث تنطبق على جميع البلدان والاقاليم الاجنبية وتمنع مواطنيها من السفر الى الخارج.
الى جانب انخفاض الرغبة في السفر ، كان لهذه القيود اثارا اقتصادية واجتماعية سلبية على قطاع السياحة والسفر .
ان السفر قد تراجع بشكل خطير جدا، وبالمقابل الخوف ازداد بشكل اخطر، واصبح المستقبل لدى اكثرية الناس غير واضح بل غامض، ولا تزال العديد من الدول تفرض قيودا على السفر. حيث اغلقت حوالي 75٪ من تلك الدول حدودها امام السياحة الدولية والسفر ، ان كل ذلك ادى الى فقدان بنحو 1.2 ترليون دولار من عائدات السياحة بسبب جائحة كورونا.
ان جائحة كورونا ادت الى اغلاق معظم دول العالم حدودها امام حركة النقل الدولي ، ومن ضمنها النقل الجوي، مما اثر هو الآخر سلبا على قطاع السياحة والنقل العربي والعالمي، حيث اشارت التقارير، ان اثر الجائحة على ايرادات وعمليات المطارات سببت انخفاض حركة المسافرين بنسبة 38٪ من سنة 2020 ، لتصل الى 5.9 مليار مسافر مقارنة مع 9.5 مليار مسافر ما قبل تفشي الوباء .
ومن المتوقع انخفاض ايرادات المطارات بنسبة 45٪ في العام 2020 لتصل بنحو 96 مليار دولار بتقديرات كانت قد بلغت 171.8 مليار دولار للعام 2020 قبل الجائحة.
ومن المتوقع ان تنخفض ايرادات السياحة الدولية بين 50 – 60 مليار دولار في سنة 2020 مقارنة لسنة 2019 ، ان الجائحة ازمة غير مسبوقة في تاريخ الطيران ومن المتوقع ان تصل خسائر ايرادات المسافرين الى 314 مليار دولار في سنة 2020 مقارنة بالعام 2019 وسينخفض طلب الركاب بنسبة 48٪ في العام 2020 مقارنة بالعام 2019 .
والجميع يقدر مدى الضرر الذي لحق وسيلحق بالقطاع السياحي والسفر، وبكل مهنه ، وبكل ما يرتبط به من انواع مرتبطة به ارتباطا وثيقا ، من فنادق وما مرتبط بها، ومكاتب ادلاء وسفر وما مرتبط بها، ومحلات بيع التحف والمطاعم والعاملين بهما وما مرتبطين بهما، وشركات النقل السياحي والعديد من المرافق السياحية ، وغيرها الكثير ، وجميعها من مستلزمات الحياة اليومية والضرورية للانسان وللسياح، كيف سيكون الحال لو استمرت جائحة كورونا واستمرت الاجراءات الدولية والوطنية من حجر صحي واغلاق كامل للحياة، ففي هذه الحالة ستكون الاثار الاقتصادية خطيرة جدا، وستكلف العالم خسائر جسيمة ، وعندها من الممكن ان ننتقل من مرحلة الانكماش الاقتصادي الى مرحلة الكساد الاقتصادي.
رابعا : نسبة مساهمة قطاع السياحة والسفر بالناتج المحلي
تختلف الدول في العالم وفي العالم العربي، باعتمادها على السياحة والسفر، وبنسب متفاوتة، وان الدول السياحية تعتمد علي السياحة في نشاطها الاقتصادي وجلب العملات الصعبة مما يعزز من موازين مدفوعاتها، وتنشيط الحركة الاقتصادية وتوفير المزيد من فرص العمل وبالاخص بين الشباب وكان قطاع السياحة ، الذي يعد أبرز القطاعات المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي للبلدان السياحية، من اكثر القطاعات المتضررة، وبالاخص الدول العربية التي تعتمد على السياحة والسفر فمن المتوقع ان تتراجع مساهمة السياحة والسفر في الناتج المحلي الاجمالي للعالم العربي في سنة 2020 بنحو 126 مليار دولار مقارنة بسنة 2019 ، وما يعرض اكثر من 4 ملايين وظيفة للخطر، بسبب ظهور جائحة كورونا، وكذلك بالنسبة للدول الاوروبية والعالمية.
** ومن المتوقع ان تصل خسائر ايرادات المسافرين الى 314 مليار دولار في سنة 2020 مقارنة بالعام 2019 وسينخفض طلب الركاب بنسبة 48٪ في العام 2020 مقارنة بالعام 2019.
والجدول رقم (1) يبين نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الاجمالي لدول عربية مختارة
كما يلاحظ من الجدول ان قطاع السياحة في مصر يسهم بنسبة 15٪ من الناتج المحلي الاجمالي وهي تحقق اعلى ايرادات، حيث وصلت الى 13 مليار دولار خلال سنة 2019 .
اما في الاردن فقد بلغت نسبة السياحة في الناتج المحلي الاجمالي 12.4٪ اي بنحو 5 مليار دولار مساهمة السياحة في الناتج المحلي الاجمالي، اما في السعودية بلغت 10.4٪ من الناتج المحلي الاجمالي وما يعادل 8.2 مليار دولار.
اما لبنان فهو اكثر البلدان تضررا بجائحة كورونا وأثر ذلك ليس على القطاع السياحي وانما على الاقتصاد الوطني برمته كون لبنان بلد سياحي من الدرجة الاولى واقتصاده يعتمد على السياحة بالمقام الاول ، فقد تم غلق نحو 785 مؤسسة سياحية وارتفع العدد بشكل اكبر ، بمرور الزمن، في ظل ازمة كورونا، وبلغت عائدات القطاع السياحي في لبنان خلال العشر سنوات الخيرة نحو 100 مليار دولار، وكما موضح بالجدول رقم (1) ان نسبة مساهمة القطاع السياحي اللبناني ما بين 20 – 25٪ من الناتج المحلي الاجمالي ويؤمن فرص عمل بنحو 25٪ من اليد العاملة.
وان قطاع السياحة والسفر في لبنان اصيب بالشلل بنسبة 90٪ مما اثر على الاقتصاد اللبناني برمته.
هنالك تداعيات كبيرة على السياحة في المغرب سبب كورونا، تضرر هذا القطاع في المغرب بسبب جائحة كورونا وسجل تراجعا باكثر من 50٪ .
فقد تكبد القطاع السياحي في المغرب ما يزيد على مليار دولار من الخسائر ، اي بنحو 33٪ من دخل هذا القطاع.
ان عائدات السياحة في المغرب لسنة 2019 تجاوزت 8 مليارات دولار استقبل المغرب خلال عام 2019 حوالي 13 مليون سائح كما أن نسبة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الاجمالي للمغرب بلغت نحو 6.7٪ من الناتج المحلي. ومن المتوقع ان تتراجع مساهمة السياحة والسفر في الناتج المحلي الاجمالي للعالم العربي لسنة 2020 بنحو 126 مليار دولار مقارنة بسنة 2019.
اما الجدول رقم (2) يوضح مدى نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الاجمالي لسبع دول مختارة من دول العالم وهي المكسيك واسبانيا وايطاليا وامريكا وفرنسا والبرازيل وكوريا الجنوبية وهي من الدول السياحية في العالم .
جدول رقم (2) يمثل نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الاجمالي لدول عالمية مختارة
ومن الجدول اعلاه وبالرغم من فقدان العديد من بلدان العالم والتي يعتمد على عائدات السياحة احد مصادر ثروتها الرئيسية ، منها المكسيك كونها تعتمد بنسبة 16٪ من ناتجها المحلي الاجمالي على قطاع السياحة والسفر، واستنادا الى بيانات عام 2019 من المجلس العالمي للسفر والسياحة، وكما جاء في الجدول رقم (2) اعلاه ، تظهر المكسيك على رأس القائمة ، وتليها اسبانيا وايطاليا، حيث بلغت نسبة مساهة السياحة في الناتج المحلي الاجمالي لاسبانيا 14.3٪ و 13٪ لايطاليا.
وكان التأثير على الولايات المتحدة الامريكية، والتي تمتلك اكبر اقتصاد في العالم، اقل اهمية حيث شكلت السياحة نسبة 8.6٪ فقط من الناتج المحلي الاجمالي، كما شكلت فرنسا 8.5٪ والبرازيل 7.7٪ وكوريا الجنوبية 4.2٪ .
ومن المتوقع ان تنخفض ايرادات السياحة الدولية بين 50-60 مليار دولار في سنة 2020 مقارنة بسنة 2019 .
خامساً: اثر جائحة كورونا على البطالة في قطاع السياحة والسفر
لقد كان لجائحة كورونا ، آثاراً خطيرة، على فقدان الكثير من العاملين في قطاع السياحة والسفر بالعالم، حيث يتخلى يوميا مئات الالاف من العاملين في هذا القطاع عن عملهم بسبب ايقاف السفر وغلق الحدود البرية والجوية والغلق الكامل والشامل لجميع لمرافق السياحية من فنادق ومطاعم ومقاهي وملاهي ودور سينما ومواقع أثرية وسياحية ومتاحف ، وكل ما يشمل هذه المرافق من خدمات وغيرها . كل ذلك أدى الى فقدان العديد من العاملين وظائفهم أي فقدان دخلهم .
ووفقا لتقارير مجلس السياحية والسفر العالمي ، ان العالم قد يواجه خسارة 100 مليون وظيفة في قطاع السياحة والسفر بسبب جائحة كورونا.
ومن المتوقع خسارة 75 مليون وظيفة في دول مجموعة العشرين وحدها، وكذلك من المتوقع خسارة في الوظائف لسنة 2020 لتصل الى 25 مليون وظيفة مرتبطة بالطيران فقط.
من المعلوم أن ملايين ا لاشخاص يعتمدون على السياحة في كسب دخولهم وقوت يومهم، واصبحت البطالة تهدد نصف العاملين في القطاع السياحي وصرح مجلس السياحة والسفر العالمي ان نحو 50٪ من العاملين في القطاع السياحي حول العالم، سيفقدون وظائفهم على خلفية تفشي جائحة كورونا .
واكد المجلس العالمي للسياحة والسفر ، ان ظهور فايروس كورونا حول العالم كبد القطاع السياحي خسائر تقدر حتى اليوم بنحو 2.1 ترليون دولار .
وان مخاطر فقد الوظائف في آسيا والباسفيك بنحو 49٪ ، بينما في الامريكيتين بنسبة 10٪ والنسبة نفسها في اوروبا ، بينما سيفقد بنحو 2٪ من العاملين في السياحة في منطقة الشرق الاوسط وظائفهم.
وأكد المجلس العالمي للسياحة والسفر ، ان نحو مليون عامل في صناعة السياحة يفقدون وظائفهم يوميا بسبب كورونا وتعطل السفر والطيران .
ومن المتوقع ان تصل الخسائر الاوروبية في قطاع السياحة والسفر بنحو 552 مليار دولار ونحو 10 مليون وظيفة، فيما ستصل الى 49 مليون وظيفة في منطقة آسيا والباسفيك التي تعد الاكثر تضررا في العالم بخسائر قد تصل الى 880 مليار دولار .
وستخسر امريكا الشمالية 570 مليار دولار وسبعة ملايين وظيفة .
ومن المتوقع ان يفقد قطاع السياحة بسبب فيروس كورونا بنحو 75 مليون وظيفة عالميا.
وهذا مما يؤدي الى تفاقم ازمة البطالة في العالم وتفاقم آثارها الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة.
سادساً: تطور عدد السياح في العالم ومجمل انفاقهم
نتيجة التطور الكبير الذي حدث في وسائط النقل البري والجوي، وتسهيل معاملات السفر وتوفير الوسائل الملائمة والمريحة للمسافرين ومستلزمات السياحة وباسعار مناسبة ، تطور عديد المسافرين بشكل ملفت للنظر، وكلما زاد عديد المسافرين زاد بالمقابل مجمل انفاقهم، وهذا كله ادى الى زيادة مدخلات الدول التي تستقبل هؤلاء السياح من العملات الصعبة، وبنفس الوقت ستؤدي الى توفير البنى الارتكازية الخاصة بالسياحة وتطويرها بشكل مستمر.
والجدول رقم (3) يبين التطور الحاصل على عديد السياح في العالم منذ عام 1950 وحتى عام 2020 وحجم الانفاق خلال هذه السنوات، قبل وباء كورونا .
جدول رقم (3) يبين تطور عدد السياح في العالم وانفاقهم
يلاحظ من الجدول اعلاه التطور الحاصل على عديد السياح في العالم وعلى مدى سبعة عقود من الزمن.
ويلاحظ كذلك التزايد الذي حصل على الاموال التي ينفقها السياح في سفرهم .
ان هذا التزايد المهم بعديد السياح وانفاقهم حتى غدت السياحة الصناعة الاولى في العالم وقد شملت الكثير من الدول وبالاخص الدول الصناعية، كفرنسا والمانيا واسبانيا وامريكا، كما اصبح عديد العاملين في القطاع السياحي بصورة مباشرة او غير مباشرة حوالي 11٪ من القوى العاملة بالعالم.
كما يلاحظ من الجدول اعلاه رقم (3) ان عدد السياح تضاعف 11.5 مرة خلال الثلاثين سنة الاولى وتضاعف 40.7 مرة خلال الثلاثين سنة الثانية ، اما في سنة 2020 فقد تضاعف عديد السياح عند سنة الاساس (1950) الى 64 ضعف .
اما بالنسبة للانفاق فقد تضاعف الانفاق هو الاخر خلال الثلاثين سنة الاولى 52.5 مرة وخلال الثلاثين سنة الثانية الى 77.5 مرة، اما في سنة 2020 فقد تضاعف الانفاق عن سنة الاساس 1950 الى 1000 مرة، اي ان الانفاق كان عام 1950 2 مليون دولار ووصل عام 2020 الى 2 تريليون دولار.
ان التطور الذي حصل على عديد السياح وانفاقهم مما عزز المكانة الاقتصادية لقطاع السياحة والسفر ، واصبحت السياحة تلعب دورا مركزيا ومهما في اقتصاديات الدول وبالاخص السياحية منها، وزاد اهتمام هذه الدول على تطوير هذا القطاع والانفاق عليه، حتى جاءت جائحة كورونا واستهدفت هذا القطاع بالصميم وعطلت فاعليته واهميته.
وستكون مهمة هذه الدول وبعد جائحة كورونا، ان تضع خططها الفعالة لاعادة حيوية هذا القطاع واعادة الحياة اليه ليعود ويلعب الدور المحرك للاقتصاديات الوطنية.
ولكن جائحة كورونا اثرت بشكل مباشر على الدور الذي يلعبه هذا القطاع واثر على عديد السياح وعلى مجمل انفاقهم وكما وضحنا سابقا وحجم الخسائر التي تكبدها هذا القطاع في الجانب المادي وفرص العمل.
سابعاً: النتائج التي توصلت اليها الدراسة
بناء على ما تقدم ، توصلت الدراسة التي تناولت بالتحليل ، اثر الكورونا على القطاع السياحي في العالم والوطن العربي، الى أهم الاستنتاجات الآتية:
اولا : ان قطاع السياحة والسفر من اكثر القطاعات تضررا، بسبب وباء كورونا، وهو القطاع الي يلعب دورا حيويا في اقتصاديات الدول السياحية، وله تأثير كبير على اقتصاديات هذه الدول.
ثانيا: ان وباء كورونا أثر بشكل مباشر وغير مباشر على قطاع السياحة والسفر في العالم والوطن العربي من حيث الخسائر الجسيمة التي تكبدها هذا القطاع والتي وصلت بنحو 3 ترليون دولار، ومن حيث عديد الوظائف التي فقدت في العالم وتقدر بنحو 50٪ من العاملين فيه.
ثالثا: ان القيود التي فرضت على السفر والاغلاق الشامل، وفرض عدد كبير من الاجراءات التي تم تحديدها من قبل دول العالم، وايقاف العمل في جميع انحاء العالم ، وفرض مناطق الحجر الصحي المنزلي وغير المنزلي، وحظر التجوال وغيرها من التعليمات، مما ادى الى انخفاض حركة الطلب الكلي على السفر ، بحيث انخفض السفر بنحو 80 – 90٪ في عموم العالم.
رابعا : كان لتأثير جائحة كورونا على حركة النقل الجوي كبير جدا، مما ادى الى انخفاض حركة المسافرين بنسبة 38٪ في سنة 2020 وانخفاض ايرادات المطارات بنسبة 45٪ .
خامسا : كما اثبتت الدراسة ، ان جائحة كورونا ، اثرت بشكل مباشر على انخفاض ايرادات السياحة الدولية ، وكذلك تراجع نسبة مساهمة السياحة والسفر في الناتج المحلي الاجمالي في دول العالم والوطن العربي.
سادسا : تبين من الدراسة، ان اكثر الدول المتضررة من وباء كورونا هي لبنان، رغم ان اقتصادها مدمر قبل كورونا ولاسباب سياسية، الا ان وباء كورونا زاد من تدهور اقتصادها، وتأتي المكسيك واسبانيا.
سابعا: تبين من الدراسة ، فقدان العديد من العاملين في قطاع السياحة والسفر في العالم وظائفهم مما زد من نسبة البطالة في العالم وعلى وجه الخصوص الدول السياحية، وزاد من آثارها الخطيرة الاقتصادية والاجتماعية .
ثامنا: يتضح من الجدول رقم (3) ان عديد السياح المتوقع لعام 2020 (1600) مليون سائح وان مجمل نفقاتهم بنحو 2 ترليون دولار وهذا التوقع قبل كورونا ، ولكن بعد كورونا وما اتخذ من اجراءات لمواجهتها، ادت الى عدم تحقيق هذه التخمينات بل حدث العكس، بعد غلق المطارات والسفر .
تاسعا : توصي الدراسة ،و من اجل معالجة هذا التدهور الذي اصاب قطاع مهم من القطاع الخدمي، السياحة والسفر، وفي ظروف غير مسبوقة، ان يتم التعامل الدقيق والموزون للموائمة بين الاقتصاد والانسان، بحيث لا يفرط بأي منهما، وان لا يكون الاقتصاد على حساب الانسان، وان تقوم الدول بفتح الاقتصاد تدريجيا وحسب الاولويات والاهمية وبنفس الوقت ان يلتزم الناس بالتعليمات الخاصة بمنظمة الصحة العالمية ، والعمل على زيادة الوعي الصحي لدى الناس من خلال تجنيد جميع وسائل الاعلام وبالاخص التواصل الاجتماعي، بحيث تسير العملية بين فتح الاقتصاد التدريجي والتزام الانسان بالتعليمات تسير بشكل هارموني ، والعمل على تعزيز ودعم القطاع الصحي في العالم الذي اثبت عجزه في مواجهة كورونا ، ومتابعة العمل على الوصول لايجاد لقاح مؤمن لمواجهة هذا الوباء الفتاك.
عندئذ سيتمكن العالم من عبور هذه المرحلة الكورونية وسيتم اعادة النشاط الاقتصادي بزمن قياسي وعلى وجه الخصوص قطاع السياحة والسفر ، كون الناس تواقين الى السفر .